*قطروتركيا وإسرائيل وإثيوبيا ضد مصر حصلت مصر للمرة الخامسة على مقعد مجلس الأمن، إلا أن هذه المرة كانت مغايرة للمرات السابقة من حيث المرحلة السياسية وسعى بعض الدول لعرقلة هذه العمليات، وربما كانت عملية التصويت السرى طلبًا من بعض الدول العظمى حسب ما أكدت مصادر مطلعة أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هى التى وقفت وراء التصويت بالطريقة السرية، حتى وذلك أملًا فى رفض العديد من الدول لانضمام مصر، وكذلك لعدم كشف موقفها المعادى لمصر من خلال تصويتها بعدم الانضمام على مقاعد الدول غير دائمة العضوية. وحسب النتيجة التى أعلنت حصول مصر على 179 صوتًا من 193فإن هناك 14 دولة لم تصوت لمصر وأخرى رفضت التصويت. ووفق مصادر دبلوماسية فإن هذه الدول التى لم تصوت لصالح مصر هى إسرائيل وقطروتركيا وإيرلندا وإثيوبيا وويلز وأوكرانيا وأستراليا وصربيا، وإيران وأنجلترا وآسكتلاندا. فيما امتنعت أمريكا وجزيرتى مارشال وميكرونيزيا عن التصويت. ورجح المحللون أن عدم تصويت أمريكا لصالح مصر بالطبع سيؤكد عدم تصويت تركياوقطروبريطانيا التى تتبع أمريكا بشكل كبير لصالح مصر. كما كشفت المصادر عن أن تركيا مارست دورًا تحريضيًا خلال الفترة الماضية مع بعض الدول، واستخدمت قضية جماعة الإخوان واصفة ما تم بأنه انقلاب عسكرى لا إرادة شعبية كدوافع لرفض عضوية مصر. وعلى الرغم من اتخاذ الاتحاد الأفريقى قرارًا بالتصويت لصالح مصر بشكل جماعى، أشارت بعض المصادر إلى أن إثيوبيا امتنعت عن التصويت لصالح مصر وذلك بضغوطات من الجانب التركى. وفى هذا الإطار قال محمد سيد عبد القادر خبير العلاقات المصرية التركية بمركز الأهرام أن الدور التركى معلن منذ فترة كبيرة ضد مصر وأنه لو كان التصويت بشكل معلن لأعنت تركيا هذا الأمر. مشيرًا إلى أن تركيا مارست عمليات ضغط على بعض الدول للتصويت ضد مصر. فيما كان لإسرائيل دور بارز بشكل كبير فى تحريض بعض الدول المقربة منها والتى تعمل لصالحها ومنها جزر مايكرونيزيا، وهى عبارة عن مجموعة جزر فى النصف الجنوبى من المحيط الهادى، وتتكون من عدة دول هى الولايات الماكرونية المتحدة «مايكرونيزيا»، وجمهورية جزر المارشال، وجمهورية بالاو، وكومنولث جزر ماريانا الشمالية، وجمهورية ناور، وجمهورية كرباتى. عدم تصويت إيران لصالح مصر أيضا جاء على غير المتوقع، خاصة وأن الجانب الروسى حليف إيران الأول كان مرحبا بشكل كبير بعضوية مصر، إلا أن المصادر أكدت أن عدم تصويت إيران يأتى نتيجة رفض القاهرة إعادة العلاقات مع طهران. من جانبه قال السفير رخا أحمد حسن، أن عملية التصويت تمت بشكل سرى، وأن تأكيد الدول التى امتنعت أو صوتت ضد مصر لم يعلن من جهات رسمية وهذا ما يحول دون تأكيد الأمر إلا فيما يتعلق ببعض الدول التى تتضح مواقفها المسبقة دون أى احتمال أخر منها إسرائيل وتركيا، أما فيما يتعلق بموقف إثيوبيا فقد استبعد حسن هذا الأمر نظرًا لقرار الاتحاد الأفريقى. وأشار حسن إلى أن حصول مصر على 179 صوتًا من أصل 193 لا يجعل من ال 14 أهمية نهائيًا، ويؤكد على مكانة مصر الدولية بين العالم. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المرة السادسة التى تنضم فيها عضو لمجلس الأمن، حيث انضمت عام 1946 له وهو العام الذى شهد تشكيل مجلس الأمن، وفى ثانى دورة لها كانا فى عامى 1949-1950، والثالثة فى عامى 1961-1962، فكانت الجمهورية العربية المتحدة «مصر وسوريا» عضوة فى مجلس الأمن، وعادت مرة رابعة لمجلس الأمن عام 1984، وأخيرًا، عامى 1996-1997 للمرة الخامسة. بجانب القضايا العربية المطروحة على الساحة، أشار لها عدد من السفراء المصريين إلى أن من بين أهم القضايا التى ستطرح على مجلس الأمن هى إعادة مواثيق العمل داخل الأممالمتحدة ومجلس الأمن والتى كانت قد أثيرت فى فترة التسعينيات إلا أن خلافات الدول فى القارتين التى لا يوجد لها تمثيل فى العضوية الدائمة حالة دون الشروع فى إقرار الإصلاح، فضلًا عن أن الدول دائمة العضوية قد تستخدم حق الفيتو حفاظًا على نفوذها. وقال السفير جمال بيومى، رئيس برنامج الشراكة المصرية الأوروبية بوزارة التعاون الدولى، إن فوز مصر بالمقعد غير الدائم يؤكد على استعادتها لدورها التاريخى والخارجى ويجعل منها صوتًا هامًا لمنطقة الشرق الأوسط والدول العربية فى المجلس. وأضاف بيومى ل «الصباح» أن القضايا التى ستتولى مصر طرحها خلال الفترة المقبلة متعددة، إلا أن هناك قضايا هامة سيؤدى طرحها مجددًا إلى تغيير الكثير من مواثيق الأممالمتحدة، ويأتى على رأس تلك القضايا هى إصلاح آلية التصويت داخل مجلس الأمن وزيادة عدد الأعضاء الدائمين العضوية لتصل إلى عشرة أعضاء حتى يكون هناك آلية أفضل فى استخدام حق الفيتو الذى أضر بالكثير من القضايا العالمية خلال الفترة الماضية. كما أشار بيومى إلى أنه فى حال الشروع فى هذه الإصلاحات التى يجب أن تقودها عدد من الدول لا مصر بمفردها ستكون فرص مصر فى الحصول على المقعد دائم العضوية كبيرة إلى جانب نيجيريا المؤهلة للأمر. وتابع بيومى أن عددًا من القضايا المثارة حاليًا والتى تشمل فلسطين وليبيا وسوريا والعراق واليمن، تنتظر دور مصر فى المجلس للمساهمة فى حل هذه القضايا سياسيًا بعد فترات من الجهود الأممية التى باءت بالفشل خلال الأعوام الأربع الماضية، وأن مصر يمكنها بالفعل التأثير فى هذه القضايا إلى جانب أن هذا الأمر سيزيد من فرص مصر فى انتعاش التجارة والاقتصاد المصرى، وكذلك ستساهم فى تبنى عدد من القضايا المتعلقة بالبيئة والمناخ وكذلك الأخطار التى تهدد الكرة الأرضية. من جانبه قال السفير أحمد رخا عضو مجلس الشئون الخارجية بوزارة الخارجية أن هذا القرار يدفع بمصر إلى مرحلة جديدة بعدما شهدت تحفظًا من بعض الدول خلال الفترة التى تبعت 30 يونيه. وفيما يتعلق بإصلاح مواثيق الأممالمتحدة أوضح حسن أن هذه العملية ضرورية للغاية، خاصة وأن القارة الأفريقية بأكملها والتى تضم 53 دولة لا يوجد لها ممثل فى مجلس الأمن، وكذلك أمريكا اللاتينية فى الوقت الذى تتمتع به القارة الأوروبية بعضوية دولتين هى بريطانيا وفرنسا، وهذا ما يعد عاملًا قويًا للدفع بمثل هذه خطوة لتحقيق العدالة داخل مجلس الأمن، مشيرًا إلا أن هذا الأمر يتوقف على رغبة الدول دائمة العضوية، والتى تعد نسب موافقتها ضئيلة جدًا، إلا أن طرح الأمر مجددًا يحتمل التغيير. وشدد رخا على أن هذا المقعد سيمكن مصر من الضغط بشكل أقوى فى القضايا العربية الشائكة وتسويتها بشكل كبير. فى السياق نفسه، أوضح السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق، أن هذه الخطوة ستمكن مصر من الضغط بشأن القضية الفلسطينية، خاصة فى ظل التطورات الحالية ومساعى مصر الجادة لإنهاء الاحتلال وإعادة الحدود التاريخية لدولة فلسطين، كما أن القضية الليبية التى تتعلق بشكل كبير بالأمن القومى المصرى ستكون محل بحث جاد بعد فشل الجهود فى الفترة الحالية فى التوصل إلى حل، وتضاف إلى ذلك القضية السورية العراقية ومواجهة الإرهاب، حيث يمكن لمصر أن تشكل جبهة كبيرة لمواجهة الإرهاب فى العالم ووضع آليات ومواثيق جادة للمواجهة الحاسمة خلال الفترة المقبلة.
وشدد العرابى على أن من بين القضايا الهامة هى عملية التنمية فى القارة الأفريقية وإعادة الاستقرار إلى بعض الدول المضطربة حاليًا.