تراجع قيمة العمل و «قعدة القهوة » ..أسباب اللجوء للمواقع الإباحية خبير نفسى: تجربة «الإخوان » فى الحكم أهم الأسباب وأدت إلى إلحاد الشباب شعب يؤكد دائمًا على أنه متدين بطبعه، فهو صاحب الحضارات الراقية ومهد الأديان، وهو صاحب القيم والعادات والتقاليد التى يتمسك بها مهما حاول الزمان وتعاقبت الظروف لتغيرها، ولكن جاء تقرير لمجلة «إيكونوميست» البريطانية صادمًأ لكل هذه المقولات. بحسب التقرير، احتلت مصر المرتبة الأولى على مستوى العالمين العربى والإسلامى فى مشاهدة الأفلام الإباحية، أما عالميًا فقد حلت فى المركز ال 18، حيث استحوذت مصر على نسبة 2 فى المائة من الزيارات لأحد أكبر المواقع الجنسية، بينما جاءت الولاياتالمتحدةالأمريكية فى المركز الأول ب38 فى المائة، وتلتها بريطانيا بحوالى 14 فى المائة. وأشارت مجلة «إيكونوميست» البريطانية فى سياق حديثها عن صناعة الأفلام الإباحية، إلى أن دولًا عديدة استفادت من كسر الحلقة القوية التى فرضتها المواقع الإباحية على محتواها لتتمكن من فرض رسوم على الراغبين فى الحصول على مواد إباحية، مضيفة أن المواد الجنسية المجانية مكنت الكثيرين فى الدول النامية من مشاهدة ما يرغبون فيه دون دفع أموال قد لا يستطيعون تحملها. كما أشارت المجلة إلى أن الزيادة الكبيرة فى أعداد المواقع ذات المحتوى الجنسى تسببت فى أزمة لصناع الأفلام الإباحية، حيث تراجعت أجور العاملين بها إلى الثلث تقريبًا، كما قلَّ عدد الاستديوهات المستخدمة فى تصوير تلك الأفلام إلى العُشر. وحذر التقرير من أن استمرار وجود مثل تلك المواد مجانًا، يهدد بفوضى حقيقية فى هذا المجال، لأن المنتجين يتحولون تدريجيًا من فكرة بيع المحتوى إلى فكرة تسويق الإعلانات معه، مما يهدد بالمزيد من التوسع فى مستخدمى هذه المنتجات وإن قلت أرباح منتجيها. وفى استطلاع جديد أجرته جمعية بريطانية شمل 700 طفل، أقر واحد من كل 5 أطفال بمشاهدته لصور إباحية، ما أدى لشعورهم بالصدمة والغضب، فيما قال 12 فى المائة أنهم صنعوا أو شاركوا فى مقطع جنسى، طبقا لتقرير BBC عن الدراسة التى أجرتها جمعية NSPCC البريطانية لحماية الطفل. «الصباح» تبحث عن أسباب لجوء المصريين إلى تلك المواقع بهذه الكثافة اللافتة، المتناقضة مع القيم المعروفة للمجتمع. يقول الدكتور يسرى عبد المحسن، أستاذ علم النفس، إن فقدان الثقة من جانب الشباب فى رجال الدين، خاصة بعد فترة حكم جماعة «الإخوان»، وتأكدهم من أن أغلب هؤلاء الشيوخ يمارسون التدين المزيف، ولا يسعون إلى نشر الدين، وكل أهدافهم سياسية بحتة، كان ذلك بمثابة صدمة فى وعى الشباب، الذى عبر بعضهم عن ذلك بشكل متطرف فى الاتجاه الآخر المناقض، عبر الإلحاد وزادت نسبتهم، والبعض الآخر قل إيمانه واهتزت قدوتهم وصورة رجل الدين المثالية التى دائمًا ما حفرت فى أذهان المصريين. وتقول الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس الاجتماعى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية: إن هناك عوامل كثيرة أدت إلى احتلال مصر المركز الأول عربيًا وإسلاميًا، أهمها الفراغ الفكرى والعاطفى لدى الشباب، وانخفاض قيمة العمل لديهم، وانشغالهم بالجلوس على المقاهى، والاستمتاع بحرية دون تقيد بمواعيد أو أعباء، وبحكم تلك المرحلة بالطبع سيميلون بدافع الفضول إلى اكتشاف هذا العالم المجهول، وذلك مع تأخر سن الزواج أيضًا. وأكدت فايد على أن الفيلم السينمائى المعروف باسم «فيلم ثقافى» جسد واقعًا حقيقيًا لدى الشباب، لأن معظمهم يعانى من تخلف ثقافى لا يمكنه من تقسيم وقته بشكل مفيد له وممتع أيضًا فى نفس الوقت. أما عن الحل فتقول إنه ليس فى غلق تلك المواقع وحجبها، لأن ذلك برأيها حل مؤقت، فالشباب سيجد الوسائل الأخرى التى سينفس فيها عن كبته، وسيجد الحيل والأساليب لفتحها مرة أخرى، لكن الأصح هو توظيف طاقات الشباب بشكل مفيد للدولة ولذواتهم، وأن تتعاون معهم المؤسسات التثقيفية والدينية وجميع الجهات المختصة لمنع انتشار تلك الظاهرة. أما الدكتور سعيد عبد العظيم، أستاذ الطب النفسى، فيؤكد على وجود فارق بين الدين والتربية، فالدين يمنع بالفعل من مشاهدة مثل تلك الأفلام، لكن النفس أمارة بالسوء، ومن الممكن أن تضعف نفس الإنسان، لكن يجب أن يقترن الدين بالتربية حتى نمنع مثل تلك الممارسات الخاطئة. ويرى عبد العظيم أن الأسباب تتمثل فى الكبت الجنسى لدى الشباب، فيقول إن الدين يمنع العلاقات الجنسية قبل الزواج، أو التعبير عنها خارج هذا الإطار، بالإضافة إلى تأخر سن الزواج بسبب البطالة والظروف الاقتصادية، مما يؤدى إلى أن تكون مثل تلك الأفلام المجانية، والتى تتم بسرية شديدة، هى المخرج الوحيد لهؤلاء الشباب. أما عن أضرار مشاهدة تلك الأفلام فيؤكد عبد العظيم أن تلك الأفلام ليس كما يشاع عنها، أنها تضر بنفسية الإنسان أو جسده، إلا من هم لديهم تدين بداخلهم، فسيعانون من تأنيب الضمير، وينعكس على نفسيتهم، ولا تأثير بخلاف ذلك، لكنه يؤكد أن هذا لا يمنع كونها ممارسات غير مقبولة للمجتمع وحرام دينيًا ويجب الإقلاع عنها، وشغل أوقات الفراغ بأمور مفيدة. وعلى النقيض تمامًا من كلام الدكتور سعيد عبد العظيم، جاءت دراسة حديثة، أشرف عليها باحثون من جامعة كامبريدج البريطانية، حول تأثير مشاهدة أفلام البورنو الإباحية، لتؤكد نتائجها على دور هذه الأفلام فى إحداث أضرار صحية خطيرة على المخ، تشبه التأثير الناجم عن تعاطى المواد المخدرة، ونشرت هذه النتائج بالمجلة الطبية «PLOS One». كما كشفت دراسة ألمانية أخرى عن أن الإفراط فى مشاهدة الأفلام الإباحية يؤدى إلى تقلص أدمغة الرجال ويجعلهم أكثر غباءً، بالإضافة إلى أن بعض مراكز المخ تصاب بالكسل، وهو ما يؤكد أضرار المواقع والأفلام الإباحية على الإنسان. وتحذر فاطمة حسن، باحثة علم الاجتماع، من أن الانفتاح دون رقابة يعد أمرًا فى غاية الخطورة، لافتة إلى أن مشاهدة الأفلام الإباحية لا تقتصر على غير المتزوجين، لأن هناك نسبة من المتزوجين يشاهدون مثل تلك الأفلام. وقالت إن هذا الخطر يهدد الأطفال أيضًا، لكنه يرجع إلى قلة الرقابة والدين وعدم وجود تربية جنسية بشكل سليم، وأيضًا سهولة فتح مثل تلك المواقع، خاصة مع وجود دافع الفضول القوى لدى الأطفال الذى يدفعهم لمعرفة كل شئ ممنوع وخفى عنهم. وتنصح فاطمة حسن الآباء بوضع برامج حجب على أجهزة الكمبيوتر والهواتف لمثل تلك المواد والبرامج حتى لا يتم التعرض لها من الأساس، بالإضافة إلى التوعية دينيًا وأخلاقيًا بمساوئ هذا المواقع وملئ أوقاتهم بالهوايات والرياضات المفيدة.