*«تل أبيب» شكلت فريقًا دوليًا يقوده إسرائيليون للضغط على مسئولين فى الاتحاد الأوروبى والأممالمتحدة حافظت الحكومة الإسرائيلية على صمتها «الرسمى» تجاه مشروع قناة السويس الجديدة، الذى أثار عليها موجة من الانتقادات من جانب قطاعات عريضة من الشارع الإسرائيلى، التى استغلت افتتاح مشروع القناة للسخرية من حكومة بنيامين نتنياهو واتهامها بالفساد والعجز والإهمال. وحرص الكثير من الإسرائيليين على عقد مقارنات بين حفر القناة الذى تم إنجازه فى عام واحد بدلًا من 3 أعوام، فيما فشلت الحكومات الإسرائيلية طوال 20 عامًا فى إنشاء خط قطارات داخلى. كما سخر الإسرائيليون من تكلفة المشروع، الذى وصفته إحدى الصحف الإسرائيلية بأنه «أكبر مشروع حفر عرفه العالم فى السنوات الأخيرة»، والتى بلغت نحو 8 مليارات دولار، تكفل بها الشعب المصرى دون استعانة بدولار واحد من الخارج، وقالوا إن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لو تولت مشروعًا كهذا لقالت إنه تكلف 100 مليار دولار، واستغرق تنفيذه 25 عامًا. ولكن فى ظل حالة الصمت الرسمى خرجت حملة إعلامية منظمة فى إسرائيل تهاجم قناة السويس وتسعى للتقليل من شأنها رغم الاحتفاء العالمى بها. وبدا واضحًا أن هذه الحملة ترتكز بالأساس على الصحف المحسوبة على تيار اليمين الإسرائيلى الذى ينتمى إليه حزب الليكود برئاسة نتنياهو وحلفائه فى الائتلاف الحكومى الحالى. وكان أخطر ما فى الأمر هو الكشف عن مساعٍ إسرائيلية لمنع مصر من حفر قناة السويس الجديدة، من خلال ممارسة ضغوط على الاتحاد الأوروبى والأممالمتحدة. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن إسرائيل نجحت فى تشكيل فريق دولى يضم 18 خبيرًا من دول حوض البحر المتوسط، يقودهم إسرائيليون، لممارسة ضغوط على مسئولين فى الاتحاد الأوروبى والأممالمتحدة من أجل دفعهم للضغط على مصر بهدف منعها من حفر قناة السويس الجديدة، بدعوى تجنب التداعيات السلبية التى سيتركها المشروع على المستوى البيئى والأضرار التى ستلحق بإسرائيل على المستوى الاقتصادى والاستراتيجى. وشنت الصحيفة الإسرائيلية هجومًا حادًا على قناة السويس الجديدة، واتهمت مصر بتجاهل خسائر إسرائيل فى مجالات السياحة والصيد والكهرباء بسبب المشروع الجديد. وقالت إن الخبراء يحذرون من أن القناة الجديدة ستزيد من نقل «الغزاة البحريين» إلى البحر المتوسط. وأوضحت الصحيفة أن الدراسات العلمية أثبتت أن حفر قناة السويس الأصلية، التى افتتحت عام 1869 تسببت فى نقل 350 نوعًا من الأسماك المهاجرة، التى انتقلت عبر القناة، من البحر الأحمر والمحيط الهندى إلى البحر المتوسط. وقالت إن الخبراء يصفون قناة السويس بأنها واحدة من أهم منافذ تسلل الغزاة البحريين، من أسماك مفترسة وكائنات بحرية، إلى البحر المتوسط، مما ترتب عليه إلحاق الضرر بالأسماك المحلية، بل وانقراض أنواع معينة منها. وأضافت أن الضرر لا يتوقف عند التأثير على نوع معين أو آخر من الأسماك، وإنما يتعلق بإحداث خلل فى النظام البيئى الدقيق، الذى يشكل ركيزة أساسية فى حياة سكان البحر المتوسط من الكائنات البحرية. وذكرت أن ازدهار الأصناف الغازية والمفترسة وصل فى أماكن معينة إلى نسب ضخمة، خاصة أنه فى البيئة الجديدة لم يكن هناك منافسون أو كائنات بحرية مفترسة للأنواع الجديدة، حتى يمكن التعويل عليها لحفظ التوازن البيئى هناك ومنع تزايد الأصناف الجديدة. وقالت الصحيفة الإسرائيلية: إن قناة السويس الجديدة ستؤدى إلى معاناة الشواطئ، خاصة الإسرائيلية منها، من تضاعف أعداد ما يعرف ب«قناديل البحر»، التى وصفتها بأنها من الغزاة البحريين التى يرجع موطنها الأصلى إلى المناطق الاستوائية. وأضافت أن قناديل البحر التى تضرب الشواطئ الإسرائيلية جاءت عن طريق قناة السويس منذ عشرات السنين وازدهرت منذ ذلك الحين. وقالت إن الأضرار التى تسببها هذه القناديل لا تتوقف عند حد اللسعات المؤلمة للمصطافين أو البقع الجلدية المؤلمة التى تخلفها، وإنما تمتد أضرارها إلى الصيادين والسياحة، فضلًا عن الضرر الذى تسببه بمحطات توليد الكهرباء، التى تعتمد على مياه البحر فى تبريد المفاعلات، وتضطر إلى وقف سحب المياه أكثر من مرة كى تكافح الكميات الضخمة من قناديل البحر التى تتجمع فى حوض التبريد بكل مرة. ونقلت الصحيفة عن مجموعة باحثين من حوض البحر المتوسط، من بينهم الدكتورة الإسرائيلية بيلا جاليل، من المعهد القومى الإسرائيلى لعلوم البحار والمحيطات، إن أسراب قناديل البحر التى تجمعت فى شهر يوليو الماضى بطول عشرات الكيلومترات على الشواطئ الإسرائيلية الممتدة بين عسقلان ونهاريا، ليست سوى مقدمة لقطار طويل من قناديل البحر التى ستهاجم إسرائيل. وأعرب هذا الفريق من الباحثين عن قلقه الشديد من التغيرات السلبية التى سترافق قناة السويس الجديدة. ووفقًا لهؤلاء الباحثين، بدأ تنفيذ السيناريو الأسوأ الذى يشمل غزوًا من جانب أنواع من الأسماك السامة مثل أسماك «هلاجينون هماراك»، التى تعيش فى أعماق البحر المتوسط، وتحتوى على سم الأعصاب من نوع تترودو توكسين الذى يسبب الشلل، أو الوفاة فى حالات معينة. وقالت الصحيفة الإسرائيلية، إن هذه المجموعة الدولية، التى تضم 18 خبيرًا متخصصًا فى البيولوجيا البحرية حثت الحكومة المصرية على إجراء مسح لتأثير القناة على البيئة قبل حفر قناة السويس الجديدة. وكشفت الصحيفة أن هذه المجموعة مارست ضغوطًا على مسئولين فى الاتحاد الأوروبى والأممالمتحدة من أجل الضغط على مصر للاستجابة لتعديلات المعاهدة الدولية للتنوع البيولوجى. وأقرت الصحيفة بأن هذه الضغوط لم تثمر عن أى شىء، سوى احتجاج المجموعة الدولية على تجاهل مصر لجهود بحثية امتدت لسنوات طويلة، على حد تعبيرها. من جانبه، شن الدكتور رالى شاختر، رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة بن جوريون الإسرائيلية، هجومًا حادًا على مصر وقناة السويس الجديدة والرئيس عبد الفتاح السيسى. ووصف مشروع قناة السويس الجديدة بأنه «حل قديم لمشاكل قديمة». وقال فى مقال مطول له إن القناة سيكون لها تأثير طفيف على الاقتصاد المصرى الذى يعانى من أزمات كبيرة منذ ثورة 25 يناير 2011، وقال إن النخبة الحاكمة هى من سيستفيد بصورة أكبر من ثمار القناة الجديدة. وشكك الخبير الإسرائيلى فى كل دراسات الجدوى التى تم إجراؤها لمشروع القناة، ووصفها بالمبالغة فى نتائجها. كما شكك فى كل وعود الرئيس، خاصة تلك المتعلقة بقدرته على توفير مليون فرصة عمل فى مشروعات القناة. أما صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية فذهبت إلى التقليل من شأن قناة السويس الجديدة، وقالت إن السيسى بنجاحه فى حفر مشروع قناة السويس الجديدة لم يحل الكثير من مشاكل المصريين. وأضافت أن المصريين إذا كانوا قد فرحوا بممر المياه المالحة الجديد (تقصد القناة الجديدة)، فإن بيانات الأممالمتحدة تؤكد أن مصر ستعانى من أزمة حادة فى المياه العذبة، وأن المصريين سيعانون العطش بحلول عام 2023. كما كشفت الكاتبة الإسرائيلية المتخصصة فى الشئون المصرية سميدار بيرى، أن حالة من الاستياء سادت الأوساط السياسية فى إسرائيل، بسبب عدم توجيه مصر الدعوة إلى إسرائيل للمشاركة فى حفل افتتاح القناة.