تواجه الكنيسة بقيادة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، فترة شديدة الاضطراب، على خلفية مشروع قانون لائحة الأحوال الشخصية الجديد، والذى ينتظر جموع الأقباط صدوره، وبينما رحب بعض المُضارين من اللائحة الحالية والراغبين فى الطلاق باللائحة الجديدة، اتهم آخرون البابا ومشروع اللائحة بمخالفة تعاليم المسيح وما استقرت عليه الكنيسة بحصر الطلاق على مسألة «الزنا». وتتداول الأوساط الكنسية، معلومات بشأن دعوة بعض الأساقفة، لعقد جلسة طارئة للمجمع المقدس لمناقشة «اللائحة الجديدة»، وهى الدعوة التى تنتشر بعيدًا عن البابا تواضروس الثانى، ويقودها بعض الأساقفة الكبار فى المجمع المقدس، وفى مقدمتهم الأنبا روفائيل والأنبا بيشوى والأنبا هدرا أسقف أسوان، والذين يجمعون توقيعات الأساقفة الموافقين على عقد هذه الجلسة. وبحسب اللائحة الداخلية للمجمع المقدس، فإنه يمكن عقد جلسة طارئة للمجمع بموافقة ثلثى أعضائه البالغ عددهم 102 أسقف. وعلمت «الصباح» من مصادر كنسية مطلعة، أن الأنبا بولا رئيس المجلس الإكليريكى السابق، دخل اعتكافًا فى أحد الأديرة، ويمتنع عن مقابلة أو محادثة أحد، ورجحت المصادر، أن يكون سبب الاعتكاف يرجع إلى عدم رضاه عن اللائحة الجديدة وما تضمنته من تعدد أسباب الطلاق ومخالفة تعاليم الكتاب المقدس، بحسب تقدير المصادر، لافتة إلى أن بولا شارك فى وضع اللائحة المختلف عليها الآن، وقرر حجب نفسه حتى لا يعطى رأيًا فى الموضوع. وأكد مصدر كنسى مطلع، أنه فى حال نجاح الكنيسة فى جمع التوقيعات اللازمة قانونًا لعقد جلسة المجمع المقدس، فإن البابا تواضروس سيكون فى موقف حرج للغاية، وقد يلجأ إلى تحميل الأنبا دانيال أسقف المعادى، المسئولية عن الأزمة العاصفة بشأن مشروع اللائحة، حتى يتمكن من الخروج من المأزق بسلام. وأضاف المصدر، أن الاساقفة الذين قام البابا تواضروس برسامتهم مؤخرًا، هم من يرفضون التوقيع على عقد المجمع، لكن كثيرًا من الأساقفة الآخرين يوافقون على عقد الجلسة وتسير الأمور نحو نجاح الأساقفة الرافضين للائحة فى عقد جلسة طارئة للمجمع المقدس. وكانت حركة تمرد القبطية، أعلنت عن جمعها لاستمارات لعزل البابا تواضروس الثانى الأمر الذى أربك الكنيسة بشكل كبير، خاصة بعد إعلان حركة «مسيحيون ضد الانقلاب» التى يقودها رامى جان، المنضم لتنظيم الإخوان، أنهم يدعمون قيام حركات مثل تمرد لزعزعة الكنيسة من الداخل، وقيام ثورة ضد البابا الذى ساند الدولة والشعب فى ثورتهم ضد حكم الإخوان. وكشف مصدر كنسى، أن الأنبا دانيال أسقف المعادى، مرشح أن يشغل موقع سكرتير المجمع المقدس الثانى، وهو الذراع اليمنى للبابا تواضروس، وقد عينه نائب عنه فى غيابه، وهو الذى يترأس المجلس الإكليريكى بعد الإطاحة بالأنبا بولا من المجلس. وتابع المصدر، أن الأنبا بولا يتعمد نشر بعض الأخبار والتلميحات عن اللائحة الجديدة قبل عرضها، حتى يتم قياس ردة الفعل القبطية قبل إصدار أى قرار، وهو ما فعله دانيال عندما أعلن عن بعض بنود اللائحة الجديدة وذكر فيها التوسع فى أسباب الطلاق، متوقعًا أن تدفع ردة الفعل القوية الرافضة للائحة المقترحة، الكنيسة إلى تعديلها وتسلم الأمر للدولة، لوضع حلول بإصدار قانون مدنى لزواج الأقباط. وتداول بعض النشطاء الأقباط، مقطع فيديو لشاب فى أحد فروع المجلس الإكليريكى، وطلب الشاب من الكهنة تطبيق اللائحة الجديدة عليه حسب تصريحات الأنبا دانيال، فقالوا له: إنه لا توجد لائحة جديدة ولم يسمعوا عنها، وأنهم لن يتمكنوا من إعطائه تصريحًا بالزواج إلا فى حال حصوله على حكم يفيد بوقوع علة «الزنا». ويقول باسم زاهر المحامى المتخصص فى قضايا الأحوال الشخصية، ل«الصباح» إنه لا يعتقد فى صحة ما نشر بشأن جمع الأساقفة لتوقيعات لعقد جلسة عاجلة للمجمع المقدس بعيدًا عن البابا، مضيفًا أن الأمر يستهدف إثارة البلبلة والفرقة ضد أبناء الكنيسة وتقليب الرأى العام ضد تواضروس الثانى. وتابع زاهر، «هناك صعوبة فى جمع توقيعات أعضاء المجمع المقدس الذى يتألف من 102 عضو هم مجموع الأساقفة والمطارنة ورؤساء الأديرة داخل مصر وخارجها إضافة إلى الكنائس ذات الشراكة، ونواب البابا بمرتبة أسقف، ويبلغ ثلثى الأعضاء تقريبًا سبعين عضوًا وهو ما يصعب تنفيذه من الناحية العملية. وأضاف، زاهر، أن مشروع القانون الموحد للأحوال الشخصية للمسيحيين يدخل ضمن دراسة خمس كنائس، وبالتالى فإن البابا ليس منفردًا فى قراره، وموضحًا بأنه لا يمكن القول بأن القانون خرج للنور من رحم الدولة، وأن هناك تعديلات على مشروع القانون لاتزال جارية، وتسبب ذلك فى عودة مشروع القانون من الحكومة إلى الكنيسة، لاعتراضها على بعض المواد. ومن جانبه يقول كمال زاخر منسق التيار العلمانى القبطى، ل«الصباح» إن المجمع المقدس هو الجهة التى تقود الكنيسة برئاسة البابا البطريرك وكل ما يتعلق بالكنيسة يطرح على اللجان المتخصصة داخله، فيما تخضع قرارات البابا للحوار والمناقشة على خلفية القوانين والتقاليد الكنسية. وأضاف زاخر، أن من صلاحيات المجمع المقدس باعتباره السلطة القضائية العليا فى الكنيسة أن يحكم على صاحب أى درجة من درجات الكهنوت، وكذلك فإن أى علمانى يقدم بتهمة تمس الكنيسة أو تعاليمها، ويمكن أن تستأنف إلى المجمع أية أحكام كنسية صدرت ضد كاهن وهو المسئول الأعلى عن الإيمان والعقيدة، وله أن يفسر قواعد الإيمان بما لا يتعارض مع التسليم الكنسى الثابت.