تحولت أزمة الزواج الثانى لتصبح أخطر مشكلة تعيشها الكنيسة المصرية حاليًا، وتصاعدت نيران قضية الطلاق لتصل إلى حد إلغاء عظة البابا الأسبوعية فى الكاتدرائية بسبب احتجاج من يطالبون بالزواج الثانى داخل الكنيسة، وهى سابقة تعد الأولى من نوعها وتنذر بتعقد القضية التى يحاول أصحابها الهرب من قوانين الكنيسة، لأنها لا تعترف بالطلاق والزواج الثانى للأقباط. رغم أن الكنيسة وعدت بأن مسألة الأحوال الشخصية للمسيحيين فى طريقها للحل، لكن على ما يبدو أن الأمور فى طريق التعقيد ويصر أصحاب الزواج الثانى على تحقيق مطالبهم حتى لو خالفوا الكتاب المقدس. المشهد الذى حدث الأسبوع الماضى بطرد البابا تواضروس من عظته الأسبوعية التى تعقد كل يوم أربعاء فى الكنيسة كان مثار ذهول من الأقباط الحاضرين فى الكاتدرائية، إنهم أصحاب الزواج الثانى داخل الكنيسة قاموا بالصراخ أثناء العظة فاضطر البابا لإلغاء العظة، ولكن يظل هذا المشهد قابلًا للتكرار طالما ظلت مشكلة الزواج الثانى قائمة. التصعيد الذى قام به أصحاب الزواج الثانى فى الكنيسة رفضه عدد كبير من الأقباط، وقالوا ل«الصباح»: إن هدف هذه المجموعة هو تحقيق حلمهم بالزواج الثانى، بينما رأى المتضررون من الأحوال الشخصية فى الكنيسة أنه تصعيد لا بد منه لتحريك المياه الراكدة، فى حين فسره طرف ثالث بأن ما حدث كان مقصودًا من أجل خطة لتنفيذ مؤامرة للانقلاب على البابا تواضروس وعزله. نيران الطلاق حنان نبيل رئيسة رابطة «أقباط 38 للأحوال الشخصية» قالت إن التصعيد الذى تم يصب فى صالح قضايا الأحوال الشخصية، رغم أن أقباط 38 لم يكونوا مشاركين فى الوقفة الأخيرة التى ألغى فيها البابا عظته الأسبوعية، وتؤكد أن المتظاهرين حاولوا التحدث إلى البابا كى يسمع شكواهم، ولكنه قام بإلغاء الاجتماع وتركهم يصرخون فى الكنيسة. ويرى أشرف أنيس، أحد مؤسسى ائتلاف متضررى الأحوال الشخصية، الذى شارك فى احتجاج أصحاب الزواج الثانى أثناء عظة البابا، أن أصحاب القضايا قد فاض بهم الكيل، لأنهم كانوا ينتظرون حلًا فى جلسة المجمع المقدس الذى عقد منذ أسبوع، ولكن كل المؤشرات كانت تشير إلى أنه لن يكون هناك جديد، لذلك فاجأوا البابا بهذه الطريقة حتى يستمع لهم ويجد حلولًا لهم، خاصة بعد أن أغلق جميع الكهنة والأساقفة الأمل فى حل مشاكلهم، التى تتعلق بفسخ العقد المدنى، وليس البحث عن الزواج الثانى. واعتبر أن ما حدث هو بمثابة إنذار وأن الكنيسة لن تتمكن من احتواء الأزمة بعد ذلك إذا لم تحسم الأمور وتجد حلولًا، مطالبًا بوجود قانون مدنى يصدر فى أقرب وقت حتى تنتهى هذه المشكلة، كما قال إن تصريح الأنبا بولا، الذى أعلن فيه تشكيل المجالس الإكليركية زاد من غضبهم، لأنهم يعلمون أن ما يقوله سوف ينطبق فقط على من هو حاصل على حكم طلاق فقط، أما من يبحثون عن الطلاق والذين يمثلون الغالبية العظمى لم يجد لهم أى حلول، لأن الطلاق لا بد أن يتم عن طريق المحاكم وليس عن طريق المجلس الإكليريكى، وإلى الآن لا يوجد قوانين جديدة بعد تعديل اللائحة سنة 2008 التى تنص على أن الطلاق يحصل عليه القبطى فى حالة الزنا أو تغير الديانة أو تغير الملة فقط. بينما يؤكد إسحق فرنسيس، مؤسس رابطة «الصرخة للأحوال الشخصية»، أن هذا التصعيد كان مهمًا جدًا، وأنه كان من أول من نادوا بالقيام بهذا الاحتجاج للحصول على حقوقنا، معتبرًا أن البابا يعلم بكل شىء، ولكن لا يتخذ خطوات وأن المتضررين لهم حقوق واجبة النفاذ. مؤامرة ضد البابا على الجانب الآخر، يرى الرافضون للزواج الثانى فى الكنيسة أن ما يحدث مؤامرة للإطاحة بالبابا، كما يقول مليح رضيان المحامى إن ما حدث واقعة خطيرة، وهى مظاهرة داخل الكاتدرائية المرقسية ضد البابا من متضررى الأحوال الشخصية، وهم يحاولون فرض سيطرتهم على الكنيسة ومخالفة أحكام الكتاب المقدس. وأضاف: البابا كلف أحد أفراد السكرتارية للحديث مع المعترضين وإعادة الترنيم لحين إنهاء الأزمة، إلا أنهم استمروا فى صراخهم؛ وبدوره البابا تواضروس أدى الصلاة الربانية وغادر الكنيسة دون إلقاء العظة، واعتبر أن ذلك تطور خطير فى سلوك هؤلاء ويجب الوقوف بحزم قبل أن يتضخم دورهم وترضخ الكنيسة لهم ولأغراضهم التى وصفها ب«الدنيئة». بينما يقول نادر صبحى، مؤسس حركة شباب كرستيان: ما حدث فى عظة البابا الأسبوعية وتسبب فى إلغائها سبق وأن فتحت جريدة «الصباح» هذا الملف فى أعداد سابقة تحت عنوان المؤامرة، وأنه مخطط ضد البابا لمحاولة عزله، ويضيف مؤسس كرستيان: الكيل طفح إلى درجة أن البابا أعلنها صراحة بأن هناك مؤامرة، حيث دخلت مجموعة تدعى أزمة تحت مسمى الأحوال الشخصية وتطالب بالزواج المدنى. غضب قبطى بينما كان هناك غضب قبطى واسع على صفحات التواصل الاجتماعى من قبل الأقباط اعتراضًا على ما حدث. وذكر المتحدث الرسمى باسم الكنيسة، القمص بولس حليم، على صفحته الشخصية على الفيس بوك أن عددًا من الأشخاص قام بإثارة الشغب والأصوات العالية بصورة لا تليق باحترام الكنيسة، وبرغم محاولة بعض الآباء احتواء الموقف والعمل على تهدئتهم، إلا أنهم تمادوا فى هذا الهياج ودون استجابة منهم، ما جعل قداسة البابا يوقف وينهى العظة التعليمية الأسبوعية وغادر الكاتدرائية إلى المقر الباباوى. فى حين قال عماد موريس غاضبًا: للأبد ستظل الكلمات المكتوبة فى الإنجيل هى العليا، وبتوع الزواج المدنى لا يعرفوا لا وقار ولا احترام للكتاب المقدس ولا للكنيسة ولا للرتب الكهنوتية، ونرجع نقول طلاق بدون علة أو زنا. بينما يذكر جرجس رزيقى أن ما حدث من متضررى الأحوال الشخصية داخل الكنيسة لا يليق بمسيحى مهما كانت مشكلته، فالكنيسة لها احترامها والبابا له وضعه فى قلوب كل الأقباط. وتقول نيفين جرجس إن الأمور وصلت إلى حد سيىء جدًا، فالكنيسة لها احترامها ومهما ضغط هؤلاء لن يجعلوا الكنيسة تخالف وصايا الإنجيل، وتتابع يجب على الكنيسة التعامل مع هؤلاء بحزم كما كان يفعل البابا شنودة الراحل معهم.