*عرب العريش يسيطرون على المنطقة.. وقائدهم رجل غامض يدعى أبو عبد الله *أبراج مسلحة بالرشاشات وال «آر بى جى».. و«ناضورجية» لمسح المنطقة طوال اليوم *الموت مصير الغرباء.. والاغتصاب للمدمنات.. ومدير أمن الإسماعيلية: الحملات مستمرة * سعر جرام الهيروين أو «البيسه » من 100 ل 120 جنيهًا * فتيات يقدمن أنفسهن لمن يشترى لهن تذكرة هيروين وأخريات يتعرضن للاغتصاب الوصول إلى عاصمة الهيروين فى مصر لم يستغرق أكثر من 30 دقيقة من قلب القاهرة، رغم أن الطريق محفوف بمخاطر أقلها الموت سواء بالرصاص أو الذبح. ويطلق المدمنون على المكان مدينة «السحر والجمال» نسبة إلى مدينة الإسماعيلية التى يقع فيها وتحديدًا فى صحراء التل الكبير ويديره مجموعة من العربان والهاربين من الأحكام، ويحصلون على المادة المخدرة من «الهيروين» من خلال تهريبها من شمال سيناء عبر دروب وسط سيناء حتى أبوصوير بالإسماعيلية إلى أن تصل إلى منطقة السحر والجمال، حيث البيع بطريقة التذاكر. المكان معروف للغاية ل3 فئات، تجار المخدرات بالطبع إضافة إلى راغبى تعاطى الهيروين إضافة إلى الشرطة التى فشلت فى إنهاء هذه الأسطورة الموجودة رمزًا لقدرة موردى الصنف على تحدى الدولة. المكان معروف بأنه منطقة «السحر والجمال»، وهو المكان الذى يستطيع فيه أصحاب التجارة المحرمة تخزين بضائعهم بكل بساطة والحصول على حماية مسلحة قادرة على التصدى للشرطة بسهولة، بالإضافة إلى قدرة متعاطى المخدرات بأنواعها بداية من الأقراص المنشطة إلى البودرة والماكس على الحصول عليها بأسعار تصل لنصف السعر المتداول فى المناطق الداخلية بالقاهرة وبقية المحافظات. 3 طرق تؤدى إلى منطقة «السحر والجمال»، بعيدًا عن طريق «مصر - الإسماعيلية» للالتفاف حول كمين الجيش الموجود بعد «الكارتة»، علمًا بأن الطريق المؤدى للمنطقة والمقابل للمنطقة الصناعية الثالثة تسلكه فئة معينة من المترددين على هذا المكان، وأصحاب السيارات الفارهة ولا يجرؤ غيرهم على المرور خلاله. الطريق الأول يبدأ من داخل مدينة العاشر من رمضان وتحديدًا من الأردنية مرورًا بالمنطقة الثالثة، ومنطقتى 30 و31 ومنطقة «بيفور» وصولًا إلى منطقة السحر والجمال، فيما يبدأ الطريق الثانى من مدخل ال60 مرورًا بمنطقة «البركة» وصولًا إلى منطقة السحر والجمال، ويبدأ الطريق الثالث من المنطقة «س» إلى منطقتى «ص وأ» وصولًا إلى منطقة «السحر والجمال»، التى تفصلها عن مدينة «الصالحية الجديدة» نحو 15 كيلومترًا، ونحو 5 كيلومترات من مدينة وادى الملاك. ويشغل المكان مساحة كبيرة تحيطها بعض الأشجار العالية، والتبات والأبنية المتباعدة وعدد قليل من الفيلات التى تبدو مهجورة. بدأت الرحلة باتفاق مسبق، مع أحد سكان مدينة العاشر من رمضان المترددين على المنطقة ويدعى «أ، س» حيث طلب الحصول على 500 جنيه مقابل اصطحابنا إلى المنطقة، مبررًا ذلك بأن السيارة التى ستحملنا ستحصل على 200جنيه أجرة الذهاب والعودة، وسيتقاضى الأفراد المصاحبون لنا ال300 جنيه الباقية. وعند وصولنا إلى ما يشبه البوابة تبعد عن أول تبة فى المدينة بنحو كيلو متر قام حراس المكان المسلحون بتفتيش جميع متعلقاتنا بعد سحب الهواتف المحمولة والاطمئنان لعدم وجود أى معدات تصوير أو أسلحة، مبررين ذلك بأن هذه الإجراءات تتم مع زبائن المكان غير المعروفين. بعد عملية التفتيش اصطحبنا بعض الحراس باستخدام دراجات نارية إلى داخل المنطقة التى يتم فيها تداول المخدرات، وهناك شاهدنا مستويات مختلفة من البشر، وأسلحة آلية فى أيدى بعض الملثمين، سرنجات ملقاة على الأرض، فتيات من مستويات مادية متباينة محجبات وغير محجبات، هناك لا مجال للحديث كثيرًا، فقط تخرج النقود وتطلب الصنف والكمية فقط، وتحصل على المطلوب فى أقل من دقيقة. وفى المكان نفسه تتم عمليات التعاطى وفق طرق مختلفة شاهدناها بأعيننا، منها وضع هيروين على ورق ألومنيوم فوق لهيب ولاعة واستنشاق الأبخرة المتصاعدة، وهى أكثر الطرق تكلفة حسبما علمنا من المرافقين لنا، إلى جانب المشهد المعروف من خلال صف الهيروين فى خطوط على زجاج أو بلاطة، ثم استنشاقه بواسطة أنبوب بالإضافة إلى عملية الحقن، والأخيرة تقبل عليها الفتيات. ورأينا مجموعة من الشباب يجلسون فى دائرة على الأرض، يتناوبون لف البودرة فى أوراق صغير، لبيعها، وعلمنا أن مهمتهم التجهيز والوزن والتعبئة، وعلى بعد أمتار قليلة منهم يقف 4 ملثمين بأسلحتهم فى وضع الاستعداد، ووجوههم نحو الاتجاهات الأربعة لحراسة عملية إعداد الهيروين للبيع، بالإضافة إلى آخرين يحملون نظارات مراقبة تكشف عدة كيلومترات حول المكان. ما يدفع المدمنين للتردد على هذا المكان الخطير هو أسعار المادة المخدرة التى تصل إلى نصف سعرها المعتاد، حيث يبلغ سعر جرام الهيروين 120جنيهًا، وفى حال التردد أكثر من مرة يمكن الحصول عليه بتخفيض. ويتراوح سعر «البيسة» وهى مزيج من مادة الكوك وبرشام أبوصليبة وبعض المواد الكيميائية غير المعروفة، من 100 إلى 120جنيهًا، وحقنة الماكس ب150 جنيهًا، بدلًا من 300 أو 400 جنيه فى الأماكن الأخرى، فيما يبلغ سعر صباع الحشيش من 100 إلى 140جنيهًا، وهناك أنواع ب80 جنيهًا، حسب درجة الجودة. من الصعب أن تقتحم الشرطة المكان إذ يوجد أكثر من 10 أبراج مراقبة مخفية بين الأشجار، حاملة «ناضورجية»، مسلحين بمدافع متعددة الطلقات و«آر بى جى»، مهمتهم التحذير من قوات الأمن، واتخاذ الإجراءات اللازمة للحماية، وتوجد خنادق لإخفاء البضاعة حال نشوب أى اشتباكات بين التجار ورجالهم والشرطة. المصدر الذى أوصلنا إلى المكان أوضح أن المنطقة تتردد عليها شخصيات كبيرة، تبدو ذات أهمية نظرا لنوع السيارات التى يستقلونها، بعضها مزود بنوافذ سوداء تخفى من داخلها ومصحوبين بحراسة، إذ قد يتعرض بعض المدمنين إلى الاعتداء، خصوصًا الفتيات، حيث قال «محمد. أ» سائق تاكسى، إنه أوصل منذ نحو شهر إحدى الفتيات إلى المنطقة، وبعد نصف ساعة عادت منهكة وأخبرته أنها تعرضت للاغتصاب داخل المكان. وقال آخرون -رفضوا ذكر أسمائهم- إن عددًا من الفتيات المدمنات يذهبن إلى المكان للتعاطى، ويقدمن أنفسهن لمن يدفع لهن ثمن الجرعة، لذا فتح بعض التجار ما يشبه «كازينو» أو «ملهى ليلى» للتعاطى وممارسة الرذيلة، ولكن لا يدخله سوى الأفراد المعروفون لحراس المكان، ومن المعتاد مشاهدة سيارات كثيرة متجمعة بالقرب من المنطقة لتعاطى الماكس والهيروين، بالإضافة إلى تردد أشخاص غير مصريين. وتصل الاعتداءات فى بعض الأحيان إلى القتل بالرصاص، حيث يتم نقل الضحية إلى أى مستشفى قريبة من الإسماعيلية أو القاهرة، دون أن يحدث شىء حيث لا تعلم الضحية إذا بقيت على قيد الحياة من هوية المعتدى، حيث تم العثور على شخص نزف حتى الموت جراء إصابته برصاص فى البطن، وآخر مقتول برصاصة فى الرأس، إضافة إلى العثور على بعض السيارات المحروقة على جانبى الطريق. ولم تستطع وزارة الداخلية إغلاق المكان، حيث داهمت قوات الشرطة المنطقة عدة مرات ونشبت اشتباكات عنيفة بينها وبين هؤلاء المجرمين، إلا أنها تنتهى بهروب تجار المخدرات ورجالهم واختفائهم عدة أيام ثم يعودون. ويسيطر على المنطقة بدو من عرب العريش الذين نزحوا إليها بعد أحداث ثورة 25 يناير، بالتنسيق مع عرب المنطقة ثم استولوا على المنطقة وبنوا فيها بعض المنازل وجلبوا المخدرات من العريش، عبر الدروب والطرق الصحراوية تفاديًا لأكمنة الطرق الرئيسية. وقالت المصادر إن الشخص الذى يسيطر على المنطقة معروف ب«أبوعبدالله»، لكنه يظهر نادرًا ولا أحد يعلم مكان إقامته. ويقدر أحد العاملين فى المنطقة حجم تجارة المخدرات المتداولة فى المنطقة بنحو 30 مليون جنيه سنويًا، عن طريق التهريب من عدة معابر، أهمها سيناء، ومدينة الصالحية، إضافة إلى عرب وادى الملاك، وتواصلهم مع موردى الممنوعات بسيناء، إضافة إلى التنسيق مع مافيا تجارة المخدرات بقرى «حمادة والهيش والبابورات وغيرها من قرى محافظة الإسماعيلية. فى المقابل، قال اللواء منتصر أبوزيد، مدير أمن الإسماعيلية، ل«الصباح»: إن قوات الأمن تشن هجمات بصورة مستمرة على وكر «سوق البودرة»، مؤكدًا أن هذا المكان منطقة لترويج المخدرات منذ عشرات السنين، والحملات مستمرة لتطهير المنطقة. وتابع: إن قوات الأمن قبضت على عناصر كثيرة من تجار المخدرات، لكنه لم يتم التوصل حتى الآن إلى قائدهم، نظرا لهروبهم قبل قيام الحملة أو أثناء الاشتباكات معهم، مشيرًا إلى أن طبيعة المكان ووجود الأشجار بكثافة تحول دون المجازفة بأرواح الجنود، نظرا لوجود تلك العناصر بأماكن متفرقة وأعلى الأشجار، ما قد يتسبب فى خسائر كبيرة فى الأرواح، وكشف أن هناك شخصين يقودان تلك المجموعات، وهما «مرعى» و«مسلم»، وأنه جار تكثيف عمليات البحث والتنسيق حتى يتم القبض عليهم بشكل محكم.
ورفض أبوزيد الحديث حول قيام هذه العناصر بتوجيه ضربات لقوات الأمن، مؤكدا أن المحافظة تبذل قصارى جهدها للإيقاع بالعناصر الإجرامية، والمخالفة للقانون، وهناك حملات يومية تهاجم أوكار المخدرات بالمحافظة، وخاصة مدينة الصالحية الجديدة، والمنطقة «البيفتات» التى تم استصلاحها، والتى تبلغ آلاف الأفدنة.