يستيقظ أهالى مدينة «تلا» فى المنوفية بين الحين والآخر على طفل رضيع يجدونه بجوار أحد مقالب القمامة، أو فى مصرف من المصارف، حتى تحول الأمر فى الفترة الأخيرة إلى ظاهرة، حيث عثر الأهالى على نحو 12 طفلا خلال شهور قليلة. وبعدما كانت المدنية تعرف بأنها مسقط رأس الرئيس الراحل محمد أنور السادات، أصبحت مشهورة بمدينة «الأطفال مجهولى النسب»، إذ يفاجئ أهالى المدينة كثيرا بأطفال رضع داخل شكائر صغيرة أو أكياس بلاستيكية، يبكون وبعضهم لم تمر على ولادته إلا ساعات قليلة. وقال محمد بكير، محامى وباحث فى القانون، إنه عثر على طفلة ملقاة فى أحد أكوم القمامة، يحيط بها «البوص»، بالقرب من شريط السكة الحديد المار من المدينة، موضحا أن الأهالى أكدوا له خوفهم من إبلاغ الشرطة فيخضعون للمسائلة القانونية، ففعل هو ذلك، وحصل على خطاب بتحويل الطفلة إلى مستشفى «تلا» العام، ليعتنوا بها فى «الحضانة» لإنقاذ صحتها والموت. ويصف بكير حال الطفلة وقت العثور عليها، قائلاً «كان شكل جسدها مثيرًا للشفقة، وجلدها ممتلئ بالتقرحات، ولونه بلون الدم، بسبب تعرضها للدغ الحشرات ساعات طويلة»، مؤكدا «أن من ألقاها أراد بذلك قتلها، لكن عناية الله حفظتها وأنقذتها من الهلاك». وأضاف «تابعنا حالتها مع أطباء المستشفى، الذين أكدوا أن عمرها ما بين 3 أيام وأسبوع على أقصى تقدير»، مشيرًا إلى أن حالتها استقرت، وأنهم أسموها «أميرة على رضا على»، إلا أنهم لم ينجحوا فى تبنيها بسبب المشكلات القانونية، بعدها قررت إدارة المستشفى نقلها إلى دار الأمومة والطفولة فى شبين الكوم. كما عثر الأهالى فى إحدى المناطق النائية بمدينة «تلا» على طفل، ملفوفا فى قطعة من القماش، تنتابه حالة من الإعياء الشديد، ونُقلوه إلى مستشفى المواساة بالمدينة، وذلك قبل شهور. وفى حادثة مشابهة عثر أهالى قرية «زنارة» بدائرة مركز «تلا»، على طفل وطفلة، قبل شهور، ونقلوهما إلى مستشفى «تلا» العام لتلقى الرعاية، وأيضا عثر أهالى المدينة على طفلين حديثى الولادة بالقرب من الساحة الشعبية، تظهر عليهما علامات التعب والإعياء، بعد تجمع النمل والحشرات على جسديهما الصغيرين. وقال الدكتور عاشور رميح، مدير مستشفى «تلا» العام بالمنوفية، إن المستشفى استقبلت ثلاث حالات لأطفال لقطاء خلال عام 2014، ووثقتها، وأجرت لهم الفحوصات الطبية اللازمة والمتابعة الدورية، ثم نُقلتهم إلى ملاجئ شبين الكوم، مشيراً إلى أن هناك حالات أخرى بالمدينة لم يتم توثيقها فى المستشفى. وقال محمد على أبو إبراهيم، 41 عامًا، عامل بمعهد السادات الابتدائى ل«الصباح»: عثرت على طفل داخل «شيكارة دقيق»، ملقاة فى شارع قريب من مركز الشرطة، يوم السبت 20 ديسمبر 2013، وكانت الساعة السادسة صباحا، وكان مولودا منذ ساعات. وأضاف أنه سلم الطفل إلى مركز الشرطة فى الحال، وأسماه طارق رضا أحمد محمود، موضحا أنه حاول التكفل به وتربيته وسط أبنائه، إلا أن الشرطة رفضت وقالت له «انت عندك 3 بنات»، وتم إيداع الطفل فى أحد ملاجئ مدينة شبين الكوم. وقال الدكتور حمدى الفرماوى استاذ علم النفس التربوى بجامعة المنوفية، ورئيس الجمعية المصرية للدعم النفسى إن إلقاء الأطفال الرضع فى شوارع المدينة، يكشف عن أزمة أخلاقية ونفسية، وانعكاس لسوء التربية وانحدار المستوى التعليمى بالمجتمع، مضيفا أن المجتمع صعّب الحلال فلجأ أفراده إلى الحرام، وتفنن القائمون عليه فى فرض تقاليد توارثوها عبر أجيال لتكون مُكبلة للزواج، ما أدى إلى انتشار ظاهرة الزواج العُرفى.