*الأنبا بيشوى: صحب «النشوء والارتقاء» أنكر نظريته قبل موته.. والتقدم العملى فى زمنه لم يسمح بالكشف عن عيوب أفكاره ضمن محاولات المؤسسات الدينية فى مصر مواجهة تفشى ظاهرة الإلحاد التى انتشرت بشكل ملحوظ فى المجتمع، عقدت الكنيسة الأرثوذكسية الأسبوع الماضى مؤتمرًا لمواجهة الأفكار الإلحادية داخل المركز الثقافى الأرثوذكسى بالكاتدرائية بالعباسية، المؤتمر ضم نخبة من رجال الدين المسيحى والإسلامى والأساتذة، ولفيف من المتخصصين فى هذا المجال. المؤتمر كان هدفه مواجهة الفكر بالفكر، وركز على دحض نظرية داروين «نظرية التطور» مما اعتبره البعض محاكمة لتشارلز داروين داخل جدران الكنيسة. قال الأنبا بيشوى، مطران دمياط وكفر الشيخ والبرارى، خلال كلمته بالمؤتمر: إن داروين أسقط نظريته «التطور» بنفسه قبيل وفاته عبر كتابه الذى اعترف فيه بعكس ما قال فى النظرية، حيث أكد وجود قوة عظمى مسئولة عن خلق الكائنات، معتبرا أن صاحب نظرية التطور أسقط نظريته بنفسه فى كتاباته، كما أنه لم يكن فى عهده التقدم العلمى الكافى لكشف أخطاء النظرية وثغراتها. وأضاف بيشوى خلال كلمته: «الإلحاد ينهار ويغرق، ولا يجب أن نخاف على شبابنا منه، ولكن يجب أن نعلمهم جيدًا وننقل لهم هذه المعلومات بكل الوسائل الممكنة».
وأكد الأنبا بيشوى أن أشهر عالم ملحد غربى فى العالم، ويدعى «أنتونى فلو»، وكان أحد تلاميذ داروين، أعلن إيمانه بعدما أصدر كتابًا اعتبر فيه أنه يوجد إله للكون. وفى لقاء تليفزيونى رد الأنبا بيشوى على منتقدى المؤتمر الذى يناقش الإلحاد ويدحض نظرية التطور بأن هناك 600 عالم أمريكى وقعوا على رفض نظرية داروين، وأضاف: «من ينتقدنا لأننا نقول إن الإلحاد فى تراجع شخص لا يحب كنيسته، وإلا فماذا يضره أن يكون الإلحاد فى تراجع لو كان من أبناء الكنيسة؟» تصريحات الأنبا بيشوى آثارت موجة من الاستهجان على مواقع التواصل الاجتماعى، وانقسم المعلقون إلى عدة فرق، الأول منهم يرى أن كلام الأنبا بيشوى سليم وفى محله ومطلوب الآن، ويتساءل هذا الفريق: لماذا ينتقد البعض الكنيسة وهى تحارب الإلحاد فكريًا؟ ووجه القس أندرواس عبدالمسيح أسئلته لهذا الفريق عبر صفحته: «هل أنتم حزانى لأن الإلحاد فى تراجع؟ لماذا تتهكمون على نقده نظرية التطور وإثبات أن 600 عالم رفض التطور؟» معتبرًا أن هؤلاء «داروينيين أكثر من داروين» ومثنيا على ما اعتبره الرد العلمى للأنبا بيشوى فى هذه القضية، لأنه يعتبر أن الأسلوب العلمى يقاوم بأسلوب علمى. أما الفريق الآخر فيرى أن الكنيسة تحتاج إلى تغيير أسلوبها فى الخطاب الدينى لمواكبة تغيرات العصر والتطور العلمى، وأن هذه أهم خطوة لاحتواء الشباب وأفكارهم، فيقول ميخائيل نصرى: «كى تحمى الشباب من الإلحاد عليك أولا أن تخاطبهم بأسلوب يناسب عقولهم، لا بد من أن تتبنى الكنيسة أطروحات حديثة تقنع هذه العقول المتعطشة للعلم والمعرفة».
من المعروف أن الملحدين يعتمدون فى إثبات فكرتهم لعدم وجود إله خالق للكون على نظرية تشارلز داروين للتطور التى نشرها فى 1838م، والتى تنص على أن كل المخلوقات الحية على كوكب الأرض تنحدر من أسلاف مشتركة، وأن ذلك تم عبر عملية أسماها «الانتخاب الطبيعى»، معتبرا أن الصراع من أجل البقاء له نفس تأثير الاختيار الصناعى المساهم فى التكاثر الانتقائى للكائنات الحية، لم يصرّح داروين بنظريته فى البداية تحسبًا لردود الفعل الغاضبة، وبالفعل واجهت هذه الفكرة انتقادًا كبيرًا بعد نشرها، خصوصًا من طرف رجال الدين فى جميع أنحاء العالم.