دراسة: 10% من نساء التنظيم قادمات من أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا.. و25% منهن فرنسيات من حسناوات مرفهات فى أمريكا وأوروبا وأستراليا، إلى «مجاهدات للنكاح» فى بلاد الموت.. هذا هو خط سير الفتيات الغربيات المنضمات إلى تنظيم «داعش» الإرهابى فى سوريا والعراق، هؤلاء «الداعشيات» اللائى هربن من بلادهن، بلاد الحرية، إلى ظلام «التشدد»! ويوما بعد يوم، نرى فتيات أجنبيات يتركن ديارهن فى أغنى الدول الأجنبية لخوض غمار مغامرة «البحث عن شىء ربما لم ولن يروه من قبل»، لكن السؤال المهم الذى تحاول «الصباح» الإجابة عنه فى هذا التحقيق، هو: لماذا تلجأ الحسناوات الغربيات لتنظيم «داعش» لعرض أنفسهن ل«النكاح» والقتال بهذه الطريقة الفظة، رغم أن بلادهن توفر لهن رغد العيش والحرية؟! من جانبهم، يعتبر مقاتلو «داعش» أن الزواج من أجنبيات يعنى اعتبارهن مجرد شركاء «للتزاوج فقط» من أجل إنجاب الأطفال والمساعدة فى إقامة الدولة الإسلامية، لدرجة أنهم يعتبرون النساء الأجنبيات «بمثابة مصانع للأطفال». وحسب آخر الإحصاءات الغربية التى نشرتها صحيفة «الجارديان» البريطانية، فإن هناك فتيات لا تتجاوز أعمارهن 14 أو 15 عامًا يسافرن إلى سوريا للزواج من المسلحين، والانضمام إلى مجتمعاتهم، فى حين أن عددًا قليلًا منهن يحملن السلاح ليقاتلن، مشيرة إلى أنه يجرى تجنيد كثير من النساء عبر وسائل التواصل الاجتماعى. وفى معظم الحالات كان التجنيد يتم عبر وسائل التواصل «فيس بوك» و«تويتر»، أو عبر دعايات يتم نشرها فى مواقع إلكترونية أخرى، وكذلك من خلال رسائل نصية على الهواتف «sms» بعد اختيار دقيق للفتاة المراد تجنيدها، حيث يتم الاستدراج عن طريق الإغراء المالى أولًا، وأنها ستكون لها سلطة غير موجودة فى بلادها الغربية وأنها ستكون زوجة مقاتل وستنجب مقاتلين، أو أنها ستكون زوجة «شهيد». وتؤكد «الجارديان» أن 10% من النساء والفتيات اللاتى يُقمن روابط مع هذه الجماعات المتطرفة، قادمات من أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا، موضحة أن فرنسا تورّد العدد الأكبر من هؤلاء النسوة، حيث يبلغ عدد النساء الفرنسيات نحو 25 فى المائة من مجموع النساء الغربيات اللاتى انضممن إلى «داعش». والحالة الأولى فى هذا الصدد، وهى الأخطر فى نساء «داعش» ، سامنثا لوثويت الملقبة ب«الأرملة البيضاء» والتى تتولى تدريب جيش نساء «داعش» على التفجيرات الانتحارية، وقد انضمت للتنظيم مطلع العام الجارى، لتصبح واحدة من أقوى نساء التنظيم وأكثرهن نفوذًا، بعدما أُسندت إليها مهمة تدريب فرقة خاصة من النساء على تنفيذ التفجيرات الانتحارية التى تستهدف جماعات «البيشمركة» الكردية، كما أن معظم اللواتى تتولى «لوثويت»، هن من البريطانيات وغيرهن من الأجانب ذوى البشرة البيضاء اللواتى اعتنقن الإسلام وانضممن للتنظيم مؤخرًا. وسامنثا لوثويت، 30 سنة، هى أرملة «الجهادى» الإنجليزى جيرمين ليندسى، الذى تعرفت عليه عام 2002، وتزوجته وهو أحد منفذى الهجمات على العاصمة البريطانى «لندن» فى يوليو 2005، والذى قتل وحده 26 شخصًا من إجمالى 52 هم ضحايا عملية التفجير الرباعية، التى قام خلالها بتفجير نفسه فلقى مصرعه على الفور. وتزوجت «سامنثا» فى 2007 خبير صناعة القنابل «حبيب صالح الغنى» وأنجبت منه طفلًا ، خلال فترة هروبها فى الصومال بعد انكشاف دورها فى قضية زوجها الأول. وفى نهاية عام 2009 كانت الأرملة البيضاء قد استقرت فى كينيا، تحديدًا فى مدينة مومباسا الكينية بناء على عدة تقارير مخابراتية، حيث تزوجت من فهمى جمال سالم، كينى الأصل، الذى تزوجت أخته من موسى ديرى، أحد أبرز زعماء جماعة «الشباب» الصومالية التابعة ل«القاعدة»، والذى تم اغتياله فى العاصمة مقديشو عام 2011. ومن خلال انتقالها بين كينياوالصومال وتنزانيا نفذت «الأرملة البيضاء» سلسلة عمليات إرهابية تحت حماية جماعة «الشباب» الصومالية التى عرفتها باسم «دادا مزونجو» باللغة السواحلية أو الأخت البيضاء، وكان من بين هذه العمليات تفجير المركز التجارى «ويست جيت» فى نيروبى. وتكمن الخطورة الأكبر ل«الأرملة البيضاء» فى أنها لها كاريزما خاصة وتستطيع عمل بروبجاندا للتنظيم فى الخارج، ويعتبروها بقيمة 10 رجال هناك. أما عن الحالة الثانية الذى رصدتها «الصباح» فكانت لملكتى جمال «داعش»، وهما سامرا كيزوفيتش «16 عامًا» وسلبينا سليموفيتش «15 عامًا» حيث اختفتا من منزلهما فى العاصمة النمساوية فيينا، ثم كتبتا على صفحاتهما الشخصية فى «فيس بوك»، أنهما توجهتا للقتال فى سوريا قائلين : إنهما تخططان للزواج حتى يمكن أن تكونا «مقاتلتين مقدستين» وأكدتا أن «الموت هو الهدف»، وما لبثت أن ظهرت صورة الفتاتين على المواقع الإلكترونية وهما ترتديان النقاب. وبعد فترة وجيزة ظهرت الفتاتان من جديد بعد أن تزوجتا من جهاديين من أعضاء «داعش» فى سوريا، وأنهما فى انتظار مولوديهما، لكنهما لم تستطيعا أن يتحملا مشقة العيش مع «داعش» ، وطلبتا العودة إلى النمسا، لكن مسئولين فى بلادهما رفضوا عودتهما بشكل قاطع. وأما عن الحالة الثالثة فكانت للمتحدثة باسم تنظيم «داعش»، وهى الاسكتلندية أقصى محمود «20 عامًا» التى قضت سنوات المراهقة فى الاستماع إلى فرقة «كولد بلاى» الغنائية وقراءة سلسلة كتب «هارى بوتر»، وكانت طالبة دراسات أشعة، ونشأت فى طبقة وسطى بمدينة جلاسكو، فى عائلة علمانية تنصب اهتماماتها على التعليم والحياة الكريمة، ثم اختفت «أقصى» ولم تأخذ معها سوى حقيبة ظهر، وظهرت بعد ذلك فى سوريا كمتحدثة باسم «داعش»، وأصبحت مهمة الشابة هى تجنيد المزيد من الفتيات الغربيات لصفوف التنظيم. ونشرت «أقصى» على موقع «تمبلر» للتواصل الاجتماعى، إعلانا لجذب فتيات للتنظيم نظير مكافآت ستنالها الفتيات مقابل هجرتهن وانضمامهن ل«تنظيم الدولة»، وقالت فى الإعلان إن «الفتيات داخل التنظيم يحظين بالاهتمام، ولن يتعرضن لسخرية أو ازدراء بسبب عقيدتهن»، مؤكدة على أن تتضمن غنيمة الحرب التى ستنالها الفتيات «غنائم دنيوية» مثل ثلاجات، ومواقد، وأفران، وأجهزة «ميكروويف»، وآلات الميلك شيك، ومكانس كهربائية، ومنازل دون إيجار تتوافر فيها خدمات الكهرباء والمياه، وهذا بالإضافة إلى «المكافأة الروحانية» جراء التحرر من أراضى «الكفار». وهناك حالة رابعة رصدتها «الصباح» خلال رحلة البحث عن الأجنبيات فى صفوف داعش، وهى الفرنسية نورا البعثى، 15 عامًا، والتى كانت طالبة عادية تطمح إلى أن تصبح طبيبة، والتى اختفت من منزلها فى يوم دراسى ولكنها استقلت القطار متجهة إلى باريس، وسحبت 550 جنيهًا استرلينيًا من حساب التوفير الخاص بها، وقامت بتغيير هاتفها الجوال بحيث لا يمكن تعقبها، واستقلت الطائرة المتجهة إلى إسطنبول، ومن هناك قطعت رحلة داخلية ثانية إلى الحدود السورية. وعقب 3 أيام من اختفائها، فوجئ أهل «نورا» بصورتها بالنقاب وهى تحمل الكلاشينكوف وتقول «بسم الله، القتال» ، واتصلت بعائلتها هاتفيًا وأوضحت أنها «بخير، وأنها تأكل جيدًا، وتشعر بالسعادة، و لا ترغب فى العودة إلى فرنسا». وتقول «خديجة، إحدى الفتيات المنشقات عن «داعش»، إنها كانت تتدرب على التنظيف وتفكيك السلاح وإطلاق النار، وأوضحت أنها كانت تتقاضى 200 دولار شهريًا، بالإضافة لوجبات الطعام، وكانت تشعر بالقوة أثناء عملها بالدورية، كما ولو أن لها سلطة حقيقية تمارسها على من حولها. وتكشف الكثير من المراكز البحثية المتخصصة فى مكافحة وتتبع الإرهاب فى أوروبا ، أن «داعش» يستغل الفتيات بثلاثة أمور، وهى الطبخ والتنظيف والاعتناء بالأطفال، وفور وصول الفتيات الأجانب يتزوجن من مقاتلين أجانب، وفى الحقيقة تقدم العديد منهن كشكل من أشكال التعويض للرجال. ولكن هناك بعض الاستثناءات؛ حيث يجرى اختيار ما بين 25 إلى 30 فتاة للالتحاق بلواء «الخنساء» الذى يقتصر على فتيات فى سن الإنجاب، ويقوم هذا اللواء بدور «شرطة الأخلاق» حيث تنفذ عناصره دوريات فى شوارع مدينة «الرقة» السورية لضمان أن الفتيات يتصرفن وفقًا لتعاليم العقيدة الإسلامية. وأخيرًا تجيب الدكتورة إلهام البساط، أستاذ علم الاجتماع، عن السؤال الصعب، أى لماذا تفضل بعض الفتيات الغربيات الحياة الصعبة تحت نفوذ «داعش» قائلة: إن الملل من رتابة الحياة فى الغرب أو السعى إلى الغرائزية أو الإثارة و«سحر الشرق»، وصولًا إلى شغف ممارسة «طقوس جديدة» تطبعها الغرابة وحب المغامرة، هى من الأسباب التى تدفع الشباب والفتيات الأجانب إلى مغادرة الغرب والتوجه للعيش مع نظام «داعش» المختلف كليًا عن نمط الحياة الغربى المتحرر والمنفتح، والذى لا يوفر لهم أى إثارة أو جديد.