مدير إدارة مفرقعات الجيزة ل «الصباح»: نتلقى 30 بلاغًا يوميًا.. ولدينا أجهزة حديثة منها «إنسان آلى» يمشى الكثير من المصريين هذه الأيام على أطراف أصابعهم خوفاً من التفجيرات التى تلاحقهم أينما ذهبوا، سواء فى محطات مترو الأنفاق أو فى أماكن العمل أو أمام أقسام الشرطة.. قنابل هنا وهناك تلاحق رجال الشرطة والمواطنين يوميًا بشكل عشوائى من خلال عبوات ناسفة يزرعها من يسمون أنفسهم ب «الجهاديين» من أعضاء ما يسمى تنظيم «أجناد مصر»، وكان آخر ضحاياها شهيدان من ضباط إدارة الحماية المدنية بوزارة الداخلية، استشهدا فى محيط قصر «الاتحادية» أثناء تفكيك إحدى هذه القنابل. يقول العقيد محمد نبيل عمر، رئيس إدارة المفرقعات بالإسماعيلية، ل «الصباح»: إن الجماعات الجهادية قامت بعمل طفرات نوعية فى العمليات التفجيرية منذ بداية العنف بعد 30 يونيو؛ حيث ابتكروا نوعيات مختلفة مثل التفجيرات عن بُعد باستخدام شرائح التليفون المحمول، أو عن طريق الدوائر الكهربية. ويكشف العقيد عمر عن أن المتورطين فى تلك التفجيرات والذين تم ضبط بعض منهم اتضح أنهم «مؤهلات عليا» من كليات الطب والهندسة والعلوم والكيمياء، وهو ما يشير إلى أنهم على درجة كبيرة من التأهيل والتدريب، منوهاً إلى أنهم يضمون فى تنظيماتهم «الجهادية» بعض الأجانب المتخصصين فى المتفجرات. ويضيف «عمر» أن أعضاء الجماعات «الجهادية» فى الفترة الأخيرة يستهدفون ضباط وخبراء المفرقعات عن طريق تعقيد دوائر بعض العبوات الناسفة والمتفجرات، فيحاول ضابط المفرقعات تفكيكها فتنفجر فيه وفيمن حوله، لكنه أكد أنهم على درجة عالية من الكفاءة والتدريب لمواجهة ذلك، مشيرا إلى أن الحادث الأخير فى تفجيرات «الاتحادية» كان به «بعض التواطؤ»- حسب قوله، حيث كان على المختصين الالتزام بعمل كردون أمنى مشدد من أجل إبعاد المواطنين والمصورين 100 متر عن مكان تفكيك القنبلة، مؤكدا أن «الجماعات الجهادية تحاول تصدير الخوف لضباط الشرطة فى بياناتهم الإعلامية ليس أكثر». وعن الزى الواقى وعدم التزام ضباط المفرقعات بارتدائه خلال محاولة تفكيك تلك المتفجرات أو البحث عنها، أوضح «عمر» أن «هذه البذلة الحامية وزنها ثقيل للغاية وتصل إلى 50 كيلو جرامًا، كما أنها لا تحمى الضباط خلال عمليات التفجير الكبرى، لكنها تحتفظ بجثثهم فقط كاملة دون تشوه لكى يتم التعرف على الشخص المتوفى»، مطالباً بعمل حملات إعلامية لتدريب المواطنين على التعامل مع الأجسام الغريبة وعدم اللجوء للطرق التقليدية بالذهاب نحو مصدر التفجير، وجدية التعاون مع رجال المفرقعات. من جانبه، يقول العميد هشام يوسف، مدير إدارة المفرقعات بمديرية أمن الجيزة، إن «إدارة المفرقعات قسم منضم لإدارة الحماية المدنية بالوزارة، فعندما يتخرج ضابط الشرطة يتم إلحاقه بقسم الحماية المدنية ومن هنا يتم اختياره لإلحاقه بقسم المفرقعات، بعدها يتم تدريبه من خلال دورات تدريبية مكثفة داخل الإدارة على كيفية التعامل مع المتفجرات وإبطال مفعولها وتفكيكها، كما يتم عمل دورات لضباط المفرقعات بالتعاون مع القوات المسلحة». ويشير مدير إدارة المفرقعات بمديرية أمن الجيزة إلى أن الإدارة تتلقى يوميًا ما بين 20 و30 بلاغًا من الأهالى بوجود أجسام غريبة فى أماكن متنوعة داخل المحافظة، وبعد أن نتلقى البلاغ تتحرك قوة من إدارة المفرقعات وبحوزتها الأجهزة والكلاب البوليسية إلى مكان البلاغ، ويتم إخلاء المكان من المواطنين وعمل كردون أمنى ومن ثم إرسال «الروبوت الآلى» إلى القنبلة ليصورها، وبعد تصويرها يجرى التعامل معها بعد تحديد نوعيتها من خلال التصوير، ويتم تفتيتها وتفكيكها ثم تمشيط المنطقة بالكامل من خلال الكلاب البوليسية أو الجهاز الآلى. وأوضح مدير إدارة المفرقعات أن «هناك العديد من نوعية القنابل التى يستخدمها بعض الإرهابيين فى عمليات التفجير من بينها العبوات الناسفة والقنابل شديدة الانفجار، ولكن الأكثر انتشارًا الآن هى القنابل «بدائية الصنع»، والتى يتم تفجيرها بشريحة الموبايل عن بُعد، ويتم تصنيع هذه القنابل عن طريق الإنترنت؛ حيث يتم الاستعانة به فى جمع مكوناتها ويقوم الإرهابيون بتجميعها داخل مساكنهم، وصناعتها سهلة جدًا، والسبب الرئيسى الذى جعل إدارة المفرقعات لا تتمكن من فك القنابل فى الآونة الأخيرة هو قيام الإرهابيين بوضع أجهزة تشويش على بعد 10 أمتار من مكان القنبلة حتى يتم التشويش على الأجهزة ولا تتمكن من معرفة المكان الذى زُرعت فيه بدقة». من جانبه، كشف مصدر أمنى بوزارة الداخلية عن أنه بعد ثورة 30 يونيه تم إلقاء القبض على أكثر من 300 متهم بتصنيع القنابل، وكانوا عبارة عن مجموعات جرى ضبطهم بمعرفة أجهزة الأمن فى شقق مختلفة، وبحوزتهم الأدوات التى تستخدم فى صناعة تلك المتفجرات. ولفت المصدر إلى أن «أبرز هذه التشكيلات الإجرامية كان مكونًا من طلاب بجامعة الأزهر تم القبض عليهم داخل شقة بمنطقة بولاق الدكرور وبحوزتهم كمية كبيرة من المواد التى تستخدم فى صناعة المتفجرات، وأقروا فى اعترافاتهم أنهم منتمون لجماعة الإخوان ويقومون بصناعة القنابل لاستخدامها فى تفجير بعض الأماكن التى تكون قريبة من رجال الشرطة، ولم تمر سوى أيام حتى تم القبض على موظف وعاطل من الإخوان يصنعون القنابل داخل شقة فى مدينة نصر، وعثر بحوزتهما على أسلحة آلية ومواد تستخدم فى صناعة المتفجرات، وعندما واجههم رجال الأمن الوطنى أكدوا فى اعترافاتهم أنهم كانوا يصنعون تلك القنابل لمد عناصر (جهادية) بها ليتم تفجيرها أثناء انتخابات الرئاسة. أما المفاجأة الكبرى، فكانت عندما ألقى «الأمن الوطنى» القبض على طالب بكلية الطب وآخر فى كلية العلوم جامعة عين شمس، وتم ضبطهما داخل إحدى الشقق فى القاهرة أثناء قيامهما بصناعة القنابل البدائية التى يتم تفجيرها عن طريق شريحة الموبايل، واعترافا بأنهما كانا يستخدمان بعض هذه القنابل فى تفجير أقسام الشرطة بوضعها فى محيط القسم.
ويقول اللواء ضياء أبو شادى، الخبير الأمنى، ل «الصباح» إن «هناك تقصيرًا أمنيًا من وزارة الداخلية، خاصة أن الإرهابيين يعلنون الآن عن الأماكن التى يضعون بها المتفجرات، ومن الواضح أن خبراء المفرقعات لديهم روح معنوية عالية مما يجعلهم يقتربون جدًا من القنبلة، بينما كان عليهم الحرص فى التعامل مع هذه القنابل ومحاولة تفكيكها عن بعد، كما لابد من ارتداء الزى الواقى من التفجيرات».