الصفقة شملت تسليم الحجج الشرعية الخاصة بأراضى زراعية وقصور أثرية لحكومة أردوغان طلعت عفيفى وزير الإخوان فى الأوقاف تورط فى الصفقة بأوامر من التنظيم الدولى.. والثمن 10 مليارات دولار يبيعون الوطن.. يشوهون الحقائق.. يتخذون من الدين ستارًا لهم، عن جماعة الإخوان نتحدث، فلا تزال أعمالهم الفاسدة تنكشف للمصريين يومًا بعد يوم، فقد استطاعوا خلال عام واحد أن يفعلوا ما لم يفعله نظام مبارك فى 30 عامًا.
«الصباح» وخلال السطور القادمة، تكشف لأول مرة تفاصيل صفقة قيمتها 10 مليارات دولار بين جماعة الإخوان وتركيا،حيث قاموا بتسهيل الاستيلاء على ممتلكات وزارة الأوقاف المصرية، وقد تأكدت معلوماتنا بعدما تلقى المستشار هشام بركات النائب العام المصرى بلاغًا للتحقيق مع كل من طلعت عفيفى وزير الأوقاف الإخوانى فى عهد المعزول محمد مرسى، والمهندس ماجد غالب رئيس هيئة الأوقاف السابق، والدكتور عبدالرحمن البر مفتى جماعة الإخوان الهارب، لقيامهم بتسهيل استيلاء الحكومة التركية على أموال وممتلكات هيئة الأوقاف فى تركيا إبان حكم الإخوان.
وكشف البلاغ المقدم من المحامى صبحى عبدالحميد، والذى حمل رقم 982 عرائض النائب العام، أن المتهمين الثلاثة فى عهد مرسى، وخلال زيارة وزير الأوقاف التركى محمد كورماز للقاهرة قاموا بتسليمه جميع عقود الملكية الخاصة بأموال وممتلكات هيئة الأوقاف المصرية تنفيذًا لاتفاق المعزول الإخوانى مرسى مع رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، وأكد البلاغ أن قرار التنازل عن ممتلكات الأوقاف المصرية لحكومة أردوغان، جاء بعد توقيع قرض المليار دولار المقدم من تركيا لمصر فى عهد الإخوان، وكان من بين الشروط غير المعلنة تسوية النزاعات القضائية فى المحاكم المصرية والتركية بشأن ممتلكات الأوقاف المصرية فى تركيا، والتى تضم أراضى زراعية وقصورًا أثرية تاريخية من عصر محمد على باشا. وبناء على اتصالات تمت بين «الصباح» ومستشار وزير الأوقاف الدكتور أحمد ترك، والذى تأكد من تسهيل الإخوان لبيع ممتلكات الأوقاف المصرية خلال فترة حكمهم، وفور علم وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة بهذا البلاغ وتفاصيله، وما تردد عن قيام قيادات الإخوان فى الوزارة فى عهد الوزير السابق طلعت عفيفى بتهريب بعض الحجج والأوراق الخاصة بتلك الممتلكات، أمر بتشكيل لجنة لبحث قضية الأوقاف المصرية بتركيا، بعدما أكد ل«الصباح» أنه سيعيد التحقيق فى كل الاتفاقيات التى تم إبرامها فى عهد الإخوان.
ومن جانبه، قال المهندس صلاح الجنيدى رئيس هيئة الأوقاف المصرية، أن اللجنة يترأسها المستشار محمد النجار نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، والمستشار القضائى لوزارة الأوقاف، وبمشاركته والدكتور عبد الفتاح إسماعيل رئيس الإدارة المركزية للأوقاف والبر بالوزارة، وذلك لبحث موضوع الأوقاف المصرية فى تركيا، ورفع تقرير فى موعد أقصاه أسبوعين عمّا أثير من قيام قيادات الإخوان بوزارة الأوقاف بتهريب بعض الحجج الخاصة بالأوقاف المصرية فى تركيا، وأنه من حق اللجنة أن تستعين بمن تراه، وعلى جميع العاملين بالوزارة وهيئة الأوقاف المصرية التعاون الكامل مع اللجنة لإنجاز مهمتها.
كما كشف مصدر مسئول داخل الوزارة فى تصريحات خاصة ل«الصباح»، عن قيام الدكتور طلعت عفيفى وزير الأوقاف الإخوانى السابق، باستدعاء اللواء ماجد غالب رئيس هيئة الأوقاف الأسبق، طالبًا منه إحضار الملف الخاص بالأوقاف والعقارات والأراضى المصرية بتركيا، وعمل حصرًا لها، وقد تعجب رئيس الهيئة وأحضر معه الملف الذى لم يكن يعلم مكانه من الأساس وكل معلوماته عن تلك القضية كانت سماعية فقط، حيث لم يكلف نفسه وقتها بالسؤال عن حقيقة تلك الأراضى خاصة بعد الحاح الجانب التركى للانتهاء من هذا الملف، واستطرد المصدر قائلًا : قام اللواء ماجد غالب بمراجعة الملف جيدًا وهو فى طريقة لوزير الأوقاف السابق، واكتشف أن لمصر أراضى وعقارات عبارة عن أرضى وقف ترجع ملكيتها لمحمد على باشا مؤسس مصر الحديثة، وأن وضعية تلك الأملاك تخرج من تحت سيطرة الجانب التركى خاصة أن إدارتها يفترض أن تكون من الجانب المصرى الذى أهملها تمامًا، ويشرف عليها الجانب التركى، وكان كل ما يهم الوزير فقط هو الحصول على الملفات التى تثبت ملكية الجانب المصرى لتلك الأوقاف، وأن تصبح فى حوزتهم بأى طريقة.
وبمجرد وصول «غالب» اكتشف وجود الدكتور عبد الرحمن البر مفتى جماعة الإخوان فى مكتب طلعت عفيفى ومعهم وزير الأوقاف التركى محمد كورماز. كورماز الذى كان يحمل ملفًا كبيرًا به حصر لجميع الأوقاف والأراضى والعقارات التركية التى رصدتها الحكومة هناك.
وجلس الطرفان على مائدة مفاوضات غير رسمية، وقاما بمراجعة الملفات المسجلة لدى الهيئة عن الوقف المصرى فى تركيا ومراجعة الحصر التركى لتلك الأراضى، فكانت الصدمة الكبيرة هى أن هيئة الأوقاف المصرية ليست لديها مستندات ولا عقود سوى ما يقرب من ثلث تلك العقارات والأراضى، وأن الجانب التركى اكتشف أن ما يزيد على ثلثى الوقف الخيرى المصرى فى بلاده لا علم لهم بها. لذلك أنهى كورماز المفاوضات سريعًا، وطلب من عبد الرحمن البر الانصراف، فراجعه الدكتور طلعت عفيفى وزير الأوقاف فى التفاصيل قائلًا له : «يمكننا إنهاء تلك القضية برمتها «فرد عليه لابد من الرجوع إلى رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان لعرض بعض المعلومات المهمة عليه، خاصة بعدما اكتشفنا أن الجانب المصرى لا يمتلك مستندات وملفات ملكية الوقف الخيرى الذى هناك».
ووفقًا لمصادرنا، فإن الوزير التركى كان يهدف لتسوية تلك الأراضى والعقارات بمساومة الجانب المصرى على بعض الملفات الأخرى مثل ترميم بعض المساجد المصرية أو إعادة فرشها مرة أخرى بالسجاد التركى، إلا أنه بعد اكتشاف ضياع الوثائق المثبتة لملكية مصر قرر تجاهل القضية بالكامل، وهو الأمر الذى دفع الرئيس المعزول محمد مرسى، ورجل الجماعة الأول المهندس خيرت الشاطر لتعنيف وزير الأوقاف طلعت عفيفى، وإقالة ماجد غالب من هيئة الأوقاف والاستعانة بوكيل وزارة الزراعة الإخوانى أسامة كامل وانتدبه رئيسًا لهيئة الأوقاف، حيث تم تكليفه ببحث ملف الأوقاف المصرية فى تركيا وحصر جميع المستندات والملفات التى تثبت ملكية مصر لها، للعودة لمفاوضات مع الجانب التركى، خاصة أن وزير الأوقاف التركى لم يطلع الجانب المصرى على حقيقة حصر الحكومة التركية لتلك الأوقاف.
فشل أسامة كامل فى هذا الملف ولم ينجح فيه، ولكن بمجرد تعيين وزير الأوقاف الحالى الدكتور مختار جمعة، قام بالاستعانة بطلعت جنيدى مرة أخرى لتولى هيئة الأوقاف، كما قام بإصدار قرار بوقف جميع البروتوكولات التى وقعتها وزارة الأوقاف مع الحكومة التركية خاصة بعد ابتزاز الجانب التركى لمصر فى هذا الملف عقب توليه حقيبة الأوقاف، حيث أمر مختار جمعة بفتح تحقيق حول تلك القضية وتحديد ممتلكات الأوقاف فى تركيا، وتشكيل لجنة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادتها.
من جانبها، قامت وزارة الأوقاف بالتنسيق مع السفارة المصرية فى تركيا، من أجل إعداد ملفات من شأنها إعادة تسجيل الممتلكات المصرية فى الخارج ووفقًا للمستندات والأصول المثبتة فى هيئة الأوقاف، والتى تدل على أحقية الجانب المصرى فى وقف محمد على باشا مؤسس دولة مصر الحديثة، ويعد من أبرزها منزل محمد على وقصر الإيماريت والذى يقع بمدينة كافالا، ويرجع تاريخ بناؤها لأكثر من مئتى عام، حيث أنشا محمد على هذا القصر فى الفترة ما بين1223و1236 على مساحة 4000 متر مربع تقريبًا. هذا القصر يقع فى مكان متميز إذ يشرف على مدينة قولة من خلال ربوة تسمى بناجية أى ربوة العذراء ويطل على بحر إيجه، ويعد هذا الموقع من أجمل المواقع السياحية فى مدينة قولة، ويضم القصر أربع وحدات ولكل منهما مدخل مستقل على الطريق العام كل وحدة من وحدات البناء يتوسطها فناء سماوى ويتكون من دورين الدور الأراضى يتكون من غرف تحيط بالفناء، والعلوى يتكون من غرف تطل على الفناء الداخلى والأسقف بصفة عامة مغطاة بألواح من الرصاص.
وترجع أهمية قصر الايماريت الفنية والأثرية والتاريخية، إلى أنه ذو طراز معمارى إسلامى، ويعتبر من الآثار المعمارية النادرة. أما منزل محمد على الذى يقع فى منطقة مترفعة بمدينة قولة ويطل على بحر إيجه وأمامه حديقة كبيرة مسطحها 2000 متر تقريبًا، وبجوار البيت قبر والدة محمد على، وأمام هذا المنزل وبوسط ميدان عام يوجد تمثال لمحمد على مصنوعًا من النحاس وهو ممتطيا حصانه.
جدير بالذكر أن وزارة الخارجية المصرية توصلت فى عام 1984 إلى اتفاق مع نظيرتها اليونانية، اعترفت بموجبه الحكومة اليونانية بملكية وقف قولة الخيرى لوزارة الأوقاف المصرية، وتم حصر جميع الممتلكات وإعداد خرائط مساحية لكل قطعة معتمدة من السلطات التركية وموقع عليها، ناهيك عن امتلاك الجانب المصرى ما يزيد على 10آلاف فدان زراعى فى تركيا، وقلعة لمحمد على.
كما تمتلك الأوقاف بجزيرة ثاسوس 17 قطعة أرض زراعية مقام عليها عدد من العقارات، ومعظمها يقع فى منطقة الميناء القديم للجزيرة وهى ذات موقع ممتاز وبعضها مؤجر والبعض الآخر غير مؤجر، وسبق للحكومة التركية أن قامت فى عام 2008 بالإعلان عن فتح باب التقدم لإعادة تسجيل ممتلكات الأوقاف بالمدن فى موعد أقصاه 31 ديسمبر 2008 إلا أنها لم تدرج جزيرة ثاسوس فى إعادة التسجيل باعتبارها جزيرة وليست مدينة، وحيث إن الخرائط المساحية مع الحكومة المصرية، والتى تثبت ملكيتها لجميع قطع أعيان الوقف قد مضى عليها أكثر من مائة عام، ما يتطلب مسح طبوغرافى عن طريق القمر الصناعى وخرائط حديثة معتمدة من السلطات التركية.