تطور وسائل الاتصال ليس إيجابيًا فى كل مظاهره، فمع سهولة التواصل بين أركان العالم تطورت أيضًا وسائل «النصب» الإليكترونية التى يحاول الخبثاء خداعك بها على شبكة الإنترنت. أحدث طرق الغش الإلكترونى تتمثل فى رسالة يبعثها أحدهم إلى صفحتك الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» محتواها كالآتى: «مبروك كسبت لاب توب، فقط اضغط «إعجاب» وستصلك هديتك أينما كنت»، أو رسالة أخرى «لقد دخلت السحب للفوز بمبلغ 10 آلاف جنيه جائزة للمتصل الأول»، ويتركون رقم تليفون، وعلى الضحية الاتصال بالرقم لتنفيذ الصفقة، ومن هنا تبدأ عملية نصب محكمة الصنع، يستخدمون فيها جميع أنواع الحيل المشروعة وغير المشروعة لكسب المال. الطرق التى يستخدمها النصابون لجذب القراء وإغرائهم لا تنتهى، منها نشر صور الإباحية على الصفحات لجذب أكبر عدد من الإعجابات، وكله من شأنه أن يُعلى من ثمن الصفحة عند بيعها فى النهاية، كما صرح «م. س» مؤسس إحدى تلك الصفحات، وهو طالب بالفرقة الثانية بكلية التجارة، والذى قال إنه بدأ الفكرة كلعبة بالتعاون مع مجموعة من أصدقائه بإنشاء صفحة شبابية، وبدأوا تدعيمها بتلك الصور المثيرة ظنًا منهم أن هذا يزيد من نسبة المشاهدة لتلك الصفحة، وبالفعل ازدادت نسبة المشاهدة، وارتفع عدد الإعجابات التى تلقتها الصفحة بنسب خيالية. بعدها عرض عليه أحد الأصدقاء أن يشترى الصفحة منه، فعلم وقتها أن الموضوع لا يتعدى كونه تجارة، وأن هناك عددًا كبيرًا من الأصدقاء يتاجرون ببيع وشراء تلك الصفحات، وكلما كانت تلك الصور أكثر إثارة كلما ازداد عدد المحبين، ومنه زيادة أعداد راغبى الشراء، لهذا قرر غلق الصفحة والتخلص منها تمامًا . النصب بطرق دينية «لو بتحب الرسول دوس لايك» جملة شهيرة تتكرر كثيرًا أخبرنا عنها محمود طه أحد مستخدمى موقع الفيس بوك، وهى الرسالة التى جاءت له عبر حسابه الشخص، معتمدة على دغدغة العواطف الدينية لجذب أكبر عدد ممكن من الإعجابات داخل تلك الصفحة، التى تشدد على «أمانة عليك ارسلها لكل الأصدقاء»، أو صفحات أخرى تعرض سلعة معينة للبيع وبسعر بسيط جدًا فيزداد عدد مرات الإعجاب بها من المستخدمين، وفى كلتا الحالتين يتم بيع الصفحة بأعلى الأثمان بعد أن يتكدس فيها المعجبون، فعندما يزيد عدد الإعجابات داخل الصفحة الواحدة عن 100 ألف إعجاب على سبيل المثال يتم الاتفاق مع جوجل على وضع إعلانات إضافية على الصفحة ذاتها، كما قال لنا «أحمد سيد» خبير الاتصالات، فكل ضغطة إعجاب واحدة تعنى أموال تُحول لصاحب الصفحة وجميعها مبالغ كبيرة تختلف وفقًا لاختلاف عدد زوار كل صفحة.
رحلات الاحتيال حجة ذكية أخرى لجأ لها البعض هى إغراؤك ب«الهجرة لأستراليا» حيث أوضحت نسمة سيف، محاسبة، إنها تلقت رسالة على صفحتها تدعوها للسفر إلى إستراليا، والتى أصر بعدها المُرسل أن يحصل على مبلغ 10 آلاف دولار بالإضافة إلى رقم البطاقة الائتمانية لها كى يسهل لها إجراءات الهجرة، وأضافت: «الأمر الذى زاد من شكى فى الموضوع من أساسه إنى علمت أنه لا توجد علاقة بين رقم البطاقة الائتمانية والسفر، وبالبحث أكثر وراء الموضوع عبر الإنترنت علمت أنهم نصابون وخدعوا عددًا كبيرًا من الأشخاص، وهناك استغاثات عدة يصف أصحابها نفس ما حدث معى بالضبط، معظمها دعوات مزيفة للهجرة هدفها الوحيد معرفة البيانات الخاصة والبيانات الخاصة بصاحبها وعلى رأسها رقم البطاقة الائتمانية ليمكنهم السحب منها بحرية.
خطر على الأمن القومى تحدثنا مع جمال سيد الخبير الإقتصادى، والذى قال إن النصب الإليكترونى يعتبر تهديدًا خطيرًا للأمن القومى، خاصة المسابقات التى تتطلب الإدلاء بالمعلومات عن أحوال المجتمع وعمل استطلاعات الرأى وما يشبهها من أمور من شأنها أن تُخرج نتائج مجتمعية يمكن لأطراف معينة تحليلها والاستفادة منها، معللًا تورط بعض المواطنين فى ذلك بجهل معظم أفراد المجتمع طرق التعامل مع وسائل الاتصالات وتكنولوجية المعلومات. الخبير الاقتصادى قال إن هناك عدة وسائل يجب الالتزام بها حتى يقى المواطنون أنفسهم من مثل تلك الأخطار الإليكترونية، أهمها ضرورة التأكد من مصدر الرسالة الإليكترونية، خاصة إذا ما طلب المرسل بيانات خاصة أو مهمة مثل البيانات المصرفية وأرقام البطاقات الائتمانية، كما أنه يجب أن يهتم المواطنون بالتزام التعامل المباشر الهاتفى أو وجهًا لوجه فى حالة تبادل المعاملات التجارية، خاصة فى حال تبادل أرقام التعاملات المصرفية أو ما يشبهها من ضروريات التعامل المادى بين المواطنين. سيد أوضح أن هذه الظاهرة من النصب الإليكترونى لم تكن بالأمر الجديد على المجتمعات فى جميع أنحاء العالم، ويتم التعامل معها بشكل أمنى وفقًا للبلاغات التى تقدم بوقائع النصب المثبتة، حيث كانت بداية ظهور تلك الظاهرة فى الثمانينيات على وجه التحديد عندما بدأ النصابون فى إرسال رسالة إلى مستخدمى الإنترنت الجدد فى مختلف أنحاء العالم فيما يتعلق بالحصول على صفقات العمر والاستثمار فى قطاع النفط.