أثار قرار مجلس الوزراء بشأن اعتبار جماعة الإخوان «إرهابية» استناداً إلى نص المادة 86 من قانون العقوبات، حالة من الضبابية بخصوص آلية تنفيذ القرار على أرض الواقع، فحين أعلنت الحكومة قرارها الأكثر حسماً ضد «المحظورة قانوناً»، تركت جميع احتمالات تطبيق القرار حائرة بين الجواز والعدم، ما دفع البعض إلى اعتبار القرار الذى طال الجماعة للمرة الأولى منذ تأسيسها قبل 80 عاماً مجرد خطوة لتهدئة الرأى العام، فى أعقاب حادث تفجير مديرية أمن الدقهلية. «الصباح» وضعت القرار على مائدة الخبراء المختصين، فى محاولة لتفنيده وتبيان مدى إمكانية تنفيذه فعلياً.
مرسوم بقانون القانون كلمة السر دائماً إذا أردنا تنفيذ أى شىء، لذا كان لابد أن نعرف كيف يقف هذا القرار بالنسبة للقانون، وفى هذا السياق، يقول رأفت فودة، رئيس قسم القانون العام بكلية حقوق القاهرة، إن قرار مجلس الوزراء باعتبار «الإخوان» جماعة إرهابية، يعد قراراً إدارياً، كونه صادرا من جهة إدارية، وحتى يصبح القرار قانويناً ويمكن من خلاله محاسبة جماعة الإخوان والمنضوين تحتها، يجب على رئيس الجمهورية أن يصدر قراراً بقانون يحدد فيه معنى للجماعات الإرهابية، التى على أساسها تم إدراج فى إطارها، ويمكن وضع أى جماعة أخرى تقوم بنفس إجرائها، وبذلك يمكن اعتبار ذلك القرار قانوناً، ولا يمكن الطعن عليه إلا فى المحكمة الدستورية العليا، مؤكداً أن إصدار رئاسة الوزراء لهذا القرار يجعله قابلاً من فى مجلس الدولة، بالإضافة إلى أن رئاسة الوزراء ليس من شأنها إصدار قوانين. وعن استناد قرار مجلس الوزراء على كل الأحكام القضائية التى صدرت ضد الإخوان ومنها حكم محكمة الأمور المستعجلة بحظر الجماعة يوضح فودة أن حكم المحكمة أقر بتجميد نشاط الجماعة، ولم يحظر نشاطها كونها جماعة إرهابية، فالمحكمة لم تحل الجماعة، بل جاء حظر نشاطها كإجراء احترازى، لأن الأنشطة التى ارتأتها المحكمة كانت غير مشروعة. يتابع رئيس قسم القانون العام بكلية حقوق القاهرة: لا يوجد نص فى الإعلان الدستورى النافذ الذى أصدره الرئيس عدلى منصور، وكذا لا يوجد قانون ينظم ما يعد جماعة أو جمعية إرهابية، ولكن المادة 86 من قانون العقوبات، التى استند إليها مجلس الوزراء فى إصدار قراره تنظم فقط جرائم الإرهاب، كفعل ولا تنظم شروط الجماعات الإرهابية، كما أن قانون الجمعيات الأهلية خالٍ من مثل هذا النص.
الشهر العقارى «على جميع أعضاء جماعة الإخوان الذين لم يتورطوا ولم يدعموا أى أعمال عنف، الانسحاب من الجماعة، تحسبًا لعدم ملاحقتهم قانونيًا» دعوة أطلقها الدكتور أحمد البرعى، وزير التضامن الاجتماعى، لكنه لم يفك شفرتها، فلم يشرح كيف لعدد يتراوح ما بين 500 ألف عضو على أقل تقدير ومليونين كحد أقصى، أن يعلن انسحابه من الجماعة وهنا يقول فودة: على كل منتمِ تنظيمى أو غير تنظيمى، عرف ضمنياً أو فعلاً أنه ينتمى إلى جماعة «الإخوان»، أن يذهب للشئون الاجتماعية أو الشهر العقارى ويعلن انسحابه من الجماعة بشكل قانونى». أما عن مصير المنضمين إلى هذه الجماعة يقول الدكتور محمود كبيش، عميد كلية حقوق القاهرة، إن مجرد انضمام أى شخص إلى هذه الجماعة يعنى أنه إرهابى، إضافة إلى أن تمويل أى شخص للجماعة يعتبر جريمة إرهابية، حتى وإن لم يرتكب أفعالاً إجرامية، لكنه يعتبر محرضاً على العنف. فهم يعتبرون إرهابيين إذا ثبت بأنهم طرف فى أعمال أو ممارسات عنف يتم القبض عليهم واحتجازهم، والعقوبة تكون وفقا للمادة 86 من قانون العقوبات والتى تنص على أن كل من جمع أو تلقى أو حاز أو نقل أو أمد أو وفر بشكل مباشر أو غير مباشر وبأى وسيلة أموالا أو أسلحة أو مفرقعات أو مهمات أو آلات أو معلومات، لاستخدامها كلها أو بعضها فى الإرهاب، أو فى جريمة ترتكب لعمل إرهابى أو من قبل هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة تستخدم الإرهاب فى تنفيذ أغراضها، بأن يعاقب بالسجن كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة يكون الغرض منها الدعوة بأى وسيلة إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة، أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التى كفلها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعى أو تمويل الإرهاب. وعن العقوبات التى ستوقع عليهم يؤكد كبيش أنها ستتراوح بين السجن المشدد من 3 سنوات إلى 15 سنة.
أموال الإخوان المال الإخوانى المتحكم فى كل شىء، فبدونه كما يقول المنشق الإخوانى أحمد بان، تتهاوى الجماعة تماماً، لأنها تعتمد فى عملها على هذه الأموال الضخمة، والتى بدورها تدعم وتمول كل الأعمال الإرهابية التى تقوم بها الجماعة، لكن جاء تعريف التحكم فى هذه الأموال جامعاً وليس مانعاً، حيث أعلن مجلس الوزراء أنه سيتحفظ على جميع أموال الجماعة والجمعيات التابعة لها. فى السياق ذاته، يقول الدكتور أبو العلا النمر، رئيس قسم القانون الدولى بكلية الحقوق جامعة عين شمس، إن من حق الحكومة بموجب هذا القرار مصادرة كل أموال المؤسسات أو الشركات أو المنظمات التى تثبت تبعيتها للجماعة، ويتم ذلك عملياً من معرفة الشخصيات التى تشكل مجلس إدارة هذه المنظمات.
التصعيد الدولى «الحكومة ستخطر كل الدول بالاتفاقيات الدولية التى وقّعت عليها مصر بشأن الإرهاب والتى تمت بناءً عليها إعلان الإخوان كمنظمة إرهابية» هكذا هو ما أعلنه مجلس الوزراء بخصوص التعامل الخارجى مع قرارها، كما أكدت وزارة الخارجية أنها تقوم حاليًا، من خلال جامعة الدول العربية، بإخطار الدول العربية المنضمة لاتفاقية مكافحة الإرهاب لعام 1998، بقرار مجلس الوزراء، والاتفاقية العربية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب الموقعة عام 2013. وبحسب النمر فإن تلك الاتفاقيات الدولية تنص على إلزام الدول المتعاقدة بضرورة عدم تمويل أية تنظيمات إرهابية أو عدم ارتكاب أى أعمال إرهابية بالإضافة إلى تسليم المجرمين، وفيما يتعلق بالتعامل الدولى لتطبيق هذا القرار على مستوى الدول الموقعة على هذه الاتفاقيات ييوضح: إخطار الدول يأتى كخطوة أولى حتى يتسنى لكل دولة أن ترى كيف يمكن تنفيذ القرار على أرضها، وإذا رفضت دولة من الموقعين على الاتفاقيات التنفيذ، تأتى الخطوات التصعيدة التى تتدرج من الاحتجاج والاعتراض إلى التصعيد الدبلوماسى بقطع العلاقات، ويمكن أن يصل الأمر بأن ترفع الدولة المتضررة من عدم تنفيذ الاتفاقيات الدولية باللجوء إلى رفع دعوة قضائية على الدول التى لم تنفذ هذه الاتفاقية، كما يمكن لدولة أن تعلن الحرب على دولة أخرى بسبب رفضها الالتزام الدولى بالاتفاقيات. يضف النمر: بالنبسة لتركيا وجنوب إفريقيا التى لم يعترفا حتى الآن بالنظام الحالى، وقطر التى تدعم الآخوان وسترفض بالطبع تنفيذ الاتفاقية، قائلاً: «إن ذلك لا يمنعهم من تنفيذ بنود الاتفاقية فعلى المستوى الرسمى قطروجنوب إفريقيا معترفتان بالحكومة المصرية بوجود سفير مصرى لدى جنوب إفريقيا وكذلك قطر، وبالنسبة لتركيا فقرار تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسى، وهو ما يشير إلى وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين، لذا يلزم على هذه الدول تنفيذ الاتفاقيات التى وقعت عليها.
الإخوان قائمة فى روسيا عدة دول هى الأكثر فاعلية وتطبيقاً لما يسمى بقوائم إدراج المنظمات إرهابياً، هى أستراليا، وكندا، والولايات المتحدة، والهند، وروسيا، إلى جانب دول الاتحاد الأوربى، وبالطبع لم يتفق كل هؤلاء على إدراج المنظمات وتصنيفها كمنظمات إرهابية سوى على تنظيم القاعدة. وبعد أن أعلنت مصر إدراج «الإخوان» منظمة إرهابية، التصق بالإخوان هذا التصنيف للمرة الثانية حيث كانت أستراليا أدرجتها، لتصبح مصر وأستراليا من أولى الدول التى اعتبرت تنظيم الإخوان إرهابيا.