حزب المؤتمر: إشراف قضائي كامل في انتخابات الشيوخ المقبلة    المهن الطبية: نقف على مسافة واحدة من الجميع    وظائف حقيقية في انتظارك.. أكثر من 2900 فرصة عمل في كبرى الشركات الخاصة ب الشرقية والمحافظات    كرم جبر وعمرو الشناوي يستقيلان من «الوعي».. ورئيس الحزب يعلق    مجدي البدوي: نرفض افتتاح سد النهضة دون اتفاق ملزم يحفظ حقوق مصر المائية    تراجع سعر الذهب في السودان وعيار 21 الآن بداية تعاملات الجمعة 4 يوليو 2025    هتدفع كام؟ اعرف قيمة إيجار شقتك في قانون الإيجار القديم    الفاصوليا البيضاء ب 80 جنيها.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية الجمعة 4 يوليو 2025    رئيس هيئة الاستثمار: المستثمر لن يضطر للتعامل مع 70 جهة.. والمنصة الرقمية تنهي الإجراءات ب 20 يوما    هاني محمد يكتب: «بين المالك والمستأجر» مخاوف مشروعة يا حكومة    ترامب: سنعمل على ضمان أمان الشعب الفلسطيني في غزة    ترامب: أريد أن أرى أهل غزة آمنين بعد أن مروا بالجحيم    5 شهداء جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في خان يونس    جريمة مكتملة الأركان.. الاحتلال يغتال مدير مستشفى الأندونيسي وأسرته في غزة    ملف يلا كورة.. اعتزال شيكابالا.. عروض وسام.. وصلاح يقطع إجازته    يلا كورة يكشف.. تفاصيل طلب الوصل الإماراتي لضم وسام أبو علي ورد الأهلي    «ظهور تلفزيوني»..شيكابالا يبدأ مهمته الجديدة بعد اعتزال كرة القدم    «الطقس× أسبوع».. شديد الحرارة رطب والأرصاد تحذر من الشبورة الكثيفة والرياح بالمحافظات    بالعصا والأسلحة البيضاء..إصابة شخصين فى مشاجرة بكوم أمبو    طوال أشهر الصيف.. فتح شواطئ الإسكندرية أمام جميع الرياضات الشاطئية لخدمة الرواد    ضبط 5 أطنان دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء بكفر الشيخ    كان يلهو بالشارع.. تفاصيل مصرع طفل أسفل عجلات سيارة نائب بشبين القناطر    اكتشفها خالد يوسف .. من هي ملكة جمال العرب سارة التونسي    حمو بيكا يثير الجدل مجددًا بسبب حذف أغاني أحمد عامر: «عارفين ربنا ومبنعملش الغلط»    لماذا الإسلام دين السلام؟| عالم بالأوقاف يُجيب    في شهر التوعية.. ما لا تعرفه عن مرض الساركوما    الشاي ب لبن| أخصائي تغذية يكشف حقيقة أضراره    مهرجان عمّان السينمائى .. خارج النص    "معكم" يعرض مجموعة من الصور النادرة لأم كلثوم ترصد مسيرة كوكب الشرق    شاهد لحظة غرق حفار البترول العملاق فى البحر الأحمر.. فيديو    مدرب فلومينينسي: الهلال يمتلك الأموال.. والمباراة صعبة على الفريقين    ماكرون يهدد طهران بإجراءات انتقامية بسبب اتهام فرنسيين بالتجسس لصالح إسرائيل    في عيد ميلاد علاء مرسي.. رحلة ممتدة من النجاحات ويبوح ل "الفجر الفني" بأمنية لا تشبه أحدًا    السيطرة على حريق داخل محطة وقود بقرية سرسنا في الفيوم    روبيو يؤكد إبقاء العقوبات الأمريكية على الأسد.. ويبحث مع نظيره السوري ملفات الإرهاب والعلاقات الإقليمية    تصل للحبس والغرامة.. عقوبة تسلق الأثار دون ترخيص (تفاصيل)    حماس: سنسلم ردنا على مقترح الهدنة بعد انتهاء المشاورات    مراجعة ليلة الامتحان في الرياضيات فرع (الإستاتيكا) للثانوية العامة 2025 (pdf)    "محدش جابلي حقي".. شيكابالا يوجه رسالة لجمهور الأهلي    كارولين عزمي على البحر ومي عمر جريئة.. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    «حد كلمني أخليه يعتزل».. ممدوح عباس يكشف مفاجأة بشأن شيكابالا    خالد الجندي: "عاشوراء" سنة نبوية قديمة ليست مقتصرة على الإسلام    خالد الجندي: شرع من قبلنا شرعٌ لنا ما لم يخالف شرعنا    "فرقعة إعلامية".. أول تعليق من لجنة التفاوض بشأن الانتهاء من بناء سد النهضة    ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة إلى 101 منذ فجر الخميس    لميس جابر: الإخوان وضعوني على قوائم الإرهاب وفضلت البقاء في مصر رغم صعوبة فترتهم    ارتفاع العجز التجاري لأمريكا خلال مايو الماضي    خالد الغندور: جون إدوارد لديه مشروع جديد والزمالك يحتاج الدعم الكامل    تفاصيل القبض على أصحاب فيديو السباق في مدينة 6 أكتوبر.. فيديو    منتخب الشباب يؤدي تدريبه الأول استعدادا لوديتي الكويت    أمين حزب العدل: نتحالف في القائمة الوطنية ونتنافس بالفردي.. وقانون الانتخابات هو السبب    مبيعات التجارة الإلكترونية في السعودية تتجاوز 69 مليار ريال خلال الربع الأول من 2025    مستشفى 15 مايو ينجح فى إنقاذ مريضين في عمليات حرجة تنتهي بلا مضاعفات    مدير التأمين الصحي بالقليوبية تتفقد مستشفيات النيل وبنها لضمان جاهزية الخدمات    تساؤلات المواطنين تتزايد: هل ارتفعت أسعار شرائح الكهرباء؟    من يتحمل تكلفة الشحن عند إرجاع المنتج؟.. الإفتاء المصرية توضح الحكم الشرعي    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى حلوان العام ومركز أطلس ويوجه بإجراءات عاجلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سر الصاروخ المصرى الغامض الذى أثار رعب القيادات الإسرائيلية
نشر في الصباح يوم 04 - 12 - 2013

نواصل فى هذه الحلقة سرد الوقائع السرية لهجوم أول طائرة مصرية بدون طيار على سواحل تل أبيب فى الثانية من عصر يوم السادس من أكتوبر عام 1937.
مرت الثوانى والدقائق التالية داخل مقر قيادة القوات الجوية الإسرائيلية بتل أبيب كأنها ساعات، وأمر اللواء بينى بيليد قائد القوات الجوية العبرية بتكليف أفضل الطيارين الإسرائيليين للإقلاع فورًا لاعتراض القاذفة المصرية المقتربة بثبات من شواطئ تل أبيب.
فكلف بالأمر كل من الطيار الإسرائيلى «مايك» ومعه الطيار «إيتان» اللذين صنفا وقتها كأفضل الطيارين الإسرائيليين على الطائرات المقاتلة الفرنسية الصنع من طراز «ميراج».
فجاء الأمر إليهما واضحًا للإقلاع فورًا فى مهمة اعتراض القاذفة المصرية بهدف إسقاطها مهما كلفهما الأمر، وقد أبلغهما اللواء بيليد شفاهة مع التلقين النهائى أن مصير الآلاف من الإسرائيليين مع كل الأهداف الحيوية التى يمكنهما التفكير فيها داخل مدينة تل أبيب قد أصبح بين أيديهما.
أقلع الطياران الإسرائيليان «مايك» و«إيتان» فى طريقهما لاعتراض القاذفة الاستراتيجية التى ظهرت بوضوح على شاشات الرادار الإسرائيلى، وهى تتقدم بثقة غير مسبوقة من سواحل مدينة تل أبيب.
قبل أن تصل الطائرتان الميراج للهدف المصرى الطائر حدثت مفاجأة روعت التقديرات فى تل أبيب، فقد أطلقت القاذفة المصرية «توبوليف - TU16» صاروخًا جو - أرض باتجاه المدينة أحدثت بياناته الأولية حالة من الهلع داخل غرفة العمليات الرئيسية فى مقر قيادة القوات الجوية الإسرائيلية.
حيث أشار الرادار الإسرائيلى بوضوح لا يقبل الشك قراءات غير اعتيادية بشأن حجم الصاروخ المصرى وبياناته التى فشل أول الأمر الخبراء الإسرائيليون العسكريون فى تحليلها بدقة.
بسبب عدم رصدهم لهذا النوع الهجومى من الصواريخ المصرية - الروسية الصنع من قبل، وتأكد أجهزة معلوماتهم العسكرية الاستخبارية قبل نشوب الحرب من خلو مخازن الجيوش العربية فى منطقة الشرق الأوسط من ذلك الطراز تحديدًا.
أظهرت بيانات الصاروخ المصرى التى بدت جلية يومها على الرادارات الإسرائيلية أنه طراز غير اعتيادى يدخل منطقة الشرق الأوسط لأول مرة.
مما طرح احتمالًا خطيرًا أن يكون صاروخًا حاملًا لرأس نووية مصرية محدودة حصل عليها السادات بطريقة أو بأخرى من الصناعات الروسية سواء بعلم موسكو أو حتى من أسواق أوروبا الشرقية من وراء ظهر الاتحاد السوفيتى.
وأثارت التقديرات فى التوقيت نفسه سؤالًا مرعبًا، فهل قرر السادات تدمير إسرائيل بواسطة ذلك الصاروخ مرة واحدة ليحل كل مشاكل بلاده والشرق الأوسط فى هذا اليوم وللأبد؟
تضاربت التخمينات بالتزامن فى تل أبيب وواشنطن خاصة بعد أن هدد الرئيس السادات إسرائيل قبلها أكثر من مرة، كان أبرزها أثناء الحرب خلال جلسة علنية تحدث فيها أمام العالم فى مجلس الشعب المصرى ظهر 16 أكتوبر 1973، معلنًا قدرته على منح الأمر فى التوقيت المناسب لقصف العمق الإسرائيلى بصواريخ غير تقليدية بعيدة المدى تواجدت طبقًا لتهديده وقتها فى مصر.
لهذا أصدر اللواء بينى بيليد قائد القوات الجوية الإسرائيلية أمره إلى طائرتى الاعتراض الإسرائيليتين للتحقق أولًا من الصاروخ الغريب مع ضرورة الإبلاغ العاجل عن بياناته فى الجو فور الاتصال البصرى معه.
وصلت طائرتا الاعتراض الإسرائيليتان لموقع الهدف المصرى المقترب، غير أن الأمر بدا شاذًا فى السماء، حيث فوجئ الطياران وهما على بعد كيلو مترات قليلة من مدينة تل أبيب أمام سواحل إسرائيل أن الهدف تحول إلى هدفين.
الأول القاذفة الروسية الثقيلة، والثانى ذلك الصاروخ جو - أرض الغريب النوع والشكل، فأصبح الاختيار أمام الطيارين الإسرائيليين صعبًا للغاية.
غير أنهما قررا استهداف الأقرب خطورة لمطاردته، وحددا الصاروخ الغريب، وقد بدا لهما ساعتها وكأنه جسد طائرة ميج - 15 روسية الصنع بدون طيار، وليس صاروخًا موجهًا.
فى تلك الأثناء هبطت فجأة القاذفة المصرية الثقيلة «توبوليف - TU16» بعد أن أبطأت قليلًا من سرعتها إلى مستوى منخفض فاق قدرة تلك القاذفات المعروفة للطيارين الإسرائيليين.
وسجل كتاب الحرب الخاص بالقوات الجوية الإسرائيلية، وهو نفس ما سجلته تقريبا الوثائق السوفيتية والأمريكية التى وثقتا نفس الحدث، أن تلك الخطوة تحققت بفضل خبرة، وتمكن قائد القاذفة المصرية، وتدريبه العالى الذى فاق التصورات العلمية والفنية ليطير بها فوق سطح مياه البحر المتوسط تقريبًا فبدت القاذفة الروسية الثقيلة، وكأنها سفينة طائرة تهدر بعنف على وجه الأمواج العالية.
بعدها قام قائد القاذفة المصرية الثقيلة بعمل مناورة جوية مباغتة هرب فيها من الطائرتين الإسرائيليتين المعترضتين مساره، واختفى من شاشات الرادار الإسرائيلى فى ذات التوقيت.
تاركًا للطيارين الإسرائيليين الهدف الأقرب والأخطر فى مطاردة الصاروخ جو - أرض الذى أطلقه لتوه فى اتجاه مدينة تل أبيب ليهتما به، ليعود هو بقاذفته الثقيلة سليمة لقاعدتها المصرية.
بعد أن زار ساحل تل أبيب وشاهدها من الجو على مدار دقائق تاريخية سجلها كتاب الحرب التابع للقوات الجوية الإسرائيلية، بداية من صفحته رقم 451 خانة وصف المعارك الجوية.
باب شهادات الطيارين الإسرائيليين المحظورة فى شكل يوميات عسكرية رسمية صنفت تحت بند «منتهى السرية» عن وصف معارك ظهر اليوم الأول من الحرب الموافق 6 أكتوبر 1973.
فى التفاصيل أشارت القراءة الأولية لبيانات الصاروخ الغريب داخل مقر قيادة القوات الجوية الإسرائيلية أنه من طراز «كيلت» الروسى الصنع تم تطويره فى المصانع الحربية المصرية سرًا بشكل أو بآخر.
المفاجأة الحقيقية أن الصاروخ أرض - جو الذى أطلقته القاذفة المصرية الثقيلة «توبوليف - TU16» كان عبارة عن جسد متفجر لطائرة مصرية مقاتلة قديمة من طراز «ميج 15» روسية الصنع.
فوجئ الإسرائيليون يومها أن القوات الجوية المصرية بقيادة محمد حسنى السيد مبارك طورتها فى سرية بالغة حتى أصبحت صاروخًا موجهًا يعمل مثل الطائرة دون طيار.
بلغ التوتر بين القادة والمحللين العسكريين داخل مقر وزارة الدفاع فى تل أبيب حدوده القصوى، وحذرت تقديرات البعض أن الصاروخ الغريب عبارة عن طائرة مصرية تنفذ عملية انتحارية غير مسبوقة.
بينما تقدم الصاروخ فى مساره الجوى على هيئة المقاتلة الروسية ميج 15 فى اتجاه إحداثيات مدينة تل أبيب بجراءة وثقة غير اعتيادية استفزت كامل القدرات الجوية الإسرائيلية.
مما دعا اللواء بينى بيليد قائد سلاح الطيران الإسرائيلى أن يطلب من الميراج المعترضة الاقتراب لأقصى مسافة ممكنة من الصاروخ أو المقاتلة المصرية الانتحارية لمحاولة إجبار قائدها على الهبوط فى أقرب قاعدة جوية إسرائيلية.
المفاجأة كما سجلت صفحات كتاب الحرب التابع للقوات الجوية الإسرائيلية وأيدتها الوثائق الحصرية السوفيتية والأمريكية أن الطيارين الإسرائيليين وجدا عقب اقترابهما من جسد الصاروخ الطائر كابينة الميج 15 خالية دون طيار.
أصابت تلك الحقيقة قيادة القوات الجوية فى تل أبيب بالذعر أمام القدرات الجوية المصرية السرية، ناهيك عن تأكدها من فشل جميع أجهزة المعلومات الإسرائيلية قبل الحرب فى توفير المعلومات الدقيقة عن السلاح الجوى المصرى وقائده صاحب العلاقات الروسية القوية.
وفى المجمل بات من المؤكد وقتها أن المصريين قد طوروا بالفعل جسد الطائرة الروسية ميج 15 حتى أصبحت صاروخًا موجهًا عن بعد أو بالتعبير الأصح حولوها لطائرة كاملة دون طيار.
تعرفت فى هذه اللحظة ماسحات البيانات على الطائرتين الإسرائيليتين الميراج على وزن المقاتلة المصرية المهاجمة ميج 15 أو الصاروخ الجديد، وسجلت الأرقام أن حمولته وزنت واحدًا ونصف طن من المتفجرات شديدة الانفجار.
أنذرت تلك المعلومة وحدها الخبراء الإسرائيليين، ولفتت أنظارهم حسابيًا إلى إمكانية تدمير مساحة نصف كيلو متر مربع تقريبًا حال وصول الصاروخ الغريب إلى هدفه، فأصبحت تل أبيب كلها هدفًا محتملًا للصاروخ المصرى الموجه.
فى الوقت نفسه نبهت تقديرات خبراء سلاح الجو الإسرائيلى أن عملية توجيه الصاروخ المصرى المطور تستلزم بالضرورة الفنية تواجد القاذفة الأم فى الجوار لتوجيهه عن بعد.
ومع ذلك لم يهتموا فى تلك اللحظات بتتبع موقع القاذفة الاستراتيجية المصرية وقد تبقى للصاروخ المصرى الحديث للوصول إلى هدفه النهائى فى مدينة تل أبيب أقل من 15 كيلو مترًا قدروا أن يقطعها بسرعته التى طار عليها يومها فى أقل من دقيقتين.
الرواية عن طريق الكلمات المكتوبة مطولة، والحقيقة أن الأحداث الأصلية برمتها بدأت وانتهت فى أقل من 12 دقيقة قرر خلالها الطياران الإسرائيليان دون تفكير طويل قصف ذلك الاختراع المصرى الجو - أرض فى شكل جسم المقاتلة الروسية الصنع ميج 15، وإلا وقعت كارثة محققة خاصة أن الطيارين الإسرائيليين شهدا فى السجلات السرية أنهما من موقعهما تلك اللحظة وراء الصاروخ المصرى المنطلق إلى هدفه بدآ يشاهدان من بعيد مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية وقد تراءى لهما وهو يقترب بسرعة.
رسميا سجل كتاب الحرب الخاص بالقوات الجوية الإسرائيلية، وأيدته الوثائق السوفيتية والأمريكية «منتهى السرية» عن تلك المواجهة بعد ظهر يوم السادس من أكتوبر 1973.
إن الصاروخ المصرى المطور اعتبر من الناحية التقنية والفنية والرسمية وبالضرورة التاريخية أول طائرة مصرية بدون طيار استخدمت فى المعارك الجوية من قبل مصر كصاروخ موجه ضد إسرائيل.
عمليًا فى سماء المعركة الجوية يومها جاء الأمر الفورى واضحًا للطائرتين الإسرائيليتين المعترضتين لإسقاط الصاروخ المصرى بأى ثمن قبل أن يتخطى حاجز الساحل، وتصبح عملية إسقاطه نفسها محفوفة بالمخاطر.
المثير للغاية أنه قبل أن يبدأ الطياران الإسرائيليان مايك وإيتان إجراءات قصف وتدمير الصاروخ النهائية فوجئا أنه زاد من سرعته بشكل مباغت، وكأنه فهم ما يحدث من حوله.
فاشتعلت محركاته الخلفية بشكل غريب لم يشاهده أحد فى القوات الجوية الإسرائيلية من قبل، وراح يهدر فى اتجاه مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية، وقد أصبح هدفه مؤكدًا للجميع فى تلك اللحظة.
طبقًا لشهادة الطيارين الإسرائيليين عن الأحداث الحقيقية فصل الصاروخ المصرى المطور عن وصوله إلى مبنى مقر وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان الإسرائيلية فى تلك اللحظة أقل من عشرة كيلو مترات قدرا بالحساب الجوى بالنسبة لسرعته أن يقطعها فى أقل من دقيقة واحدة قبل بلوغه هدفه المحدد فى قلب تل أبيب.
أطلق الطيار الإسرائيلى مايك أول صاروخ جو - جو إسرائيلى الصنع من إنتاج هيئة الصناعات الجوية الإسرائيلية من الميراج الإسرائيلية المعترضة فى اتجاه الجهة اليسرى للصاروخ المصرى بعد أن حدد الهدف على جهاز التوجيه بطريقة إليكترونية سليمة، وكأنه أحد أفلام الإثارة الحركية الأمريكية كما سجل كتاب الحرب الخاص بالقوات الجوية الإسرائيلية فقد أخطأ الصاروخ الإسرائيلى فى تلك اللحظة هدفه بشكل غير مبرر فنيًا ثم هوى ساقطًا ناحية البحر المتوسط أمام مرأى ومسمع المارة على ساحل شواطئ تل أبيب.
فقرر الطيار الإسرائيلى - الآخر - إيتان، وقد اقترب بطائرته لحظتها من الجهة اليمنى من الصاروخ المصرى الموجه فتح نيران مدافع طائرته الميراج الجانبية العادية ناحية الهدف المتجه بلا اكتراث لكل ما يجرى فى السماء أو على الأرض فى سرعة فائقة ناحية مجمع مبان مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية، فأصاب الصاروخ المصرى فى جناحه الأيمن مما أفقد جسد الميج 15 المصرية بدون طيار السيطرة والثبات فأخذ الصاروخ يلف حول نفسه بقوة فائقة، وهو يفقد الارتفاع والسرعة محدثًا أزيزًا مروعًا ومخيفًا مع دخان كثيف شاهده كل من تابعه بالعين المجردة على الأرض فى المدينة.
بينما دوت أصوات صفارات الطوارئ الإسرائيلية بعنف أصم آذان من فى السماء ومن على الأرض فى تل أبيب بشكل غير مسبوق فى تاريخ المدينة التى ظلت حتى تلك اللحظة عصية المسافة بعيدة المنال عن عمليات سلاح الجو المصرى وطائراته المقاتلة.
ظل الخطر قائمًا وقتها من احتمال سقوط الصاروخ المصرى المترنح فى اتجاه المبانى القريبة من شواطئ تل أبيب، فحلق الطيار الإسرائيلى إيتان وراء الصاروخ بحركات بهلوانية، وكأنه يسقط معه ناحية البحر، وقد وجه دفعات أخرى من مدافع طائرته ناحية الصاروخ ليتأكد من تدميره بشكل كامل.
فانفجر الصاروخ المصرى الموجه محدثًا انفجارات مدوية وصفها كتاب الحرب الخاص بالقوات الجوية الإسرائيلية أنها كانت مروعة سمعها كل سكان المدن الإسرائيلية تقريبًا.
وأن معظم سكان مدينة تل أبيب شاهدوا الانفجارات بأعينهم المجردة، وهى تتصاعد أمامهم على شاطئ البحر المتوسط بينما الصاروخ المصرى يسقط ناحية المياه الضحلة على بعد أقل من أربعة كيلو مترات فقط من مبانى مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية التى حبس سكانها فى ذلك اليوم العظيم، وتلك اللحظات والدقائق المشهودة أنفاسهم خوفًا من القدرة التدميرية للصاروخ السرى الموجه الذى طورته القوات الجوية المصرية.
فى الحقيقة لم تنته الرواية الرسمية المسجلة فى كتاب الحرب الخاص بالقوات الجوية الإسرائيلية عند ذلك الحد، ففى السماء أحدثت التفجيرات الناتجة عن تدمير الصاروخ المصرى فى الجو موجات قوية بسبب تفريغ الهواء أصابت الطائرتين الإسرائيليتين المعترضتين - الميراج - بأضرار وصفت بالطفيفة.
كما سجل إصابة الطيارين الإسرائيليين بالدوار جراء قوة التفجيرات وتوابعها ففقد «إيتان» طيار الميراج الإسرائيلية الأقرب من الصاروخ المصرى وقتها السيطرة على طائرته، وبدا وكأنه يهوى بها ناحية البحر، لكنه أفاق ونجا فى الوقت المناسب عقب تمكنه من استعادة السيطرة على الموقف.
بعد أن تخلصت القيادة الجوية فى مدينة تل أبيب من الخطر الذى كاد يدمر مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية فى أول أيام حرب أكتوبر 1973 تذكر الجميع القاذفة الاستراتيجية المصرية الثقيلة «توبوليف - TU16» لكنها كانت قد اختفت تمامًا وفقد الرادار الإسرائيلى أثرها بالكامل.
الحقيقة أن تلك الواقعة الغامضة المسجلة رسميًا فى كتاب الحرب الخاص بالقوات الجوية الإسرائيلية مع أنها دقيقة تساندها شهادات عسكرية حية، لكنها لم تقدم تفصيلًا شافيًا ودقيقًا للغز الصاروخ المصرى المطور يمكن الاعتماد عليه.
غير أن الوثائق السوفيتية المصنفة تحت بند «عظيمة السرية» التى أشارت لنفس الحادثة، والتى أكشفها هنا لأول مرة قدمت التفسير الأصوب وراء لغز الصاروخ المصرى الغامض الذى روع مدينة تل أبيب الإسرائيلية يوم السادس من أكتوبر 1973.
فى التفاصيل السوفيتية الحصرية سجل أن الصاروخ المصرى الروسى الصنع الذى ظهر أمام شواطئ تل أبيب عصر يوم السادس من أكتوبر 1973 مهددًا بتدمير مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية.
من طراز الصواريخ الذكية السوفيتية الموجهة عن بعد جو - أرض من نوع AS-1 Komet زنته ثلاثة آلاف كيلو جرام طوله 8.29 مترا، أما عرضه فهو 1.20 متر.
بدأ اختباره السرى فى مصانع هيئة الصناعات الجوية السوفيتية عام 1946أقصى مدى له مائة وأربعون كيلو مترا أمكنه حمل رأس متفجرة غير تقليدية ذات إمكانية نووية زنة ستمائة كيلو جرام بلغ طولها 4.77 متر من إجمالى حجم الصاروخ الكلى.
سجلت الوثائق السوفيتية «عظيمة السرية» أن ذلك الجيل من الصواريخ الروسية الذكية بدأ تصنيعه سرًا بداية عام 1947 فى مصنع MKB Paduga فى العاصمة موسكو.
وقد تم تصنيعه فى البداية كصاروخ موجه ضد السفن والمدمرات والأهداف الحربية البحرية الكبيرة الحجم، وقد ظل عاملًا فى الخدمة الحربية السوفيتية بداية من عام 1955 وحتى عام 1961.
التفاصيل شحيحة ما زال معظمها محجوبًا يخضع حتى كتابة تلك السطور لقانون أسرار الأمن القومى السوفيتية، ومع ذلك تشير الوثائق السوفيتية الحصرية المتاحة عن ملف الصاروخ المصرى، الغريب الذى هدد تل أبيب يوم السادس من أكتوبر 1973.
إن اللواء محمد حسنى السيد مبارك قائد سلاح الجو المصرى خلال الحرب نفسها يرجع له الفضل الأول فى تجربة وتطوير ذلك النوع الذكى المتقدم من الصواريخ الروسية الصنع.
وأن العقلية الجوية الرفيعة والخبرة السوفيتية العلمية والعلاقات الروسية الرسمية المتميزة مكنت جميعها القائد المصرى مبارك من العمل على فهم وتطوير نظام الملاحة الجوية والتوجيه عن بعد الخاص بالصاروخ السوفيتى فى الفترة التى قضاها فى موسكو للدراسة والتدريب قبل حرب أكتوبر 1973 بأعوام طويلة.
وتثبت الوثائق السوفيتية «عظيمة السرية» التى أوردت تفاصيل مهمة الصاروخ الروسى الصنع الذى ظهر فى سماء مدينة تل أبيب عصر يوم السادس من أكتوبر 1973.
إن مبارك شارك هيئة الصناعات الجوية الروسية سرًا العمل على تطوير العديد من أنظمة الطيران والدفاع الجوى الروسى المتقدم، وأنه رفض دائمًا المزايا المادية السخية مقابل حصوله على العلم والمعلومات الروسية الخاصة التى ميزته كقائد جوى على أقرانه من القادة الجويين الدوليين فى عصره.
وأن الفضل فى نجاح مهمة القاذفة المصرية الاستراتيجية الثقيلة وعملية تطوير الصاروخ الروسى القريب الشبه من الميج 15 الروسية وإطلاقه الفاعل وتوجيه مساره الجوى بدقة ناحية تل أبيب فى أول يوم للحرب مما حقق هدف الردع الجوى المصرى الكامل.
تحقق استنادًا على الخبرات العملية الخاصة، والتفوق العلمى المتميز الذى حصله اللواء المصرى محمد حسنى السيد مبارك أثناء تدريبه ودراسته الجوية فى الاتحاد السوفيتى.
وتشدد الوثائق الروسية «عظيمة السرية» نفسها على أن نجاح مبارك فى التخطيط للمعارك الجوية لحرب أكتوبر، وتحقيقه معظم أهداف المهمات التى رسمها لطياريه منحه الأفضلية العسكرية ثم السياسية مما هيأه فى نهاية الأمر وأهّله لتولى منصب نائب الرئيس المصرى محمد أنور السادات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.