«الصباح» رصدت جوهر المشكلة فى الحزب الأوحد، صاحب الرئيس الواحد، والكادر الواحد، والعمل الفردى الأوحد، لنجد أمام أعيننا حزبا تحول إلى مجموعة من الطاولات البلاستيكية موضوعة فى مقر الحزب بشارع المبتديان ودمتم، ورغم أن المقر أنفق عليه مؤسسوه مئات الآلاف فلا يعرف من بداخله أسماء المتبرعين للحزب ولا مصادر تمويله، لا توجد لائحة أساسية كما وعد المؤسسون، أو مراقبو حسابات أو نظم داخلية تحدد الأدوار، فى ظل إهمال قادة الحزب للكوادر الشبابية التى اعتمد عليها البرادعى فور تأسيسه. جبهات داخلية أحد مصادرنا المقربة لصناع القرار فى حزب الدستور، أكد لنا أن بناء الحزب يعتمد على المؤسسين وبعض النخب السياسية، ومشكلته أنه ينقسم من الداخل إلى ثلاث جبهات لم تنجح محاولات العقلاء على صهرها معا لتشكل منظومة سياسية واحدة، والهدف من إنشاء الحزب أساسا (إثراء العمل السياسى والاستعانة بالشباب والمشاركة فى صنع القرار) أصبح حلما بعيد المنال، بعد أن تحول هدف كل جبهة خدش الحياء السياسى لكل جبهة منافسة، لتبدأ عملية تبادل الاتهامات والتى تهدد بانهيار الحزب، خاصة مع تفاقم الأمور باستقالة 11 قياديا بالحزب على رأسهم أحمد البرعى وإسراء عبدالفتاح وهانى سرى الدين. شللية ينقسم الحزب فعليا إلى عدة جبهات: الأولى بقيادة جميلة إسماعيل أمين التنيظم، وحسام عبدالغفار الأمين العام بالنيابة، وتدخل معهما بسنت فهمى، يعتمدون على مبدأ السيطرة على مفاصل الحزب والتقرب إلى سيد قاسم، رئيس الحزب، وهو رجل مسن لا يعرف أشخاص الحزب أو كوادره، ودوره فقط التوقيع على القرارات بمجرد والتى تقوم على صياغتها جميلة إسماعيل وبسنت فهمى، قطبا الحزب. حتى وصل الأمر إلى قيام جميلة إسماعيل بتصعيد أكثر من 25 عضوا بالهيئة العليا إلى مناصب قيادية كانوا قبل ذلك محولين إلى التحقيق الحزبى بسبب الإهمال والتباطؤ فى العمل التنظيمى داخل الأمانات. وتبقى الجبهة الثانية داخل الحزب متمثلة فى مجلس المحافظين، وعلى رأسهم السفير شكرى وسيد قاسم واللذان أصبحا بمثابة مجلس استشارى، يرفع توصياته إلى «جميلة إسماعيل» الأمين العام، لتصبح قراراتهم غير ملزمة بل مجرد توصيات من المجلس الاستشارى، بالرغم أن نظام الحزب يعتمد على ممثل حزبى شاب يرأسه أمين كل محافظة، ويمثل كل محافظة عضو مجلس المحافظين من أجل تقريب وجهات نظر الحزب بأعضاء التنظيم الحزبى. حزب جميلة ويستمر عرض الانفراد بالقرار الحزبى متمثلا فى شخص جميلة إسماعيل أمين التنظيم، والتى قامت بتعيين كوادر جديدة للحزب، منهم طارق شرف وأحمد هيكل أمينين للصندوق بعد استقالة أمين الصندوق السابق اعتراضا على ممارسات الحزب المالية غير المعلنة، أو مسجلة فى دفاتر الحزب الرسمية، مما دفع هانى أبوالفتوح أمين الصندوق السابق إلى تقديم استقالة مسببة. الاستقالة تؤكد عدم وجود دورة المستندات التى تنظم حركة الأموال والمستندات داخل الحزب، وإثباتها فى الدفاتر الرسمية، مما يؤدى إلى خلافات فى تسجيل المعاملات المالية وتسويتها مع الأطراف المختلفة، مؤكدا أن التبرعات المالية والعينية للحزب والمزايا لا يتم إثباتها بالأسلوب القانونى كما هو وارد بلائحة النظام الأساسى للحزب وقانون الأحزاب السياسية، بناء عليه، لا يستطيع أمين الصندوق الالتزام بما هو مطلوب منه قانونا وفقا للمادة 11 من قانون الأحزاب، مؤكدا فى استقالته المسببة أنه من المعلوم أن رصيد التبرعات والاشتراكات فى الحساب الرسمى للحزب لا يقارن بالتبرعات المالية والعينية التى يقوم بعض المسئولين فى الحزب باستلامها والإنفاق على أنشطة وفعاليات الحزب دون رقابة أو تدخل من أمانة الصندوق، وإثبات ذلك بالأسلوب الذى يتفق مع لائحة الحزب والقانون. من جانبه، أكد «هانى أبوالفتوح»، أمين الصندوق المستقيل، ل«الصباح» أن الحزب يقبل بأسلوب تمويل يشكل مخالفة للقانون، وأن أمين الصندوق يكون مسئولا من الناحية القانونية بالتغاضى وقبول هذا النوع من التمويل رغم علمه بضآلة موارد الحزب من خلال التدفقات النقدية الثابتة فى كشف حساب الحزب بالبنك، وعلمه بالإنفاقات التى يتم تمويلها من التبرعات العينية والمزايا التى لا يتم الإفصاح عنها بالأسلوب الرسمى وبالمستندات المؤيدة. وأضاف فى تصريحات خاصة ل«الصباح» أن الحزب ليس لديه الآلية التى من خلالها يتم حصر عدد أعضاء الحزب وعمل حساب للاشتراكات المحصلة بدقة «المودعة فى حساب البنك»، ومقارنة مبالغ الاشتراكات المفترض تحصيلها من الأعضاء مع ما تم تحصليه وإيداعه فى حساب البنك، ولكن بفحص حساب الحزب بالبنك، يمكن ملاحظة الفجوة الكبيرة فى التحصيلات من الاشتراكات والتبرعات مع الإنفاقات المتعددة، التى تتم خارج النطاق الرسمى، وغير معلوم مصدرها، ولا يتم إثباتها نظاميا. شقة جاردن سيتى أكد مصدر مطلع قيام السيد قاسم، رئيس حزب الدستور، بالتبرع للحزب بشقة كانت مملوكة له بحى جاردن سيتى والكائنة بشارع النباتات للدكتور محمد البرادعى كمقر جديد لحزب الدستور والذى تجمعه بالأخير صداقة حميمة ويبقى قاسم على تواصل يومى مع صديقه البرادعى عبر الهاتف. التبرع بالشقة جاء فى اعقاب فترة ابتعاد البرادعى عن الحزب وتهدف إلى زيادة وشعبية سيد قاسم، الذى تولى بعدها رئاسة الحزب، لتتحول شقة جاردن سيتى إلى مقر دائم لجميلة إسماعيل أمين التنظيم وبسنت فهمى نائب رئيس الحزب وسيد قاسم ومكتب خاص للدكتور محمد البرادعى. تمويل مشبوه وعلمت «الصباح» من مصدر داخل لجنة شئون الأحزاب أن كشف حساب البنك، والأموال الصادرة ولا واردة فيه، غير معلومة المصدر وأن جميلة إسماعيل قامت بعمل هيكلة فى 5 محافظات الشرقيةوالإسكندرية، لم يخرج أى مبلغ منها من صندوق الحزب، ولا يعرف أحد من أين تمت الهيكلة ولا من أين تأتى الأموال سواء كانت تبرعات أو من ممولين أو من خلال الإنفاق الشخصى لأموال أمين التنظيم، ولم يستعبد المصدر أن يكون التمويل غير المباشر اختراقا حزبيا من مصادر خارجية أو مجموعة من رجال الأعمال أو حتى جماعة الإخوان المسلمين. وبينت الشكوى المقدمة للجنة شئون الأحزاب قيام «هانى أبوالفتوح» أمين الصندوق المستقيل بمطالبة قيادات حزب الدستور بالإفصاح عن جميع الأموال التى وردت للحزب مؤخرا وغير المعروف مصدرها فى تحقيق رسمى يشرف عليه الجهاز المركزى للمحاسبات. مذكرات حزبية أمناء المحافظات تقدموا بمذكرة رسمية لرئيس حزب الدستور السفير سيد قاسم والسفير شكرى فؤاد الأمين العام جاء فى نصها: إنه فى أثناء وجود كوادر الحزب فى الإسكندرية للمشاركة فى الإشراف على هيكلة الأمانة الخاصة بها بناء على تكليف الإدارة المركزية قمنا بإبداء اعتراضات على ممارسات جملية إسماعيل داخل الحزب، وعدم وجود رؤية تحدد أولويات كل أمانة.. وقامت جميلة إسماعيل بعقد اجتماع معنا وفى نهايته حدث الآتى: كما تقدم أيضا أحد أعضاء الهيئة العليا لحزب الدستور –فضل عدم إدراج اسمه – جاء فى نصها هذه شكوى مقدمة ضد الأستاذة «جميلة إسماعيل» أمينة التنظيم بالحزب، ويتلخص موضوع الشكوى فى قيام الأستاذة جميلة إسماعيل بدفع مبالغ مالية كبيرة للعديد من أمانات الحزب، وذلك طبقا لشهادة القائمين بالأعمال فى هذه الأمانات، حرصا منى على مصلحة الحزب وإرساء القواعد الشفافة والمحاسبة. من جانبه، نفت الدكتورة بسنت فهمى -نائب رئيس حزب الدستور- كل ما تردد حول تمويل الحزب، مؤكدة أن مصادر تمويل الحزب معروفة ومعلنة سواء كانت عن طريق التبرع أو من خلال اشتراكات الأعضاء أو الدعم المالى المقدم من بعض الكوادر الحزبية وهى مسجلة وموثقة بإيصالات رسمية. وأضافت «بسنت فهمى» فى تصريحات خاصة ل«الصباح» أن كل ما يثار حول تمويل الحزب أو اختراقه هو أمر عار تماما من الصحة، ويهدف إلى التشهير بالحزب والنيل منه، مؤكدة أن استقالة هانى أبوالفتوح من أمانة الصندوق جاءت بعد تحويله إلى التحقيق بسبب بعض الخلافات، رافضة الإفصاح عنها باعتبارها شأنا داخليا لا يناقش على صفحات الجرائد.