الخلايا الإرهابية انتقلت للمنطقة فى حكم الإخوان بعد ملاحقتهم بسيناء خبير أمنى: منطقة لا يسأل أحد عن أحد بها ولها تاريخ مع الإرهاب....والأمن يترصد لهم مصادر جهادية: اتخذنا منها اسما ل «النصر» ورفع راية التوحيد وإعلان الدولة الإسلامية تحقيق: أحمد عاطف لم يتخيل سكان مدينة نصر بأن يتحول حلمهم بالإقامة فى أحد أرقى أحياء القاهرة لكابوس مزعج..فالحى الذى كان دائما محل فخر ورقى قاطنيه، تحول إلى مسرح عمليات قوات الأمن فى مواجهة الإرهاب. «مدينة نصر» جذبت المستثمرين لإقامة المشروعات التجارية الضخمة، وأصبحت رمزاً للتسوق والترفيه، بل وجذبت مؤسسات الدولة المختلفة لإنشاء فروع لها، وإقامة هيئاتها ومنشآتها أيضاً. لكن يبدو أن جماعة الإخوان وما انبثق عنها من تنظيمات إرهابية، لاتزال تحمل الحقد والكراهية الشديدين للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فقرروا الاستيطان بالحى الذى أصدر قراراً بإنشائه فى نهاية الخمسينيات لاستيعاب التوسع العمرانى بعيدًا عن المناطق الزراعية، وكأن لسان حالهم يقول له «سنسلب منك كل شىء.. حياً أو ميتاً». تحولت مدينة نصر فى عام حكم مرسى لأكثر المناطق جذباً للإرهابيين والتكفيريين، فوجدوا فيها الملاذ الآمن، والأمان الكامل لاستكمال مخططاتهم والتجهيز لعملياتهم، فى حماية جيرانهم من قادة جماعة الإخوان، الأمر الذى بدا كأنه تكريم لإرهابيين انتقلوا من العيش فى الكهوف وأعالى الجبال بصحراء سيناء إلى «مدينة نصر». لم تكن محاولة اغتيال اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، بوضع سيارة مفخخة هى السابقة الأولى من نوعها للجماعات المتطرفة فى مدينة نصر، لكنها نقطة فى بحر دماء لن يتوقف، خاصة بعد أن علمت «الصباح» أن الكثير من تلك الجماعات قامت بنقل عناصرها وأعضائها المسلحين من المحافظات المختلفة بسبب الملاحقات الأمنية إلى مدينة نصر. وزاد الوضع سوءاً هرولة الإخوان إلى مسجد رابعة العدوية للاعتصام فيه، والمطالبة بعودة الشرعية وتصوير الثورة الشعبية انقلاباً عسكرياً، وانضمام قيادات الجماعة إلى الاعتصام، حيث استمر اعتصامهم لما يقرب من 50 يومًا، قاموا خلالها بشراء واستئجار عدد ضخم من الشقق السكنية، بأسماء أعضاء الصف الثالث والرابع من الجماعة، وهربوا إليها بعد فض الاعتصام. الأجهزة الأمنية بدأت فى مراقبة الحى الشهير ووضعه تحت الرقابة، بعد الحادثة الشهيرة ب «خلية مدينة نصرالإرهابية»، والتى تم ضبطها خلال عهد الرئيس المعزول محمد مرسى بإحدى العمارات تحت الإنشاء، وذلك بعدما تم قتل اثنين من أفراد الخلية خلال مداهمة قوات الأمن لمخابئ أعضائها، بعد اشتباكات عنيفة بالأسلحة بين الجانبين انتهت بتفجير المبنى. بعدها تم ضبط الشيخ عادل شحتو القيادى فى تنظيم «السلفية الجهادية»، وضابط سابق يدعى طارق أبوالعزم، سبق سجنه فى قضية تنظيم «جند الله» الشهيرة فى نهاية التسعينيات، كما تم ضبط محمد جمال الكاشف «أبو أحمد» الذى انضم إلى «القاعدة» أيام «الجهاد الأفغانى». خلية مدينة نصرالإرهابية، ليست الأخيرة، فبعدها بعدة أيام قامت قوات الأمن أيضا بالقبض على أبناء عمومة أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة، ومعهم مجموعة من الإرهابيين الهاربين بشارع النبوى المهندس بمدينة نصر، حيث تم ضبط بعض الأسلحة النارية بحوزتهم بالإضافة إلى جهاز لاب توب عليه أسماء بعض المسئولين وعناوينهم تمهيداً لاغتيالهم. وتوالت عمليات الضبط لقيادات الجماعات الإرهابية، فتم إلقاء القبض على الشيخ داود خيرت القيادى بالسلفية الجهادية، والذراع الأيمن لمحمد الظواهرى «شقيق زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى»، فى إحدى الشقق بمنطقة مدينة نصر، ثم القبض على باحث اقتصادى «فلسطينى الجنسية»، وينتمى إلى الجماعة السلفية وشقيقه الطالب وبحوزتهما أسلحة نارية ومخدرات بشقة مستأجرة بمدينة نصر. وبسقوط قيادات جماعة الإخوان فى قبضة قوات الأمن، وضبطهم فى شقق مدينة نصر مثل مرشد الإخوان محمد بديع، وحسن البرنس القيادى الإخوانى ونائب محافظ الإسكندرية السابق، أحمد عارف المتحدث الرسمى باسم الجماعة، أحمد أبوبركة محامى الإخوان المسلمين، مصطفى الغنيمى عضو مكتب الإرشاد، خيرت الشاطر نائب المرشد، سعدالكتاتنى رئيس حزب الحرية والعدالة، ورشاد بيومى نائب المرشد، ومحيى حامد عضو مكتب الإرشاد ومستشار المعزول مرسى، وغيرهم من القيادات. يثور التساؤل.. هل تواجد واختباء قيادات تنظيم القاعدة والتكفيريين والإخوان فى «مدينة نصر» بواقع الصدفة، أم أن سراً «ما» فى تواجدهم؟ «الصباح» حاولت البحث عن إجابة لهذا التساؤل الذى يؤرق المصريين عامة، وسكان مدينة نصر بصفة خاصة.. حيث أكدت قيادة أمنية، أن خلية القاعدة التى تم كشفها فى مدينة نصر، أعضاؤها ليبيون وتونسيون ومصريون، منهم من قتل ومنهم من هرب ومنهم من قبض عليه، وكانت تخطط لعمليات إرهابية ضد مؤسسات رسمية وغير رسمية، لكن بعد نجاح الأمن فى كشفها وحصوله على معلومات أولية بوجود خلايا أخرى، ظهرت الحقيقة المرة للمصريين جميعاً، فالقاعدة كتنظيم وفكر لم يعد محصوراً فى شبه جزيرة سيناء، بل أصبح فى قلب العاصمة، والتحذيرات والتقارير الدولية التى نشرت فى الأشهر الثلاثة الماضية لم تكن للمبالغة والتهويل، ولكنها كانت ترصد أمراً خطيراً، مؤكداً أننا نواجه تنظيماً إرهابياً خطيراً، وعابراً للحدود، ولديه من السلاح الكثير جداً، ويجد فى الظروف المصرية المرتبكة فرصة لتحويل دفة البلاد حيث يشاءون، وأن «مدينة نصر» أصبحت ملجئاً لكل هؤلاء حيث لا يعرفهم أحد ولا يسأل عنهم أحد. وباعتراف القيادى الجهادى السابق أحمد أبوسريع الضابط فى جيش التحرير الفلسطينى، ومؤسس تنظيم عبدالناصر، أن أعضاء تنظيمه كانوا يتدربون بملاعب فى مدينة نصر، وأن أحد أعضاء التنظيم كان يملك شقة هناك، كانت تستخدم كمخزن للسلاح الخاص بهم، وكانوا يتدربون على السباحة، ورفع الأثقال ورمى الجلة وقفز الحواجز، لتجهيز أنفسهم للقيام بعملية إرهابية، يؤكد أن مدينة نصر أصبحت عاصمة للقاعدة والخلايا الجهادية التى تنوى تجهيز ضربات ضخمة فى وسط العاصمة أو المناطق الحكومية، واتخذوا من تلك المنطقة معقلاً لهم. رأى آخر فى اختيار مدينة نصر كمأوى للجماعات التكفيرية والإرهابية جاء على لسان الشيخ محمد أبوسمرة القيادى الجهادى ومؤسس حزب الله المصرى، حيث قال ل «الصباح» إن اختيار تنظيم القاعدة وقيادات الجهاد مدينة نصر مسرحاً لعملياتهم ومخازن ذخيرتهم وأماكن تدريباتهم، يعود طبيعة الحى الذى يسكن به الكثير من ضباط الجيش، ولذلك يعتبرونها مؤمنة جيداً، كما أن الأبنية والشقق المتواجدة بتلك المنطقة بها الكثير من العرب، ولا يسأل أحد عن أى أحد، فلا جهات أمنية تلاحقه أو تتربص له. بالإضافة لكونها منطقة تمتلئ بالعديد من المنشآت العسكرية والأمنية والحيوية المستهدفة من قبل الجماعات التكفيرية، ووجودهم بالقرب منها يسهل من مهمة شن هجمات إرهابية على هذه المؤسسات. وأكد أبوسمرة أنه رغم عدم تواجد أعضاء لتنظيم القاعدة فى مصر، إلا أن هناك المئات ممن يحملون الفكر القاعدى الجهادى، مثل جماعات السلفية الجهادية، والتوحيد والجهاد، وأنصار الشريعة، موضحاً أن هذه التنظيمات هربت من الملاحقة العسكرية من قبل الجيش لهم فى سيناء، وأتت لوسط القاهرة والمحافظات القريبة من العاصمة كالشرقية والغربية، وأن القبض على خلية القاعدة فى مدينة نصر أكبر دليل على ذلك. على الصعيد الأمنى أكد اللواء محمود قطرى، الخبير الأمنى، أن قرار العفو الذى أصدره الرئيس المعزول محمد مرسى بحق عدد من الجهاديين، هو الذى جعل تلك الجماعات تستقر فى المحافظات القريبة من القاهرة، بهدف تنفيذ أعمال إرهابية لإحراج الجيش والشرطة، وذلك فى ظل الملاحقات العسكرية لهم وتصفيتهم بخطة محكمة، موضحاً بأن «مدينة نصر» غير مستبعدة بالنسبة لأعضاء تلك التنظيمات حيث بها الكثير من المنشآت العسكرية، مما يصل لتفكيرهم بأنهم سيصلون لمثل تلك المناطق، لكنهم لا يعلمون أن خطواتهم محسوبة عليهم. فى السياق نفسه، أكدت مصادر جهادية أن بعض التكفيريين يستبشرون باسم مدينة نصر، وأنها ستكون لهم نصراً على «الطاغوت» وفق وصفه، وأنها منطقة صالحة لإعلان الإمارة والدولة الإسلامية كبداية، ثم الانتشار فى وسط القاهرة والمناطق المركزية والمحافظات القريبة لتصل للصعيد وسيناء، لكنه أكد بأنهم ملتزمون بتحقيق العدالة الشرعية، وأنهم لو كانوا أرادوا تفجير المبانى العسكرية لفعلوها بسهولة، لكنهم صابرون حتى تتغير الأوضاع.