رأت مجلة "الإيكونوميست" أن المشهد العراقي يسير على الخطى السورية، حيث حولت وحشية النظام مظاهرة سلمية إلى صراع طائفي مسلح. ورصدت المجلة -في تعليق على موقعها الإلكتروني - هتافات غاضبة بمدينة كركوك أمس الأول الأربعاء تنادي ب"الموت للمالكي"، في إشارة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وأخرى تنادي بالانتقام من "عملاء إيران" أثناء تشييع الألوف لجثث نحو 27 متظاهرا سنيا سقطوا على أيدي قوات الأمن بمنطقة "الحويجة" غربي كركوك وشمال العاصمة بغداد.
واعتبرت المجلة هذه الهتافات بمثابة انعكاس لما يشعر به عرب السنة في ظل حكومة غالبيتها من الشيعة، لا سيما بعد مجزرة الحويجة، الأكثر حدة على صعيد التوتر الطائفي على مدار الأشهر الأخيرة، بحيث عجلت من وقوع أكبر أزمة شهدتها العراق منذ انسحاب القوات الأمريكية في ديسمبر 2011: بإعلان متظاهري السنة في محافظتي الأنبار و نينوي عن إضراب عام وسط مصادمات مع الجيش والشرطة خلفت عشرات القتلى حتى الآن.
ونوهت "الإيكونوميست" في هذا الصدد عن استقالة وزيرين سنيين من حكومة المالكي، ليرتفع عدد الوزراء السنيين المستقيلين من الحكومة منذ الأول من مارس الماضي إلى أربعة وزراء، كما أعلنت الأحزاب السياسية التي يسيطر عليها السنة، عزمها مقاطعة البرلمان.
وفي خطوة أكثر إنذارا، رصدت المجلة إعلان عدد من شيوخ القبائل السنية -في اجتماع عقدوه على خلفية تلك الأحداث- عن أن "الخط الأحمر" تم تخطيه، مهددين عبر عدد من أشرطة الفيديو بالرد المسلح ضد الجيش.
ورأت المجلة البريطانية أن استقالة الوزراء وتأجج الغضب في شوارع السنة، يؤهلان المشهد السياسي العراقي المترنح بالأساس لانزلاق يصعب تفاديه إلى مستنقع من العنف العام.
ورصدت المجلة تراجع شعبية المالكي رغم تعويله على الأغلبية الشيعية التي تمثل نسبة 60% من تعداد العراقيين، مشيرة إلى مقاطعة الوزراء الأكراد وعدد من أعضاء برلمانه الفيدرالي لحكومته.
كما رجحت "الإيكونوميست" أن تشهد شعبية المالكي مزيدا من التراجع في نتائج الانتخابات المحلية التي تم تأجيلها في عدد من المحافظات ذات الأغلبية السنية أو الكردية، لا سيما بعد اغتيال نحو 14 مرشحا قبيل موعد الانتخابات السبت الماضي.
ورصدت المجلة في المشهد الانتخابي ضعف إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع، ليس فقط في المناطق ذات التجمعات السنية، ولكن حتى المناطق ذات الأغلبية الشيعية شهدت إقبالا ضعيفا، بما يرجح أن تأتي النتائج النهائية للانتخابات في غير صالح المالكي، الذي بدا محاصرا: ليس فقط بين السنة ولكن أيضا بين الشيعة.
واختتمت "الإيكونوميست" تعليقها بالقول: أيا كانت نتيجة الانتخابات، فإن قمع التظاهرات ربما يؤدي إلى نتائج قد تكون أصدق إنباء من نتائج الانتخابات.