في كل مرة تطلق صواريخ على جنوب إسرائيل أو على منطقة إيلات، يسارع الجانب الإسرائيلي إلى اتهام مصر والمجموعات الجهادية في سيناءوغزة، فيما يرد الطرف المصري الأمني والعسكري بالنفي، والتأكيد على ان الحدود آمنة وأن الدوريات العسكرية والأمنية مرابطة دون ورود أية تهديدات . فقد أعلن الجيش الإسرائيلي أن الصاروخين اللذين سقطا على مدينة إيلات صباح اليوم الأربعاء سقطا في منطقة خالية، دون التسبب بأضرار أو إصابات، أطلقا من صحراء سيناء المصرية، فيما نفى مصدر أمني وآخر عسكري سقوط صواريخ على إسرائيل من سيناء، مؤكدين انه لم يبلغ عن أي اختراقات أمنية للحدود المصرية، ولم تشهد قوات حرس الحدود أي مظاهر لذلك، في الوقت الذي يقوم الجيش بتدمير أنفاق التهريب بين سيناء وقطاع غزة والتي تهدد الامن القومي المصري. وتعاني الحدود الشرقية لمصر خاصة -غزةوسيناء- منذ سقوط نظام الرئيس حسني مبارك وصعود جماعة الاخوان المسلمين إلى سدة الحكم، من ضعف أمني كبير، تسبب في توتر الاجواء في المنطقة، وإلى تراشق الاتهامات بين الجانب المصري والغزي والإسرائيلي . وبالنظر إلى الحرب المستعرة في سوريا نجد ان إيران حريصة كل الحرص على حفظ ماء نظام بشار الاسد والتواجد إلى جواره منعا لسقوطه او على الاقل ضمان مصالحها الاستراتيجية والتواجد الامني في سوريا والتنسيق مع مؤيدي الاسد حتى تضمن تواجد لها، او تشكيل هلال إيراني داخل سوريا تضمن من خلاله موطئ قدم على السواحل الغربية لتسهيل مرور التجارة إلى الغرب . ومع قرب انهيار النظام السوري بدأت أعين إيران وذراعها الإسلامي في غزة "حماس" يبحثان عن البديل الذي يضمن لهما تواجدا وامتدادا عربيًا يخرجهما من العزلة الدولية المفروضة على طهران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. وفي هذا الإطار يعد قطاع غزة ، المرتبط بالتوجه الإيراني في المنطقة، مرتعاً للحركات المسلحة على اختلاف أنواعها، فمنها ما يحسب على حركات المقاومة المسلحة ضد إسرائيل كحركتي المقاومة الإسلامية "حماس" والجهاد الإسلامي، اللتين تعدان الأشهر والأكثر تواجدا في القطاع، بينما يضم القطاع أيضا عددا من الحركات تعرف ب"مجموعات السلفية الجهادية" أو ما يعرف بمصطلح "جلجلت" المعروف عنها خلافها الفكري والسياسي مع "حماس" بشكل أساسى خاصة منذ توليها إدارة القطاع عام 2006، وربما تستخدم "حماس" بعض الجماعات في تنفيذ أجندتها واجندة إيران في المنطقة . "جلجلت " وتعتبر هذه المجموعات مصدر قلق أمنى شديد لحماس خاصة فى مرحلة ما "بعد الحسم العسكري"، نظرا لأنها الأشد تطرفا داخل القطاع، وتتبنى جميعها أفكار تنظيم القاعدة إلا أنها لا تتبعه تنظيميا، فضلا عن أنها تحاول إلحاق الوضع الداخلي فى غزة بالحالة الطالبانية ومحاكاة كل ممارسات وسياسات القاعدة، وهو الأمر الذى يتنافى مع واقع وتقاليد المجتمع الفلسطيني. ويقارب عدد هذه المجموعات ال1000، وهى خليط غير متجانس من عناصر انسلخت عن فصائل حماس والجهاد وفتح، ولا تضم فى داخلها أشخاصاً من جنسيات غير فلسطينية بينها إلا في حدود ضيقة بل معدومة، وكانت نسبة كبيرة منهم تنتمى إلى حماس، ولم يخرجوا من عباءتها طواعية وإنما بالفصل أو التجميد التنظيمي نتيجة اقترافهم مخالفات تنظيمية أو أخلاقية. وتتعدد أسماء هذه الجماعات فمنها اللجان الشعبية للمقاومة، وجماعات صلاح الدين أو جماعة زروقاي فلسطين، وجماعة جيش الإسلام، وكتائب التوحيد والجهاد، وجماعة جيش الأمة، وجماعة جند أنصار الله، وفتح الإسلام، وكتائب سيوف الحق، وجيش القاعدة، والجماعة السلفية، فيما لا تتوافر الكثير من المعلومات عن نشأتهم وقياداتهم. ولم تتبن هذه الجماعات منذ نشأتها الصدام المسلح مع إسرائيل أو قدمت نفسها كجماعات مقاومة في الساحة الفلسطينية مثل الحركات التقليدية التي بدأت موجتها الأولى كحركات تحرر وطني في منتصف القرن الماضي كحركة فتح، أو الموجة الثانية التي مثلتها "حماس" و"الجهاد" ذواتا المرجعية الإسلامية. ومن أكثر الجماعات الجهادية السلفية تأثيرا وتواجدا في قطاع غزة: جماعة جند أنصار الله النشأة: تأسست فى نوفمبر 2008، تأتى فى إطار التنظيمات التى بدأت فى الظهور ردا على انتقال حماس إلى العمل السياسى ومشاركتها فى انتخابات يناير 2006. جماعة جيش الإسلام النشأة: تأسست عام 2006 إثر انشقاق مجموعة من أفراد حماس عن الحركة لاتباع نهج إسلامي واضح على حد قولهم القيادة: يقودها ممتاز دغمش الذى شارك فى عملية اختطاف الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط. المجموعات الجهادية بسيناء وتتواجد المجموعات الجهادية في سيناء في شكل جزر منعزله نظرا لطبيعة شبه الجزيرة التي تتصف بالطبية الجغرافية المنعزلة والصحراوية والتي تهدد بتشكيل تنظيمات جهادية أكثر قوة وتنظيما قد تهدد الدول المجاورة. وترتبط جماعات البدو أو أهالي سيناء في منطقة رفح بقطاع غزة وما بين سيناءوغزة تقارب ديمغرافي كبير وارتباط مكاني وبشري. وتنقسم الجماعات الإسلامية المنتشرة بطول سيناء إلى أربعة أقسام، على رأسها الجماعات السلفية، وهى جماعات منتشرة بطول سيناء وعرضها، وينتهج أعضاؤها منهجا سلميا لا يميل إلى العنف، بالإضافة إلى الجماعات الجهادية التي ترفع راية الجهاد في وجه إسرائيل، ومعظم هذه الجماعات مرتبط فكريا أو تنظيميا بجماعات جهادية فلسطينية، فضلا عن الجماعات التكفيرية، وهى جماعات تنتهج فكرا متشددا، وتتركز بالمنطقة الحدودية، خاصة مركزي رفح والشيخ زويد، بالإضافة إلى منطقة الوسط، ويقوم فكر هذه الجماعات على مبدأ الجهاد ضد "الكفار"، وتصنيفهم للكفار يشمل كل من لا يقيم شرع الله، أما النوع الرابع من الجماعات الإسلامية فيمكن وصفه ب"الخلايا النائمة"، حيث إنها جماعات إسلامية غير محددة الفكر بشكل واضح، إذ تنتهج خليطًا من الأفكار السلفية والجهادية والتكفيرية، لكن معظمها لا يعمل بشكل تنظيمي حتى الآن، ولا يوجد بينها رابط فكرى أو تنظيمي، وإن كان من السهل تنشيطها ودفعها للعمل المنظم بمجرد وجود من ينظم أفكارها أو يوفر لها الدعم، سواء من ناحية التمويل أو التدريب، وهى حسب وصف أعضاء في جماعات سلفية أخطر أنواع التنظيمات إذ يمكن استغلال أعضائها بسهولة في تنفيذ عمليات ضد أي أهداف داخل سيناء أو خارجها. وتوجد المجموعات السلفية في سيناء كالآتي: - «السلفية الجهادية»: تنتشر في «رفح» و«الشيخ زويد» وتتلقى تدريبات عسكرية شبه منتظمة وتنقل السلاح للجهاديين الفلسطينيين، وربما يندرج تحتها- تنظيم مجلس شورى المجاهدين والسلفية الجهادية في عمومها . - مجموعات السلفية المعتدلة (انصار السنة المحمدية- الدعوة السلفية ... : الأكثر انتشاراً ومركزها "العريش". - الجماعات المهدوية "الرايات السوداء: التي تحمل الأعلام السوداء : بدأت نشاطها ب«وسط سيناء» و«الشريط الحدودى» وأعلنت عن نفسها فى «العريش». - "الخلايا النائمة": تنتهج خليطا من الأفكار السلفية والجهادية والتكفيرية: نشاطها في العمل المسلح يرتبط بوجود دعم مالي. التأثير الإيراني في مصر لم يعد التأثير الإيراني في مصر محصورا في توجيه حركة "حماس" لاختراق الحدود المصرية في سيناء وتهديد الأمن القومي المصري ، بل إن الامور امتدت إلى عرض الرئيس احمدي نجاد خدماته ومساعدة النظام في مصر ! ولم يحدد أحمدي نجاد شكل المساعدات والخدمات التي يمكن أن يقدمها لنظام الاخوان المسلمين في مصر، فإيران لم تعد موجودة فقط على الحدود المصرية في سيناء، بل امتد التأثير الإيراني إلى التواجد على الحدود الليبية، والحدود السودانية . فلم يعد يخفى على أحد حجم الأسلحة التي استطاعت حماس الحصول عليها عبر تهريب السلاح لها مباشر من إيران وحزب الله ، أو من خلال ترسانة السلاح الليبي الذي تخلف عن الثورة الليبية، بمساعدة من إيران . كما لم يخفى حجم الدعم الإيراني المقدم لحماس عبر الحدود الجنوبية لمصر من خلال تهريب السلاح من السودان مرورًا بسيناء، وقيام السودان بفتح موانئها لإيران وهو ما تبدى في التقارب الإيراني السوداني الاخير . وفي هذا الإطار، أصبحت مصر محاطة من الحدود الثلاثة بأيدي إيران الإسلامية، وتبذل طهران مجهودا كبيرا في حصار الجيش المصري لتخفيف قبضته الداخلية ، وربما هناك سعي إيراني لتفتيت الجيش و التأثير على تماسك قيادته، كما لا يخفى الاجندة الخفية لدول المنطقة، فالجميع له تدخلاته وأجندته الخفية في مصر. أجندة إيران وحماس إيران وحماس يلعبان على محورين فيما يتعلق بالعلاقات مع مصر : -محور إيجاد موطئ قدم في مصر وإيجاد بديل للنظام السوري الذي يوشك على الانهيار ، من واقع مصالحهما الرئيسية في المنطقة. - المحور الثاني: التأثير على الوضع الامني في مصر، وهو ما يعني التدخل الإيراني لتهديد الاستقرار في مصر .ويتمثل المحور الثاني في التدخل السياسي والامني الإيراني في مصر، عبر قوات وعناصر كتائب القسام وجماعات السلفية الجهادية أولا وثانيا من خلال المنهج الشيعي الذي يتخذ مطية للمرور إلى الشخصية المصرية، عبر الاتحاد مع الطرق الصوفية وجماعات آل البيت التي تؤيد إيران و السياحة الإيرانية، التي ينفذ من خلالها النظام الإيراني وينفذ أجندته السياسية. وتعلن السلطات المصرية باستمرار عن القبض على عناصر سلفية أو "جهادية" أو من "حماس" في سيناء دخلوا بطريقة غير شرعية ، وفي هذا الإطار تعلم "حماس" والقوى الدولية أن سيناء هي البوابة الخلفية لإسرائيل وان التواجد في سيناء هو قوة ل"حماس" وإيران في تهديد مصر وإسرائيل . القضب الامريكي والصعود الروسي وفي ذلك تنظر إيران وحماس إلى مصر على أنها لا تزال امتداد للسياسة والخيار الامريكي في المنطقة وبالتالي تواصل إيران مساعيها للتأثير في مصر بما يخرج مصر من الفلك الامريكي إلى الفلك الإيراني الروسي الصاعد، إيران تنظر إلى الإخوان المسلمين كامتداد للهلال الشيعي أو الهلال السياسي والامتداد الطبيعي لها في مصر، ولن تجد إيران فرصة أقوى من صعود الإخوان المسلمين على سدة الحكم، وهما المتقاربان منهجيا وعقديا . تهريب الأسلحة المستمر من ليبيا إلى سيناء ومن ثم إلى حماس يثبت ويؤكد التواجد الإيراني على الحدود الغربية لمصر، ولا يخفى على أحد تواجد السلفية الجهادية ممثلة في أنصار الشريعة الليبية على الحدود المصرية ،كما تتواجد إيران على الحدود الجنوبية لمصر ممثلة في النظام السوداني الإسلامي الذي سعى إلى الوحدة مع إيران ومن قبلها التنظيمات "السلفية الجهادية" .