انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع برئاسة المستشار الدكتور حمدي الوكيل - النائب الأول لرئيس مجلس الدولة - إلى إيراد كافة إيرادات سوق الجملة للخضر والفاكهة بدمنهور إلى الخزانة العامة دون خصم أية مصروفات من تلك الإيرادات تأكيداً لإفتاء الجمعية العمومية الصادر فى هذا الشأن. وصرح المستشار شريف الشاذلي - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المكتب الفني للجمعية العمومية أن الموازنة العامة للدولة عبارة عن برنامج مالي يصدر عن السلطة التشريعية، يعتمد على تقدير جميع الإيرادات وجميع أوجه الإنفاق لسنة مالية مقبلة بغية تحقيق أهداف محددة في إطار الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، ويحكم هذه الموازنة مبادئ عامة وأصول حاكمة، ومن تلك المبادئ مبدأ عمومية الموازنة بشقيه: عدم الخصم، وعدم التخصيص، والمقصود بعدم الخصم ضرورة أن تشمل الموازنة العامة للدولة جميع الإيرادات العامة وجميع النفقات العامة، بطريقة إجمالية دون خصم، أو إنقاص، أو اقتطاع أي منهما، بحيث يتعين إدراج كل منهما على استقلال دون إجراء مقاصة بينهما. أما المقصود بعدم التخصيص فهو عدم إفراد إيراد معين لنفقة محددة، وبذلك تتمكن السلطة التشريعية من ممارسة رقابتها على الإنفاق العام، ولا يمكن لتلك الرقابة أن تؤتي أكلها ولا أن تحقق ثمارها إذا أتيح للجهات الخاضعة لها أن تتحلل منها، أو تتنصل من مضمونها، لذلك استقر الأمر على أن القواعد القانونية المتعلقة بالصرف من الموازنة العامة هي قواعد آمرة من النظام العام فلا تجوز مخالفتها. وأضاف أن الأسواق العمومية من حيث كونها أماكن يرخص فيها بمباشرة نشاط التجارة بانتظام واضطراد تحت إشراف الحكومة أو إحدى الهيئات التابعة لها من خلال نظام قانوني معين بهدف أداء خدمة عامة للجمهور تندرج في مفهوم المرافق العامة، وقد أناط قانون نظام الإدارة المحلية بوحدات الإدارة المحلية إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها ونصت المواد(35، 43، 51) منه على اعتبار إيرادات تلك المرافق ضمن موارد الوحدة المحلية القائمة على إدارتها سواء كانت محافظة أو مركز أو مدينة، بغض النظر عن الجهة التي تولت إنشاءها، إذ وردت النصوص المشار إليها عامة في هذا الشأن، فلم تعن بتحديد الجهة التي تولت إنشاء المرفق العام، ولم تقتصر أحقية الوحدات المحلية في استئداء إيرادات المرافق العامة الواقعة في نطاقها على تلك التي أنشأتها بأموالها، ومن ثم فلا يكون هناك من سبيل لتخصيص عموم هذه النصوص باستبعاد إيرادات أحد المرافق العامة- كالأسواق العمومية – من موارد الوحدة المحلية القائمة على إدارتها بسند من إنشائها من أموال حساب الخدمات والتنمية المحلية بالوحدة المحلية. دون أن يغير من ذلك القول بأن إنشاء الأسواق العمومية يعد من قبيل الخدمات المحلية التي يجوز تمويلها من حساب الخدمات والتنمية المحلية ومن ثم تئول عوائدها إليه، إذ أن المادة (37) من قانون نظام الإدارة المحلية، وقد عددت موارد ذلك الحساب على سبيل الحصر دون أن تجعل من بينها العوائد التي قد تنتج من قيامه بتمويل الخدمات المحلية، بل جعلت المادة (38) منه تمويل الخدمات المحلية فقط ضمن استخدامات موارد الحساب المذكور فيغدو متعيناً أيلولة إيرادات الأسواق العمومية التي أنشئت أو التي ستنشأ من حساب الخدمات والتنمية المحلية إلى موارد الوحدات المحلية. وأضاف أن المشرع في قانون الإدارة المحلية سرى على وحدات الإدارة المحلية القواعد المنصوص عليها في القوانين، واللوائح المالية المطبقة على الحكومة، ومن بينها مبدأ عمومية الموازنة المقرر في المادة (9) من قانون الموازنة العامة المشار إليه والذي تخضع له جميع وحدات الجهاز الإداري للدولة، ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة الأمر الذي من مقتضاه أن تكون أيلولة موارد الأسواق العمومية كاملة إلى الوحدات المحلية دون خصم، أو إنقاص، أو اقتطاع لأية نفقة منها أياً كانت وعلى أن تقوم المحافظة، حفاظاً على انتظام سير العمل بتلك الأسواق، بتقدير كافة التكاليف المباشرة، وغير المباشرة لإدارتها، وتشغيلها، وتدرجها مع المستندات المؤيدة لها لدى إعداد الموازنة العامة للدولة عن سنة مالية مقبلة على ضوء من النتائج الفعلية لتنفيذ الموازنات السابقة ونتائج المتابعات المالية في السنة السابقة على سنة التقدير، ولها أن تستعين في ذلك بالدراسات والأبحاث الفنية والاقتصادية ذات الصلة، وأن تقوم تلك الوحدات بالإنفاق على الأسواق العمومية الواقعة في دائرتها في عامها الجاري من المبالغ المدرجة بموازنتها مع تحميل الموازنة العامة للدولة ما قد يقع من عجز في تلك المبالغ نتيجة اختلاف التقديرات. وترتيباً على ما تقدم وكان سوق الجملة للخضر والفاكهة بمدينة دمنهور من الأسواق العمومية الداخلة في عداد المرافق العامة ومن ثم تئول جميع إيراداته إلى موارد الوحدة المحلية التي يقع فيها هذا السوق طبقاً لقانون نظام الإدارة المحلية المشار إليه دون خصم أية مصروفات من تلك الإيرادات لتدخل بذلك في الموازنة العامة للدولة، نزولاً على مبدأ وحدة تلك الموازنة.