لو كان بيننا اليوم لساند الثورة، وشارك بها، وحارب فساد السياسة والثقافة بكل قوته، ووقف مع المواطن الفقير مطالبا بحقه فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. ولما لا وهو الذى قال فى روايته «محاولة الخروج»: ثمة شىء صغير فى داخلى، صغير لا يُلحظ، مختبئ، كامن، يقول لا دائما، وهنا يرفض كل مظاهر الفقر والقبح فى عالم الكادحين، ويحاول الخروج من واقع فقير ومؤلم إلى حياة حضارية. إنه عبدالحكيم قاسم، أهم كُتاب فترة الستينات، وأكثرهم تميزا، وبرغم ذلك تعرض للظلم الأدبى والسياسى معا، فلم يحصل على قدر كاف من التكريم الأدبى ولا حتى القراءة المتعمقة فى أعماله، كذلك تم اعتقاله أربع سنوات بسبب انتماءاته السياسية، وخلافه مع السلطة، ثم نفيه إلى ألمانيا ما يقرب من إحد عشر عاما. أسلوبه شديد العذوبة، يميل إلى السرد الروحانى الصوفى، كان مولعا باللغة وينحت منها جملا رصينة وجميلة، وفى الوقت نفسه لا يسمح لجماليات اللغة أن تسطو منه على المضمون الذى يريد أن يوصله للقارئ. ولد بطنطا عام 1934، ورحلته الأدبية بدأت مع انتقاله للقاهرة أواخر الخمسينات، فكان لنشأته القروية أثر كبير على أعماله الأدبية، فجاءت كتاباته معبرة عن إنسان القرية المصرية البسيط فى كل آلامه وأحلامه وتفاصيل حياته، كذلك عكست أعماله حياة الطبقات الشعبية المسحوقة والمتعطشة للحياة. وحسب ما ذكر موقع ويكيبيديا فهو توفى عام 1990م تاركا خلفه رصيدا أدبيا عبارة عن خمس مجموعات قصصية، ومسرحية، وخمس روايات، وأربع روايات قصيرة، من أهمها رواية «أيام الإنسان السبعة» التى نشرها عام 1986م وقال عنها الشاعر صلاح عبدالصبور حينذاك «إنها أحسن كتاب قرأته فى السنوات الخمس الماضية». منذ سنتين أصدر الكاتب محمد شعير كتابا بعنوان «كتابات نوبة الحراسة»،حاول فيه إعادة تسليط الضوء على هذا الأديب الذى غمرت أعماله النسيان، فلابد أن إبداعه اليوم بحاجة للرجوع إليه، وإعادة اكتشاف معرفة أسرار الجمال الأدبى عنده.