احتفلت الكنيسة الأرثوذكسية اليوم24 "بشنس"، الموافق الأول من يونيو بذكرى دخول العائلة المقدسة إلى مصر وهو أحد الأعياد السيدية الخاصة بالسيد المسيح. ووفق العقيدة المسيحية وما ذكر في الإنجيل المقدس بأن يوسف النجار، خطيب العذراء مريم، هرب من أرض فلسطين، وخرجت معه العذراء القديسة مريم راكبة على حمار ، وتحمل على ذراعيها يسوع المسيح، وقد أجمعت كل التقاليد الشرقية والغربية على أن مريم العذراء ركبت حمارًا، وسار يوسف النجار ممسكًا بمقود الحمار، حسب المتبع عادة في الشرق. ويتساءل البعض: لماذا مصر بالذات رغم أنها كانت مستعمرة رومانية شأنها شأن فلسطين، وحول ذلك يقول الأب لوقا عبد المسيح، راعي كنيسة العذراء، والقديس يوحنا الحبيب بجناكليس، المتخصص في تاريخ الكنيسة: إن مصر ذكرت في الكتاب المقدس (712) مرة، إلى حد أن الملكة فيكتوريا، ملكة إنجلترا الراحلة، قالت: "كنت أتمنى أن تذكر إنجلترا ولو مرة واحدة في الإنجيل"، ويضيف الأب لوقا: إن للكنيسة سبعة أعياد "سيدية" صغرى نسبة للسيد المسيح، وهي (دخول المسيح الهيكل، ختان المسيح، عرس قانا الجليل، الظهور لتوما، التجلي، خميس العهد، وعيد دخول المسيح أرض مصر)، وتحتفل به الكنيسة في 24 بشنس حسب التقويم القبطي كل عام، وذلك ليس فقط بإقامة الصلوات بل بالسير على نفس الطريق في كل الأماكن التي مرت بها العائلة المقدسة، وهي تقارب الأربعة وعشرين مكانًا، ويتطرق الأب لوقا إلى أن بلدنا المباركة مصر، منذ أن أسسها "مصرايم" من نسل سيدنا نوح، وهي ملجأ للجميع، وزارها سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء، ومن بعده زارها الأنبياء يعقوب ويوسف الصديق، ومنها انطلق موسى عليه السلام، كل هؤلاء مهدوا لزيارة السيد المسيح لها، ويشير أبونا لوقا إلى نبوءة ذكرت للنبي أشعياء عن تلك الزيارة(هو ذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى أرض مصر فترتجف الأوثان من جهة ويذوب قلب مصر داخلها) أشعياء 19:،1 ووفق المعتقد المسيحي فإن هناك مذبحًا في قلب مصر (دير المحرق 30 كم شمال اسيوط)، ومن المعروف أن القرآن الكريم خلد هذه الرحلة بوصف مصر على أنها ربوة ذات قرار ومعين أوي الله إليها، وكانت العائلة المقدسة سلكت من فلسطين طريق العريش، وصولًا إلى حصن بابليون بمصر القديمة، ثم دلفت إلى الصعيد، وعادت من طريق وادي النطرون والدلتا إلى سيناء ومنها لفلسطين، وليست رحلة العائلة المقدسة إلى أرض مصر، وفي داخلها بالأمر الهين بل إنها رحلة شاقة مليئة بالآلام والمتاعب، فلقد سارت السيدة العذراء حاملة الطفل يسوع، ومعها يوسف البار، عبر رحلة قاسية بين الصحاري والوديان متنقلة من مكان إلى مكان وقابلتهم مخاطر كثيرة، حيث تنتشر الوحوش الضارية في الصحراء، التي كانت تهدد حياتهم، وفي الرحيل عبر الصحراء، حيث كانت عادة المسافرين أن يسافروا جماعات لأنه بدون حماية قافلة منظمة يكون أمل النجاة ضعيفًا، وكانت زيارة المسيح في معتقد الكنيسة هو الذي مهد لزيارة مار مرقص لمصر. ومن مسطرد خرجت العائلة إلى مدينة بلبيس بالشرقية واستظلت شجرة سميت شجرة مريم، ومنها تحركوا إلى وادى النطرون ومنها إلى القاهرة حيث المطرية وعين شمس، ثم سارت العائلة المقدسة جنوبا إلى مصر القديمة حيث لجأت إلى مغارة صخرية، أقيمت عليها فيما بعد كنيسة أبى سرجة، ثم رحلت إلى شاطئ النيل بالمعادى حيث بنيت كنيسة السيدة العذراء المعروفة بالعدوية ومرت بمغاغة والبهنسا وجبل الطير ثم إلى الأشمونيين إلى جبل تسقام حيث يوجد الآن دير المحرق وهى من أهم المحطات وسميت بيت لحم الثاني ومكثت به العائلة ستة أشهر وعشرة أيام. ثم كان بعد ذلك طريق العودة.