الرئيس السيسي يجتمع مع قادة القوات المسلحة بالعاصمة الإدارية    وزير الري يعقد اجتماعا مع رؤساء الإدارات المركزية بالمحافظات ذات الواجهة النيلية    بمناسبة يومهم العالمي.. خلف الزناتي يوجه رسالة للمعلمين    احتفالا بانتصارات أكتوبر.. القوات المسلحة تفتح المتاحف العسكرية مجانا للجماهير    أسعار الذهب في بداية اليوم الأحد 5 أكتوبر    أسعار الفاكهة اليوم الأحد 5 أكتوبر في سوق العبور للجملة    أسعار الفراخ في أسيوط اليوم الأحد 5102025    وزير الاتصالات يعلن إطلاق نسخة مطورة من منصة إبداع مصر    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 5 أكتوبر 2025    إسرائيل تعترض صاروخًا أُطلق من اليمن دون وقوع أضرار    ترامب ينشر خريطة لخطوط الانسحاب الإسرائيلي من غزة    السوريون يدلون بأصواتهم لاختيار أعضاء مجلس الشعب    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه العنيف على مناطق متفرقة من قطاع غزة    بعد خماسية الريال وفرانكفورت.. موعد مباراة أتلتيكو ضد سيلتا فيجو والقناة الناقلة    رحيل فيريرا عن الزمالك.. مفاجآت في توقيت الإعلان والبديل بعد التعادل مع غزل المحلة    هشام حنفي: جماهير الزمالك فقط هي من تقف بجانب النادي حاليًا    إصابة 10 أشخاص في انقلاب ميكروباص بطريق «السعديين منيا القمح» بالشرقية    مصرع شخص وإصابة 10 في انقلاب ميكروباص بطريق شبرا بنها الحر    وزارة الصحة تكثف توفير الخدمات الطبية وأعمال الترصد في عدد من قرى محافظة المنوفية تزامناً مع ارتفاع منسوب مياه نهر النيل    رئيس هيئة الرعاية الصحية يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة "حماة الأرض" لبحث أوجه التعاون المشترك    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاحد 5-10-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    المطرب اللبناني فضل شاكر يسلم نفسه إلى الجيش    المملكة المتحدة: ندعم بقوة جهود ترامب للتوصل لاتفاق سلام في غزة    حماس: المجازر المتواصلة في غزة تفضح أكاذيب نتنياهو    اليوم.. محاكمة 5 متهمين في قضية «خلية النزهة الإرهابية» أمام جنايات أمن الدولة    متى يبدأ التشعيب في البكالوريا والثانوية العامة؟ التفاصيل كاملة    إبراهيم سعيد أمام محكمة الأسرة اليوم للطعن على قرار منعه من السفر    قدمها في حفل مهرجان نقابة المهن التمثيلية.. تامر حسني يستعد لطرح «من كان يا مكان»    د.حماد عبدالله يكتب: الوطن والأخلاق !!    مواقيت الصلاة اليوم الاحد 5-10-2025 في محافظة الشرقية    136 يومًا تفصلنا عن رمضان 2026.. أول أيام الشهر الكريم فلكيًا الخميس 19 فبراير    سموتريتش يحذر نتنياهو: دخول مفاوضات غزة دون قتال خطأ فادح    موعد انتخابات مجلس النواب 2025| الخطة الزمنية والتفاصيل كاملة    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    بيراميدز يسعى للتأهل لدور 32 بدوري أبطال أفريقيا على حساب الجيش الرواندي، اليوم    عمر كمال يبدأ مرحلة جديدة.. تعاون مفاجئ مع رامي جمال وألبوم بعيد عن المهرجانات    استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا.. حلمي طولان يعلن قائمة منتخب مصر الثاني المشاركة في بطولة كأس العرب    مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة.. بيراميدز وبرشلونة والسيتي    استقرار نسبي..اسعار الذهب اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويفى    «اللي جاي نجاح».. عمرو سعد يهنئ زوجته بعيد ميلادها    «مش عايزين نفسيات ووجع قلب».. رضا عبدالعال يشن هجومًا لاذعًا على ثنائي الزمالك    شوبير يكشف موعد إعلان الأهلي عن مدربه الجديد    في اليوم العالمي للصيادلة.. نائب محافظ سوهاج ووكيل وزارة الصحة يكرمان قيادات مديرية الصحة والمتفوقين من أبناء الصيادلة    سلاف فواخرجى تكشف عن تدمير معهد الموسيقى فى سوريا    اعرف تردد مشاهدة "قيامة عثمان" بجودة HD عبر هذه القناة العربية    لسرقة قرطها الذهبى.. «الداخلية» تكشف حقيقة محاولة اختطاف طفلة بالقليوبية    تشييع جثامين 4 ضحايا من شباب بهبشين ببنى سويف فى حادث الأوسطي (صور)    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    9 أيام إجازة في شهر أكتوبر 2025 للطلاب والقطاعين العام والخاص.. موعد اَخر عطلة رسمية في العام    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    لعلاج نزلات البرد.. حلول طبيعية من مكونات متوفرة في مطبخك    أعراض متحور كورونا «نيمبوس» بعد تحذير وزارة الصحة: انتشاره سريع ويسبب آلامًا في الحلق أشبه ب«موس الحلاقة»    تامر حسني يشعل افتتاح مهرجان «المهن التمثيلية» بأغنية «حكاية مسرح» | صور    اندلاع حريق في «معرض» بعقار سكني في شبرا الخيمة بالقليوبية    دراسة حديثة: القهوة درع واق ومُرمم لصحة الكبد    كيف نصل إلى الخشوع في الصلاة؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفاصيل اتهام الإخوان ل"عبد الناصر" بالماسونية والعمالة والكفر
نشر في الموجز يوم 24 - 03 - 2013

لا يحتاج عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة أن يبذل جهدا كبيرا ليعرف أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لم يكن فاشلا كما يزعم وانه كان صاحب رؤية تنحاز للفقراء وليس لجماعة بعينها مثلما ينحاز الرئيس محمد مرسى الآن.. على "العريان" فقط أن يقوم بزيارة سريعة لأى قرية فى ريف مصر وهناك سيجد ثلاثة أبنية ربما تكون محتفظة ببقايا لونها الأصفر حتى الآن.. أحد هذه الأبنية عبارة عن مدرسة ابتدائية والثاني وحدة صحية والثالثة جمعية زراعية.. هذا ما فعله عبد الناصر وتركه للمصريين بعدما أدرك أن مشكلاتهم تتركز فى ثلاث هى الفقر والجهل والمرض فانطلق عبر مشروع فكرى متماسك لعلاج هذه الآفات الثلاث وذلك على عكس ما يزعم لعريان من ان الزعيم الراحل لم يكن له مشروع متماسك.
سيظل "عبد الناصر" فى مرمى نيران جماعة الاخوان المسلمين مهما مرت السنون وطالت.. سيظل أيضا عقدتهم لأنه كشف مخطاطاتهم قبل غيره وعرف نواياهم فى السيطرة على مقاليد مصر لصالح الجماعة.. من هذا المنطلق كان الزعيم الراحل دوما عرضة لتطاولات قيادات الإخوان المسلمين ولم يشفع له لديهم انه كان دوما ملكا لشعبه وليس لفصيل بعينه.
ورغم الأحداث التى شهدتها منطقة المقطم يوم الجمعة الماضى من اشتباكات بين المتظاهرين وشباب الإخوان المسلمين فى جمعة "رد الكرامة" إلا أن ذلك لم يمنع الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة من تقمص دور المؤرخ للفترة الناصرية ولدور "عبد الناصر" الذى وصفه ب"الفاشل الذى نال جزاءه من جنس عمله".. فقد كتب عبر تدوينة له على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" إن التاريخ مخزن ذاكرة الأمم، وأمة بلا تاريخ هى أمة بل وعى، والتاريخ كتبه المنتصرون ويعيد كتابته المؤرخون بعد أكثر من خمسين سنة من رحيل صناع الأحداث.
وأضاف العريان.. استمرارا لسفود التاريخ – فى إشارة للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، أنه لم يكن معروفا بميول سياسية، وتقلب بين التنظيمات السرية، الإخوان والشيوعيين، ولم يطلق برنامجا واضحا له تماسك فكرى، وأطلق فكرة القومية العربية ونادى بالوحدة العربية، والحقيقة أنه فشل تماما، فحارب حزب البعث، وعادى التنظيمات العروبية بالشام والعراق.
وتابع القيادى الإخوانى: الوحدة مع سوريا كانت دون تخطيط ولا إعداد، بل جاءت استجابة لأزمة سوريا داخلية، وسرعان ما فشلت وانفصلت سوريا، وبقى لنا الاسم "الجمهورية العربية المتحدة" نهتف بها فى طوابير المدارس، كما حاول محاولات أخرى، وحاول خليفته، وكان الفشل الذريع.
وأضاف العريان: عبد الناصر فشل لأنه قسم العرب بين ثوريين ورجعيين، اشتراكيين ورأسماليين، جمهوريين وملكيين، وشتم بأقذع الأوصاف قادة وملوك، فكان الجزاء من جنس العمل، واضطر لمد يده لهم يطلب العون والدعم لخوض معركة لم يكملها، وكانوا أكرم وأفضل فلم يتأخروا ولم يبخلوا ولم ينتقموا لأنفسهم، لأن مصر أكبر من أى رئيس أو مسئول.
هجوم العريان على عبد الناصر لم يتوقف عند هذا الحد وانما تطرق اليه فى تدوينة اخرى عندما تطرق للحديث عن المشكلة الفلسطينية حيث قال "عاش الفلسطينيون عمرا على أمل أن تقاتل عنهم الجيوش العربية، وقاتلت وانهزمت ولم تتحرر الأرض المحتلة، وعاش الفلسطينيون والعرب عهد الفصائل العلمانية التحررية التى انقسمت وتبعثرت بين الأنظمة الثورية، فانشغلت الفصائل بخطف الطائرات والاقتتال فيما بينها لحساب الحكومات العربية التى باعت القضية".
وتابع العريان قائلا: "عندما أتى أوباما ليودع المنطقة بعد أن انقشع غبار الحروب الفاشلة الأفغانية والعراقية، وعدم القدرة على تحمل المزيد من الخسائر العسكرية والبشرية والمادية، يلومونه على نسيان القضية، اليوم المسلمون والعرب والفلسطينيون أمام تحدى تحمل مسئولية تحرير المقدسات الإسلامية والمسيحية، وإنقاذ الشعب العربى من أوهام الحقبة الاشتراكية والقومية والعنتريات الناصرية والبعثية والشيوعية.
والواضح أن ما فعله "العريان" يأتى فى إطار منهج يعمد إليه الإخوان المسلمون دائما فى موقفهم من ثورة يوليو والزعيم الراحل جمال عبد الناصر حيث إلحاق كل الاتهامات به بداية من اتهامه بالكفر والإلحاد والماسونية ونهاية بالشيوعية والعمالة للإمبريالية الأمريكية والصهيونية في وقت واحد ومرورا بالادعاء بأن والدته السيدة فهيمة محمد حماد يهودية الأصل رغم أنها من أسرة مصرية مسلمة من مدينة الإسكندرية.
وربما تنسى أو تتناسى جماعة الإخوان المسلمين وهى تلصق هذه الاتهامات بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر عددا من الحقائق التي يثبتها التاريخ ولا تستطيع جماعة الإخوان المسلمين إنكارها وهى حقائق كفيلة بدحض هذه الاتهامات جملة وتفصيلا.. فالجماعة سبق وان اتهمت عبد الناصر بالماسونية رغم أنه هو الذي أصدر قرارا بإغلاق المحافل الماسونية ونوادي الروتارى والليونز والمحافل البهائية.. كما تم إلغاء تراخيص العمل الممنوحة للنسوة العاملات بالدعارة التي كانت مقننة في العهد الملكي وتدفع العاهرات عنها ضرائب للحكومة مقابل الحصول على رخصة العمل والكشف الطبي.
الغريب أن جماعة الإخوان المسلمين اتهمت عبد الناصر بالعمالة للصهيونية رغم انه أشرس من تصدوا للصهيونية العالمية وحاربوها على امتداد فترة حكمه وقبل ذلك أيضا بداء من حرب 1948 ثم العدوان الثلاثى عام 1956 ثم حرب 1967 وحرب الاستنزاف.
كفر وإلحاد
يتهم الإخوان المسلمون جمال عبد الناصر بالكفر والإلحاد والعداء للإسلام متجاهلين في ذلك عددا من الحقائق التاريخية أبرزها أن الرجل هو أول حاكم مسلم في التاريخ يتم في عهده جمع القرآن الكريم مسموعا (مرتلا ومجودا) في ملايين الشرائط والاسطوانات بأصوات القراء المصريين.. كما يتناسى الإخوان انه فى عهد جمال عبد الناصر تم زيادة عدد المساجد في مصر من 11 ألف مسجد قبل الثورة إلى 21 ألف مسجد عام 1970 أى أنه في خلال 18 سنة هى فترة حكم الرجل تم بناء عدد 10الاف مسجد وهو ما يعادل عدد المساجد التى بنيت في مصر منذ الفتح الإسلامي وحتى عهد عبد الناصر.
يتجاهل الإخوان المسلمون أيضا انه في عهد عبد الناصر تم تطوير الأزهر الشريف وتحويله لجامعة عصرية تدرس فيها العلوم الطبيعية بجانب العلوم الدينية.. وفى عهده أيضا تم بناء آلاف المعاهد الأزهرية والدينية في مصر وتم افتتاح فروع لجامعة الأزهر في العديد من الدول الإسلامية.. كما أنشأ عبد الناصر مدينة البعوث الإسلامية التي كان ومازال يدرس فيها عشرات الآلاف من الطلاب المسلمين على مساحة ثلاثين فداناً تضم طلابا قادمين من الدول الإسلامية يتعلمون في الأزهر مجانا ويقيمون في مصر إقامة كاملة مجانا أيضا.. كما أنشأ عبد الناصر أيضا منظمة المؤتمر الإسلامي التي جمعت كل الشعوب الإسلامية.. وساند كل الدول العربية والإسلامية في كفاحها ضد الاستعمار.
وينسى الإخوان المسلمون أنه في عهد عبد الناصر تم جعل مادة التربية الدينية مادة إجبارية يتوقف عليها النجاح أو الرسوب كباقي المواد الدراسية لأول مرة في تاريخ مصر بينما كانت اختيارية في النظام الملكي.. كما ينسى الإخوان انه فى هذا العهد الذي يبغضونه تم ترجمة القرآن الكريم إلى كل لغات العالم وإنشاء إذاعة القرآن الكريم التي تذيع القرآن على مدار اليوم.
ويصر الإخوان المسلمون على تجاهل ان عهد عبد الناصر شهد تنظيم مسابقات تحفيظ القرآن الكريم على مستوى الجمهورية والعالم العربى والعالم الإسلامى وكان الرئيس الراحل يوزع بنفسه الجوائز على حفظة القرآن.. وفى عهده أيضا تم وضع موسوعة جمال عبد الناصر للفقه الإسلامى والتي ضمت كل علوم وفقه الدين في عشرات المجلدات وتم توزيعها في العالم كله.
وقبل كل ذلك احتل الدين جانبا كبيرا في فكر جمال عبد الناصر قبل الثورة وليس أدل على ذلك من كتابه "فلسفة الثورة" الصادر عام 1953 والذي تناول فيه الدوائر التى ستتحرك فيها السياسة المصرية ومنها الدائرة الإسلامية التى تتداخل مع الدائرة العربية والدائرة الأفريقية ولعل هذا ما يبرر مساندته للدول الإسلامية فى صراعها ضد الاستعمار.
كل ما سبق يؤكد أن عبد الناصر لم يكن معاديا للدين ولم يكن ملحدا بل كان أقرب حكام مصر فهما لروح الدين ودوره في حياة الشعوب وأهمية إضفاء المضمون الاجتماعي في العدالة والمساواة عليه.. كما يؤكد أيضا أن
صراع جماعة الإخوان المسلمين مع الرئيس الرحل لم يكن صراعا دينيا أبدا بل كان صراعا على السلطة وحكم مصر وعندما فشلوا في محاولاتهم قرروا تديين الصراع ليكون صراعا بين الإسلام الذي يتوهمون أنهم حماته وبين الإلحاد الذي ألصقوه زورا بجمال عبد الناصر ونظام حكمه.
المخابرات الأمريكية
من بين الاتهامات التي يوجهها قيادات جماعة الإخوان المسلمين إلى عبد الناصر تدبير محاولة اغتياله بالمنشية بالاسكندرية عام 1954 ثم تدبيره لمؤامرتهم بقلب نظام الحكم عام 1965وذلك في إطار حقده الدفين عليهم وسعيه لتدمير جماعتهم.. رغم أن شهادات الإخوان أنفسهم الذين قاموا بمحاولة اغتياله تؤكد أنهم قاموا بهذه المحاولة.
يتهم الإخوان المسلمون عبد الناصر انه كان عميلا لمخابرات عدد من الدول الغربية مثل المخابرات الأمريكية والبريطانية متناسين في ذلك العداء الشديد بين عبد الناصر وبين هذه الدول على خلفية عدد من المواقف السياسية أبرزها ما ارتبط ببناء السد العالي وموقف هذه الدول من تمويل المشروع ثم تأميم قناة السويس ومساندة الثورة الجزائرية ثم العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 فضلا عن مساندة الدول العربية والإفريقية ودول العالم الثالث فى قارات العالم الأخرى فى صراعها ضد الاستعمار فضلا عن عدائه مع الكيان الصهيوني ربيب هذه الدول ورأس حربتها فى المنطقة.. والتساؤل.. كيف يمكن وسط هذه المشاهد السياسية أن يكون عبد الناصر عميلا لمخابرات هذه الدول؟!.
ونظرة سريعة على كتابات عدد من المؤرخين والكتاب الغربيين تؤكد أن الإخوان الذين يرمون عبد الناصر بتهمة العمالة للمخابرات الأمريكية والبريطانية كانوا أنفسهم عملاء لهذه الدول التى حاولت استغلال الجماعة فى هدم الدولة الناصرية لصالح الكيان الصهيوني وحفاظا على مصالحها الاستعمارية في المنطقة بعد أن تلاقت مصالح الجماعة مع مصالح هذه الدول فى إسقاط عبد الناصر.. وفى هذا السياق كشف المؤرخ والكاتب البريطانى الشهير ستيفن دوريل في كتابه الوثائقى "إم آى سكس: مغامرة داخل العالم السرى لجهاز المخابرات البريطانية" المعتمد على وثائق المخابرات البريطانية والأمريكية والسويسرية والألمانية عن تفاصيل عمالة عدد من قيادات الجماعة لأجهزة المخابرات العالمية.. يقول دوريل أنه "بعد تفجر الصراع بين محمد نجيب وعبد الناصر في عام 1954 والذى انتهى لصالح عبد الناصر وأعقبه نجاحه في التوصل لاتفاقية جلاء كامل مع البريطانيين بدأت المخابرات البريطانية التفكير في تدبير انقلاب للإطاحة بنظام حكم جمال عبد الناصر.. وقد وجدت المخابرات البريطانية ضالتها في جماعة الإخوان المسلمين كأفضل قوة لتنفيذ هذا المخطط وخصوصا بعد تفجر الصراعات بينهم وبين جمال عبد الناصر".
محطات تاريخية
فى هذا الإطار تحديدا هناك من عدد من المحطات التاريخية التي شهدتها مصر فى عهد جمال عبد الناصر يجب أن تتوقف عندها جماعة الإخوان المسلمين لمحاسبة أنفسهم قبل ان يلصقوا الاتهامات بهذا الرجل.. ومن ابرز هذه المحطات محطة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 عندما شنت دول بريطانيا وفرنسا وإسرائيل عدوانا غاشما على مصر بسبب تأميم قناة السويس ومساندة مصر للثورة الجزائرية حيث اتخذ الإخوان المسلمون فى هذا الوقت موقفا حياديا ورفضوا المشاركة مع القوى الشعبية فى صد العدوان.
هناك موقف آخر لا يمكن نكرانه من الإخوان المسلمين أنفسهم يتمثل في لجوء قادتهم إلى الإقامة في بلدان عربية تحكمها نظم كان بينها وبين مصر وما تمثله من قيم ثورية وقومية فى تلك الفترة عداء شديد وهو ما مكن هذه الدول من استغلال هذه القيادات كرأس حرب للنيل من مصر ومن عبد الناصر من أجل صد المد الثوري المصري لدولهم الملكية.
على جماعة الإخوان المسلمين أن تتوقف عند الفترة التي أعقبت ثورة يوليو عندما حرص عبد الناصر على استمرار التعاون والتواصل مع الإخوان المسلمين واستثنى حزبهم من قرار حل الأحزاب في يناير 1953 لكنهم رغبوا في فرض الوصاية على عبد الناصر وطلبوا ألا يصدر قرارا أو قانونا إلا بعد أن يقره مكتب الإرشاد الإخواني وكان طبيعيا أن يرفض عبدالناصر ذلك.. وعلى قيادات الإخوان ان تتذكر أيضا ان حسن الهضيبي مرشد الإخوان فى ذلك الوقت رفض خفض الحد الأدنى للملكية الزراعية للفرد إلى 200 فدان في الإصلاح الزراعي الأول كما رفض الإخوان المشاركة في الوزارة وعندما قبل الشيخ الباقوري الاشتراك فى وزارة الثورة قاموا بفصله من عضوية الإخوان.
ورغم كل ما حدث بين عبد الناصر والإخوان المسلمين كان الأول حريصا على استعادة الود المفقود مع "الجماعة" وهذا ما تجلى فى اجتماع عقد في 20 سبتمبر عام 1954 بين ستة من ممثلي الإخوان وبين أعضاء من مجلس قيادة الثورة وكان الغرض من هذا الاجتماع حل الخلاف المتفاقم بين الإخوان وبين جمال عبد الناصر وبعد ست ساعات من التداول تم الاتفاق على إمكانيات الصلح على أن تكون البداية بوقف الإخوان حملاتهم الدعائية مقابل الإفراج عن معتقليهم لكن الهيئة التأسيسية للإخوان سارعت برفض الاتفاق.
على الإخوان المسلمين أن يتذكروا أن رغبتهم في الاستحواذ على السلطة وإسقاط عبد الناصر دفعتهم إلى التحالف مع خصومهم القدامى من الوفديين والشيوعيين المعادين وقتها لعبد الناصر حيث بدأوا اتصالاتهم مع محمد نجيب الذي كان يحلم بالسلطة الحقيقية وسعوا إلى دفع عناصرهم التنظيمية في الجيش والشرطة للقيام بانقلاب عسكري واشتبك متظاهروهم مع قوات الشرطة في صدام بالأسلحة النارية في يناير 1954 وبعدها أصدر مجلس قيادة الثورة قراره بحل جماعة الإخوان واعتقال قادتها.
على الإخوان المسلمين وهم يلصقون كل هذه الاتهامات بعبد الناصر أن يتذكروا انه بينما كان الرجل يحقق نجاحات هائلة سحب بها البساط من تحت أقدامهم بدءا من تحرر مصر من الاحتلال البريطانى نهائيا ثم تأميم قناة السويس وصد العدوان الثلاثى وتمصير الصناعة المصرية وتاميم وتنفيذ الخطة الخمسية الأولى (1960 - 1965) وتحقيق أعلى نسبة تنمية اقتصادية فى العالم الثالث وذلك باعتراف البنك الدولي المعادي لعبد الناصر فضلا عن بناء السد العالى.. بينما كان كل ذلك يتحقق على ارض الواقع ويشعر بنتائجه كل عامل وفلاح مصري كان الإخوان مشغولون بشئ آخر هو إنشاء تنظيم سرى أوكلت قيادته إلى سيد قطب وهدف إلى تنفيذ عدد من الاغتيالات ونسف الكباري والجسور ومحطات الكهرباء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.