تحل اليوم ذكرى رحيل عبدالخالق ثروت، صاحب أشهر الشوارع فى منطقة وسط البلد، وهو اسم لأحد الساسة الكبار، الذى ينتمى إلى أسرة فيها العديد ممن تقلدوا المناصب القيادية والهامة وقيل إنه من سلالة محمد على باشا، ولم يكن أحد يتوقع أن يكون للشارع الذى ارتبط اسمه باسم عبدالخالق ثروت مقرا لأهم النقابات الفكرية فى مصر وهى نقابة الصحفيين، حيث كانت له تجربته فى تأسيس أول مجلة مصرية للقانون، وسجل عبدالخالق ثروت ممتلئ بالعلامات المميزة من خلال الوظائف التى تقلدها حيث اتجه للعمل فى قلم قضايا الدائرة السنية، ثم إلى نظارة الحقانية بوظيفة سكرتير لمستشار الحقانية، واستمر ف الترتقي حتى أصبح مستشارًا بمحكمة الاستئناف الأهلية، ثم تقلد منصب وبقي شاغلًا منصب سكرتير المستشار القضائي، ثم عمل نائبًا عموميًا (1908-1914)، وهو أول مصري يتولى هذا المنصب، وأصبح وزيرًا للحقانية في وزارة حسين رشدي الأولي (5 إبريل 1914-19 ديسمبر 1914)، وتكرر اختياره للحقيبة الوزارية 3 مرات، ثم عين وزيرًا للداخلية في وزارة عدلي يكن الأولي (16 مارس 1921-24 ديسمبر 1921)، ثم شكل وزارته الأولى (الأول مارس 1922-29 نوفمبر 1922) واحتفظ فيها بوزارتي الداخلية والخارجية، ولا يختلف أحد على أن قمة أعمال عبدالخالق ثروت، السياسية في الوزارة الأخيرة انتزاعه ما عرف بتصريح 28 من فبراير عام 1922 من انجلترا وبموجبه اعترفت بمصر دولة مستقلة ذات سيادة . ولد "عبدالخالق ثروت" في درب الجماميز عام 1873، والده "إسماعيل عبدالخالق" من كبار المسئولين عن الشئون المالية في عهد الملك فؤاد الأول، وأمه تنتمي إلى أصول تركية، وجده "عبدالخالق أفندي" كان من كبار الحكام في أوائل عهد محمد علي"، وقيل إنه يمت لأسرة محمد علي بصلة قرابة. تعتبر قمة أعماله السياسية في الوزارة الأخيرة انتزاعه ما عرف بتصريح 28 من فبراير عام 1922 من انجلترا وبموجبه اعترفت بمصر دولة مستقلة ذات سيادة مع تحفظات أربعة (إعلان 15 مارس1922)، وتغير لقب فؤاد من السلطان إلى الملك، ووافقت الحكومة البريطانية على السماح لمصر بإرسال بعثات دبلوماسية للخارج، وقد بدأ ذلك عام 1923، وكانت هذه هي المرة الأولى منذ الغزو العثماني لمصر عام 1517، أن تبعث مصر بسفراء إلى العالم الخارجي. تخرج "ثروت" من كلية الحقوق عام 1889، وكان واحدًا من مؤسسي أول مجلة مصرية للقانون، ثم عين في قلم قضايا الدائرة السنية، ثم انتقل إلى نظارة الحقانية بوظيفة سكرتيرًا للسير جون سكوت – مستشار الحقانية، واستمر يرتقي درج الوظائف القضائية حتى أصبح مستشارًا بمحكمة الاستئناف الأهلية. وبقي شاغلًا منصب سكرتير المستشار القضائي الجديد "مالكوم ماكلريث"، ثم انتقل مستشارًا للجنة المراقبة القضائية، وتبوأ منصب مدير أسيوط (1907-1908)، ثم نائبًا عموميًا (1908-1914)، وهو أول مصري يتولى هذا المنصب. تولى الادعاء ضد المجموعة التي اتهمت باغتيال بطرس غالي 1910 ، اختير وزيرًا للحقانية في وزارة حسين رشدي الأولي (5 إبريل 1914-19 ديسمبر 1914) والثانية (19 ديسمبر 1914-9 أكتوبر 1917)، والثالثة (10 أكتوبر 1917-9 إبريل 1919)، والرابعة (9-22 إبريل 1919)، ثم وزيرًا للداخلية في وزارة عدلي يكن الأولي (16 مارس 1921-24 ديسمبر 1921)، ثم شكل وزارته الأولى (الأول مارس 1922-29 نوفمبر 1922) واحتفظ فيها بوزارتي الداخلية والخارجية. عين وزيرًا للخارجية في وزارة عدلي يكن الثانية (7 يونيه 1926-21 إبريل 1927)، وشكل وزارته الثانية الائتلافية في (25 أبريل 1927-16 مارس 1928)، واحتفظ بمنصب وزير الداخلية منها، ولكنه قدم استقالته إثر رفض مجلس النواب لنتائج مفاوضاته مع تشمبرلين. من أهم أعماله أيضا قيامه بتشكيل لجنة من كبار رجال مصر، لتضع دستور عام 1923، وفقًا للنظم السائدة آنذاك قام بتعديل قانون تحقيق الجنايات، وتغيير بعض لوائح المحاكم المختلطة، كما الغى وظائف المستشارين الانجليز في الوزارات الحكومية، باستثناء مستشاري المالية والحقانية، وقصر مهمتهما علي إبداء الرأي والمشورة، كما أبطل حضور المستشار المالي الانجليزي جلسات مجلس الوزراء، أصبح الموظفون الأجانب تابعين لسلطة الوزير المصري، وأخذ في إحلال المصريين محل الأجانب في الجهاز الإداري للدولة. الغى الأحكام العسكرية. وأيضا نال شهر عظيمة بتوليه الادعاء ضد المجموعة التي اتهمت باغتيال بطرس غالي باشا سنة 1910 ولم يتوقف عطاء "ثروت" في الشأن السياسي فقط، بل امتدت خبرته القانونية رياضيا، فهو مؤسس قانون النادي الأهلي، أثناء فترة رئاسته للنادي من 9 فبراير 1916 وحتى 14 فبراير 1922. وبحسب تخليد "الأهلي" له فهو يصفه بأن التاريخ سيذكر له موقفًا يجسد مبادئ النادي الأهلي منذ السنوات الأولي عندما تعامل بحزم مع مجموعة من لاعبي فريق كرة القدم طلبوا الرحيل من النادي بشكل لم يلق قبولًا لدى المجلس برئاسة ثروت باشا، الذي أعلن عن موافقته على رحيل اللاعبين مع قرار صارم بإيقافهم من دخول النادي لمدة عام، وفي النهاية قدم 4 من اللاعبين اعتذارًا مكتوبًا مع طلب بالعودة لصفوف الفريق. كما ساهم في نشر العلوم والمعارف، حيث شاعت طباعة الكتب على يديه هو ورجال من أمثال الشيخ محمد عبده بعد أن عرفت مطبعة بولاق، وجاء ذلك في مطلع القرن العشرين. فشارك في طباعة كتاب " المخصص" وهو من كتب التراث النادرة الذي بدأ طبعه بمطبعة بولاق عام 1898م، وتمت الطباعة سنة 1903م أي استغرقت طباعته خمس سنوات. ولم تكن مشاركة عبدالخالق ثروت باشا في طبع المخصص هي الوحيدة في هذا المجال، بل أشار على دار الكتب المصرية بطبع كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة لما له من أهمية كبيرة في إبراز تاريخ مصر وحضارتها، ولما كان للأوربيين من اهتمام بالغ به. كما اعتبره "سعد زغلول" خطيبًا مفوهًا لمجموعات معينة كالمحامين والموظفين والمهنيين، فعندما سمعه يتحدث في افتتاح الجامعة، قال "سعد" دون تردد: "إن خطابه أحسن الخطب تلاوة وإلقاء ومعنى وعبارة" ولقد طرب "ثروت" عندما سمع كلام "سعد باشا" عنه.