«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تيريزا ماي .. قصة السيدة التى أعلنت الهزيمة
نشر في الموجز يوم 08 - 06 - 2019


لعنة الاتحاد الأوربى
بريطانيا تدخل النفق المظلم
فرنسا وهولندا وألمانيا يرحبون بسقوط المملكة .. وروسيا تعلن التفاؤل بعد رحيل رئيسة الوزراء
أعلنت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، الجمعة، أنها ستستقيل في السابع من يونيو، في خطوة تمثل تلبية لمطالب من داخل حزب المحافظين الذي تتزعمه، وتمهد الطريق أمام تولي زعيم جديد يحاول كسر الجمود الذي يكتنف عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست). وما من شك في أن رحيل تيريزا ماي، سيزيد من عمق أزمة بريكست، إذ يرجح أن يرغب الزعيم الجديد في انفصال أكثر حسما وهو ما يزيد احتمالات الصدام مع الاتحاد الأوروبي وربما إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، كما طالبت المعارضة العمالية، لا يمكن التنبؤ بنتائجها. ويريد معظم المرشحين البارزين لخلافة ماي اتفاق خروج أكثر صرامة وإن كان الاتحاد الأوروبي قال إنه لن يعيد التفاوض على اتفاق الانسحاب المبرم مع بريطانيا في نوفمبر الماضي.
في خطوة استباقية حذّر رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي من أنّ الاتّحاد الأوروبي لن يقبل بإعادة التفاوض على اتفاق بريكست مع الشخصية التي ستخلف تيريزا ماي. وبعد ساعات على إعلان ماي استقالتها بسبب إخفاقها ثلاث مرات في تمرير اتفاق بريكست في البرلمان البريطاني، قال روتي خلال مؤتمر صحافي في لاهاي إنّ "اتفاق الانسحاب ليس قابلاً لإعادة التفاوض عليه". وأضاف أنّ الغموض المحيط بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "زاد بدلاً من أن يقلّ"، مشدّداً في الوقت نفسه على أنّ "هولندا مستعدة لكلّ الاحتمالات، بما في ذلك سيناريو خروج (بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) من دون اتفاق". وأضاف رئيس الوزراء الهولندي "المشكلة لا تكمن في تيريزا ماي" بل في الشروط الصارمة التي وضعتها بريطانيا لإبرام أي اتفاق مع بروكسل. وأعلن روتي في مؤتمره الصحافي أنّه اتّصل بماي عقب إعلانها استقالتها. وقال "لقد اتّصلت بها على الفور صباح اليوم وقلت لها إنّني أعتقد أنّ ما قامت به في السنوات الأخيرة كان شجاعاً وأنّها عملت في ظروف غاية في الصعوبة للتوصّل إلى بريكست".
موقف روتي هذا الأكثر تشدّداً بين المواقف التي عبّر عنها القادة الأوروبيون حتى الساعة، وهو يضع بعضاً من الطامحين لخلافة ماي في مأزق لأنّهم قالوا إنهم سيسعون لإعادة التفاوض على اتفاق بريكست الذي أبرمته ماي مع بروكسل. وكان وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، المرشح الأوفر حظا لخلافة ماي، أول من بادر بالتعليق وقال إنه ينبغي لبريطانيا الاستعداد لترك الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق لإجبار التكتل على عرض "اتفاق جيد". وأضاف جونسون "مهمة زعيمنا القادم يجب أن تكون إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بشكل صحيح وإتمام عملية بريكست بنجاح". وقال جونسون في مؤتمر اقتصادي بسويسرا مخاطبا مؤيدي الانفصال داخل حزب المحافظين "سنترك الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر باتفاق أو بدون اتفاق". وبهذا ازداد احتمال خروج لندن من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق في وقت لاحق هذا العام.
من جانبها، أعلنت المفوضية الأوروبية، يوم الجمعة، أن استقالة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي "لا تغير شيئا" في موقف الدول ال27 الأعضاء بشأن الاتفاق المبرم حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست). وقالت المتحدثة باسم رئيس المفوضية الأوروبية مينا أندريفا: "سنحترم رئيس الوزراء الجديد لكن ذلك لا يغير شيئا في الموقف الذي اعتمده المجلس الأوروبي حول اتفاق خروج" بريطانيا من الاتحاد. وبينما أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ب"العمل الشجاع" الذي قامت به تيريزا ماي، إلا أنه دعا إلى "توضيح سريع" لملف بريكست واعتبر ماكرون أن هذا القرار "ينبغي أيضا أن يذكر، في لحظة خيار مهمة، بأن التصويت بالرفض من دون مشروع بديل يؤدي إلى مأزق"، في إشارة إلى الانتخابات الأوروبية وإلى ملف بريكست. وأضاف أن ماي "قامت بعمل شجاع لتنفيذ بريكست لما فيه مصلحة بلادها واحترام شركائها الأوروبيين"، موجها إليها "رسالة دعم وشكر شخصية".
الرئيس الفرنسي قال: "يعود إلى المملكة المتحدة، وفق آلياتها، أن تسمي رئيسا جديدا للوزراء. إن فرنسا مستعدة للعمل مع رئيس الوزراء البريطاني الجديد حول كل الموضوعات الأوروبية والثنائية. إن علاقتنا مع المملكة المتحدة أساسية في كل المجالات". وتابع ماكرون: "من المبكر جدا التكهن بنتائج هذا القرار. سيستمر تنفيذ مبادئ الاتحاد الأوروبي وخصوصا أولوية الحفاظ على حسن سير عمل الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يتطلب توضيحا سريعا". في حين أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن احترامها لقرار رئيسة الوزراء البريطانية بالاستقالة. وقالت نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية مارتينا فيتس اليوم في برلين إن ميركل تعاونت مع ماي دائما على نحو مفعم بالثقة وستواصل ذلك طوال فترة بقاء ماي في السلطة. ولم تدل المتحدثة بتقييم عن آثار هذا القرار على الخروج المخطط لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن الحكومة الألمانية ترعى تعاونا وثيقا مع بريطانيا، وقالت: "وسيستمر الأمر على هذا النحو".
أما في روسيا، فأعلن الكرملين أن رئاسة تيريزا ماي للحكومة البريطانية "كانت فترة صعبة جدا" في العلاقات الثنائية بين البلدين. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للصحافيين إن "رئاسة ماي للحكومة جاءت خلال فترة صعبة جدا في علاقاتنا الثنائية". وأضاف: "للأسف لا يمكنني أن أتذكر أي شيء ساهم في تطوير العلاقات الثنائية بين روسيا وبريطانيا". ورفض التعليق على الاستقالة بحد ذاتها قائلا بأن روسيا "تتابع بانتباه شديد كل العمليات المرتبطة ببريكست والتي لا تؤثر فقط على بريطانيا وإنما أيضا على الوضع في الاتحاد الأوروبي". وقال بيسكوف: "لدينا مصلحة في أن يكون لدينا شريك مستقر"، مذكرا بأن الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لروسيا.
التوتر بين روسيا وبريطانيا تصاعد منذ وفاة ألكسندر ليتفيننكو العميل الروسي السابق مسموما بالبولونيوم في العام 2006 في بريطانيا. وحمل قاض بريطاني روسيا المسؤولية في هذه القضية. والى جانب نقاط الخلاف الكثيرة بين موسكو والغربيين وخصوصا ملفي سوريا وأوكرانيا، تدهورت العلاقات أكثر مع قضية تسميم العميل الروسي المزدوج السابق سيرجي سكريبال السنة الماضية في جنوب إنجلترا. واتهمت لندن جهاز المخابرات العسكرية الروسي في هذه القضية، لكن موسكو نفت بشدة أي ضلوع لها ما تسبب بأزمة دبلوماسية كبرى بين البلدين.
عندما تسلّمت تيريزا ماي رئاسة وزراء المملكة المتحدة، حملت على الفور كرتين من نار: الأولى أنها السيدة الثانية التي تتولّى هذه المسؤولية بعد سيدة مجبولة من حديد هي مارجريت تاتشر، والثانية أن سلفها ترك لها معضلة اسمها "بريكست". الكرة الأولى لاهبة بالمقارنات بينها وبين امرأة كانت زعيمة استثنائية بكل المقاييس. والكرة الثانية حارقة لأنها تتعلق بمصير بلاد لطالما ربطت مستقبلها بماضيها، والحدّان الزمنيان في الحالة البريطانية طافحان بالتعقيدات.
الآن وبعد ثلاث سنوات من المحاولات المضنية لإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بناء على الاستفتاء التي أجرته حكومة ديفيد كاميرون وصوّتت فيه غالبية 52 في المائة من البريطانيين لمصلحة مغادرة الاتحاد، تستسلم السيدة ماي وتعلن تخليها عن زعامة حزب المحافظين بدءاً من السابع من يونيو، وبالتالي عن رئاسة الوزراء. وهي فعلت ذلك بعدما أيقنت أن لا ضرورة للقيام بمحاولة رابعة لتمرير اتفاق "بريكست" الذي أبرمته مع الاتحاد الأوروبي في مجلس العموم، لأن حزب العمّال المعارض رفض الصيغة الجديدة التي أتت بها ماي لتجميل الاتفاق، ولأنها ضُربت مراراً وتكراراً من "بيت أبيها" حزب المحافظين كون الكثير من أركان الحزب من ذوي التفكير التقليدي المعادي لأوروبا والمتعلّق بماضٍ إمبريالي لم يعد موجوداً إلا في كتب التاريخ وأفلام السينما.
ستطوي تيريزا ماي صفحة تُعتبر من الأكثر صعوبة في تاريخ بريطانيا الحديث وتذهب إلى بيتها، ذلك أن الساسة في بريطانيا يعودون إلى حياة عادية جداً بعد انتهاء عملهم في الشأن العام، فلا هالة تحيط بهم ولا برامج تلفزيونية تستضيفهم، ولا طريق عودة لهم إلى مضامير السياسة... هم يتقاعدون بكل بساطة لأن الوكالة التي أعطاهم إياها الناخبون هي عقد شخصي ينتهي بانتهاء موضوعه، وهو هنا تمثيل الأكثرية الناخبة.
ولدت تيريزا ماي في 1 أكتوبر 1956 في مدينة إيستبورن الواقعة في مقاطعة ساسيكس الغنية بجنوب إنجلترا. والدها هيوبرت برايزير كان قساً في الكنيسة الأنجليكانية من مدرسة لاهوتية مقربة من الكاثوليكية. ودرست الجغرافيا في جامعة أكسفورد، وعملت في الوقت نفسه في مخبز لتحصل على بعض المال. يقول زملاؤها وأصدقاؤها من أيام الجامعة إنها لطالما اهتمت بالسياسة وعبّرت عن طموحها إلى أن تصبح يوماً رئيسة للوزراء. ثم عملت في بنك إنجلترا المركزي بين 1977 و1983، وفي المجلس المحلي لمنطقة ميرتون التابعة للندن بين 1986 و1994. وبعد محاولتين فاشلتين لدخول مجلس العموم عن حزب المحافظين، رشحها الحزب عن دائرة ميدنهيد في انتخابات عام 1997 ففازت بالمقعد بسهولة. وخلال فترة عملها في المصرف المركزي تزوجت عام 1980 من المستشار المالي فيليب ماي ولم يرزقا أطفالاً.
تدرّجت ماي في صفوف حزب المحافظين إلى أن صارت أول رئيسة له عام 2002. وبقيت في مجلس العموم، وعُيّنت بعد انتخابات 2010 وزيرة للداخلية في حكومة ديفيد كاميرون، قبل أن تخلفه في زعامة الحزب وبالتالي رئاسة الوزراء بعد استقالته التي أملتها نتيجة استفتاء "بريكست". وفي انتخابات 2017، خرج حزب المحافظين فائزاً إنما أقل قوة، مما أرغم ماي على التحالف مع الحزب الديمقراطي الوحدوي في آيرلندا الشمالية.
لم تكن تيريزا ماي يوماً موضع إجماع في صفوف مؤيدي المحافظين ولا في صفوف الصحافة المؤيدة للحزب، فمنهم من رآها زعيمة قوية وواثقة من نفسها، ومنهم من اعتبرها ضعيفة لا تستطيع القيادة لا سيما في مرحلة حساسة من تاريخ البلاد. وها هي اليوم تصطدم بجدار اليأس وترفع الراية البيضاء بعد محاولات حثيثة بين بروكسل ولندن، والواقع أن عاصمة الاتحاد الأوروبي كانت أرأف بها من عاصمة بلادها.
ترحل ماي وتترك لمن سيخلفها في زعامة المحافظين ورئاسة الحكومة مهمة شبه مستحيلة تتمثل في الخروج من الاتحاد الأوروبي بأقل الأضرار الممكنة. لكن الآفاق تبدو في الواقع قاتمة، والخروج بلا اتفاق صار احتمالاً قائماً بقوة، مع ما يستجرّه الطلاق غير الودّي من تداعيات سلبية على طرَفيه. فمن سيتلقّف كرة النار هذه المرّة؟
بعد إعلان رئيسة الوزراء البريطانية استقالتها، تزايدت التكهنات حول من يخلفها في رئاسة الوزراء. وكان بوريس جونسون (54 عامًا) الملقب "بوجو" أحد أهم مهندسي فوز تيار "بريكست" في الاستفتاء، الذي جرى في يونيو 2016، وما زال يستمد إلى اليوم جزءاً كبيراً من شعبيته منه. ومع أن تيريزا ماي اختارته وزيراً للخارجية، لكنه لم يكف عن انتقاد استراتيجيتها في المفاوضات مع المفوضية الأوروبية، قبل أن يغادر الحكومة للدفاع عن انفصال قطعي عن الاتحاد الأوروبي. ويتمتع جونسون، المعروف بحنكته وبحضوره القوي، بالشعبية بين ناشطي قاعدة حزب المحافظين، لكن بدرجة أقل بين السياسيين، الذين يأخذون عليه هفواته الكثيرة وبعض التصرفات التي تجعله أقرب إلى هاوٍ.
أما جيريمي هانت (52 عاماً) وزير الخارجية الحالي، فدعم بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، قبل أن يغير موقفه على إثر ما اعتبره طرحاً (تبجحاً) للمفوضية الأوروبية في المحادثات. واكتسب رجل الأعمال السابق، الذي يتقن اللغة اليابانية، سمعة مسؤول لا يخشى التحديات بعدما أشرف ل6 سنوات على نظام الصحة العامة (إن أتش إس) وواجه عقبات كثيرة إبان عمله وزيراً للصحة. وهناك أيضا دومينيك راب، الذي تم تعيينه وزيرا ل"بريكست" في يوليو ثم استقال بعد 4 أشهر، بسبب خلافه مع ماي حول اتفاق الخروج الذي توصلت إليه مع المفوضية الأوروبية. ويبلغ من العمر 45 عاماً، رداً على سؤال عن إمكانية توليه رئاسة الحكومة: "يجب ألا نقول لا، بتاتاً". ويعدّ راب المحامي السابق في القانون الدولي من شخصيات الحرس الجديد في حزب المحافظين.
هناك أيضا مايكل جوف، وزير البيئة الذي يسعى للقضاء على استخدام البلاستيك، والذي رفض استمرار بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، إلا أنه قد يبدو رجل الساعة الآن بسبب ليونة مواقفه. وكان جوف مساعد جونسون خلال حملة الاستفتاء، لكنه وجّه له طعنة في الظهر في 2016 عندما سحب دعمه له عندما كان "بوجو" يستعد للترشح لرئاسة الحكومة. وقدّم جوف ترشحه شخصياً قبل أن يسقط في تصويت أعضاء الحزب. أما ساجد جاويد، وزير الداخلية، فقد اكتسب احترام زملائه بإدارته فضيحة معاملة المهاجرين من أصول كاريبية الذين قدموا إلى المملكة المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، المعروفة باسم "ويندراش" وكان جاويد، المعجب بمارجريت ثاتشر والمصرفي السابق وابن سائق حافلة باكستاني سابق، ضد "بريكست" في استفتاء يونيو 2016، لكنه يدافع منذ ذلك الحين عن الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
أندريا ليدسوم، المدافعة الشرسة عن "بريكست". وكانت الوزيرة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان وقدمت استقالتها الأربعاء لتخسر ماي بذلك داعمة كبيرة لها. وقد أمضت ليدسوم 3 عقود في حي الأعمال في لندن. وقد بدأت تشتهر خلال الحملة للاستفتاء عندما كانت سكرتيرة دولة للطاقة، بدفاعها عن الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون أن تفقد هدوءها أو ابتسامتها. وكانت من المرشحين الخاسرين لمنصب رئيس الحكومة في 2016. ومع كل هؤلاء، هناك آمبر راد التي انتخبت نائبة في 2010 بعدما عملت في قطاع المال والصحافة الاقتصادية. وقد رافقت تيريزا ماي في صعودها في السلطة، وهذا الدعم قطفت ثماره بتعيينها وزيرة للداخلية ثم للعمل.
وراد (55 عاماً) معروفة بنشاطها وفاعليتها في العمل، إلا أنها قد تعاني من مواقفها السابقة كمؤيدة لأوروبا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.