تواجه بريطانيا كابوسًا مرعباً يتمثل في احتمال خروجها من الاتحاد الأوروبي دون التوصل إلى اتفاق، حيث ستكون نتيجة ذلك بمثابة كارثة لبريطانيا، كما أنها ستكون سيئة لباقي دول الاتحاد الأوروبي. وسيؤدي عدم إبرام اتفاق بشأن مغادرة بريطانيا للاتحاد، إلى تداعيات باهظة اقتصاديًا وسياسيًا، كما يمكن أن تنشأ حالة من الفوضى لدى الملايين من مواطني الاتحاد الأوروبي في بريطانيا والبريطانيين في دول الاتحاد، وكذلك التعاملات مع الشركات والتعاون في المجالات الحيوية مثل الشرطة ومكافحة الارهاب. وأثار تعامل رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، مع ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي غضب الكثير من النواب، لذلك أعلن رئيس اللجنة التابعة لحزب المحافظين في مجلس العموم البريطاني، جراهام برادي، أنه سيتم التصويت على سحب الثقة من ماي، موضحًا أنه حصل على 48 خطابًا من النواب، وهو العدد اللازم للبدء في التصويت على قيادة ماي. وعقب وقت قصير من ذلك القرار، أبدت رئيسة وزراء بريطانيا استعدادها لإتمام مهمة الخروج من الاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن الشعب يريد إكمال طريق "بريكست"، مشددة على ضرورة تنفيذ نتائج استفتاء الخروج من الاتحاد. كما وعدت تيريزا ماي، أنها ستقاتل للحفاظ على منصبها بكل ما أوتيت من قوة، في حال أسفر اقتراع في حزب المحافظين على سحب الثقة منها. وفي كلمة خارج مقرها في داونينج ستريت، قالت ماي: "إن التصويت سيجعل مستقبل بريطانيا في خطر وسيجازف بمفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي"، مشيرة إلى أن أي زعيم جديد سيضطر لتمديد موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي لما بعد 29 مارس. وأضافت ماي: "لن يكون هناك زعيم جديد قبل الموعد القانوني في 21 يناير، لذا فأي انتخابات على الزعامة تجازف بتسليم مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي إلى أيدي نواب المعارضة في البرلمان". وتابعت: "لن يكون أمام أي زعيم جديد الوقت لإعادة التفاوض بشأن اتفاق الانسحاب وإقرار التشريع في البرلمان بحلول 29 مارس، لذا فأحد أول الإجراءات التي سيتخذها سيكون تمديد أو إلغاء المادة 50، أي تأجيل أو حتى وقف الخروج من الاتحاد، بينما يطالبنا الناس بالمضي قدماً فيه". ونجت رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، من سحب الثقة منها في التصويت الذي أجري بحزب المحافظين، بينما تظل في خطر، حيث قالت صحيفة " فايننشال تايمز" البريطانية، إن نجاة ماي من سحب الثقة منها، لا يغير حقيقة أن بريطانيا في انتظار كابوس، عند خروجها من الاتحاد الاوروبي دون التوصل إلى اتفاق. ووفقًا لخبراء بريطانيين، فإنه ظهر العديد من السياسيين في قائمة المرشحين لخلافة ماي في حالة قدمت استقالتها، وكان من أبرز المرشحين بوريس جونسون، وساجد جاويد، ومايكل جوف. بوريس جونسون الكسندر دي بوريس جونسون، هو من مواليد 19 يونيو 1964، من أصول شركسية، تلقى تعليمه في مدرسة بريمروز هيل الابتدائية، ودرس في كامدن المدرسة الأوروبية في بروكسل وكلية إيتون وكلية باليول في أكسفورد. بدأ جونسون حياته المهنية في مجال الصحافة مع صحيفة "التايمز"، وانتقل لاحقًا لصحيفة "الديلي تلجراف" حيث أصبح مساعدًا لرئيس التحرير، وعين رئيسا اتحرير مجلة المشاهد في عام 1999. في انتخابات عام 2001 انتخب لمجلس العموم، وأصبح واحدًا من أبرز السياسيين في البلاد، وقد ألف العديد من الكتب أيضًا، كما انتخب عمدة لمدينة لندن منذ عام 2008. عين جونسون وزيرآ للخارجية البريطانية في 13 يوليو عام 2016، وكان من أكبر منتقدي تيريزا ماي بشأن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، واستقال من حكومة ماي في يوليو الماضي، لرفضه طريقتها في مفاوضات الخروج، كما يعتقد أنه من أنصار الخروج الصعب من الاتحاد الأوروبي. يعتبر جونسون من المتشككين في الاتحاد الأوروبي، وكان وجه الحملة البريطانية للانسحاب في استفتاء "الخروج" عام 2016، وهو من أنصار ودعاة عودة الحزب لقيمه التقليدية بخفض الضرائب وتعزيز دور الشرطة والبعد عن تقليد سياسات حزب العمال اليساري. مايكل جوف يعتبر مايكل جوف، ثالث أفضل المرشحين لخلافة ماي، لكن يبدو أنه يستبعد نفسه من السباق على خلافة ماي في الأيام الأخيرة. يشغل جوف منصب وزير العدل البريطاني، فهو سياسي بريطاني محافظ شغل عدة مناصب في بريطانيا منذ عام 2005. ولد مايكل غوف، 26 أغسطس 1967، في العاصمة الاسكتلندية أدنبره، وتبنته عائلة مؤيدة لحزب العمال في مدينة أبردين في أقصى شمال شرقي اسكتلندا وبريطانيا. وكان أبوه بالتبني يدير مؤسسة تعمل بتعليب الأسماك وأمه بالتبني موظفة مختبر في جامعة أبردين، قبل أن تتولى العمل في مدرسة للصم في المدينة نفسها، جوف متزوج منذ عام 2001 من الصحفية والناشطة المحافظة سارة فاين، ولهما ولدان. تلقى جوف تعليمه الابتدائي والثانوي في مدرسة حكومية بأبردين، ثم في كلية روبرت جوردن الخاصة العريقة، بعد حصوله على منحة دراسية، ثم في عام 1985 التحق بجامعة أكسفورد حيث تخرج عام 1988 بدرجة البكالوريوس في السياسة والفلسفة والاقتصاد. وفي أعقاب التخرج امتهن العمل الصحفي، فعمل بداية مراسلاً متمرنًا في صحيفة "برس آند جورنال" في أبردين، وإبان فترة عمله هذه عايش الصراعات النقابية والعمالية، غير أن النقلة التي صنعت اسمه في عالمي الصحافة والسياسة العمل بصحيفة "التايمز" محررًا، ثم ترقى في عدد من المسؤوليات التحريرية لينتهي كاتب مقالات. في عام 2005 دخل مجلس العموم نائبًا عن حزب المحافظين، إثر فوزه بالمقعد البرلماني المضمون لدائرة سري هيث في أرياف مقاطعة سري , وخلال سنتين فقط، عام 2007، اختير عضوًا في "حكومة الظل" المعارضة برئاسة ديفيد كاميرون، وتولى حقيبة الأطفال والتعليم والعائلات. كان جوف أحد قادة الحملة المؤيدة لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي, ويعتبر واحدًا من أبرز وأهم الشخصيات التي شاركت في حملة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي خلال الاستفتاء، ومع ذلك فقد أصبح فجأة حليفا ل "ماي" ويدعم حتى الآن استراتيجيتها للانسحاب، لكنه صرح بأنه سيؤيد "ماي" في اقتراع سحب الثقة. ساجد جاويد يشغل ساجد جاويد، منصب وزير الداخلية حاليًا، وهو مصرفي سابق ومن أنصار الأسواق الحرة، ويعتبر أول مسلم يتولى وزارة الداخلية البريطانية. ومع أنه من أنصار البقاء في الاتحاد الأوروبي في استفتاء 2016، فإنه يعتبر من المشككين في التكتل الأوروبي, وقال جاويد إنه سيؤيد ماي في اقتراع سحب الثقة، لكنه سيدخل السباق على المنصب في حال خسرت التصويت. ولد ساجد جاويد، فى 5 ديسمبر 1969، وهو واحد من 5 أبناء لأبوين من أصل باكستانى، كان والده سائق حافلة، وانتقلت عائلته من لانكشاير إلى بريستول، وتلقى "جاويد" تعليمه من عام 1981 إلى عام 1986 فى مدرسة داونند، وهى ولاية شاملة بالقرب من بريستول، تلتها كلية فيلتون التقنية عام 1988، وأخيرًا جامعة إكستر عام 1991، التى درس بها الاقتصاد والسياسة، وأصبح عضوًا فى حزب المحافظين. عمل جاويد، مدير سابق فى دويتشه بنك، وكان عضوًا فى البرلمان، فى برومسجروف، فى ورسيستيرشاير، منذ عام 2010، كما عمل جاويد سابقًا كوزيرًا للدولة للمجتمعات والحكومات المحلية ، ووزير الدولة للأعمال والابتكار والمهارات ورئيسًا لمجلس التجارة في 2016، ووزير الدولة للثقافة والإعلام والرياضة عام 2015. ألمح جاويد إلى أنه يطمح إلى زعامة الحزب خلال لقاء مع برنامج "سبيكتيتور"، عندما قال إنه يريد من أعضاء الحزب أن يكونوا حزبًا للحراك الاجتماعي. جيرمي هانت يشغل جيرمي هانت، منصب وزير الخارجية خلفًا لجونسون، وكان وزيرا للصحة طوال 6 سنوات سابقة، وأعلن أنه سوف يؤيد ماي في اقتراع حجب الثقة، كما أنه من أنصار البقاء في الاتحاد الأوروبي في استفتاء الخروج عام 2016. ولد جيرمى هانت، في مدينة كيننجتون، في 1 نوفمبر عام 1966 في العاصمة لندن، ودرس الفلسفة والسياسة والاقتصاد فى كلية ماجدالين فى أكسفورد، وكان رئيسًا لجمعية أوكسفورد المحافظة وقت الدراسة. بعد تخرجه فى الجامعة مارس العمل السياسى إلى أن تم انتخابه نائبًا عن دائرة جنوب غرب سارى فى عام 2005، وتمت ترقيته لمنصب وزارى فى حكومة الظل وزيرًا للمعاقين ولاحقًا كوزير للدولة للشئون الثقافية والإعلامية والرياضية. يعد جيرمى هانت، أبرز عضو فى حزب المحافظين البريطانى , شغل منصب عضو مجلس العموم البريطانى لأكثر من مرة أولها 5 مايو 2005، وأحدثها 8 يونيو 2017. يشتهر هانت، بكونه أحد السياسيين البريطانيين القلائل الذين يتبنون مبادئ السياسات الليبرالية والاقتصادية الليبرالية الاجتماعية، وأهلته تلك الأيديولوجية السياسية لاحتلال المنصب الوزارى البارز خلفًا لجونسون. تولى منصب وزارة الصحة منذ العام 2012، حتى تقلد منصب وزارة الخارجية 9 يوليو 2018، ويعد أطول وزراء بريطانيا للصحة الذين تولوا هذا المنصب في التاريخ. وشهدت فترة توليه وزارة الصحة عددًا من التوترات، لعل أبرزها إضراب الأطباء المبتدئين على خلفية سياساته المثيرة للجدل بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى. دعا "هانت"، أعضاء حزبه لتنحية خلافاتهم جانبًا بشأن الانسحاب من التكتل، كما دعاهم إلى التضافر ضد الخصم المشترك المتمثل في الاتحاد الأوروبي. أندريا ليدسوم ما زالت أندريا ليدسوم، في حكومة ماي وتدير الشؤون البرلمانية للحكومة، بل أعلنت أنها ستؤيدها في اقتراع حجب الثقة. تولت أندريا ليدسوم، منصب وزيرة الطاقة والمناخ في الحكومة البريطانية بخلفية مالية واقتصادية وسياسية، درست العلوم السياسية بجامعة وأوريك، ومن ثم بدأت حياتها العملية بالبنوك والمصارف لمدة 25 عامًا بمختلف البنوك، من بينها باركليز، وحققت نجاجًا كبيرًا فيه. واستطاعت بتلك الخلفية العريقة في الاقتصاد أن تقدم أفكارًا لرئيس البنك المركزي البريطاني أنعشت بها سوق المال من جديد بعد الأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها بريطانيا عام 1995. لم تقتصر حياتها العملية على الاقتصاد بل لعبت أدوارًا سياسة منذ عام 2003، وذلك عندما وقع عليها الاختيار لتكون عضوا بحزب المحافظين، ثم تعيينها مستشارًا للحزب في مقاطعة نورث هامبتون، وفي 2010 تم اختيارها عضوًا بمجلس العموم البريطاني وعضوا بلجنة الخزانة والموازنة، وفي أبريل 2014 تقلدت منصب السكرتير الاقتصادي للخزينة العامة للدولة عقب استقالة "ماريا ميلر" من مجلس الوزراء. كانت عضو منتدب أيضا في شركة إدارة الصناديق بلندن، ثم رئيسًا لحوكمة الشركات وكبير استشاري الاستثمار بشركة أنفيسكو، أحد أكبر صناديق الاستثمار هناك، ليقع الاختيار عليها في مايو 2015 لتصبح وزيرة للطاقة والمناخ، ما مهّد لها ذلك من المنافسة على منصب رئيس الوزراء، ولكن عدلت عن ذلك القرار في اللحظات الأخيرة.. كانت ليدسوم المنافسة الرئيسية لماي في السباق لخلافة كاميرون في 2016. أمبر رود تبلغ أمبر رود، من العمر 55 عامًا، وهي وزيرة العمل والمتقاعدين، ومن أنصار البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي، وتحظى بشعبية داخل الحزب، وتعتبر حصانًا أسود في السباق لرئاسة الحزب. وينظر إليها أنصار الخروج بعين الشك، ويخشى كثيرون بأن تبدأ بالدفع نحو خروج هادئ إذا ما تولت زعامة الحزب. ويخشى آخرين أن تظل في الاتحاد الأوروبي، وأن تسعى من أجل استفتاء ثان على الخروج أو البقاء في التكتل الأوروبي. دومينيك راب يعتبر دومينيك راب، غير معروف كثيرًا خارج ويستمنستر، لكنه من أبرز المرشحين لخلافة ماي في رئاسة الحزب. ولد راب في 25 فبراير 1974، في باكينجهامشير، وعين كعضو في برلمان المملكة المتحدة منذ عام 2010. استقال من منصبه كوزيرًا للخروج من الاتحاد في نوفمبر الماضي، احتجاجًا على صفقة ماي مع الاتحاد الأوروبي للخروج، مشيرًا إلى أنه لا يمكنه أن يدعمها. ديفيد ديفيز يعد ديفيد ديفيز،أحد أبرز المشككين في الاتحاد الأوروبي، وسبق أن قاد فريق المفاوضات البريطاني مع الاتحاد الأوروبي في يونيو 2016، غير أنه استقال بعد عامين احتجاجًا على خطط ماي لعلاقة طويلة الأمد مع التكتل. ولد ديفيز فى 23 ديسمبر 1948، في يورك، المملكة المتحدة، ودرس فس جامعة هارفارد (1984–1985)، ومدرسة لندن للأعمال (1971–1973)، وجامعة ورك (1968–1971). تم تعيينه كعضوًا في برلمان المملكة المتحدة في الفترة (1987–1997). يحظى ديفيز، بدعم مؤيدي الخروج الصعب من الاتحاد الأوروبي، ويعتقد أنه أكثر أمنًا من جونسون، وتم طرح اسمه كزعيم مؤقت محتمل. بيني موردونت تعتبر موردونت، التي تشغل منصب وزيرة التنمية الدولية، من أنصار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وهي من آخر المؤيدين للانسحاب في حكومة ماي. برز اسم موردونت أولًا لتولى وزارة الدفاع، خلفًا لمايكل فالون، الذى استقال فى أول أكتوبر بعد اتهامات بالتحرش الجنسى، ولكن تم اختيار أحد أقرب مساعدى ماي للمنصب وهو جافين وليامسون. تعد موردونت، البالغة من العمر 44 عامًا، من عناصر الاحتياط فى سلاح البحرية، وكانت وزيرة دولة لشئون الدفاع قبل أن تصبح وزيرة دولة لذوى الاحتياجات الخاصة العام الماضى. وتوقع كثيرون أن تنضم إلى قائمة المستقيلين بعد نشر مسودة ماي لاتفاق الانسحاب، ليس هذا فحسب فقد أعلنت أنها ستؤيد ماي في اقتراع سحب الثقة.