أكد الدكتور عاطف عبدالحميد عبدالفتاح رئيس هيئة الطاقة الذرية، أن هناك استخدامات سلمية كثيرة للطاقة الذرية يجب أن يكون المجتمع على دراية بها في مجالات الصحة والغذاء والصناعة والتعليم والتدريب. وأشار في حواره مع "الموجز" إلى أن الهيئة تشارك بالرأى الفنى لمشروع الضبعة مع هيئة المحطات النووية بالإضافة إلى إمكانية تدريب وتأهيل الكوادر القائمة على المشروع، وإلى نص الحوار. * فى البداية.. ما هو دور الهيئة في استخدام الطاقة الذرية بالمجالات السلمية في مصر؟ الهيئة لها دور هام جداً، حيث تساهم من خلال الطاقة الذرية فى العديد من المجالات منها التعليم والبحوث والتطوير، والحفاظ على البيئة والتراث، وأيضا مجالات الغذاء والزراعة والصحة، كما تساعد الشركات والاقتصاد المصرى فى التعامل مع الكوادر لتخريجهم على مستوى عال. وقد تمكنت الهيئة من الانتهاء من جميع اختبارات التدشين الخاصة بمشروع مفاعل مصر البحثى الثانى بنجاح وذلك بالتعاون مع شركة عالمية متخصصة فى هذا المجال، طبقاً للمواصفات العالمية المعمول بها لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما تقوم الهيئة بتعقيم المنتجات الطبية المحلية وبأفضل وسائل للتعقيم وذلك من خلال وحدات التشعيع الجامى والالكترونى فالمنتج الطبى الذى يتم تعقيمه بالإشعاع يصبح بجودة عالية وآمن تماماً.. فعلى سبيل المثال نقوم بتعقيم الفلاتر الخاصة بالغسيل الكلوى حيث تقوم الشركات المصرية بتصنيعها ويتم معالجتها من جانبنا لتقديم جودة عالية وهذا يساعد المصّنعين على توفير احتياجات السوق المحلى بجودة عالية كما يساعدها على التصدير إلى الخارج . النظائر المشعة * وماذا عن إنتاج النظائر المشعة فى المجال الطبى؟ مصر كانت تستورد نظائر مشعة بكميات هائلة من الخارج وكان هناك إستراتيجية من الدولة تقوم على ضرورة توفير هذه الاحتياجات وتأمينها للمواطن المصرى، وبالفعل أصبحت الهيئة الآن قادرة على توفير النظائر المشعة وتلبية احتياجات السوق المحلية بشكل كامل من خلال المفاعل البحثى الثانى، ونحن منذ فترة نقوم بتوريد كل الاحتياجات الطبية للمستشفيات والمراكز الطبية للتشخيص والعلاج. * ما هى أنواع النظائر المشعة التى تنتجها للهيئة؟ أنتجنا حاليا مولدات التكنسيوم 99، وهى أكثر النظائر المستخدمة فى مصر لتشخيص الأورام، بالإضافة إلى نظير اليود 131، الذى يستخدم فى علاج أمراض الغدة الدرقية، ويتم توريد هذه النظائر للمستشفيات والمراكز الطبية فى مصر وبجودة عالية مما يوفر العملة الصعبة. * وهل هناك فرص كبيرة للتصدير للخارج؟ الهيئة بدأت بالفعل فى تصدير بعض النظائر لدول مجاورة، حيث إن الطاقة القصوى لمصنع النظائر التابع للهيئة يبلغ 4 أضعاف الاحتياجات المحلية فى مصر، والسوق المحلى له الأولوية فى توفير جميع الاحتياجات والمستلزمات الطبية اللازمة. * كم عدد الدول التى تم التصدير إليها؟ الهيئة قامت بالتصدير لسوريا وكوريا، ونحن نحاول تلبية احتياجات البعض وليس الكل فنحن مرتبطون بخطة تشغيل خاصة بنا، لأن المفاعل يُدار بشكل اقتصادي حتى لا يتأثر سوقنا المحلى، والهيئة حالياً تقوم بإجراء مباحثات مع بعض الدول المجاورة لتصدير النظائر إليها، وبالفعل حصلنا على العديد من الإشادات من جهات عدة بسبب جودة المنتج المصرى من النظائر المشعة، لأنه يوفر حاليًا نحو 60 % من احتياجات السوق المحلية من مولدات التكنسيوم، و95% من احتياجات السوق فيما يتعلق باليود 99، ويعد مشروع إنتاج النظائر المشعة من المشروعات الهامة التي تقوم بها الهيئة فى إطار خطة الدولة للاستفادة القصوى من التطبيقات المختلفة فى مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية. * ما هو حجم مبيعات النظائر المشعة؟ وصلنا هذا العام إلى 10 مليون جنيه فى مصر ومن الممكن أن يتضاعف هذا الرقم فى العام المقبل. * الهيئة لها دور أيضا فى مجال الأغذية.. ماذا عنه؟ نحن نعالج بعض الأغذية والأعشاب التي تحتاج إلى معالجة إشعاعية للقضاء على البكتريا والفطريات وأي شيء ضار، كما أن الهيئة تقوم بالكشف والتأكد من خلو المواد التى يتم استيرادها من الخارج من أي ملوثات إشعاعية. ويجب أن نشير دائماً إلى أن هناك فارق كبير بين التلوث الإشعاعي والمعالجة الإشعاعية، فبعض الأعشاب الطبية نقوم بتعريضها للإشعاع للقضاء على أى ملوثات وبالتالى يُسمى ذلك "معالجة إشعاعية"، أما "التلوث الإشعاعي" فيعني أن هناك مواد مشعة دخلت للأعشاب والأغذية وبالتالى تلوثت ولهذا نقول دائما أن المعالجة الإشعاعية هو شيء جيد للغاية. * هل هناك تطبيقات أخرى يقوم بها المفاعل البحثى ؟ بالطبع، فالمفاعل لا يعمل على النظائر المشعة فقط بل هناك تطبيقات أخرى، مثل بعض الأحجار الكريمة التى نقوم بمعالجتها إشعاعياً لصالح شركة ألمانية ومن ثم فهى تجلب لنا عائداً جيداً من أجل تغطية تكلفة التشغيل، كما نقوم بعمل بعض التجارب البحثية وتشعيع بعض العينات طبقاً لبرنامج وجدول وتوقيت تشغيل المفاعل والتي من ضمنها إنتاج النظائر. * ولكن هل تملك الهيئة الاستعداد الكامل لتفادى حدوث أى تسرب إشعاعي؟ نحن على استعداد تام لهذا الأمر لاسيما أن المنشآت النووية تكون مصممة بشكل آمن بنسبة 100% لضمان عدم حدوث أى تسريبات، كما أن نسبة الخطأ تكاد تكون معدومة، حتى أن العاملين أنفسهم إذا ارتكبوا أى أخطاء بدون قصد فلن يؤثر ذلك على سلامة الوحدة لأن بها أنظمة أوتوماتيكية يمكنها حماية الوحدة وجميع العاملين بها. والهيئة بها كوادر وتخصصات قادرة على التعامل ومواجهة أى طارئ اشعاعى أو نووى على كفاءة عالية طبقاً للمعايير الدولية التى تحدد كيفية التعامل فى مثل هذه الأحداث. وحدة علاج الأورام * ترددت مؤخراً أقاويل تشير إلى إغلاق مستشفى الهيئة الخاصة بعلاج الأورام .. ما أسباب ذلك ؟ هذه ليست مستشفى بل هي وحدة صغيرة لعلاج الأورام وليست كبيرة، وهى للأغراض البحثية وتم استثمارها لخدمة العاملين بالهيئة وبعض المرضى الموجودين بالنطاق الجغرافى لها، وتم إغلاقها لأن الجهاز الموجود بها قد تهالك وتقادم، ما ترتب عليه ضعف المصدر المشع الموجود به، ولهذا تم وقف العمل به لعدم قيامه بدور فعال لحين عمل خطة تطوير لهذه الوحدة. * هذا يعني إمكانية إعادة فتحها من جديد.. أليس كذلك؟ الهيئة تقوم حالياً بعمل خطة لفتحها ولكننا بحاجة إلى جهاز جديد ومختلف عن الجهاز السابق نظراً لأنه أصبح من الطراز القديم، وسوف يتم استيراد معجّل خطى جديد ذو كفاءة عالية ويعمل بالكهرباء وتكلفته باهظة الثمن فهى تبلغ حوالي 5 مليون دولار (للجهاز ومشتملاته)، وفى الحقيقة هناك بعض الجهات المانحة بجانب وزارة التخطيط تريد التعاون معنا لتمويل هذا الجهاز، وبالفعل تواصلنا مع أحد الجهات الأمريكية ووافقت على منحنا مليون ونصف دولار ولكننا ما زلنا نحتاج 3,5 ملايين دولار لاستيراده، كما أننا نريد إنشاء مركز تدريب لعمل دورات للأفارقة والعرب، حيث أن الهيئة تريد تطوير الوحدة ولا تجعلها مرتبطة فقط بالعلاج وإنما بالبحوث والتدريب أيضا، وهذه الجهات مقتنعة بالفكرة وبالتالى يريدون مساعدتنا فى توفير الجهاز. ونحاول خلال شهر فبراير المقبل إجراء مقابلة مع جهات أخرى لتوفير المبلغ المقدر لشراء الجهاز من أجل تكملة المشروع، ونتمنى تشغيلها فى أقرب وقت. مشروع الضبعة * ما هى الخدمات التى تقدمها الهيئة للمشروع النووى بالضبعة؟ نقدم الدعم الفنى لهذا المشروع ونساعد فى عملية التدريب والتأهيل، والهيئة تأخذ على عاتقها إعداد المناهج الخاصة بمدرسة الضبعة الثانوية، وبالفعل قمنا بإعداد المناهج لهذا العام وطباعتها على حساب الهيئة وتم إرسالها لوزارة التربية والتعليم، كما نقوم بإعداد دورات تدريبية لجميع المعلمين بالمدرسة لتأهيلهم بشكل جيد، إضافة إلى مشاركتنا بالرأى الفنى مع هيئة المحطات النووية وهذا هو الدور الوطني الذى تفعله جميع الهيئات. * هل تم تدشين وحدة خاصة بإنتاج الوقود النووى لتأمين احتياجات الضبعة؟ الهيئة لديها وحدة خاصة بإنتاج الوقود النووى اللازم للمفاعل البحثى الثانى وهو مفاعل قدرته 22 ميجا وات فقط ، أما مشروع الضبعة فهو يحتوى على مفاعلات كبيرة لإنتاج الطاقة الكهربائية، وتصنيع الوقود لهذه المفاعلات يحتاج إلى عدة خطوات ودراسات هامة، منها اتفاقيات بين مصر وروسيا وإخطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية إضافة إلى استثمارات مالية كبيرة . أما الوحدة التى أنشئت فهى لإنتاج مركبات اليورانيوم من الكعكة الصفراء والتى تتم على مستوى صغير لبناء الكوادر المصرية فى مجال دورة الوقود النووى وسيتم الانتهاء منها خلال عام تقريبا. * كم شخص يحتاجه المفاعل الواحد من أجل تشغيله؟ المفاعل الواحد يحتاج لتشغيله من 700 إلى 1000 شخص. مشروعات عديدة * ما هى أهم المشروعات التى ساهمت بها الهيئة حتى الآن؟ تم تطوير ورفع طاقة المعجل الالكترونى بمدينة نصر من 1.5 فولت إلى 3 مليون إلكترون فولت والذى يحسن من خواص الكابلات الكهربائية للترابط الشبكى وتحملها لدرجات الحرارة وتحسين قدرة الصناعة المصرية وخفض استيراد الكابلات الكهربائية من الخارج ومساهمة الصناعة المصرية فى المجال النووى، والآن بمقدورنا عمل الكابلات الكبيرة والأنابيب الانكماشية الكبيرة، كما نستطيع حاليا عمل تعقيم بعض المنتجات بكميات كبيرة وبكثافة عالية وهذا يعتبر أكبر إنجاز للهيئة قامت به خلال الفترة الماضية. كما تم أيضا الانتهاء من عمل وحدة لإزالة التلوث وهى مفيدة جدا للشركات التى تعمل فى البترول وحفر الآبار وبعض المواد المشعة . * وهل تسعى الهيئة خلال الفترة المقبلة لتصنيع خلايا الطاقة الشمسية؟ نعم لدينا مشروع لإنتاج شرائح السيليكون لتصنيع خلايا الطاقة الشمسية ذات الكفاءة العالية، وستكون كفاءته أعلى من ألواح الطاقة الشمسية الحالية، ويوجد تعاون مع أكاديمية البحث العلمى بتمويل مشترك، وسيتم الانتهاء منه خلال عام، وهو ما يساهم فى نجاح إستراتيجية الطاقة فى مصر بزيادة الاعتماد على الطاقات المتجددة. * كيف تستفيد الهيئة من الأبحاث والدراسات العلمية المقدمة لها؟ تساهم الهيئة فى المجال الزراعي حيث تمكنت من إنتاج طفرات زراعية مستحدثة مما يزيد في إنتاجية المحاصيل الزراعية كما تسهم المعالجات الإشعاعية لبعض المنتجات الغذائية في القضاء على الحشرات والفطريات والميكروبات والتى تسبب الأمراض إلى جانب قيام الهيئة بالكشف عن المصادر المائية والمياه الجوفية إضافة إلى البحوث التطبيقية التى تقدمها الهيئة مثل إنتاج الكواشف اللونية والمعالجات الإشعاعية للمواد المختلفة . * وكم يبلغ عدد الأبحاث والدراسات الموجودة فى الهيئة؟ تبنت الهيئة استراتيجية لتطوير النشر الدولى فى المجلات العلمية المرموقة وفى خلال السنوات الثلاث الماضية تضاعف عدد البحوث المنشورة دولياً ووصل هذا العام إلى 426 بحثاً طبقاً لقواعد البيانات الدولية مما ساهم فى تحسين ترتيب الهيئة على المستوى المحلى والدولى . ميزانية الهيئة * كل هذه المشروعات تدفعنا للتساؤل عن ميزانية الهيئة!! لدينا ميزانية من 80 إلى 100 مليون جنيه فى الخطة الاستثمارية للمشروعات، ولذلك نتوسع فى المشروعات التابعة للهيئة لدعم الاقتصاد القومي . * في ظل هذه الميزانية.. هل هناك معوقات تواجه الهيئة فى الفترة الحالية؟ لا يمكن أن نقول أن هناك هيئة تخلو من المعوقات لكن برعاية وتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى وبدعم من الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة للطاقة الذرية، يتم تذليل أى عقبات، وفى ظل الظروف الحالية التى تواجه البلاد لا يجب الإشارة لأي عقبات خاصة أن الدولة لا تألو جهدا فى تذليل أى عقبات أو صعوبات لدى جميع الهيئات.