الحوار معه شيق، فعندما تجلس أمامه تتأكد أنك تحاور شخصا "نظيفا" لا ينتمي إلي تيار سياسي أو ديني وانتماءاته تنحصر في مصريته وحبه لبلده،يجلس وأمامه مجموعة من الشاشات التليفزيونية التي تعرض محتويات القنوات التابعة للقطاع الذي يرأسه،لا ينظر بعين عادية وإنما ينظر برؤية ملايين المشاهدين،الأمر في غاية الصعوبة لغير المتخصصين إلا أنه بالنسبة له قد يكون عاديا،إنه الإعلامي إبراهيم الصياد رئيس قطاع الأخبار،الذي كشف خلال حواره مع "الموجز" العديد من المفاجآت التي نعرضها خلال السطور التالية. في البداية اسمح لنا أن نبدأ الحوار من الأزمة المالية التي يمر بها القطاع وادعاءات البعض بأنهم لم يحصلوا علي حقوقهم المادية حتي الآن .. فماذا حدث في هذه المشكلة؟ كانت هناك أزمة سابقة ونجحنا في احتوائها الآن، وأريد أن أوضح أن هناك فرقا بين الرواتب والمكافآت فالراتب الشهري يحصل عليه العاملون بالقطاع بانتظام دون أي أضرار أما بالنسبة للمكافآت فقد حصل أبناء القطاع علي مستحقاتهم المالية الكاملة في هذا البند عن شهر أغسطس الماضي ومن خلال نافذتكم أعدهم بأنه خلال هذا الأسبوع الحالي سوف يتم صرف مكافآت شهر سبتمبر الماضي حتي يستقبلوا العيد بحصولهم علي جميع مستحقاتهم في محاولة لإعادة الانتظام في عملية الصرف دون توقف فيما بعد،ومن وجهة نظري أري أن التعامل مع مبني ماسبيرو يعد بمثابة "حسبة برمة" فالمبني يحتوي علي 43 ألف موظف،ومسألة الاستغناء عن العمالة أمر مرفوض،وما نحتاجه خلال الفترة المقبلة هو إعادة التوجيه والتوظيف لهم . منذ أن تولي الوزير الحالي المنصب وصاحبته الأقاويل والاتهامات بتنفيذ خطة لأخونة الإعلام من الجذور ؟ هذا الكلام مرسل،ولا أساس له من الصحة لسبب بسيط هو أن كل شخص له الحرية الكاملة في توجهاته السياسية،وليس معني أن المسئول ينتمي إلي تيار سياسي ليبرالي مثلا أن يفرض علي جميع مرؤوسيه اعتناق نفس التيار ،والعمل في المجال الإعلامي يختلف عن غيره كثيرا خاصة وأنه تحكمه المعايير ولا توجد حقيقة لمعاني المصطلحات التي انتشرت خلال الفترة الماضية ،ومنها عسكرة أو أخونة الإعلام المصري الذي تؤول ملكيته للشعب المصري ، وإن كان الأمر كذلك مثلما يدعي البعض فلماذا أجلس حتي الآن علي كرسي رئيس قطاع الأخبار وأنا لا أنتمي إلي جماعة الإخوان المسلمين ،ومصر دولة مدنية حديثة ،وعند تطبيق السياسة الإعلامية يتم ذلك وفقا للمعايير الإعلامية المتفق عليها ، فمن حق كل إنسان أن تكون له أيديولوجية سياسية، والوزير إلي هذه اللحظة لم يتدخل في الإطار المهني وترك رؤساء القنوات يعملون وفق رؤيتهم الإعلامية ولا يفرض شيئا علي أحد ،والوزير صلاح عبدالمقصود لديه حماس لتغيير السياسات والمحتوي ،والوزير كان واضحا منذ الوهلة الأولي التي تولي فيها المنصب الوزاري وأعلن انتماءه لجماعة الإخوان المسلمين وأكد أنه يؤيد الرأي والرأي الآخر والعمل بسياسة الوضوح الفكري ضمانا لتحقيق المهنية رافضا جرائم السب والصوت المرتفع وإقصاء الرأي الآخر معتبرا أن العملة الجيدة تطرد وتزيح من طريقها العملة الرديئة والسيئة . وماذا تقول في واقعة ظهور المذيعة المحجبة علي الشاشة بعد تولي الوزير الإخواني المنصب؟ الموضوع قديم، وقبل أن يشغل الوزير الحالي المنصب فبالنسبة للمذيعة المحجبة فاطمة نبيل اجتازت خلال العام الماضي اختبارات الظهور علي الشاشة وأثبتت جدارتها واعتمدت النتيجة من الوزير الأسبق أسامة هيكل إلا أن مسألة ظهورها علي الشاشة تأخرت كثيرا، حيث تصادف تنفيذ القرار مع قدوم الوزير الحالي، وأتذكر أنني خلال العام المنقضي وافقت كأول رئيس لقطاع الأخبار علي ظهور المراسلات المحجبات علي الشاشة وهذا يحسب ويضاف إلي سجل انجازات الإعلام المصري . إذن وبعدما أصبح ظهور المذيعة المحجبة أمرا عاديا هل سيأتي علينا يوم لنشاهد علي الشاشة مذيعا بلحية ؟ ولما لا فمسألة ظهور المذيعين علي الشاشة تحكمها عدة اختبارات من يجتازها يحق له الظهور علي الشاشة والاختبارات ليس حكرا علي أحد دون الآخر أي أنه إذا تقدم مذيع بلحية فلن نمنعه وبيننا وبينه اختبارات عليه تتعلق بالمهنية واللباقة والحضور وإتقانه للغة العربية، وفي حالة توافر هذه المميزات في المتقدم فلن نحرمه من فرصة الظهور علي الشاشة،وما أريد توضيحه أنه حتي الآن لم أتلق أي طلبات لملتحين للالتحاق باختبارات المذيعين والمراسلين،وتوجد لجنة داخل قناة النيل للأخبار تختص بإجراء تلك الاختبارات، وأطمئن الجميع أن هناك مواصفات لمن يظهر علي الشاشة إذا توافرت في المتقدمين لشغل الوظيفة سيتم إلحاقهم بها دون التطرق إلي ما يخصه وحده طالما أنه سيلتزم بالأداء الإعلامي المتميز. يقال إنكم تلقيتم تعليمات وتحذيرات تمنعكم من عرض أخطاء جماعة الإخوان المسلمين أو مهاجمة أعضائها؟ هذا الكلام لا أساس له من الصحة فلم نتلق أي تعليمات أو تهديدات من أي نوع وما يحكم العمل الإعلامي لدينا الالتزام بالأسلوب المنهجي القويم، ونحن نرفض تماما فكرة الهجوم من أجل الهجوم، وما نريده ونسعي إليه دائما هو أن تكون هناك بيئة صحية للنقد وعرض الرأي والرأي الآخر خاصة أن مصر اليوم تعيش روح الثورة التي طالبت بالديمقراطية والحرية، ونحن لا ولن نحجر علي رأي أحد مادام أنه يستهدف مصلحة الوطن، كما أننا نرفض أن نكون أداة يستخدمها البعض لتصفية الحسابات مع الخصوم. خلال الفترة الانتقالية قيل إنه تم إعداد قائمة سوداء تمنع ظهور أو استضافة شخصيات هامة علي الشاشة خوفا من مهاجمة المجلس العسكري وقتها والآن قيل إن لديكم قائمة جديدة تمنع ظهور معارضي الإخوان المسلمين فما قولك في هذا؟ لم أر أي قوائم بأي لون أو تحت أي مسمي،فلا توجد لدينا موانع من استضافة هذا لمصلحة ذاك، وأكررها أنه لا يتدخل أحد مهما بلغ سلطانه في إدارة السياسة التحريرية الخاصة بقطاع الأخبار، كما لم تظهر ما تطلقون عليها القائمة السوداء، التي تمنع ظهور شخصيات هامة علي شاشات التليفزيون، حيث إن هذا لا يحقق ما نادت به الثورة المصرية، من تأسيس بيئة صحية جديدة من الديمقراطية، والمعارضة الحقيقية القائمة علي أساس قبول الرأي والرأي الآخر،وممثلي التيارات المختلفة، بل فللجميع حق في الظهور علي شاشات التليفزيون، شريطة ألا يدعون لجرائم ازدراء الأديان، أو يكون الظهور بسبب تصفية الحسابات مع شخصيات معارضة لهم، وأن يكون الهدف الأعظم مصلحة الوطن، وأقولها "مرحبا بضيوف البرامج الحوارية الذين يختلفون مع النظام القائم دون أي تطاول يحمل بين طياته الألفاظ الجارحة أو الخارجة عن الآداب العامة التي توقع صاحبها تحت طائلة القانون". تناثرت أقاويل أنه تمت معاقبة أحد المذيعين من مقدمي البرامج لاستضافته إحدي الشخصيات التي قامت بمعارضة جماعة الإخوان المسلمين؟ نحن لا نعاقب أحدا بذنب الآخر، فالمذيع له طبيعة عمل تتمثل في، إدارة الحوار فقط، دون أن يذهب به إلي إبداء أو فرض رأيه في قضية ما، ولا يحق للمذيع أن يمارس النقد خلال إدارته للحوار حيث إن المعني بهذا النقد هو الضيف وحده ويكون له الحق الأصيل في ذلك، وما يعنينا هنا كإعلاميين هو أن يلتزم الناقد بالنقد البناء الذي لا يوقعه تحت طائلة القانون وألا يستهدف به النقد من أجل النقد وإنما النقد من أجل التقويم والتصحيح. ماذا تقول في الأنباء التي انتشرت بالإعلان خلال ساعات عن تعيين الصياد رئيسا لاتحاد الإذاعة والتليفزيون؟ هذا لن يحدث، ورئيس الاتحاد الجديد سيكون زميلا فاضلا، وعن نفسي فإني أعشق عملي وتخصصي في قطاع الأخبار، ولدي فخر كبير لما حققته خلال فترة رئاستي للقطاع،وخلال لقائنا بالوزير تأكدت أن هذه الأخبار مجرد فرقعة إعلامية، حيث تبين أن رئيس الاتحاد القادم ليس إبراهيم الصياد، والحمد لله لقد نجحنا كثيرا في احتواء الأزمات والارتقاء بالمستوي داخل القطاع. منذ أن توليتم رئاسة القطاع وأكدتم أن هناك خطة لتطوير العمل علي الشاشة،فإلي أين وصل هذا التطوير؟ بدأنا في تنفيذ خطة لتطوير الأداء الإعلامي علي الشاشة وبالأخص في مضمون الرسالة الإعلامية التي نقدمها عقب عيد الفطر الماضي،وأذكر من هذا التطوير ما حدث في برنامج "صباح الخير يا مصر" الذي قمنا بإضافة العديد من الفقرات، التي لم تكن موجودة به من قبل، والتي نقدم خلالها الخدمات التي يحتاجها المواطن بشكل دائم، كما قمنا بإلغاء احتكارية القاهرة للبرنامج وأعدنا التوزيع العادل لجميع المحافظات المصرية من خلال عرض الموضوعات والتقارير اليومية التي تهم سكان المحافظات، كما نلتزم الآن بتقديم الإرشادات المرورية خلال البرنامج، بعد الانتهاء من ربط قطاع الأخبار بغرفة عمليات الإدارة العامة للمرور المركزية، بطريقة مباشرة، كما يعرض البرنامج أيضا الخدمات التي يقدمها المطار للمترددين عليه فضلا عن أحوال الطقس بصفة دائمة وإن كانت متواجدة من قبل وليس هذا فقط وإنما أعدنا من جديد إذاعة ما يخص أسعار الخضروات والفاكهة والتي تهم ربات البيوت، كما أننا نلتزم الآن بإذاعة نشرة صغيرة باسم "أنباء الساعة" لضمان إطلاع المشاهد علي أهم الأخبار، أولا بأول دون انقطاع، فضلا عن تخصيص نقل تقارير إخبارية تتعلق بهموم المواطن لمدة ربع ساعة. وماذا عن تطوير الاستوديوهات الخاصة بقناة النيل للأخبار؟ من الأشياء التي نسعي إليها الآن ، إعادة بث قناة النيل للأخبار في ثوبها الجديد، بما يليق باسم مصر، فمن الصعب وغير المعقول أن تكون مصر بلا قناة إخبارية كبيرة ومتميزة تتنافس مع القنوات الإخبارية الأخري، وسوف تشهد انطلاقة جديدة قريبا من ستوديو 5، والمشكلة تكمن في أن عملية استلام المرحلة الثانية من التطوير لن تتم إلا بإعادة التدريب وتفعيل الأخبار الجديدة. أطلقتم قناة "صوت الشعب" ولم تتوقف الانتقادات لها..ما هو مصيرها وهل سيتم إلغاؤها؟ بالعكس، فلن نفكر في إغلاق القناة وسوف تستمر،وأري أن إذاعة جلسات البرلمان أهم بكثير من أي أشياء أخري، وأظن أننا منذ أن قمنا ببثها، وأعطينا الفرصة والأداة السياسية للمواطن المصري ليتمكن من الرقابة الكاملة علي أداء نواب البرلمان الذين قام باختيارهم لتمثيله، ونحن الآن نقوم بإذاعة جلسات الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، كما أننا نعطي مساحة لعرض الأنشطة الحزبية، وما يخص هيئات المجتمع المدني، فنحن نريدها قناة للشعب بجميع أطيافه ولا نميز أحدا علي الآخر، وما نفكر فيه الآن هو أن نقوم باستبدال الأغاني التي يتم إذاعتها بتقديم البرامج الحوارية مع الشخصيات التي تهم المواطن المصري، كما أننا نستعد لتخصيص فترة، ولتكن 5 دقائق لعرض مادة من مواد الدستور بعد الانتهاء من مسودته، علي أن يقوم أحد المختصين بشرح هذه المواد لنقدم الثقافة الدستورية والسياسية للمواطن المصري، وقمنا بإعداد فيلم تسجيلي عن أعمال الجمعية التأسيسية لخلق حالة من التواصل بين المواطن وأعضاء الجمعية، كما أننا ملتزمون بعرض أخبارها باستمرار علي شريط الأخبار، هذا بالإضافة لمناقشة مواد الدستور خلال البرامج الحوارية التي يتم عرضها علي القنوات المختلفة. وهل لديكم قدرة للإعلان عن نسبة نجاح المشروعات الخمسة التي وعد بها الرئيس مرسي؟ ليس من اختصاصاتنا الإعلان عن نسب ولكن يمكن نقلها علي لسان أحد المختصين، ونحن معنيون فقط بما يحدث علي أرض الواقع فإن كان الحديث عن مشكلة نظافة الشوارع فتنطلق الكاميرات إلي مناطق متفرقة ونعرض ما ترصده الكاميرات، وفي مشكلة المرور يجب أن نتكلم بشجاعة ووضوح، للتأكيد علي أنها لن تنتهي إلا بتطبيق القانون، أو اتخاذ إجراءات قد تكون في ظاهرها عاجلة وربما تكون قاسية أيضا. من وجهة نظرك كمواطن مصري كيف تقيم أداء الرئيس مرسي؟ أري أن الرئيس مرسي ،رجل ظلم نفسه عندما أعلن أنه يحتاج مائة يوم فقط للقضاء علي المشكلات الخمس التي تعاني منها البلاد، فالأمر يحتاج إلي مئات الأيام وليس مائة واحدة، كما أنني أرجح أن الرئيس مرسي عندما أعلن ذلك لم يقصد أن يقضي بصورة نهائية وكاملة علي هذه المشكلات، وإنما يكون خلال المائة يوم قد حقق بعضها وانتهي من وضع الخطط المستقبلية اللازمة للقضاء علي تلك المشكلات بشكل جذري خاصة أن الأمر يتطلب التعاون الكامل من المصريين، فلو تحدثنا عن أزمة الوقود، فالحل يحتاج إلي تعديل في سلوكيات المواطن المصري نفسه وفي القضايا الخمس أري أن المواطن المصري مسئولا بجانب الرئيس مرسي لإنهاء تلك الأزمات ،كما أنني أري ضرورة إعادة النظر في خطط التوزيع، لضمان عدالتها، فلا يصح أن تقوم الدولة بتدعيم رغيف الخبز ويشتريه من ليس في حاجة لشرائه ولا يصل إلي مستحقيه، كما أنه لا بد من أن تتم إعادة توزيع الأعباء بطريقة الهرم المقلوب، فكلما زاد دخل المواطنين، قل الدعم، والعكس، إذا قل الدخل، فارتفع الدعم، وكلما زاد الدخل، ارتفعت الأعباء .