«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"العالم يتأهب" .. ما لم ينشر عن خطة كيسنجر حول الحرب العالمية الثالثة
نشر في الموجز يوم 21 - 11 - 2018

كثيرا ما يتساءل العالم عن القوى العالمية وتغير الحسابات الدولية، وهل يمكن أن تطيح الصين بأمريكا، وتغير المنظومة العالمية بعد أن تأكد أنها قوة اقتصادية لا يمكن الاستهانة بها، كل هذه التساؤلات يصاحبها دائما الحديث عن حرب عالمية ثالثة غير اعتيادية، قد لا تكون بالسلاح، ولكن بتحالفات قوية يدعمها وجود تكنولوجيا متطورة وأنظمة دفاعية حديثة، ومن هنا عاد الحديث عن "لعبة كسينجر"، التي يؤكد الخبراء أن الرئيس الأمريكى ترامب يستعين بها حاليا من خلال تحول تاريخي للسياسية الامريكية بالتحالف مع روسيا ضد الصين لكبح جماحها.
في تقرير حديث لها أكدت مجلة ناشيونال ريفيو الأمريكية أن إدارة ترامب تدرك بذكاء، التهديد الذي تمثله الصين، مشيرة إلى أنها قد تستخدم المساعدة الروسية لمواجهة هذا التهديد.
ولفتت المجلة إلى أنه في أوائل السبعينيات من القرن الماضي كان وزير الخارجية الأمريكي بعهد الرئيس ريتشارد نيكسون وهو هنري كسينجر، قد وضع استراتيجية ، وصفت بالناجحة للولايات المتحدة للتعامل مع منافسيها الأكثر خطورة ، وكانت تتمثل هذه الاستراتيجية في توثيق العلاقات مع الاتحاد السوفيتي الذي يملك عددا من الأسلحة النووية، ومع الصين الشيوعية التي تضم أكبر عدد سكان في العالم.
وتم اطلاق اسم المثلث على هذه الاستراتيجية، والتي عمل كسينجر من خلالها على التودد بشكل أكبر للصين، حيث إن الاتحاد السوفيتي كان أقوى بكثير في ذلك الوقت.
وحينها كانت الفكرة مشابهة للسياسة البريطانية والفرنسية في منتصف الثلاثينيات، حيث لم تشجعا أدولف هتلر كي يصبح شريكا للاتحاد السوفييتي المعروف بنفس القوة والخطورة إلا أن هذا الجهد فشل، وأدى التعاون النازي - السوفيتي إلى غزوهما المشترك لبولندا في عام 1939 واندلاع الحرب العالمية الثانية.
وأضافت المجلة أن الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما حاول أيضا تطبيق لعبة كسينجر ، حيث تقرب من الصين لمواجهة روسيا، لكن كانت النتيجة أن موسكو استوعبت بشكل منهجي شبه جزيرة القرم، وتقربت من أوروبا الشرقية، وأحدثت اضطرابا في أوكرانيا، وعادت إلى الشرق الأوسط بعد 40 عاما، كما اخترقت المؤسسات الانتخابية والسياسية الأمريكية.
ووفقا للمجلة فإنه منذ عام 2009 وحتى 2017، كانت الادارة الأمريكية تبعث رسائل تطمينية بأن الصين لن تكن في القريب العاجل قوة عظمى في آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، مع اعترافها بأنها ستتفوق على أمريكا في النهاية، لكن كان تفوق بكين في النهاية هو مصير محتوم ، وليس نتيجة لا مبالاة من الولايات المتحدة.
وكانت نتيجة استراتيجية إدارة أوباما هي حصول الصين على تكنولوجيا أمريكية، ومن ثم تطويرها، كما تغاضت واشنطن عن ممارسات بكين في بحر الصين الجنوبي، الأمر الذي مكن الصينيون من تأسيس قواعد في جزر صناعية بمنطقة سبراتلي، للتسلط والتلاعب بطرق التجارة في المحيط الهادئ.
ونتيجة لذلك، تفاخر الرئيس الصيني شي جين بينج علانية أنه بحلول عام 2025، ستهيمن الصين على صناعة التكنولوجيا العالمية، وبعد عشر سنوات من ذلك ستسيطر على المحيط الهادئ، وعند حلول منتصف القرن ستدير الصين العالم.
والأكثر من ذلك كانت نتيجة استراتيجية أوباما اتحاد "بوتين وشي" للتقليل من أهمية الولايات المتحدة، عبر سعيهما إلى استخدام سوريا وإيران وكوريا الشمالية لمواجهة نفوذ الولايات المتحدة، وفي الوقت ذاته شنّ حربا إلكترونية ضد الشركات والمؤسسات الأمريكية.
ولفتت المجلة إلى أن الولايات المتحدة قد تكون أقوى قوة اقتصادية وعسكرية في العالم، لكنها انتهكت كل مبادئ كيسنجر. فقد اتفقت كل من روسيا والصين على أن إرادة الولايات المتحدة ضعيفة، وعلى الرغم من اختلافاتهما، فقد وجدتا أنهما تحققان مكاسب متبادلة في خفض مكانة الولايات المتحدة.
كما لاحظ حلفاء أمريكا ، من الدول الاسكندنافية إلى الشرق الأوسط وصولا إلى آسيا ما يجري ،حيث رأوا أن الولايات المتحدة إما لا تستطيع أو لن تستعيد هيبتها العالمية.
لكن إدارة ترامب تسعى حاليا لإثبات عكس ذلك، ففرض الرئيس الأمريكي عقوبات اقتصادية على بوتين وقدم مساعدة عسكرية لأوكرانيا، كما عزز الإنفاق الدفاعي، وطالب باستعداد أكبر للناتو، وسرع إنتاج النفط في الولايات المتحدة.
كما تحاول واشنطن توجيه صفعة للصين من خلال فرض رسوم لإجبارها على خفض الفائض التجاري الذي تبلغ قيمته نحو 400 مليار دولار أمريكي مع الولايات المتحدة، كما أرسلت سفنا حربية أمريكية إلى عمق أكبر في بحر الصين الجنوبي ليعرف حلفاء واشنطن أن الصين لن تسيطر عليهم.
في الوقت نفسه وفقا للمجلة سعى ترامب للتفاوض مباشرة مع كوريا الشمالية حول نزع السلاح النووي، وإقامة شراكات دفاعية جديدة مع أستراليا واليابان, كما أنه أبرم اتفاقات تجارية ثنائية مع كوريا الجنوبية والمكسيك وكندا والتي ستستثني الصين.
وأشارت المجلة إلى أنه على الرغم من الإنتقادات الموجهة لترامب على الساحة الداخلية، إلا أن الصين قلقة فعلا من أن تؤدي تصرفاته الى تقليص قوتها، لا سيما وأن اقتصادها يتباطأ وعملتها تتراجع.،كما أن المواطنين الصينيين العاديين يتساءلون لماذا يغدق قادتهم الدول الأفريقية والدول الآسيوية بالمساعدات، بينما الصين غارقة في حرب تجارية مع الولايات المتحدة.
وإنطلاقا من السياسة التي اتبعها كيسنجر في إيجاد الطريق الأضعف، ترى المجلة أن على الولايات المتحدة أن تتودد لموسكو لإيجاد مصالح مشتركة وفحص قوة السلطة الصينية، لا سيما وأن لا مصلحة روسية محتمة بأن ترى إيران أو كوريا الشمالية قوتين نوويتين، ولتكسب موسكو من خلال هذه العلاقة، مجموعة من الشركاء الآسيويين الحلفاء لواشنطن.
ويرى الخبراء أن لعبة كسينجر التي تسعى إدارة ترامب لتنفيذها هذه المرة تواجها صعوبات فالعلاقات الروسية الصينية أصبحت من القوة والمتانة بحيث لا يستطيع أحد اختراقها، ومع ذلك تلعب واشنطن على عامل الزمن وتغير الظروف، وربما لما بعد رحيل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الحكم، بإعتباره الأكثر حرصا على تقوية وتطوير العلاقات مع الصين.
لكن في نفس الوقت يرى البعض أن الرئيس بوتين براجماتي بالدرجة التي تهمه معها مصالح روسيا قبل كل شيء، وبالتالي إذا تطورت مصالح روسيا مع الولايات المتحدة وكان لدى واشنطن ما تقدمه لروسيا أكبر مما تقدمه الصين لها، فلم لا، خصوصا أنه كما يقول البعض أن "كل مشاكل روسيا من أمريكا بينما ليست كل مصالح روسيا مع الصين".
ووفقا لصحيفة جازيتا رو الروسية فإن كاهن السياسة الأمريكية المخضرم هنري كيسنجر صاحب برنامج احتواء الصين في منتصف سبعينيات القرن الماضي، هو الآن بنفسه صاحب فكرة تقارب واشنطن وموسكو ضد بكين, حيث أكدت الصحيفة أنه التقى مرارا مع دونالد ترامب ونصحه بالتعاون مع روسيا لمواجهة الصين المتنامية القوة، ونصح الرئيس الأمريكي باستخدام الاستراتيجية التي طورها في السبعينيات لاحتواء الاتحاد السوفييتي.
وقالت الصحيفة الروسية إن ترامب نفسه، تحدث عن الحاجة إلى توحيد القوى مع روسيا لإحتواء الصين، بينما كان لا يزال مرشحا لرئاسة الولايات المتحدة في صيف العام 2016، حيث قال في مهرجان في لاس فيجاس "الصين لا تطيقنا، الكل يكرهنا، إلى جانب أنهم يكسبون من ورائنا، لطالما سمعت أن أسوأ ما يمكن أن يحدث لبلدنا هو التقارب بين روسيا والصين ،نحن قربناهما بأنفسنا. إنه أمر فظيع لبلدنا، جعلناهما صديقتين.. أعتقد حقا أنني سأتفق مع روسيا" .
وعلى الرغم من رغبة ترامب القوية ، وأن السياسة لا تعرف المستحيل، إلا أن كافة المعطيات على أرض الواقع تعوق تحقيق هذه الخطة الأمريكية من كافة الجوانب.
فالتاريخ يقول العلاقات الروسية والسوفيتية – الصينية لم تكن إيجابية، والخلافات كانت بين العملاقين الشيوعيين مشتعلة دائما، وصراعهما على زعامة العالم الشيوعي لم يتوقف حتى لحظة انهيار الاتحاد السوفييتي، وحتى بعد الانهيار لم تكن العلاقات جيدة في عهد الرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسين، إلا أن الظروف تغيرت على الساحة الدولية بشكل جذري، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، والتي أعلنت بعدها الولايات المتحدة عن حملتها العسكرية ضد ما أسمته بالإرهاب الدولي، واختارت أفغانستان نقطة الهجوم الأولى لتوجيه قواتها وقوات حلف الناتو إليها، حينذاك استشعرتا كل من موسكو وبكين أن هناك خطرا كبيرا يستهدفهما معا، خاصة بعد أن زرعت الولايات المتحدة قواعدها العسكرية في دول آسيا الوسطى الواقعة بين روسيا والصين.
وبدا واضحا للبلدين أن هناك مخططات لتصدير الإرهاب من أفغانستان وآسيا الوسطى إليهما، حيث اشتعلت الحركات الانفصالية والعمليات الإرهابية في منطقة شمال القوقاز جنوب روسيا، بينما ظهرت بوادر الاضطرابات في الأقاليم الشمالية الشرقية من الصين التي تسكنها أقليات مسلمة.
وقتها قررت كل من روسيا والصين، ولأول مرة في تاريخهما، أن يتقاربا ويتحدا من أجل مواجهة الخطر المشترك، وكانت دول آسيا الوسطى الواقعة بينهما، تشكل بالنسبة لهما نقطة ضعف كبيرة، حيث التواجد العسكري الأمريكي في هذه الدول، وحيث الحدود المفتوحة، وغير الخاضعة للمراقبة، لهذه الدول مع روسيا والصين، مما يسمح بتسرب الجماعات الإرهابية والمخدرات من أفغانستان عبر دول آسيا الوسطى إلى كل من روسيا والصين.
ومن هذا المنطلق جاءت فكرة تأسيس منظمة شنجهاي للتعاون في عام 2001 بمبادرة صينية رحبت بها روسيا لتضم معهما أربع جمهوريات من آسيا الوسطى هي كازاخستان، قيرجيزيا، أوزبكستان وطاجيكستان.
وشهدت هذه المنظمة أول مناورات عسكرية روسية صينية مشتركة في أغسطس عام 2005، وهذا حدث تاريخي لم يكن أحد يتصوره ولا حتى في زمن الحرب الباردة.
وشارك في هذه المناورات نحو عشرة آلاف عسكري وقطاعات حيوية واستراتيجية من قوات البلدين ومن البلدان أعضاء منظمة شنجهاي للتعاون.
واللافت هو أن واشنطن حينها تقدمت بطلب لحضور المناورات كمراقب، ورفض طلبها بينما دعي عسكريون من الهند وإيران لحضور المناورات، الأمر الذي وضع علامات إستفهام كثيرة لدى الغرب حول الأهداف غير المعلنة لهذه المناورات، وحول توجهات منظمة شنجهاي الاستراتيجية، ثم توالت المناورات المشتركة بين البلدان الست الأعضاءفي المنظمة بشكل دوري.
وبمرور الوقت زادت وتيرة التعاون المشترك والتقارب الواضح بين الصين وروسيا في مختلف المجالات، وبشكل ملحوظ، مع تولي الرئيس فلاديمير بوتين الحكم في روسيا عام 2000، وأصبحت الصين ثاني أكبر مستورد للسلاح الروسي بعد الهند وبلغت نسبة السلاح الروسي في الجيش الصيني نحو 70%, وتزود روسيا الصين بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية، ووافق الرئيس الروسي بوتين أثناء زيارته للصين في أكتوبر عام 2004 علي تزويد بكين بمنظومة الدفاع الصاروخية "إس 300″، وهي المنظومة التي كانت واشنطن في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، قد حصلت علي تعهد من الرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسين بعدم تصديرها لأي جهة أجنبية.
وفي عام 2005 كانت لروسيا وقفة قوية إلي جانب الصين في أزمتها النفطية الحادة التي كانت تهدد برامج التنمية الاقتصادية في الصين، هذه الأزمة التي أدت إلي نقص الوقود لإمداد 24 إقليما من أصل واحد وثلاثين إقليما صينيا بالكهرباء، فيما باتت مئات المصانع الصينية حينها مهددة بالتوقف عن العمل.
وكان سبب هذه الازمة ارتفاع أسعار النفط آنذاك بشكل ملحوظ، مما شكل عائقا أمام خطط التنمية الاقتصادية والصناعية، والتي كانت تحتاج لكميات كبيرة من مصادر الطاقة.
ورفض الغرب وقتها إمداد الصين بالنفط رغم قدرتها على دفع ثمنه، ولم تجد بكين أمامها سوي جارتها الكبرى روسيا التي لم تضيع الفرصة لكسب العملاق الصيني، حيث وافق الرئيس الروسي بوتين على الفور على سد احتياجات الصين من النفط والغاز، وعرض بوتين علي بكين الاستثمار في قطاع النفط الروسي، ووافقت الصين علي الفور علي إيداع 12 مليار دولار استثمارات في قطاع النفط الروسي، ليحقق بوتين بذلك صفقة تاريخية بكسب الصين حليفا قويا ومرتبط ارتباطا مصيريا بروسيا التي تستطيع أن تعطيه ما لا يستطيع غيرها أن يعطيه له، ألا وهو الطاقة والسلاح الحديث.
وفي شهر مايو 2014 أعلن عن مشروع القرن، وهو أكبر مشروع في تاريخ مصادر الطاقة، والذي بمقتضاه ستحصل الصين على ما لا يقل عن 38 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا من روسيا بداية من عام 2018، ولمدة ثلاثين عاما، وقدرت قيمة المشروع بنحو 400 مليار دولار، ولم تكن صدمة الغرب من هذا المشروع لقيمته المالية الكبيرة، بل لأنه سيقرب بين روسيا والصين بشكل كبير لسنوات طويلة مقبلة.
ومن هنا يؤكد الخبراء أن العلاقات بين روسيا والصين تطورت بشكل غير عادي يصعب على أية قوة أو جهة في العالم التأثير فيه، وتطور التعاون الاستراتيجي بين البلدين للدرجة التي لم يعد معها مجالا للشك في أن تحالفا دوليا قويا قد ظهر على الساحة الدولية يجمع العملاق العسكري السياسي روسيا والعملاق الاقتصادي الصين، وأن هذا التحالف سوف يغير بالقطع موازين القوى العالمية في المستقبل القريب.
وحتى رهان أمريكا على ما بعد رحيل بوتين عن الحكم في الكرملين، ومجيء رئيس آخر أو نظام آخر، يراه الخبراء شبه خاسر لأن تغيير هذه الأوضاع سيكون شبه مستحيل، خصوصا أن مؤشرات التطور داخل الولايات المتحدة وخارجها تعكس تراجعا كبيرا في مكانة القطب الأمريكي الأوحد وأفول نجمه وسعي حلفائه وأصدقائه للانفضاض من حوله.
ولذلك سيظل تخوف أمريكا قائما من تحالف الصين وروسيا ، ليس فقط من الناحية الاقتصادية بل العسكرية بشكل لا يمكن أن تخفيه، كما كانت تفعل سابقا، وهو الأمر الذي كشف عنه وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس حين قال في كلمة ألقاها في سنغأفورة إن الولايات المتحدة الأمريكية لا تسعى إلى مواجهة روسيا والصين.
مؤكدا أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى التعاون والعمل المشترك مع كل من روسيا والصين، كما تسعى إلى إنهاء الخلافات مع هاتين الدولتين.
ولم يخف وزير الدفاع الأمريكي أن تحالف روسيا والصين يقلقه، متمنيا ألا يتم إنشاء تحالف روسيا والصين عسكريا.
وأورد "ماتيس" ما يجب أن يدعم أمنتيه هذه، مشيرا إلى أن عدد النقاط المشتركة بين روسيا والغرب بخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، يفوق عدد النقاط المشتركة بين روسيا والصين في حين يفوق عدد النقاط المشتركة بين الصين وأمم المحيط الهادئ بخاصة الولايات المتحدة الأمريكية والهند، عدد النقاط المشتركة بين الصين وروسيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.