اتهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، حلف شمال الأطلسي (الناتو) بالسعي للسيطرة على الأسلحة التقليدية في أوروبا، معرباً عن استعداد روسيا لمواصلة الحوار حول الدرع الصاروخية الأمريكية في أوروبا رغم العراقيل الأمريكية. وقال لافروف أمام مجلس الشيوخ الروسي (الفيدرالية) اليوم ، إن "جهود الناتو لزيادة التفاوت في فضاء الأسلحة التقليدية لصالحه وسيطرته على الأسلحة التقليدية في أوروبا باسم حل النزاعات، قتل معاهدة القوات التقليدية في أوروبا". وأضاف "الآن شركاؤنا في الناتو يتحدثون عن الحاجة لإحياء السيطرة على الأسلحة في أوروبا، ويطالبون بأن نعترف بسيادة جورجيا على حدودها قبل العام 2008 كشرط مسبق للمحادثات والعودة إلى معاهدة القوات التقليدية في أوروبا التي انسحبنا منها لأن أعضاء الناتو خرّبوا تنفيذها". وأشار إلى أن هذه الظروف "غير الواقعية" تجعل العمل المشترك حول المشاكل المتعلقة بالسيطرة على التسلّح التقليدي غير مجدٍ. وذكّر بأن روسيا انسحبت من المعاهدة عام 2007 "بينما دول الناتو لم تصادق بعد على المعاهدة ولم تبدأ تطبيقها". وفي سياق متصل قال لافروف إن بلاده تريد إيضاحاً عن الهدف من اقتراب البنى التحتية الدفاعية للناتو من حدودها، وقال "إننا نتساءل عن أسباب النشاط العسكري المكثف بالقرب من الحدود الروسية وتحديث واقتراب البنى التحتية الدفاعية للناتو وتكرر التدريبات العسكرية". وأضاف "بعض التدريبات العسكرية تجري بموجب سيناريو المادة الخامسة من معاهدة واشنطن، التي تتضمن الدفاع المشترك بوجه هجوم خارجي. وطبعاً لا يمكن الحديث بصورة جدية حالياً عن خطر واقعي للهجوم على بلدان الناتو باستخدام الأسلحة التقليدية. لذلك فإن الهدف من هذه التدريبات غير واضح". وأشار لافروف في كلمته إلى أن بعض البلدان الغربية تسعى إلى حصانة ذاتية، ولكن "الأمن مسألة مترابطة". وقال "للأسف، إن العمليات على المستوى العسكري – السياسي في أوروبا والأطلسي تتخلف جداً عن التغيرات السريعة للواقع. ففي النخب السياسية للبلدان الغربية ما زال يغلب عليها الأفكار التكتلية. وبعض السياسيين يحاولون إحياء شكل العدو الجيوسياسي وتظهر دعوات لكبح روسيا". واعتبر أن "أكثر الشركاء الغربيين يهمهم أولاً السعي إلى الحصانة الذاتية، ولكن هناك مبدأ عدم جواز تقسيم الخطر، والذي يفيد بأن أمن كل واحد مرتبط بأمن الجميع". كما أعرب لافروف عن أسف روسيا لعدم التوصّل إلى اتفاق حول منظومة الدرع الصاروخية مع الناتو، وقال إن "الاختبار الرئيسي للشراكة مع الناتو، هو مسألة منظومة الدرع الصاروخية". وتابع أنه "من المهم مبدئياً بالنسبة لنا معايير واضحة وموثوقة مستندة إلى ضمانات عسكرية تقنية وجغرافية تؤكد عدم توجيه منظومات الدرع الصاروخية ضد قوات الردع النووية الروسية". وأضاف "ولكن حتى الآن لم نتمكن من التوصّل إلى حل لهذه المسألة. والسبب معروف وهو عدم استعداد الولاياتالمتحدة للموافقة على التزامات تحد من القدرة المحتملة للمنظومة ومواقع نشرها. ويتجاهلون مقترحاتنا حول المشاركة في بناء هذه المنظومة، مستندين في ذلك إلى أنه لا يمكن للحلف منح مسئولية الدفاع عن أراضي البلدان الأعضاء في الحلف إلى أي جهة أخرى". وأشار لافروف إلى أن "روسيا مستعدة لاستمرار الحوار على أساس المساواة والاحترام الكامل لمبادئ القانون الدولي". ونوّه بأن روسيا تربط تعاونها مع الناتو باستعداده للأخذ في الاعتبار مصلحة المحافظة على أمنها وأسباب قلقها بشأن الأمن الدولي واستقرار ميزان القوى الإستراتيجية. ودعا إلى وجوب أن يعقد مجلس روسيا – الناتو اجتماعاً على مستوى الوزراء قبل نهاية هذا العام. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال منذ أيام إنه لا يجد سبباً لاستمرار حلف شمال الأطلسي كمنظمة عسكرية، ويرى أنه من الضروري أن يتحوّل الحلف إلى منظمة سياسية في أسرع وقت. وأكد قلقه من توسع الناتو، قائلاً إن "الحديث عن النوايا السلمية شيء ونشر أسلحة هجومية وصواريخ مضادة للصواريخ قرب حدود دولتنا شيء آخر". وتشتبه موسكو بأن هدف مشروع "الدرع الصاروخية" الذي يتضمن إنشاء نظام دفاعي يُفترض أن يحمي أوروبا وأميركا من هجوم صاروخي في أوروبا قرب حدود روسيا، إبطال مفعول الصواريخ الحربية الروسية. ومن أجل درء "هذا الخطر" اقترحت روسيا إنشاء نظام دفاعي مضاد للصواريخ روسي أميركي أوروبي مشترك، وطلبت من الولاياتالمتحدة ضمانات خطّية بأن المضادات الأميركية المزمع وضعها في أوروبا لا تستهدف الصواريخ الروسية.