مع اقتراب موعد زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى أمريكا والمقرر لها الأسبوع الأول من إبريل المقبل بدأت عدد من الصحف الأمريكية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين شن حملة ضارية لتقويض السيسى أثناء هذه الزيارة وتحذير الإدارة الأمريكية من الاستجابة لطلبه بإدراج الجماعة على قوائم الإرهاب . وقادت صحيفة نيويورك تايمزهذه الحملة , محذرة من إقدام الرئيس المريكى دونالد ترمب على تصنيف جماعة الاخوان المسلمين كمنظمة إرهابية لخطورة ذلك على المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وزعمت أن المستفيد الأول من القرار هو السيسي. وأضافت الصحيفة في تقرير لها أن التصنيف المقترح للإخوان كجماعة إرهابية باعتباره أحد أهم الملفات التي يحملها السيسي لواشنطن، يعيد التأكيد مجددا على ما وصفته بالاحتضان الواضح من جانب ترامب للرئيس المصري الذي أثار مؤخرا عاصفة من الانتقادات الدولية ضد حالة حقوق الانسان المتردية في بلاده وفقا لزعم الصحيفة. وكشفت نيويورك تايمز النقاب عن حدوث العديد من المكالمات الهاتفية بين ترامب والسيسي منذ لقائهما الأول على هامش فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدةبنيويورك في سبتمبر الماضي حينما كان الرئيس الأمريكي مرشحا لسباق الرئاسة الأمريكية، وبعد فوزه بالرئاسة في نوفمبر، كان السيسي أول المهنئين، وحاليا تجري ترتيبات زيارة للأخير لواشنطن. واعتبرت الصحيفة الأمريكية أن مصافحة في البيت الأبيض بين ترامب والسيسي سوف تمنح ختم شرعية للسيسي الذي حرص باراك أوباما الرئيس الأمريكى السابق على وجود مسافة ذراع بينهما ،في إشارة الي مصافحة أوباما للسيسي عبر الطاولة وحرصه على عدم وجود صورة تجمعهما واقفين جنبا الي جنب ،وزعمت الصحيفة أن عشرات الآلاف من خصوم السيسي يعانون في السجون المصرية، كما تواجه القوات الأمنية لنظام السيسي اتهامات بالقيام بعمليات قتل خارج القانون. ورأت الصحيفة أن تصنيف الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، سيكون أكثر مبادرات الإدارة الأمريكية الحالية تأثيرا على تقويض السياسات الداخلية لشركاء أمريكا في المنطقة. وأوضحت أن مثل هذا القرار الأمريكي حال صدوره سوف يغير من توازن سياسي حرج في المملكة المغربية، وربما يحرم الدبلوماسيين الأمريكيين من الاجتماع مع قادة المعارضة الأردنية، وفي تونس فإنه قد يصنع مجرمين من حزب سياسي تم النظر اليه باعتباره نموذجا للديمقراطية بعد ثورات الربيع العربي. ورأت الصحيفة أن القرار الذي تتم دراسته حاليا بواسطة مساعدي ترمب لتصنيف جماعة الاخوان المسلمين باعتبارها منظمة إرهابية ينظر اليه باعتباره نذير شؤم في منطقة تدار فيها أمور الدين والسياسة عبر توازن دقيق، وفي الغالب بشكل غير آمن أو مستقر. ولم تكتف نيويورك تايمز بالهجوم على الرئيس المصري والدفاع عن الإخوان فقط بل أفردت صفحاتها للإخوان المسلمين ،حيث نشرت مقالا كتبه جهاد الحداد في السجن منذ أكثر من ثلاث سنوات ونشرته الصحيفة في فبراير الماضي ،تزامنا مع التحضير لزيارة السيسي ،حيث قالت إنه تم تسريب المقال من معتقل طرة الذي يقبع به الحداد الذي كان المتحدث الاعلامي لجماعة الاخوان المسلمين ومسئول ملف الخارجية بحزب الحرية والعدالة ،مما يثير التساؤل حول كيفية وصول هذا المقال للصحيفة. ويبدو أن الهدف من نشر المقال هو شرح المعاناة التي يعيشها الاخوان في السجون من وجهة نظرهم وإظهارهم بصورة المظلومين ،حيث كتب الحداد مقالا طويلا شارحا فيه فلسفة عمل جماعة الاخوان منذ نشأتها ومنهجها الواضح البعيد عن العنف وتهمة الارهاب. واعتبرت الصحيفة أن المقال يحوي اعترافات خطيرة لا يدركها الكثير في بلاد الغرب ممن أخذوا انطباعاتهم عن الجماعة من ما أسمته ادعاءات الساسة الكاذبة عن جماعة الاخوان المسلمين. كذلك سارت صحيفة واشنطن بوست على نفس نهج نيويورك تايمز الداعم للجماعة الإرهابية ،حيث قالت إنه منذ أن قاد الرئيس عبد الفتاح السيسي أحداث 3 يوليو التي أطاحت بالحكومة الإسلامية المنتخبة قبل 3 سنوات، أمل المبررون له في الغرب بقيادة وزير الخارجية السابق جون كيري أنه سيبادر بإصلاحات لإحياء الاقتصاد. وقالت الصحيفة إن تفكير هؤلاء مفاده أن المزيد من السياسات السوقية الحرة، والتدفقات الأجنبية الاستثمارية الجديدة، والرخاء المتنامي المنبثق عن ذلك ستساعد في نهاية المطاف على إرساء الاستقرار في مصر بعد سنوات من الفوضى, وزعمت الصحيفة أنه يوجد بمصر قمع وحشي يتم التجاوز عنه. كما اتهمت واشنطن بوست الرئيس السيسى بتبديد عشرات المليارات من الدولارات التي قدمتها السعودية ودول خليجية أخرى على مشروعات عملاقة مسرفة مثل قناة السويس الجديدة، بالإضافة إلى دعم العملة المصرية ،وفي ذات الأثناء ، قاد السيسي وفقا لرأي الصحيفة أكبر الحملات اكتساحا وعنفا ضد المعارضة في تاريخ مصر الحديث، ولم يزج فقط بالإسلاميين في السجون بل امتد الأمر إلى الصحفيين والليبراليين والعلمانيين ونشطاء المجتمع المدني مثل الأمريكية آية حجازي. ونوهت الصحيفة إلى أن السيسي تبنى أخير الإصلاحات الليبرالية التي أوصى بها صندوق النقد الدولي ،واتخذت الحكومة أخيرا قرارا بتعويم العملة، الأمر الذي أدى إلى تخفيض أكثر من 50 % من قيمة الجنيه، وقلل من دعم الوقود, ولذلك كان رد فعل صندوق النقد الدولي هو الموافقة على قرض 12 مليار دولار مقسمة على 3 سنوات. وأشارت الصحيفة إلى أن الإدارة الأمريكية أيدت القادة المصريين باتخاذ هذه القرارات الصعبة الضرورية لتحريك البلد نحو الرخاء. وتبدو الخارجية الأمريكية وكأنها تراهن على أن السيسي حيث أكدت وفقا للصحيفة أنه ضمن زعماء نادرين، مثل أوجوستو بيونشيه الرئيس الشيلي الراحل الذي تمكن من تحرير الاقتصاد رغم القمع الدموي الذى قام به. لكنها وضعت السم في العسل قائلة إنه رهان يبدو بعيد المنال، نظرا لأمية السيسي الاقتصادية كما ادعت ، والفساد الواسع المترسخ داخل نظامه، والجيش، والتاريخ المصري من الانتفاضات الشعبية ضد الإجرءات التقشفية ولفتت الصحيفة إلى أن الحكومة نجت من اختبار 11 نوفمبر الماضى ، عندما فشل المواطنون في الخروج في احتجاجات جماعية بدعوة من الإخوان، في اعتراف منها بأن الجماعة تعمل حاليا في مصر بشمل غير رسمي لتأليب الشعب على النظام مستغلى الحالة الاقتصادية الصعبة.. لكن رد فعل النظام لم يتسم بالاسترخاء، بل بدأ في استعجال قانون جديد عبر البرلمان من شأنه أن يحطم ما تبقى من جماعات مدنية مثل برنامج لمساعدة أطفال الشوارع في القاهرة كان تديره آية حجازي. وقالت الصحيفة إنه يمكن حظر أي جماعة بدعوى أن نشاطها يتعارض مع الأمن القومي والنظام العام، والقانون الجديد يفرض عقوبة بالحبس 5 سنوات على كل من يتعاون مع منظمة أجنبية أو يجري استطلاعات رأي دون موافقة مسبقة. وفي محاولة منها لاقناع الإدارة الأمريكية بفشل حكم السيسي وعدم قدرته على الاستمرار ،قالت واشنطن بوست إن القمع الغليظ وحالة الانهاك التي تنتاب العديد من المصريين بعد حوالي 6 سنوات من الاضطراب السياسي ربما ينقذان السيسي على المدى القصير من انفجار اضطرابات يتوقعها البعض. وقالت إنه على المستوى الدبلوماسي، يرجح أن يحظى السيسي بدعم أقوى من إدارة ترامب أكثر مما حظى به من جون كيري وزير الخارجية السابق، الذي عارض أوباما في وقوفه ضد الرئيس المصري. لكن الصحيفة عادت من جديد لتشكك في جدوى هذا الأمر ،قائلة إنه ليس من المرجح نجاح الرجل القوي في استقرار اقتصاد مصر مع استمرار خنق المجتمع الوطني وزعمت أن الرهان على السيسي من صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة ليس من المرجح أن يؤتي ثماره. وفي تقرير آخر لها قالت واشنطن بوست إن أولئك الذين يدعمون اعتبار جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية أجنبية، وهي الخطوة التي ترعاها إدارة ترامب وبضعها أعضاء داخل الكونجرس، يظنون أنّهم بذلك يضربون ضربة فريدة للتطرف العنيف. لكنهم واهمون ،فجماعة الإخوان المسلمين ليست وحدة واحدة، بل هي منظّمة مترامية الأطراف، ولم تتورط نظاميا في الإرهاب، على الرغم من أن أجزاء منها قد تبنت العنف، لكن التعميم سيكون خطأ فادحا.