أكدت مارا ريفكين، الباحثة في مركز عبد الله كامل للدراسات الإسلامية في كلية القانون التابعة لجامعة ييل الأمريكية، أن أنصار "داعش" استقبلوا فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية ب" فرح شديد". وتقول ريفكين إنها دهشت عندما اكتشفت، قبل بضعة أشهر، وعند تحليل الدردشات التي سجلت بين الجهاديين على مواقع التواصل الاجتماعي، أن أنصار داعش كانوا يصلون لوصول ترامب إلى البيت الأبيض. وفي ذلك الوقت، كتب متحدث باسم التنظيم على أحد المواقع على الإنترنت: "أسأل ربي أن يسلم أمريكا لترامب". وفي نفس الوقت، تشير الكاتبة لما سجله نصير لداعش على تيليجرام من أن"تسهيل وصول ترامب إلى البيت الأبيض يجب أن يشكل أولوية للجهاديين بأي ثمن". وتقول ريفكين إن تفضيل التنظيم لترامب قد يبدو غير منطقي، وخاصة لأن الرئيس المنتخب استخدم في حملته شعارات مشددة بحق أنصاره، وأوحى باحتمال استخدام الأسلحة النووية ضدهم". ولكن، وبعد الانتخابات مباشرة، عبر عدد من أنصار داعش، وجهاديون آخرون عن فرحهم العام بالنتيجة، واحتفلوا بفوز ترامب. وكتبت صحيفة" أنصار الشريعة" الصادرة باسم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أن" الأمريكيين سيتذكرون يوم 11/9 كما يتذكرون أحداث 9/11". وهكذا يمثل ترامب عدواً مثالياً بنظر الجهاديين. وتشير ريفكين إلى أن خطاب ترامب المعادي للمسلمين يخدم روايات الجهاديين عن عالم يخوض فيه الغرب حرباً مع الإسلام. وتعتمد وجهة نظر داعش على علاقات دولية قائمة على أساس وجود فرق هائل بين عالمين متعاديين، مناطق تحكمها "الخلافة"، ويسمونها "دار الإسلام"، وأخرى تابعة لأعدائهم، ويعرفونها باسم "دار الحرب". وفي عالم يسود فيه اللونان الأبيض والأسود، يقول أنصار داعش، إهم يسعون لإزالة "المنطقة الرمادية"، أي المجتمعات المتعددة الثقافات التي تعيش في الغرب، خاصة، وحيث يتعايش المسلمون وغير المسلمين بسلام. وهكذا، تقول ريفكين، جاء ترامب ليمثل بنظر الجهاديين العدو المثالي، والذي تثبت آراءه المعادية للمسلمين ادعاءهم بأن العالمين الإسلامي وغير الإسلامي منخرطان في حرب حضارات وجودية. وتلفت الكاتبة لتشبيه أحد الجهاديين، على تيليغرام، في يوم 10 نوفمبر لترامب بشخصية "أبو لهب"، كناية عن عدائه الشديد للمسلمين، وخاصة لأن أبو لهب عرف بحدة طباعه، ولون بشرته البيضاء المحمرة. وبمقارنة ترامب بأبو لهب، كتب الجهادي: "إن عدواً يظهر عداوته بصوت عالٍ أفضل من عدو مخادع وماكر. وسوف يكشف هذا العدو للعديد من الأشخاص جهلهم بحقائق عن الغرب. وأضاف: "لا تنسوا أن الشعب الأمريكي عندما هددته الصحوة الإسلامية، عاد إلى عقيدته الأصلية واختار ترامب، الأصولي المتعصب العنصري الصليبي الذي يظهر عداوته للمسلمين، ولكل من لا ينتمي إلى العرق الأبيض". وكتب نصير آخر لداعش على تويتر: "هنيئاً للمسلمين وللجهاديين بفوز الأحمق ترامب، وإني أحتفل بهذه الأنباء الطيبة لأنه سيشن حروباً وحملات وسيعلن الحرب على الإسلام". وتقول ريفكين، يمكن لنا أن نستخلص مما عبر عنه جهاديون أن الحرب الأمريكية ضد الإسلام هو مطلب داعش الفعلي. وفي الأشهر الأخيرة، حاول داعش حرف الأنظار عن هزائمه العسكرية، وانسحابه من عدد من المناطق في العراق وسوريا، عبر تشجيع إرهابيين غربيين على تنفيذ هجمات في أوطانهم. وفضلاً عن إزالة "المنطقة الرمادية"، يرغب داعش بجعل الغرب حاضنة لهجمات يتم التخطيط لها محلياً، وتنفذ على أراضيه. ويقول بعض أنصار داعش إنهم يتطلعون لرئاسة ترامب لاعتقادهم بأن خطابه الكاره للإسلام سيشعل نيران التطرف في الولاياتالمتحدة وأوروبا". وتلفت ريفكين لما سجله جهادي آخر على تيليجرام من أن رحيل الرئيس أوباما عن السلطة، وهو الذي أعلن أن أمريكا "لن تخوض حرباً مع الإسلام"، سيكون بمثابة فرصة لإحياء فكرة "صراعات الحضارات"، التي هيمنت على السياسة الخارجية للرئيس السابق جورج بوش. وتلفت ريفكين إلى أن سياسات مثل "التدقيق الشديد في هويات مهاجرين" ستؤكد صحة ادعاءات جهاديين بأن المسلمين غير مرحب بهم في الغرب، ولا هم آمنون في أراضيه، وأن استراتيجية العنف ستكون أكثر فائدة من الاندماج الاجتماعي والمشاركة السياسية.