من جديد عاد سعد الحريري، نجل رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري الذي اغتيل عام 2005، إلى دائرة الأضواء والشهرة , وذلك بعد تكليفه رسميا من قبل الرئيس اللبنانى العماد ميشال عون برئاسة وتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة . جاء اختيار " الحريرى" لهذا المنصب بعد ثلاثة أسابيع فقط من فوز تحالف قوى 14 آذار الذي يعتبر الحريري أبرز أركانه، في الانتخابات النيابية بغالبية 71 مقعدا من 128. برز "الحريري" رئيس أكبر كتلة نيابية في البرلمان اللبناني – صاحب ال 46 عاما_ إلى الواجهة السياسية بعد مقتل والده في 14 فبراير 2005، وهي عملية أحدثت انقلابا في المشهد السياسي اللبناني الذي كانت دمشق اللاعب الأكثر نفوذا فيه على مدى سنوات طويلة. كان التصريح الأول للحريري بعد اغتيال والده بمثابة توجيه اتهام غير مباشر لسوريا بالوقوف وراء جريمة الاغتيال، الأمر الذي نفته دمشق باستمرار. في يونيو 2009، كلّفه الرئيس السابق ميشال سليمان بتشكيل الحكومة، وذلك بعد الاستشارات النيابية وتسميته من قبل 86 نائباً (من أصل 128). وفي 7 سبتمبر، قدّم إلى رئيس الجمهورية تصوّراً لتشكيل الحكومة، إلا ان المعارضة رفضت هذه التشكيلة، فأعلن في 10 سبتمبر اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة. لكن رئيس الجمهورية، أعاد تكليفه في 16 سبتمبر، بعد تسميته من قبل 73 نائباً. وبعد مفاوضات شاقة، استطاع أن يعلن عن تشكيل حكومته الأولى بتاريخ 11 نوفمبر 2009، والتي نالت ثقة غير مسبوقة في تاريخ حكومات ما بعد الطائف، ما أدخله نادي رؤساء الحكومات كأصغر رئيس حكومة في تاريخ لبنان. في يناير 2011، أسقِطت حكومة الحريري، بعد استقالة وزراء تكتل «التغيير والإصلاح» وحركة «أمل» و«حزب الله» منها (11 وزيراً)، على خلفية المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. بعد سقوط حكومته، غادر لبنان عام 2011، ليعيش في المنفى الاختياري متنقلاً بين فرنسا والسعودية.. ومن ثم عاد الى لبنان، في مطلع أغسطس الماضى. طويل القامة، تتسم اطلالاته الاعلامية غالبا بالهدوء وكلامه بالروية والدبلوماسية حتى عندما يدلي بمواقف متشددة. إلا أنه تعلم كذلك على مدى السنوات الماضية كيف يصبح خطيبا يحرك الحماسة بين انصاره، وهذا ما بدا جليا خلال الحملات الانتخابية التى دشنها خلال الفترات الماضية. لم يعمل الحريري في السياسة نهائيا خلال حياة والده, وظل بعيدا عن الأضواء حتى مقتل رفيق الحريري، المحطة التي ساهمت في تسريع الانسحاب السوري من لبنان. لذلك، يأخذ عليه بعض خصومه أنه يفتقر الى الخبرة. دخل الحريري للمرة الأولى إلى مجلس النواب في انتخابات أجريت بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان في ربيع 2005 على رأس تحالف ضم أحزابا وتيارات وشخصيات من كل الطوائف اللبنانية., وقد فاز هذا التحالف المناهض لدمشق بالغالبية في البرلمان. تحدث الحريري في أحاديث صحفية عن تلك الفترة، فقال : إنه لم يكن جاهزا في حينها لتولي المسؤولية، فاختير فؤاد السنيورة، أحد معاوني رفيق الحريري، لرئاسة الحكومة، الا انه يشعر اليوم بأنه بات أكثر أهلية لتولي المنصب. جعل الحريري من إنشاء المحكمة الخاصة بلبنان، المحكمة ذات الطابع الدولي المكلفة النظر في قضية اغتيال والده، أحد أبرز اهتماماته الذي كرس له وقتا واتصالات وجهدا سياسيا لا حدود له, وأعلن مع بدء عمل المحكمة في لاهاي بهولندا في الأول من مارس 2009 أنه أصبح مرتاحا وانه سيحتكم الى قرار المحكمة مهما كان. بين 2005 و2007، عاش لفترات طويلة خارج لبنان وبعيدا عن الاضواء في مرحلة كانت تشهد اغتيالات استهدفت شخصيات سياسية وإعلامية . ورث "الحرير"ي عن والده ماكينة ورأسمالا سياسيين ضخمين، كما استفاد من التعاطف الشعبي معه بعد اغتيال والده, وهو لم يتردد في الاعتراف بعد انتخابات 2005 بأن الناس توجهوا إلى الصناديق من اجل والده. وقال عن ذلك :"أعتقد أنني لست حتى الساعة إلا مجرد رمز يجب أن أعمل جاهدا خلال السنوات الأربع المقبلة لكي أخذ القليل من مكانة والدي". ورث "الحريرى الأصغر" شبكة واسعة من العلاقات عبر العالم، وقام خلال السنوات الاربع الماضية برحلات لا تحصى إلى دول عديدة وأجرى لقاءات مع عدد كبير من زعماء العالم. وكان الحريري يكتفي خلال حياة والده بالاهتمام باعمال العائلة الثرية فقد تولى في السعودية ادارة شركة "سعودي-اوجيه" للبناء والتعهدات التي كانت الركيزة الاساسية في بناء ثروة رفيق الحريري, كما تولى رئاسة وعضوية مجالس ادارة شركات اخرى عديدة تملكها عائلته. مؤخرا بدأ رئيس الحكومة المكلف ، استشاراته النيابية الرسمية تمهيداً لاختيار الوزراء الجدد وتوزيع الحقائب على الكتل السياسية، وهي مهمة يرجح أن تكون صعبة وتستغرق وقتاً نتيجة التعقيدات والانقسامات السياسية في لبنان. واستهل الحريري الاستشارات بلقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر البرلمان في وسط العاصمة بيروت، ثم التقى عدداً من الكتل السياسية، على أن يستكمل لقاءاته مع باقى المسئولين الأيام المقبلة. ولد سعد الحريري في 18 إبريل 1970 في السعودية، وعلى غرار والده، تربطه صلات وثيقة بالعائلة المالكة في المملكة, يحمل ماجستير في الاقتصاد من جامعة جورج تاون في واشنطن.وهو متزوج من لارا بشير العظم التي تنتمي الى عائلة سورية عريقة شاركت في السلطة في سوريا خلال الخمسينات ، أنجب منها طفلين هما حسام (6 سنوات) ولولوة (3 سنوات). وفي لائحتها لأهم أثرياء العالم للعام 2009، قدرت مجلة "فوربس" ثروة الحريري ب 1,4 مليار دولار.