مع بداية تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى رئاسة الجمهورية، قطع على نفسه وعودا تنموية وإصلاحية ترتقى بمستوى المواطن وتحقق العدالة الاجتماعية التى طالب بها الشعب المصرى فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، كان من أهم هذه الوعود القضاء على الفساد المستوطن بالدولة لعشرات السنين، وكبح جماح الفاسدين والقضاء عليهم ، ومن هذا المنطلق قامت الحكومة السابقة برئاسة المهندس ابراهيم محلب بتشكيل لجان داخل الوزارات لمكافحة الفساد، بجانب الأجهزة الرقابية الرسمية فى الدولة إلا أن جميعها لم تنجح فى القضاء على الفساد حتى الآن, وهو ما اتضح جليا فى قضية القمح الشهيرة, التى فاحت رائحتها عندما تقدم العديد من النواب بطلبات إحاطة حول وجود فساد بمنظومة القمح وتوريده، وانفجرت القضية بشكل أكبر عندما قامت إدارة مباحث التموين بالقليوبية بضبط المسئولين عن شركة للصوامع بمنطقة قليوب، لقيامهم باستغلال قرار الدولة بدعم أسعار القمح المحلى، من خلال الاتفاق مع أعضاء اللجنة المشرفة عن استلام وتخزين القمح بالصوامع، بإثبات أن كمية القمح التى تم توريدها وتخزينها 60 الف طن، وبفحص الصومعة محل الواقعة، تبين أن الأقماح المخزنة فعليا داخل الصومعة مقدارها 47,200 طن، وأن نسبة العجز لما هو مثبت بمحضر الغلق مقداره 13 الف طن تقريبا، كما كشفت تحقيقات النيابة العامة فى قضية فساد توريدات القمح بصوامع القليوبية، عن تورط أعضاء اللجان المشرفة على أعمال التوريد فى عمليات التلاعب فى توريد الأقماح وإهدار 204 ملايين جنيه، وتورط 16 مسؤولا، وكشفت تحقيقات نيابات العبور وقليوب وطوخ عن وجود مسؤولية مباشرة لأعضاء اللجنة الرباعية بكل صومعة من الصوامع الأربعة، وأشارت التحقيقات إلى أن المتهمين اتفقوا فيما بينهم على التلاعب فى دفاتر توريد الأقماح، وصرف المستحقات من الدولة، والحصول على فارق الدعم بعد توريد أقماح مستوردة غير مطابقة للمواصفات بالصوامع. ولذلك أمر رئيس مجلس النواب على عبد العال بتشكيل لجنة تقصي حقائق، لزيارة الصوامع فى جميع أنحاء الجمهورية، برئاسة المهندس مجدي ملك مكسيموس وفى أول زيارة لإحدى الصوامع على طريق " مصر – الإسكندرية "، تبين أن تلك الصومعة التى تعاقدت معها إحدى شركات وزارة التموين لتخزين القمح ليس لها سجل تجارى أو بطاقة ضريبية، أى أن الوزارة تعاقدت مع كيان وهمى، كما اكتشفت اللجنة البرلمانية تلاعبا فى الكميات الموردة من القمح، ووجود زيادة وهمية فى القمح المورد تقدر ب20 ألف طن، تقدر قيمتها ب55 مليون جنيه. وكانت المفاجأة كذلك أنه في ثاني زيارة للجنة البرلمانية لإحدى الصوامع بالفيوم تبين أن هناك تلاعباً فى كميات القمح المورد للصوامع، حيث تم الاستيلاء على 64 مليون جنيه، بعد تدوين كميات من القمح بأسماء وهمية فى كشوف القمح الواردة لمخازن الشون، وكذلك وجود توريدات وهمية بإحدى الصوامع التي يمتلكها شقيق نائب بمجلس النواب، وعقب ذلك توالت جولات أعضاء لجنة تقصى الحقائق لعدد من الصوامع بالمحافظات المختلفة، ورصدت مخالفات كثيرة تمثلت في تسجيل كميات وهمية من القمح بالصوامع واختلاس قيمتها، والإفلات من تسليم الكميات الموردة للمطاحن بادعاء تلف الكميات التى تم تسجيلها بطريقة وهمية، ويتناسب هذا النوع أكثر مع الشون الترابية نظراً لأنها غير مجهزة، ومعروف مسبقاً أن نسبة فقد وتلف المخزون من القمح فيها كبير، وخلط القمح المحلى بالقمح المستورد والاستيلاء على الدعم الموجه للفلاحين, وطبقا للعديد من الخبراء فإنه من المتوقع أن يصل حجم الفساد فى قضية القمح إلى 5 مليارات جنيه.. وبعيدا عن أزمة فساد القمح وقبل عشرة أشهر وتحديدًا فى سبتمبر من العام الماضى، كشفت الاجهزة الرقابية عن قضية وزارة الزراعة، التى كان بطلها الدكتور صلاح هلال وزير الزراعة المحكوم علية فى القضية ومدير مكتبه محيى الدين محمد ، ورجل الاعمال أيمن الجميل ومحمد فودة. وفى سابقة هى الأولى فى مصر ألقت الرقابة الإدارية القبض على وزير الزراعة صلاح هلال، في ميدان التحرير، بعد دقائق من تقديمه استقالته، التي تمت بناء على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث استقبل المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، الوزير في مقر مجلس الوزراء، معلنا قبول استقالة الأخير من منصبه، فى اشارة واضحة لاعتزام الدولة عدم التستر على الفساد والمفسدين. وذلك في القضية رقم 673 لسنة 2015 حصر أمن دولة عليا، الخاصة بطلب وأخذ مسؤولي وزارة الزراعة "الوزير ومدير مكتبه" أشياء عينية ممثلة في بعض الهدايا، وطلب بعض العقارات من رجل الأعمال أيمن محمد رفعت عبده الجميل، مقابل تقنين إجراءات مساحة أرض قدرها 2500 فدان في وادي النطرون. وانتهت القضية بالحكم على وزير الزراعة ومدير مكتبة بالسجن لمدة عشر سنوات وبراءة رجل الأعمال أيمن الجميل والوسيط محمد فودة .