ماذا يفعل الاخوان فى الخليج ..و هل تراجع نفوذهم بعد القضاء عليهم فى مصر ..و ما هو مصيرهم فى المستقبل ..هذه الاسئلة اجابت عليها الباحثة كورتى فيرير الباحثة في برنامج دراسة الكويت بمركز الشرق الأوسط التابع لكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية. وقد حصلت كورتني فرير على درجة الدكتوراه من جامعة أكسفورد عن أطروحتها التي اهتمت بدراسة فروع جماعة الإخوان المسلمين في دول الخليج ، وقد تم نشر الدراسة على موقع مركز دراسات الشرق الأوسط. إخوان الكويت.. نشاط حذر: وفقا لكورتني فرير، فقد ظهر تنظيم الإخوان المسلمين في الكويت في عام 1950، وتمتع في البداية بعلاقات جيدة مع الأسرة الحاكمة، وحاول التنظيم أن يقوم بدور على صعيد الأنشطة الاجتماعية، فيما قام بدور سياسي محدود، فبحسب الدراسة ظهرت بصمة التنظيم في كل من وزارتي التعليم والشئون الإسلامية، فتم تمرير عدة تشريعات مثل حظر الكحول في عام 1965. بالإضافة إلى قصر الجنسية الكويتية على المسلمين، حيث تنص المادة 4 من قانون الجنسية الكويتي على أنه "يجوز بمرسوم، بناء على عرض وزير الداخلية، منح الجنسية الكويتية لكل شخص بلغ سن الرشد إذا توافرت فيه الشروط الآتية: أن يكون مسلمًا بالميلاد أصلا، أو يكون قد اعتنق الدين الإسلامي وأشهر إسلامه وفقًا للطرق والإجراءات المتبعة، ومضت على ذلك خمس سنوات على الأقل قبل منحه الجنسية الكويتية، وتسقط عنه هذه الجنسية بقوة القانون، ويعتبر المرسوم الصادر بمنحه إياها كأن لم يكن بارتداده عن الإسلام أو سلوكه مسلكًا يقطع بنيته في ذلك. ويترتب على سقوط الجنسية الكويتية عنه في هذه الحالة سقوطها عمن يكون قد كسبها معه بطريق التبعية". كما حاول الإخوان أن يقوموا بإيجاد دور لهم، لا سيما في وزراتي التعليم والأوقاف والشئون الإسلامية، ومع بداية التسعينيات والغزو العراقي للكويت سعى التنظيم لتقديم خدمات في ظل انشغال الدولة بالحرب مع العراق. وفيما يتعلق بالنشاط السياسي للجماعة فإنه مع بداية الثمانينيات تم تأسيس "الحركة الإسلامية الدستورية" التي تصنف الآن بمثابة الذراع السياسية للتنظيم، وهي ذات توجه معارض وتنادي بمطلب أساسي هو تكريس الشريعة كمصدر رئيسي للتشريع في الكويت، ومن أجل اجتذاب تأييد بعض الطوائف الأخرى تؤكد على مجموعة من المطالب أيضًا مثل: رئيس وزراء منتخب، ودائرة انتخابية واحدة، والسماح بالأحزاب السياسية، وتحويل النظام إلى ملكي دستوري. وبصفة عامة، يتميز منهج التنظيم في الكويت بالتدرج، حيث يسعى لإحداث إصلاحات سياسية ولكن دون الخروج على نظام الحكم أو معاداة الأسرة الحاكمة، وإنما يسعى لذلك من خلال النظام ذاته، والملاحظ أنه بالرغم من دخوله الانتخابات البرلمانية فإنه لم يسعَ لأغلبية برلمانية، وإنما قام بالدخول في تحالفات مع تكتلات سياسية أخرى لممارسة تأثير أكبر على العملية التشريعية تحت غطاء سياسي ذي طبيعة علمانية. ويتم توصيف تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في الكويت على أنه تنظيم ليبرالي على المستوى السياسي ومحافظ على المستوى الاجتماعي، وفيما يتعلق بعلاقة التنظيم مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر فإن الدراسة تشير إلى أن انتماء أعضاء الإخوان المسلمين هناك إلى الجنسية الكويتية أولا ثم إلى الجماعة، وقد قللت الجماعة الارتباط بينها وبين الجماعة في مصر منذ الغزو العراقي للكويت، وعلى الرغم من ذلك فإن الجماعة لا تؤيد نظام الحكم الحالي في مصر، بحسب وجهة نظر الباحثة. إخوان قطر.. بلا تنظيم: ظهر تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في قطر بداية من عام 1974 بعد عودة الطلبة القطريين من دول تتميز بقوة تنظيم جماعة الإخوان المسلمين ونشاطه بها، فكانت لديهم الرغبة في تأسيس فرع للتنظيم لنشر الفكرة على حد قول بعضهم، كذلك فإن وزارة التعليم قد ضمت العديد من المتعاطفين مع فكر تنظيم الإخوان المسلمين، وأسست الجماعة مجلة بعنوان "الأمة القطرية". ومع حلول نهاية الثمانينيات حدث خلاف بين الأجيال القديمة والجديدة داخل الجماعة؛ حيث طالبت الأجيال الجديدة بنشاط سياسي واسع، فيما فضلت الأجيال القديمة الحذر والتروي، وأدى هذا إلى انقسام داخلي في الجماعة، ولم يعد هناك هدف واضح للجماعة. وظهر التساؤل: هل تحتاج دولة مثل قطر إلى جماعة الإخوان المسلمين، لا سيما وأنها لا تحتاج إلى الدعم الاجتماعي، بالإضافة إلى أن المجتمع القطري متدين ومحافظ في الأصل قبل ظهور الإخوان، وبالتالي ظلت الجماعة تتحرك على المستوى الفكري مع وجود تنظيم محدود للغاية على مستوى حلقات تلاوة القرآن واجتماعات للأعضاء، وقد تم حل التنظيم بشكل رسمي في عام 2003. وعلى الرغم من هذا، فإنه قد استمر نفوذ الإخوان بدولة قطر من خلال السياسات الاجتماعية، والتواجد بشكل غير معلن في مراكز صنع السياسة العامة، ويتضح أثر التنظيم في السياسات المتبعة التي تتسم بشكل كبير بنوع من المحافظة الدينية، فمنذ عام 2011 قامت الحكومة بحظر بيع الكحوليات وإزالة التماثيل، ووضعت القيود على شرب الخمور في الفنادق، كما تم دعم حملة واسعة لنشر الملابس الإسلامية. وبصفة عامة، هناك صعوبة في قياس مدى شعبية التنظيم وحجم أعضائه، لكن تشير الدراسة إلى أن كثيرًا من أفكار التنظيم تتشابك مع الأفكار الإسلامية التي تلقى قبولا واسعًا في المجتمع القطري، فيمكن أن تجد مثلا من يؤيد أفكار الداعية (يوسف القرضاوي) فقط لأنها أفكار دينية يؤمن بها دون أن تكون له أي علاقة بتنظيم الإخوان المسلمين مما يعقد من دراسة طبيعة التنظيم بقطر. إخوان الإمارات.. شبكات إرهابية: تشير دراسة كورتني فير إلى أنه تم تأسيس فرع لتنظيم الإخوان المسلمين بالإمارات العربية المتحدة في عام 1974 في دبي، ثم نشأت عدة فروع أخرى للتنظيم في إمارتي رأس الخيمة والفجيرة، وبرزت أنشطة عديدة للتنظيم على المستوى الاجتماعي والثقافي حينذاك، فتم إصدار جريدة "الإصلاح" التي كانت تركز على عدة قضايا منها تطوير نظام التعليم الإسلامي، وفرض الرقابة على المواد الغربية المنشورة، وتقييد بيع الكحول، وقد نجح التنظيم -مع مرور الوقت- في تشكيل نفوذ اجتماعي وتأثير شعبي كبير، حيث سيطر التنظيم على قطاعات بأكملها مثل قطاع التعليم والقضاء حتى إنهم أصبحوا دولة داخل الدولة، على حد وصف الباحثة. يُضاف إلى ذلك سيطرتهم على الاتحادات الطلابية والجمعيات العمالية التي كانت تستهدف تحقيق مصالح الجماعة، ومع بداية التسعينيات كشفت السلطات المصرية أن عددًا من المتورطين في الجهاد الإسلامي يتلقون تمويلا من الإخوان المسلمين بالإمارات العربية المتحدة، ومن ثم قامت الحكومة الإماراتية بتحقيقات موسعة حول هذه الجماعة، وكشفت التحقيقات أن نفوذ هذه الجماعة قد وصل إلى درجة تحكمهم في المنح والجوائز التعليمية. وفي محاولة لمواجهة هذا الخطر المتزايد، قامت الحكومة بحل مجالس الجمعيات الإخوانية المنتخبة في عام 1994، ووضعها تحت إشراف وزارة الشئون الاجتماعية، وتجميد أنشطتها الخارجية. وعلاوة على ذلك، فإن الحكومة المركزية فرضت قيودًا على النشاط السياسي لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، ومنعتهم من تولي المناصب العامة، بيد أن هذا القرار لم يتم تطبيقه على أعضاء الجماعة في رأس الخيمة. وبحسب الدراسة، فبعد وقوع أحداث 11 سبتمبر، كثفت الحكومة الإماراتية من جهودها في مكافحة الإرهاب، وفي عام 2003 بدأت الحكومة في تنظيم مباحثات مع الإخوان لإقناع المنظمة بوقف النشاط التنظيمي داخل دولة الإمارات العربية المتحدة، وقطع علاقاتها مع التنظيم الدولي للإخوان، في مقابل أن تسمح الحكومة للجماعة بمواصلة عملها في الدعوة الإسلامية، وهو ما رفضه التنظيم واستمر في العمل بشكل خفي. وواصلت الأفرع الثلاثة المتبقية للإصلاح في دبي والفجيرة ورأس الخيمة، إضافة إلى جمعية (إرشاد) في عجمان، أنشطتها في استضافة المناقشات والمحاضرات ومسابقات تلاوة القرآن الكريم، بالإضافة إلى نشر مجلة الإصلاح. وفي محاولة من إمارة أبوظبي للخروج من هذه الأفكار المتشددة التي تحملها جماعة الإخوان، قامت الإمارة بالتأكيد على ما يعرف بالإسلام العصري الذي لا يقوم على أي أيديولوجية سياسية، ومع نهاية عام 2012 تم القبض على 94 عضوًا يتبعون التنظيم، وأعلن النائب العام "علي سالم الطنيجي" أن "الأمن القومي للبلاد كان مهددًا من قبل هؤلاء الذين لهم علاقات مع منظمات وأجندات أجنبية". وقد أعلن في وقت لاحق أن هؤلاء المتهمين قد اعترفوا بأن لهم جناحًا مسلحًا يهدف إلى قلب النظام القائم لإعادة تأسيس الخلاف، كما عقدت محاكمة في نوفمبر 2013 لمجموعة من الأشخاص المتورطين في القضية المعروفة باسم "الخلية المصرية الإماراتية" وذلك بتهمة تأسيس فرع دولي لجماعة الإخوان المسلمين، وتسريب وثائق رسمية مصنفة. وفي هذا السياق، سعت إمارة أبوظبي للتأكيد على ما يعرف بالإسلام العصري الذي لا يقوم على أي أيديولوجية سياسية، وفرضت الإمارات عدة سياسات وقوانين أبرزها قانون محاربة الإرهاب في 2014 الذي سمح بتطبيق عقوبة الإعدام ضد الإرهابيين، وقامت الحكومة الإماراتية بوضع قائمة تضم حوالي 82 منظمة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية التي شملت تنظيم القاعدة وتنظيم داعش، كما شملت كلا من جماعة الإخوان المسلمين في مصر وجماعة الإصلاح الإماراتية. ويتضح من خلال استعراض الحالات الثلاث السابقة، أن جماعة الإخوان المسلمين تتخذ من الأنشطة الاجتماعية والدعوية الركيزة الأساسية لتحركها في دول الخليج، ومن ثم استطاع التواجد بقدر ما في مجتمعات هي متدينة ومحافظة بطبيعتها، ومن ثم توصى الدراسة بضرورة زيادة تواجد حكومات الخليج في القطاعات الاجتماعية غير الرسمية بدرجة أكبر حتى لا تصبح بيئة تنفذ من خلالها جماعة الإخوان.