أكد سيمون هيندرسون، المحلل السياسي الأمريكي, أن بعض السياسيين يرون أن اللحظة الأولى التي حددت موقف الرئيس باراك أوباما حيال المملكة العربية السعودية، كانت عندما انحنى للملك عبد الله وهو يصافحه أثناء قمة العشرين في لندن في إبريل 2009. وأضاف فى مقال له بمجلة فورين بوليسي , أن تلك الانحناءة، فسرت , على أنها تقرب من الرئيس الجديد نحو حليف قوي، أو أنها إشارة مبكرة لقدرة أوباما على إبداء سحره. وبري الكاتب، من المحتمل أن السعوديين لم ينخدعوا به. فقد كانوا على دراية بخطاب ألقاه أوباما في عام 2002 في شيكاغو، وذلك بعد عام من أحداث 11 سبتمبر. وكان ذلك الخطاب هو الأشهر في معارضة أوباما لخطط الرئيس السابق جورج بوش في غزو العراق، والتي وصفها بأنها" حرب غبية". ولكن أوباما، وكان وقتذاك عضو مجلس الشيوخ، أشار أيضاَ لبلدين يشكلان عمودي النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط. ويومها خاطب أوباما الرئيس السابق بوش، وسأله: "هل ترغب بالقتال؟". لكن، وفق هيندرسون، تغيرت أشياء كثيرة في العالم منذ تلك الانحناءة اللافتة في عام 2009، ولا بد من تذكر بأنه منذ عام 2002، تغيرت طبيعة العلاقة بين الولاياتالمتحدة والسعودية. فمع نهاية ثماني سنوات من عهد بوش، ارتفع سعر برميل النفط لأعلى من 100 دولار، في عام 2014. ولم يكن سوى قلة من الأشخاص قد سمعوا بالنفط الصخري، أو باحتمال اعتماد أمريكا على طاقتها، أو أن النفط سيصبح حالاً في متناول يد الأمريكيين. وفي الشرق الأوسط، كان الرئيس المصري، حسني مبارك، لا يزال في أوج قوته، وكذا الحال بالنسبة إلى بشار الأسد في سوريا. ولكن بعد ذلك بأقل من عامين، اندلعت انتفاضات في هذين البلدين. وكان موقف واشنطن حيالهما مخيباً لآمال مسوؤولين سعوديين. واليوم زار أوباما الرياض، ويلتقي بالملك سلمان، ومن المتوقع أن تكون هذه هي آخر زيارة للسعودية في عهده. ومثل تلك اللقاءات بين زعماء دول يركز عادة على مباحثات حول مصالح مشتركة، عوضاً عن البحث في أجندات مفصلة. ولكن يبقى هناك سؤال شائع وهو: هل يقف الحليفان على نفس الأرضية المجازية؟ بمعنى هل مازالت السعودية والولاياتالمتحدة تقرآن اليوم من نفس الكتاب؟ ويقول الكاتب بأنه بالرغم من وصف الزيارة الوشيكة بأنها تأتي في إطار بناء تحالف، فمن المحتمل أن تلقي الضوء على مدى المسافة التي باتت تفصل، خلال السنوات الثماني الأخيرة، بين واشنطنوالرياض. فالرئيس الأمريكي يعتبر الحرب ضد داعش من أولى أولوياته في المنطقة. وهو يرغب بمواصلة العمل بغطاء من تحالف إسلامي، تمثل السعودية فيه عضواً بارزاً. أما زعماء السعودية، فيعتبرون وجوب الوقوف أمام تجاوزات إيران وأطماعها في المنطقة في أول اهتماماتهم، وهم ينظرون إلى الصفقة النووية التي وقعتها دول عظمى مع إيران، في العام الماضي، على أنها لن تمنع الجمهورية الإسلامية عن متابعة جهودها النووية، بل تعززها. ورغم احتمال تسجيل بعض السقطات، فقد أعد كلا الجانبين قوائم حول "مطالب" ستطرح خلال الزيارة. وربما يتم التعبير عن تلك الأشياء خلال اجتماعات جانبية، قد تتم مع ولي العهد السعودي الأمير نايف، ومع ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان. ويلفت الكاتب إلى أنه إلى جانب داعش وإيران، يتوقع أن تشمل اللقاءات البحث في قضايا تشمل اليمن. ولكن، هناك مؤشرات على أن موقف أوباما من السعودية لم يتغير منذ عام 2002، وذلك ما تأكد من خلال مقابلته الأخيرة مع جيفري غولدبرغ، في مجلة أتلانتيك، وهي المقابلة التي وصفت بأنها تعبر عن" عقيدة أوباما". وقد بدأت المقابلة بموضوع تراجع أوباما عن" خطه الأحمر" بعدما استخدمت قوات بشار الأسد غاز السارين في قصف مدنيين، وهو الحادث الذي أحدث صدمة لدى حلفاء الولاياتالمتحدة في المنطقة، وأجبرهم على إعادة النظر فيما تعنيه حقاً الضمانات الأمنية الأمريكية، وهو الموقف الحكيم برأي أوباما، وحيث قال عنه" أنا فخور بقراري". ويرى الكاتب أن تصريحات أوباما لمجلة أتلانتيك، والتي بدت غامضة برأي كثيرين، فضلاً عن تدميرها لمصداقيته الديبلوماسية، لا بد أن تلقي بظلالها على لقاءات الرئيس الأمريكي في الرياض، وتجعل من تصريحاته العلنية أقل إقناعاً. ويخلص الكانب إلى أن أوباما لا ينوي السفر الى السعودية لتوقيع وثيقة وفاة الصداقة بين البلدين.ومع ذلك، يمكن إدارة أوباما أن تكون أطلقت حقبة جديدة في العلاقات بين واشنطنوالرياض، واحدة أكثر تباعداً وتشوبها الشكوك.وبطريقة أو بأخرى، ستكون هذه الزيارة تاريخية.