تواجه المناطق الأثرية بالمنيا خطراً كبيراً بسبب مافيا تجارة الآثار، وعدم تأمين تلك المناطق بالشكل الكافي، وظهر هذا جليا في الهجوم المسلح على مقبرة أثرية بإحدى المناطق منذ ثلاثة أسابيع. كما يلجأ المواطنون إلى التنقيب أسفل منازلهم بالعديد من القرى وخاصة بمراكز ديرمواس وملويوالمنيا، طمعا في تحقيق أحلامهم بالعثور على قطع أثرية وبيعها لتجار الآثار وتهريبها خارج البلاد. " "الموجز" رصدت أبرز المناطق التي تشهد تنقيباً مستمراً على يد تجار الآثار وأشهر تلك الأماكن هى دير البرشا الأثرية ومنطقة الشيخ عبادة بشرق النيل بمدينة ملوى جنوبالمنيا، وتعد من أهم المناطق الأثرية بالمحافظة حيث تضم آثار رومانية وقبطية وإسلامية، كما كانت هذه المنطقة من أكبر المدن الرومانية في الصعيد، ويقال أن زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ماريا القبطية منها، وأثبتت الحفائر أن المنطقة بها مقابر لأسر الدولة الوسطى ومعبد من الدولة الحديثة، وإنه عندما ظهرت المسيحية وانتشرت الكنائس والأديرة، ثم جاء العرب وفتحها الصحابي الجليل عبادة بن الصامت عام 12 هجريا، وسميت فيما بعد ب"الشيخ عبادة". وفي منطقة دير البرشا الأثرية، قام مسلحون بالهجوم على المنطقة لمحاولة سرقة مقبرة أثرية منذ 3 أسابيع، ولكن تصدى لهم الحراس وأسفر الحادث عن مصرع اثنين من الحراس وإصابة حارس ثالث. . وتشهد قرية تل العمارنة بمركز ديرمواس أعمال تنقيب كثيرة أسفل المنازل والمحلات، وكذلك فى محيط المنطقة الأثرية المتاخمة للجبل، وأكد العديد من الأهالي أن تلك العمليات أسفرت عن إخراج آثار كثيرة. . ولم يختلف الوضع كثيرا بمنطقة "أنصنا" والتي تقع جنوب الشيخ عبادة، وأنشأها الإمبراطور هارديان سنة 130 ميلادية وكانت مدينة هامة جدا في العصر الروماني حيث كانت تعتبر ثاني مدينة في الأهمية بعد الإسكندرية، وتحتل هذه المنطقة مكانه كبيرة في التاريخ الكنسي لكونها تسمي مدينة الشهداء وكانت مقراً لحكم أدريانوس والذي قام بالكثير من عمليات القتل والتعذيب لمعتنقي المسيحية في عصر الاستشهاد عام 284م ، ولا يوجد بها إلا 4 خفراء فقط لحماية المنطقة الشاسعة، ولا يوجد بحوزة غالبيتهم أسلحة نارية، مما يصعب عليهم حراسة المنطقة. وفي قرى شرق النيل هناك قرى "طهنا الجبل" و"جبل الطير"، و"زاوية سلطان" التي بها منطقة الكوم الأحمر الأثرية، هم الأكثر تنقيباً عن الآثار، أسفل سفح الجبل الشرقي، وأسفل المنازل وصولا إلى الناحية الأخرى بجوار نهر النيل . أما منطقة البهنسا الإسلامية فنجد أن التعديات هناك اتخذت شكلاً آخراً وهو حفر القبور والتعدى على حرم المناطق الأثرية لاستغلال الأراضي. وقد شهدت المحافظة الكثير من الحوادث التي أودت بحياة عدد من الأشخاص أثناء قيامهم بالتنقيب، وهو ما أرجعه البعض إلى ما يسمى ب"لعنة الفراعنه"، وكان آخر هذه الحوادث منذ عدة أشهر بعد مصرع 4 أشخاص بينهم شقيقين أثناء التنقيب أسفل الجبل الشرقي بالقرب من كوبرى النيل بالمنيا، وانهيار الأرض عليهم في عمق 10 أمتار، وكذلك مصرع 5 أشخاص آخرين أثناء التنقيب عن الآثار بقطعة ارض بالبهنسا الجديدة، مخصصة ضمن مشروع شباب الخريجين، إضافة إلى مصرع 3 داخل حفرة أسفل منزل وفشل جهود قوات الأمن في انتشالهم لمدة 3 أيام بعد أن تعطلت اللوادر وأدوات الحفر 4 مرات وسادت حالة من الخوف والقلق بين الأهالي وتركوا المنطقة. وكانت المنيا قد شهدت أيضا مفاجأة كبيرة منذ ثلاثة أعوام بعد أن قام أحد المواطنين بالتنقيب عن الآثار أسفل منزله في قرية "صنيم" بمركز أبو قرقاص، حيث عثر على معبد يعود الى العصر البطلمي أسفل منزله، وتوصلت أجهزة الأمن الى الواقعة وألقت القبض على صاحب المنزل والذى أجرى الحفائر، وتم التحفظ على المنزل وتبين ان هناك حفرة كبيرة أسفل المنزل تؤدي إلى غرفة بها نقوش فرعونية وبها ممرات داخلية تؤدي الى معبد، ولكن لم تستكمل أعمال التنقيب حتى الآن من قبل المسئولين لعدم وجود الإمكانيات اللازمة لذلك . كما رصدت الوحدات المحلية قيام عدد كبير من المواطنين بقرى الشيخ عباده وتونة الجبل وتل العمارنة بالحفر أسفل منازلهم بغرض التنقيب عن الآثار، ولكنهم نفوا ما نسب لهم من اتهامات وأكدوا أنهم كانوا يقومون بأعمال صرف صحي ودق مواسير مياه فقط. من جانب آخر أوضح مصدر بمنطقة آثار المنيا - رفض ذكر أسمه - أن هناك خطراً كبيراً تشهده عدد من المناطق الأثرية وقد تؤدى إلى كارثة في أي وقت بسبب عدم تأمينها بشكل جيد، ويأتي على رأس تلك المناطق الشيخ عبادة بملوي، وتونة الجبل، مطالبا مسئولي الأمن بتكثيف التواجد الأمني بأكثر من 14 منطقة أثرية بالمنيا تحوى ثلث آثار مصر. وأضاف المصدر أن الحالة السياحية بالمنيا مازالت تعاني من الكثير من السلبيات قائلاً إنه تم رفع المحافظة من قوائم المناطق الخطرة بكافة دول العالم بعد الحوادث الإرهابية التي وقعت عام 1992 ومن المقرر عودة السياحة لها خلال فترة قليلة، ورغم ذلك لم تمتد أيادي مسئولي وزارة الآثار إلى المحافظة .لإنقاذ تلك المناطق وترميمها وإنشاء أماكن لمبيت السياح فيها من جانبه قال الدكتور ممدوح الدماطي وزير الآثار خلال زيارته الأخيرة للمنيا أن قطاع الآثار يعاني بشكل كبير من الأزمات المالية لأنها الوزارة تعتمد على الجهود الذاتية، كما أن تأمين المناطق الأثرية يحتاج تكاتفاً كبيراً من الجهات المعنية، مؤكداً أن الهجوم المسلح الذي تم على المقبرة الأثرية بدير البرشا لم يسفر عن المساس بالآثار بتلك المنطقة . وعلق "الدماطي" على الحالة السيئة التي وصلت لها بعض من الآثار بالمحافظة والتي تحتاج الى ترميم وعلى رأسها قباب البهنسا التي أوشكت على السقوط بقوله "يوجد أكثر من 120 مشروع متوقف ونعمل على استكمالهم ولكنب ببطء شديد بسبب الأزمات المالية".