أيام قليلة تفصلنا عن "عيد الأضحى المبارك"، والذي يعد الجزار فيه هو البطل الأوحد، خصوصًا خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد. وفي السينما المصرية، كان للجزار دور كبير، ولكنه كان دائمًا يلعب دورا ثانويا ليصبح "الرجل الشرير" الذي يخشاه ويهابه الجميع، ولا يتحدث إلا ب "الساطور". وما بين الكوميديا والدراما، تنوعت أدوار "الجزار" على مر العصور، فهذه المهنة التي لا يخشى صاحبها شيء، فهم كما يطلق عليهم "تجار اللحمة"، ولا تتأثر سمعتهم أو تجارتهم على الرغم من الارتفاع الكبير للأسعار، والضبطيات الكبيرة للحوم الحمير والكلاب. والبداية كانت مع "محمود المليجي"، في فيلمه الشهير "الزوج العاذب"، والذي لعب فيه دور "المعلم سيد الحمش"، وعلى الرغم من أن المليجي ظل طوال سنوات عمله يحاول أن يحفر اسمه على صخرة أدوار الشر، إلا أن دور الجزار كان له صدى كبير. وفي نفس الحقبة الزمنية اشتهر الفنان "عدلي كساب" بدور الجزار أو كما يطلق عليه "جزار مواشي وجزار بني آدميين"، وفق أحد الجمل الحوارية في فيلمه الأشهر "السفيرة عزيزة"، من بطلوة سعاد حسني وشكري سرحان، حيث لعب دور الأخ المستبد الذي يقهر شقيته على الرغم من زواجها. وعلى الرغم من تقديم "كساب" العديد من الأدورا في السينما المصرية إلا أن دور الجزار في فيلم "السفيرة العزيزة" أصبح الأشهر والتصقت به جملة "جزار مواشي وبني آدميين". وبعدها ورث الفنان "عادل أدهم" دور الجزار، الذي لم يمارسه كثيرًا إلا أن دور واحد كفيل بأن يكون ملازم للفنان طوال مسيرته الفنية. "إدبح يا زكى قدرة... يدبح زكى قدرة... أسلخ يا زكى قدرة يسلخ زكى قدرة" جملة قالها الفنان عادل أدهم في فيلم "المدبح" الذي لعبت بطولته الفنانة نادية الجندي، وعلى الرغم من أن الفيلم كان يضم الكثير من أشهر نجوم مصر، إلا أن هذه الجملة ظلت خالدة لم ينسها المصريون. وقدم الفنان "عادل أدهم" الكثير من أدوار الشر ليسير على خطى الفنان "محمود المليجي"، ولكن كان دوره الأشهر هو "الجزار"، الذي اختلف قليلاً عن الأدوار السابقة، فهو كان الجزار قليل الحيلة المغلوب على أمره في مواجهة المعلمة "أفكار" التي قدمت دورها الفنانة نادية الجندي، حتى أصبح أسم "زكي قدرة" من أشهر الأسماء التي يطلقها المصريون على بعضهم من باب الدعابة. "حلاوة العنتبلي" أو الفنان "صلاح نظمي" أو كما لقب فيما بعد ب "جزار السينما المصرية"، الذي قدم العديد من الأفلام على مدار تاريخه كان أشهرها دور "حلاوة العنتبلي" في فيلم "على باب الوزير" الذي قام ببطولته الفنان عادل إمام والفنانة يسرا والفنان توفيق الدقن وسعيد صالح. وقدم شخصية الجزار والد الفنانة يسرا المستبد الفاسد، والذي يبيع اللحمة أضعاف سعرها الأصلي 4 مرات. أما عن دور "الجزار" الطيب أو الكوميدي فقدمه وببراعة بالغة الفنان الكوميدي "محمد رضا" الذي غير صورة الجزار في أذهان المصريين بعد سنوات من تقديم هذا الدور في قالب "الشر". وكان أشهر دور قدمه "محمد رضا" بجلبابه الفضفاض المميز وشاربه هو مع الفنانة شادية والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في فيلم "معبودة الجماهير"، والذي تحول من الجزار صاحب السكن المستبد للشخصية المصرية بشهامته المعروفة. كما قدم دور "الجزار" على المسرح الفنان زكريا موافي الذي تنوعت أدواره ولكن ظل هذ الدور مع "حنفي" أو الفنان جورج سيدهم من أشهر أدواره في مسرحية "المتزوجون" التي قام ببطولتها الفنان سمير غانم والفنانة شيرين. وأخيرًا قدم الفنانان "محمد سعد" و "حسن حسني" دور الجزار في فيلم "بوحة" بصورة مختلفة تمامًا عن ما كانت عليه في أفلام السنوات السابقة، فجمع الاثنين ما بين دور الشخص الطيب والشرير. وقدم "حسن حسني" دور الجزار الشرير الذي يغش في عمله "المعلم فرج"، بينما قدم "محمد سعد" شكل مختلف تمامًا عن الجزار المعروف في السينما المصرية، ليصبح الشخص الطيب العفوي خفيف الظل. "تصدق سلخت قبل ما ادبح .. جزار نضييف مااااااااااااء"، جمل ارتبطت بموسم عيد الأضحى، وقالها "بوحة" في الفيلم، وتحولت إلى أيقونة للكوميديا بين الشباب وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.