مرحباً بالاستثمار العربى.. ولا مرحباً بالاحتكار وعدم الشفافية لاشك أن الاستثمار الأجنبى مرحب به فى مصر، ولكن إذا كان الاستثمار فى مجالات الصحة فيجب أن يكون هناك شفافية مطلقة يعرف من خلالها المصريون طبيعة الشركات الأجنبية التى تستثمر أموالها فى المعامل والمختبرات أو فى توريد الأدوية وغير ذلك، ومن حق المواطن البسيط أن يعرف وبشكل واضح ومحدد نوعية الشركات التى تتحكم فى صحته وحياته وتقدم خدماتها إليه، ولا يصح بحال من الأحوال أن تكون صحة المصريين وعلاجهم سلعة تباع وتشترى ويتحكم فيها مستثمر غير مصرى. وقد ظهر على السطح اسم شركة «كابيتال» ورغم تداول الاسم إلا أن المواطن المصرى لا يمتلك معلومات عن تلك الأبراج التى تأسست عام 2002 كشركة متعددة الجنسيات مقرها فى دبى وتعمل فى قطاعات عديدة أحدها القطاع الطبى، وأنها استحوذت على سلسلة معامل البرج فى عام 2008 بقيمة تبلغ 773.3 مليون جنيه واستحوذت على سلسلة معامل المختبر فى أغسطس 2012 فى صفقة بلغت قيمتها 1.27 مليار جنيه، وفى شهر مايو 2012 تم دمج سلسلة البرج فى سلسلة المختبر فى كيان جديد باسم شركة التشخيص المتكاملة القابضة. معامل البرج المملوكة لشركة أبراج، استحوذت فى منتصف عام 2011 على حصة حاكمة فى مختبرات بيولاب الأردنية وألترالاب السودانية وهذا يتضح أن مجال التحاليل الطبية الخاصة أصبح بالفعل تحت سيطرة شركة أبراج كابيتال. فى يوليو 2014 اشترت شركة أبراج 52.7 % من أسهم مستشفى القاهرة التخصصى مقابل 106 ملايين جنيه بواقع 75.7 جنيه للسهم، وفى آخر عام 2014 تم استحواذ شركة أبراج كابيتال على مستشفى كليوباترا فى صفقة بلغت 770 مليون جنيه ومنذ منتصف 2014 تتفاوض شركة أبراج كابيتال لشراء شركة آمون للادوية. أبراج كابيتال قامت أيضاً بتقديم عرض مالى كبير جداً لشراء شركة آمون للأدوية، فقد عرضت ملياراً و450 مليون جنيه لشراء الشركة، بزيادة 540 مليون جنيه على آخر عرض وصل للشركة. شركة فايزر العالمية قدمت عرضاً لشراء شركة آمون بمبلغ 850 مليون جنيه، وتم رفع العرض إلى 910 ملايين جنيه، وتم الاتفاق وجاء وفد من أمريكا للتوقيع، ولكن ظهرت شركة أبراج كابيتال لتوقف الصفقة. احتكار شركة أبراج كابيتال لمعامل التحاليل والمستشفيات قضية شائكة، وتزداد خطورتها باقتراب تطبيق نظام التأمين الصحى الشامل والذى سيكون القطاع الخاص فى إطاره له نسبة كبيرة فى الخدمات المقدمة. إن على الدولة أن تتدخل وتجبر أبراج كابيتال على إعلان تفاصيل صفقاتها فى مجال الصحة، سواء كانت هذه الصفقات تخص المعامل أو المستشفيات أو شركة الأدوية. ولابد من صدور تشريع يعطى وزارة الصحة نفس صلاحيات البنك المركزى فى كل ما يتعلق بالبنوك بحيث لا يسمح ببيع أو شراء أى منشآت صحية إلا بعد موافقة وزارة الصحة والتأكيد على هوية الملاك،، ونمنع أى محاولة لفرض السيطرة على القطاع الصحى الخاص وتوجيهه إلا من خلال سياسة الدولة الصحية. إن نظرة على الاتحاد الأوروبى وقوانينه، لنعرف كيف نمنع احتكار «غير مصريين» لصحة المصريين وكيف نوقف بيع «أسواق الصحة»؟!