دعا الدكتور راشد أحمد بن فهد، وزير البيئة والمياه في دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى وضع استراتيجية محورية للأمن الغذائي وضمان تنفيذها، بُغية إتاحة أرضية خصبة تضمن استدامة النموّ الاقتصادي، وأشار إلى أن المنطقة تدخل حالياً حقبة جديدة من الازدهار عنوانها النمو السكاني الكبير، لافتاً إلى تزايد الاعتماد على الغذاء المستورد من مختلف أنحاء العالم. جاءت دعوة وزير البيئة والمياه في سياق الإعلان عن استضافة دبي "قمة الأمن الغذائي العالمي الأولى لقادة جلفود"، التي ينظمها مركز دبي التجاري العالمي بدعم رسمي من وزارة البيئة والمياه، وتجمع ما يزيد عن 300 من الوزراء والمسؤولين الحكوميين وكبار قادة القطاع الغذائي من مختلف أرجاء العالم، وتقام يومي 23 - 24 فبراير الحالي في فندق "كونراد دبي"، بالتزامن مع فعاليات معرض الخليج للأغذية (جلفود)، الحدث التجاري السنوي الأكبر في قطاع الأغذية والمشروبات على مستوى العالم، والذي يمتد على مدى خمسة أيام في الفترة من 23 - 27 فبراير الحالي بمركز دبي التجاري العالمي. وشدّد ابن فهد، الذي سيفتتح القمة بكلمة يتناول فيها وضع الأمن الغذائي في الإمارات والمنطقة، على أهمية هذه القضية، معتبراً التصدّي للتحديات التي تواجه تأمين إمدادات الغذاء في المستقبل "أولوية مُلحّة". ومن المقرر أن يشارك معالي وزير البيئة والمياه في جلسة نقاش وزارية تبحث ضمان سياسات مستدامة لتحقيق الأمن الغذائي. كما سيشارك في الجلسة وزراء ومسؤولون بينهم أوين باترسون، وزير الدولة لشؤون البيئة والغذاء والشؤون الريفية، والنائب عن مقاطعة شروبشاير الشمالية في بريطانيا، وبيتر وولش، وزير الزراعة والأمن الغذائي ووزير المياه في حكومة ولاية فكتوريا الأسترالية، وليل ستيوارت، وزير الزراعة بمقاطعة ساسكاتشوان الكندية، وفيلكيس كوسكي، وكيل وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية في كينيا. ستسلّط "قمة الأمن الغذائي العالمي لقادة جلفود" الضوء على الأمن والاستدامة والسلامة في قطاع الأغذية العالمية، والتحديات التي تواجه المشهد الاقتصادي في هذا القطاع، كأولوية مُلحّة لدول العالم والمنطقة أيضاً، إذ تشير الأرقام التي إلى أن دول الخليج تستورد بين 80 و90 بالمائة من حاجاتها من الأغذية. ومن المنتظر أن يُشارك في اجتماعات القمّة، التي تعتبر أول حدث عالمي من نوعه تستضيفه المنطقة، وسيناقش أكثر من 300 وزيرا ومسؤولا رفيع المستوى وكبار صانعي القرار في قطاعي الأغذية والزراعة تحديات الأمن الغذائي، وسيبحثون سبل إيجاد حلول مشتركة تضمن مستقبل غذاء أكثر أمناً واستدامة، وستشمل المواضيع الرئيسية المطروحة أمام القمة، الأمن الغذائي في العالم العربي، والابتكار والاستثمار المسؤول في الزراعة، وسوء التغذية، والحد من النفايات. و أكّدت تريكسي لوه ميرماند، النائب الأول للرئيس في مركز دبي التجاري العالمي، الجهة المنظمة لمعرض "جلفود"، على أهمية المعرض والفعاليات التي تقام على هامشه على الصعيد الدولي، مشيرة إلى أن جلفود من أكبر منصات التداول التجاري حجماً في قطاع الغذاء بالعالم، وقالت: "يلعب معرض جلفود دوراً محورياً في قطاع الغذاء العالمي، وقد أجرينا استعدادات كبيرة هذا العام ليبلغ نفوذه إلى أعلى مستوى من التبادل المعرفي العالمي، عبر جمع قادة الفكر وأصحاب الرؤى في القطاع معاً، بُغية تناول قضية تأمين إمداداتٍ غذائيةٍ آمنةٍ ومستقرةٍ ومنخفضة التكلفة، تلبيةً للاحتياجات العالمية المتزايدة من الغذاء". ومن المنتظر أن تزداد تحديات قضية الأمن الغذائي العالمي، في ضوء التوقعات التي تشير إلى زيادة الطلب على الغذاء بنسبة 50 بالمائة على مدى السنوات العشرين المقبلة. وبالنظر إلى الارتفاع المتواصل في أسعار المواد الغذائية تبرز الحاجة المُلحّة إلى إنشاء نُظم حوكمة أكثر تماسكاً وكفاءة لتحقيق الأمن الغذائي وإنجاح الاستثمارات المستهدفة في مجالات الصحة والتعليم والمياه والصرف الصحي. ومما يزيد التحديات في المنطقة العربية صعوبة ويضعها في دائرة الضوء، النموُّ السكاني الكبير، وزيادة الاعتماد على واردات الأغذية الحيوانية، ومحدودية المياه. ويُعتبر الاستثمار الزراعي توجهاً متنامياً في دول الخليج، وهو انعكاس لتوجُّه دول عربية بالاستثمار في أراضٍ خارجية لتنمية وتوسيع الإنتاج الزراعي. وتستثمر المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة نحو 2,8 مليون هكتار من الأراضي في بلدان ذات قطاعات زراعية تعاني شُحّاً مزمناً في الاستثمار، لا سيما بمنطقة شمال أفريقيا وجنوب أسيا. وقد بدأت الاستراتيجية الاستثمارية الخارجية لشركات خاصة تشهد تنوّعاً متزايداً مع شروع شركات زراعية كبرى، تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها في إنشاء استثمارات ضخمة بأراضٍ زراعية في بلدان ذات قطاعات زراعية قائمة وراسخة مثل صربيا وكرواتيا، إذ يمثل الاستثمار في أعمال زراعية قائمة مخاطر أقل مما يمثله ضخّ استثمارات في تقنيات زراعية كبيرة ببلدان نامية. ومن المقرر أن يجري طرح مسألة الاستثمار الزراعي الأخلاقي المسؤول والاستحواذ على أراضٍ زراعية أجنبية، على طاولة النقاش في القمة المرتقبة. ستناقش القمة سوء إدارة خطوط الإمداد والتموين الغذائي، طارحة حلولاً وأفكاراً وتقنيات مبتكرة من شأنها التقليل من حجم الأغذية المهدرة سنوياً والحدّ من استهلاك الطاقة في النقل والتخزين مع رفع كفاءة الإنتاج. وكانت منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) قد قدّرت حجم الأغذية المهدرة والمفقودة سنوياً في العالم بنحو 1,3 مليار طن، وهو ما يُقدّر بنحو ثلث الإنتاج العالمي من الغذاء. وقال ديفيد كوري، مسؤول المكتب الإقليمي الفرعي للثروة السمكية والزراعة بدول الخليج واليمن في المنظمة، إن لدى الشرق الأوسط أولويات خاصة تتعلق بالأمن الغذائي، مشيراً إلى القيود التي تفرضها عوامل مثل محدودية الأراضي الزراعية وإمدادات المياه، والتي قال إنها تُصعّب على المنطقة زراعة المحاصيل الغذائية التي تحتاجها، وأضاف: "هناك حاجة إلى استراتيجية مختلطة تتألف من التجارة الدولية والاستثمار في الخارج وتعظيم إنتاج ما يمكن زراعته محلياً، لتأمين إمدادات الغذاء في المستقبل". تقام "قمة الأمن الغذائي العالمي لقادة جلفود" برعاية مؤسسة الظاهرة الزراعية، وهي شركة إماراتية تقود الجهود الحكومية الرامية إلى تنفيذ برامج الأمن الغذائي وترشيد استهلاك المياه طويلة الأمد. وستشهد القمة مشاركة واسعة من القطاع الخاصّ بُغية استعراض الأنظمة والحلول التي لدى الشركات من قطاعات الأعمال ذات الصلة بالقطاع الغذائي. ومن بين أبرز المتحدثين في القمة خادم عبدالله الظاهري، الشريك المؤسس لشركة الظاهرة الزراعية، الذي سيشارك في جلسة تتناول "استثمارات القطاع الخاص في الزراعة والابتكار لأجل الأمن الغذائي"، وحسن الدملوجي، رئيس العلاقات بالشرق الأوسط في مؤسسة "بيل ومليندا غيتس الخيرية"، والدكتورة بلقيس عثمان العشا، الخبيرة في التغير المناخي من البنك الإفريقي للتنمية، وبابلو كانغ، السفير الأسترالي لدى دولة الإمارات، وعيسى الغرير، نائب رئيس مجلس إدارة شركة الغرير للاستثمار، وإيف منغارت، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة نستله الشرق الأوسط، وسنجيف ككار، الرئيس التنفيذي لشركة يونيليفر الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وصالح عبدالله لوتاه، الرئيس التنفيذي لشركة الإسلامي للأغذية، وعمر فريد، رئيس منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا لدى "بيبسيكو"، وداتو سيري جميل بيدين، من الهيئة الماليزية لتنمية قطاع الأغذية الحلال، وفيشال تيكو، نائب الرئيس ومدير منطقة الشرق الأوسط لدى شركة "مونديليز العالمية". وقد اعتبر تيكو أن "قمة الأمن الغذائي العالمي" تقدّم للقطاع أرضية داعمة تمكّن المؤسسات وصانعي القرار من التعاون وتنسيق الجهود في مجال استدامة إمدادات الغذاء إقليمياً، قائلاً إن الجهات المعنية بالقطاع الغذائي في القطاعين العامّ والخاصّ "يمكنها إحداث التغيير المستقبلي المنشود بالمنطقة إذا تم الالتزام بما سيتمخّض عن القمة من نتائج وتوصيات"، وأضاف: "سيكون الانضمام إلى كبار اللاعبين في القطاع الغذائي ميزة كُبرى للتصدي للتحديات الحاسمة التي تواجهها الشركات في دعمها للأمن الغذائي". جدير بالذكر أن "جلفود 2014" حدث تجاري مخصص للتجار ورجال الأعمال والمهنيين العاملين في قطاع الأغذية والمشروبات والمجالات المتصلة بها. يفتح المعرض أبوابه من الساعة 11 صباحاً وحتى 7 مساءً بين 23 و26 فبراير، ومن الساعة 11 صباحاً وحتى 5 مساءً في اليوم الأخير 27 فبراير، ويمكن شراء بطاقات الدخول عبر الانترنت، وكذلك بموقع الحدث.