من نافلة القول إن التكرار يفيد الشطار، وأحيانا قد يقنع الحمار (فقط إذا كان طيبا وابن حلال)، ولأننى زهقت وقرفت من تلك المعزوفة النشاز التى ترددها أبواق التزوير والكذب ليل نهار، مدعية على غير الحقيقة أن الرئيس مرسى يعانى يا حرام من أنيميا ونقص خطير فى سلطاته، لهذا فعبد الله الفقير مضطر لإعادة نشر سطور كتبت ونشرت فى هذا المكان قبل أقل قليلاً من شهر أى بعد إعلان الأخ الدكتور مرسى رئيسًا.. فإلى هذه السطور مرة أخرى، لعل وعسى يفهم الشطار ويكف الحمار عن النهيق بأكاذيب قبيحة ومفضوحة: «.. فى مثل هذه الظروف يقول أهلنا: (راحت السكرة وجاءت الفكرة).. إذن فقد ذهبت سكرة الفوز بعرش مصر وانقضى طوفان الموالد والاحتفالات وهدأت عاصفة الزغاريد وانقشع غبار الكلام الحماسى الساخن الذى بعضه حلو وبعضه الآخر ليس كذلك (لا أريد أن أقول فارغا أو قبيحا) وحل الآن وقت عمل الرئيس وبدأ زمن امتحانه واختبار علاقة أقواله بأفعاله. هنا لا يوجد سوى احتمالين اثنين ليس لهما ثالث، فإما أن ينفذ الدكتور مرسى فيض الوعود التى سكبها فى كل اتجاه طلبًا لرضا وقبول عام لم ينل منه إلا نذرا يسيرا، بل يسيرا جدا (يكفى أن ينظر إلى عدد أصواته ونسبتها إلى أصوات منافسه وإلى باقى عدد الناخبين، فضلا عن أهم قوى وشرائح المجتمع)، أو ينسى سيادته كل هذه الوعود ويتحلى بأخلاق الست جماعته ويلتزم بنهجها وعقيدتها التى لا تعتبر الكذب نقيصة (المفروض أنه حرام أيضا) وترى المخاتلة شطارة سياسية ونقض العهود وإخلاف الوعود شيئا عاديا جدا على النحو الذى تذوقنا مرارته وطفحنا سمومه طوال شهور الجمر الثقيلة التى مرت علينا منذ نجاح الثورة فى خلع المخلوع أفندى وحتى ساعة تاريخه. ولكن، قبل أن أخوض فى قائمة أول وأهم ما يتعين على الرئيس فعله وما لا يجب أن يفعله أبدا رحمة وشفقة بهذا البلد، أتوقف أمام الحكاية التى يشيعها إخوانا الإخوان وفيلق الطيبين (بعضهم ليس كذلك) الذين يلفون لفهم ويهلفطون هلفطاتهم كالببغاوات الوادعة العبيطة من دون تدبر أو تأمل ولا تمحيص ولا عقل، أقصد حكاية أن جناب الرئيس صعد لسدة الرئاسة وهو فقير وغلبان ومحروم من اختصاصاته وسلطاته، بينما الواقع والحقيقة يقولان العكس تمامًا، إذ إن الإعلانين الدستوريين الكارثيين «الأصلى» و«المكمل» منحا سيادته من السلطات والاختصاصات ما يكفى وزيادة، بل إنها أقل قليلا من السلطة الإلهية بما يجعله لو توافرت الإرادة وحسن الرؤية والتصرف قادرا على الوفاء بكل التزاماته وواجباته تجاه البلاد والعباد، كما أنها من الاتساع والشمول، بحيث تحرمه بالمرة من أى حجة أو علة يتعلل بها لو أخفق أو فشل. ثم لماذا نذهب بعيدا، هيا بنا نقرأ على سبيل الحصر قائمة السلطات والاختصاصات الخطيرة التى وضعتها بنود الإعلانين تحت يد الدكتور الرئيس محمد مرسى: أولا: يسهر سيادته على تأكيد سيادة الشعب واحترام الدستور وسيادة القانون وحماية الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية (المادة 25 من الإعلان الدستورى). ثانيا: للرئيس سلطة إقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة ومراقبة تنفيذها. ثالثا: له حق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها. رابعا: هو الذى يعين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم ويعفيهم من مناصبهم. خامسا: كما أن له الحق أن يعين نائبًا للرئيس أو أكثر، ويحدد هو اختصاصاته أو اختصاصاتهم. سادسا: من حقه تعيين عشرة من الأعضاء فى مجلس الشعب، كما أنه صاحب السلطة الوحيدة فى تعيين ثلث أعضاء مجلس الشورى. سابعا: الرئيس هو الذى يعين الموظفين المدنيين والعسكريين والسفراء ويعزلهم، ويعتمد ممثلى الدول الأجنبية. ثامنا: له وحده حق تمثيل الدولة فى الداخل والخارج وإبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية. تاسعا: يملك سلطة العفو عن العقوبة وتخفيضها. عاشرا: هو صاحب الحق الحصرى فى إعلان حالة الطوارئ (بعد أخذ رأى مجلس الوزراء). حادى عشر: يملك سلطة إصدار قرار، بإشراك الجيش فى حفظ وحماية الأمن الداخلى (بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة). ثانى عشر: للرئيس سلطة إعلان الحرب، بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ثالث عشر: يستحوذ أيضا على قائمة طويلة جدا من السلطات المقررة لرئيس الجمهورية، خارج النصوص الدستورية، أى بمقتضى القوانين واللوائح القائمة والمعمول بها فى الدولة. إذن.. أين نقص السلطة إن شاء الله؟! نقلا عن التحرير