يتجه اليوم أكثرمن 45 مليون فرنسي إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيسا جديدا لفرنسا وذلك في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة الفرنسية. وكانت الجولة الأولى قد انتهت بصدارة فرانسوا هولاند مرشح اليسار بنسبة 28.63% تلاه نيكولا ساركوزي مرشح اليمين بنسبة 27.18% ثم مارين لوبآن بنسبة 17.9% ولوك ميلونشون 11.11% وأخيرا فرنسوا بايرو 9.1% . وقد استطاع هولاند أن يحصل على دعم إيفا جولي عن حزب الخضر الفرنسى وميلونشون عن اليسار الراديكالي وبايرو عن الوسط إلا إن دعوة مارين لوبان لأنصارها بالتصويت بما يقتنعون هم به قد مثل صدمة قاسية لساركوزى الذى كان يأمل في الحصول على دعمها خاصة مع توحد الأحزاب الأخرى خلف هولاند . وفيما تشير معظم الإستطلاعات إلى تفوق فرانسوا هولاند الإشتراكى فإن حظوظ الرئيس الحالى نيكولا ساركوزى مازالت قائمة . ويعتمد المرشحان فى إستقطاب المزيد من الأنصار على تشديد موقفيهما أكثر وأكثر خاصة فيما يتعلق بقضية المهاجرين الأجانب إلى فرنسا فساركوزى أعلن أنه يريد فرض قوانين أكثر صرامة على الهجرة إلى فرنسا والحصول على الجنسية الفرنسية حتى بالنسبة للمتزوجين من فرنسيات ؛ وهولاند من جانبه رد بأنه سيفرض قوانين أكثر تشددا مع الهجرة إلى فرنسا بالرغم من أنه لم يقل صراحة أنه سيغلق باب الهجرة تمام حتى لايخسر أصوات الفرنسين من أصول أجنبية . وفى الديموقراطيات العريقة مثل فرنسا يمثل برنامج كل مرشح العامل الأول الذى يحدد الناخب على أساسه إتجاه صوته ولايكون للكاريزما الشخصية سوى نسبة ضئيلة فى التأثير على الناخب وبالتالى فإن نظرة إلى برنامج كل مرشح قد تعطى صورة عامة عما يريده الشعب الفرنسى فى السنوات القادمة . ساركوزى من جانبه لم يضف جديدا إلى سياساته التى اتبعها فى فترته الرئاسية المنقضية فقد أعلن إستمراره فى دعم المستثمرين وخفص الضرائب المفروضه عليهم بالإضافة لسياسة رفع سن المعاش التى تبناها فى العامين الآخرين مع تعهده بمواجهة العجز فى الموازنة وخفض نسبة البطالة وتوفير فرص عمل جديدة وكذلك خفض نسبة الهجرة إلى فرنسا إلى النصف تقريبا بالإضافة إلى الإعتماد الطاقة النووية فى توليد الكهرباء وسن قوانين جديدة لمكافحة الإرهاب كما تعهد بسحب القوات الفرنسية من أفغانستان فى عام 2013 . أمام هولاند فبالرغم من أن برنامجه يناقش تقريبا نفس النقاط التى يناقشها برنامج ساركوزى إلا أن طريقته فى معاجتها تختلف جذريا حيث أعلن عن نيته خفض العجز فى الموازنة عن طريق زيادة الضرائب على الأغنياء خاصة من يزيد دخله عن مليون يورو إلى نسبة 75% كما تعهد أيضا بخلق المزيد من فرص العمل خاصة فى مجال التعليم مع إنشاء بنك شعبى لتمويل الإستثمارات الفرنسية وتشجيع الشركات على الإحتفاظ بالموظفين حتى سن التقاعد مع توظيف شباب جدد بعقود دائمة كما أن هولاند يرى أن الستين هو السن المناسب للتقاعد ولاداعى لرفعه . وينوى هولاند أيضا سحب القوات الفرنسية من أفغانستان ولكنه لن ينتظر حتى العام القادم وإنما سيأمر بسحبها العام الجارى . أما الجديد الذى قدمه هولاند فهو السماح للأوروبيين بالتصويت فى الإنتخابات البلدية الفرنسية وإدخال القائمة النسبية إلى قوانين الإنتخابات التشريعية الفرنسية وأعلن أيضا أنه مع إصدار قوانين تسمح بالزواج المثلى والموت الرحيم . أما من ناحية السياسة الخارجية فقد خلا البرنامجان تقريبا من الإشارة إليه وحتى فى المناظرة الشهيرة بينهما الأسبوع الماضى لم يتطرقا إلى هذا الجانب وهو ما إستنكره كثير من المراقبين فقد كانوا يتوقعون تعمد ساركوزى الإشارة إلى إعلان الرئيس الأمريكى إعتبار فرنسا الحليف الأكبر للولايات المتحدة وهو مايمثل شهادة نجاح له فى السياسة الخارجية .