أذاعوا نبأ حرقه قبلها ب12 ساعة ثم تركوا البلطجية يشعلون النيران
قبل 36 ساعة من حرق المجمع العلمى وصلت رسالة غريبة عبر حساب العقيد عمر عفيفى على الفيس بوك، من ضمن رسائله العجيبة الكثيرة، يحذر فيها المعتصمين أمام مجلس الشعب- الذين كان يتم سحلهم وإحراق خيامهم فى ذلك الوقت- من وجود مؤامرة تستهدف إحراق مقر البرلمان ومجلس الشورى والصاق التهمة بالثوار. يبدو أن عمر عفيفي- رغم غرابة أطواره- لديه مصادر معلومات قوية فى مصر، لكن المؤكد أن كشفه لهذه المؤامرة دفع المخططين إلى البحث عن هدف آخر. إحراق البرلمان يمكن تأويله بأن المجلس العسكرى يريد قطع الطريق على استكمال المسيرة السياسية وتسليم السلطة، ومن الواضح أن هذا ليس هدف المجلس لأن هدفه أبعد من ذلك بكثير.
العقل الداهية الذى يخطط منذ شهور للقضاء على الثورة توصل إلى مؤامرة أخرى أكثر تأثيرا. أليس المثقفون هم العدو الأول للمجلس العسكري، الذين استطاعوا أن يروا قبل غيرهم بشهور مساؤى وخطايا هذا المجلس؟ إذن لماذا لا نحرق لهم المتحف المصرى وذلك سيخدم هدفين، الأول هو جذب تعاطف الناس العاديين على رمز حضارى وثقافى تحترمه الناس أكثر من مجلسى الشعب والشوري، والثانى هو الايحاء بأن المثقفين لا علاقة لهم بهؤلاء الصبية «البلطجية» الذين يتظاهرون أمام مجلس الوزراء. ولأن المتحف المصرى بعيد عن مسرح الأحداث فقد وجد العقل المدبر هدفا آخر سهلا هو المجمع العلمي، لكن أحدا لا يعرف ما هو المجمع العلمى ولا مكانه، فالمثقفون منا كانوا يمرون على المكان يوميا دون أن يعرفوا أهميته. هنا اتخذت المؤامرة سبيلا آخر.
يوم الجمعة 16 ديسمبر حوالى الثامنة مساء، قبل 12 ساعة بالتمام والكمال من إحراق المجمع، تم تسريب أخبار عن حريق يشتعل فيه، فسارع رئيسه د. عبد الرحمن الشرنوبى الذى سمع الخبر على الهواء بالنزول من بيته وتوجه إلى شارع قصر العينى فوجد أن المجمع سليم لم يمس وقال لقوات الجيش التى تحمى المكان عن الخبر فقاموا بطمأنته وأكدوا أنهم يحمون المجمع مثل أعينهم. فى الصباح التالى تم حرق المجمع. كيف حدث ذلك؟ أولا قوات الجيش التى زعمت أنها تحمى المجمع بأعينها صعدت مع البلطجية إلى سطح المبنى وواصلوا القاء الحجارة والزجاجات وقطع الحديد على المتظاهرين...أى أنهم تركوا مجلسى الشورى والشعب والمبنى المتوسط بينهما ثم مبنى هيئة الكبارى وقاموا بنقل المعركة نحو المجمع. ما الذى تتوقعه من الشباب الشعبى الثائر الذى لم يتعلم فى مدارس مبارك أهمية هذا المبنى أن يفعل؟ ما الذى تتوقعه حين تقف فوق سطح أحد المبانى وتلقى الحجارة على المارة سوى أن يحاولوا حرق المبنى بمن فيه؟!
النقطة المهمة الثانية أن عربات الإطفاء كانت على بعد أمتار معدودة من المبني، بالاضافة إلى خراطيم المياه التى كانت تنهمر فوق رؤوس المتظاهرين من مبنى مجلس الشعب، التى كانت تنهمر بالفعل وقت الحريق، لكن فى مكان آخر غير المبنى الذى تشتعل فيه النيران( كل ذلك موثق بالصورة على فيديوهات تملأ اليوتيوب والفيس بوك لمن يرغب فى التأكد). النقطة الثالثة الموثقة أيضا أن الحريق كان يشتعل فى المبنى من كل الجهات، وليس جهة قصر العينى فقط التى يحتلها المتظاهرون، وبالنص حسب شهادة د. الشرنوبى الذى كان موجودا بالمكان آنذاك، وأن قوات الجيش لم تتدخل لطرد الذين يحرقون المبنى ويلقون بالحجارة باتجاه عربة الاطفاء. لم يتدخلوا سوى بعد التأكد من احتراق المكان، ولم يفعلوا سوى إزاحة المتظاهرين إلى الخلف قليلا، فى الوقت الذى اندفع فيه عشرات الشباب المتظاهر إلى داخل المبنى المحترق لإنقاذ الكتب وتسليمها إلى الجيش، وهو حدث شهد عليه د. الشرنوبى على الفضائيات وشهدته بنفسي، حيث استمرت عملية إنقاذ الكتب حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.
لكن إذا كان شباب الثورة هو الذى أنقذ الكتب وألقى بنفسه وسط النيران - وليس قوات الجيش أو الاطفاء- فمن هم الشباب الذين كانوا يلقون عبوات المولوتوف داخل المجمع ويرقصون فرحا باشتعاله؟
الاحتمال الأكبر أنهم مأجورون من أصحاب المصلحة فى تشويه الثورة، والاحتمال المنطقى الثانى أنهم جموع الشباب الشعبى غير المثقف أو المتعلم الذين يحملون غضبا هائلا تجاه السلطة وضباط الداخلية والجيش. وهو غضب يستحقونه عن جدارة