ذكرت صحيفة الواشنطن بوست في مقال لها ان آلاف المتظاهرين من الشباب المصري عادوا مرة أخرى إلى الشوارع وتقاتل قوات الامن في ميدان التحرير في القاهرة و انتشرت مشاهد من المدنيين يتحدوا الغاز المسيل للدموع والرصاص وسط ارتفاع عدد الضحايا وعلى الفور تذكروا انتفاضة يناير الماضي و التي استمرت 18 يوما ضد الدكتاتور حسني مبارك.
ولكن هذه المرة، كان الشرير في أعين المحتجين هو المجلس الاعلى للقوات المسلحة ، ومجموعة من كبار القادة الذين ساعدزا على استقالة مبارك في 11 فبراير، واداروا شؤون البلاد منذ ذلك الحين.
و كانت هذه الموجات من تجدد الاضطرابات نوعا من الاعتراف بأن الثورة الشاملة في يناير ليست سوى النصف قبل النهائي ، ويمكن أن تضل الطريق اذا لم يكن هناك يقظة مستمرة على مستوى الشارع والاستعداد لمواجهة الدولة.
و من أسوأ السيناريوهات المحتملة:
1 - لقاء مع قائد جديد
يقرر المجلس الأعلى أنها ببساطة لا يمكن أن تثق في الشعب المصري لتنظيم شؤونهم ، وأنها يجب أن تستمر في توليها مقاليد السلطة و لأسباب العلاقات العامة ، ربما يكون ذلك مصحوبا بإنشاء الواجهة الزائفة للديمقراطية على غرار نظام مبارك مع انتخابات صورية و التي تؤدي في نهاية المطاف الي عجز البرلمان و تمتع رئاسة المجلس الأعلى بحق الفيتو على كل شيء .
سيكون هذا السيناريو مدعم بهدوء من قبل شرائح معينة من حكومة الولاياتالمتحدة وإسرائيل -- والتي تنزعج من صعود حكومة مصرية تعكس فعلا إرادة الشعب المصري.
2 - الانتقام من "الفلول"
دخلت كلمة "فلول" المعجم المصري الحديث كمصطلح شامل للالاف من الموالين لمبارك باصلاحاته التي لا تزال على الهامش داخل وخارج الحكومة. وتتضمن هذه الفئة وزارة الداخلية بأكملها والجيش نفسه -- التي ازدهرت بشكل كبير تحت حكم مبارك ، وسوف تقاوم أي محاولة للحد من الامتيازات والنفوذ الذي تتمتع به منذ عقود.
يمكن لهذه "الفلول" التسلل أيضا للعودة الى السلطة من خلال صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية المقبلة -- وخاصة إذا قاطعت القوات الناشطة و الاصلاحية التصويت.
3 - الولاية الحمراء/ الولاية الزرقاء
وقد أصر المجلس الأعلى مرارا وتكرارا أن المتظاهرين التحرير لا تعبر عن إرادة الأمة ، وأن الغالبية الصامتة من المصريين لا يزال تثق بالجيش فربما تكون هذه الفئة في الواقع علي حق.
و مع مساعدة من وسائل الإعلام المملوكة للدولة ، يمكن للمجلس الأعلى تقسيم البلاد الى معسكرات متحاربة و تصنيف المتظاهرين التحرير باعتبارهم متعصبين مجانين يسعون لتخريب مستقبل مصر. وستنظر هذه الأغلبية المؤيدة للمجلس الأعلى للمواطنين في الموافقة على النظام الجديد وإجراءات مشددة ضد المتظاهرين المتبقية.
4 - الجمهورية الإسلامية في مصر
ان القوات الاسلامية مثل الاخوان المسلمين والجماعات السلفية الأكثر تقف وبقوة ضد أي نقاش بشأن تأجيل الانتخابات البرلمانية -- التي بدأت الاثنين وتستمر لمدة ستة أسابيع خلال جولات اقليمية متعددة فهم يعرفون انهم القوي الوحيدة المستعدة حقا لاجراء انتخابات وطنية.
و كانت جماعة الاخوان المسلمين تحديدا تستعد للتحضير لهذه اللحظة منذ عقود ، في حين ان معظم الأحزاب الليبرالية / العلمانية تشكلت للتو قبل بضعة أشهر و سيكون البرلمان الذي يهيمن عليه الاسلاميون مسؤول عن الإشراف على كتابة دستور جديد -- يعطيه الفرصة لإعادة تعريف أي نوع من البلاد سوف تكون مصر حتي تتقدم إلى الأمام.
5 - فشل الثورة الداخلية
مصر لا تحتاج إلى مجرد ثورة في بنيتها الحاكمة ، و لكن هي في حاجة الي ثورة في الأخلاق الشخصية والأخلاق في المجتمع حيث كانت سنوات مبارك ذات تأثير تآكل حقيقي لاخلاق المجتمع المصري.
و قد بدأ المواطنون نسيان مفهوم الحق والباطل ، أو العدالة في ظل القانون. وانتقلت جميع الخلافات ، كبيرة كانت أم صغيرة ، على الفور الى لعبة القوة ومعارك الوسطى المتنافسة -- بالتأثير أو الاتصال.
و تبخرت تقريبا روح العلامة المصرية من المجتمع ، و تراوح السلوك بين الفساد والتحرش ، ورمي النفايات و عدم احترام الاشارات و ظهرت العديد من هذه السلوكيات السيئة مثل شبح في حقبة ما بعد مبارك.
لكن بغض النظر عما يحدث مع الحكومة ، سيكون الفشل الذريع للثورة هو عدم القدرة على إعادة تشكيل اخلاقيات الناس الشخصية والأخلاق المجتمعية ككل.