انطلقت الموجة الثانية من الثورة عندما علم الثوار أن الداخلية تعتدى على مصابى ثورة يناير فى التحرير وعددهم لم يكن يتجاوز المائة شخص، ولكن وزارة الداخلية التى اتضح أنها لم تتعلم شيئا مما سبق، كررت نفس الجرائم ضد المتظاهرين العزل.. ولعلها ذات الخطط التى تعاملت بها وزارة العادلى مع المظاهرات والاعتصامات منذ سنوات وحتى ثورة يناير، وزير الداخلية اللواء منصور عيسوى وهو أول وزير لم يعينه الرئيس المخلوع حسنى مبارك، تم تعيينه عقب التنحى خلفا للواء محمود وجدى آخر وزير داخلية عينه الرئيس المخلوع أثناء الثورة، ولأن منصور عيسوى جاء للداخلية بعد خروجه للمعاش لمدة 15 عاما كان خلالها بعيدا عن العمل الأمنى ونظرا لتقدمه فى السن، فقد استطاع معاونوه التحكم فيه بدرجة كبيرة جدا، وأصبحت الداخلية يديرها أربع قيادات هم من يتحكمون فى الوزارة، بل وينتظر كل منهم أن يخلف منصور عيسوى ويصبح وزيرا للداخلية، لذلك فإن شغلهم الشاغل -كما تؤكد المصادر الأمنية- هو السيطرة على الوزارة والتقرب من المجلس العسكري، فإن الصراع بينهم على خلافة عيسوى جعل بينهم حرب تكسير عظام للفوز بكرسى الوزارة، وهم كبار مساعدى الوزير، اللواء «أحمد جمال» مساعد الوزير للأمن العام، واللواء محسن مراد مساعد الوزير ومدير أمن القاهرة، واللواء ماهر حافظ مساعد الوزير للشئون الفنية، واللواء سامى سيدهم مساعد الوزير للأمن.
المتنافس الأول هو اللواء أحمد جمال حصل على رتبة مساعد وزير فى عهد عيسوى وكان قبل ذلك مدير أمن أسيوط، واستطاع أن يفرض سيطرته على وزير الداخلية من خلال علاقات أنشأها مع بعض شباب الثورة وبعض أعضاء وقيادات الأحزاب وهو ماجعله يتدخل فى الأمن السياسى مما أزعج المجلس العسكرى خلال الاجتماع الذى تم عقده بين المجلس العسكرى وعيسوى ومساعديه عندما تحدث أحمد جمال عن السياسة والأحزاب ودور الإخوان فقال المشير لقيادات الداخلية «مالكوش دعوة بالسياسة خليكوا فى شغلكوا»، ويقول عنه ضباط الداخلية إنه لم يتعلم من اللواء عدلى فايد مساعد الوزير للأمن العام سابقا والمحبوس حاليا فى سجن مزرعة طرة على خلفية قضية قتل المتظاهرين وهو نفس الفخ الذى وقع فيه أحمد جمال فهو بحكم عمله كمساعد وزير للأمن العام يقوم من خلال المعلومات التى تصله عبر مصادره بتقييم الموقف وبناء الخطط ووضع طرق التعامل والمواجهة لقوات الأمن فى المديريات، وإعطاء تعليمات لقيادة الأمن المركزى بالتحرك والتعامل والاشتباك مع المتظاهرين، وهو مافعله أحمد جمال منذ اندلاع أزمة التحرير فقد قام بعمل كل ماسبق وقام بعرض الخطط وتقييم الموقف على منصور عيسوى وعلى حد قول بعض الضباط عرض الخطط والقرارات على عيسوى هو تحصيل حاصل، فكانت مهمة أحمد جمال فى إقناعه سهلة للغاية بأن قمع المتظاهرين والاشتباك معهم هو الحل الوحيد للسيطرة عليهم بالقوة الأمنية لاستعادة هيبة الداخلية المفقودة منذ تسعة شهور، خاصة أن أحمد جمال له علاقات قوية تربطه ببعض أعضاء المجلس العسكرى جعلته واثقا مما يفعله، خاصة أنه من أقوى المرشحين لخلافة عيسوى وهو ما يؤكده الضباط فى وزارة الداخلية.. ويقولون أيضا إن جمال هو وزير الداخلية الفعلى وليس منصور عيسوي.
المتنافس الثانى على خلافة عيسوى هو اللواء محسن مراد مدير أمن المنيا سابقا وحصل على رتبة مساعد فى عهد اللواء محمود وجدى وزير الداخلية السابق وهو عهد قصير بالمناسبة، ومحمود وجدى أعطاه رتبة مساعد وزير وجعله مديرا للأمن العام وبعد تولى عيسوى مسئولية الداخلية نقل مراد إلى مساعد وزير لأمن القاهرة وجعل أحمد جمال بديلا عنه فى الأمن العام، ومنذ تولى محسن مراد مسئولية مديرية أمن القاهرة ويقول ضباط الشرطة عنه سواء فى المديرية أو خارجها إن من يحركه هو محمود وجدى الذى يعتبر نفسه صاحب الفضل عليه لدرجة أن أحد الضباط قال لى «إننا نعتبر أن وجدى هو مدير أمن القاهرة الحالى وأن كل ما يريده هو أمر مفعول، وأن التعليمات التى ينفذها محسن مراد هى تعليمات وجدى وليس عيسوي»، واستطاع مراد أن يكون أحد الأضلاع المهمة فى وزارة الداخلية وأن يكون له نفوذ كبير عند الضباط، خاصة أن له خبرة قوية فى العمل الميدانى على عكس أحمد جمال الذى يقولون عنه إنه أكاديمى.
المتنافس الثالث هو اللواء سامى سيدهم مساعد الوزير للأمن ومعنى هذا أنه مدير مديرى الأمن فى جميع أنحاء الجمهورية وهو رئيسهم المباشر، ومساعد الوزير للأمن هو منصب يحظى بصراع دائم بين قيادات الداخلية واعتلى عرشه من قبل اللواء عدلى فايد فكان مساعد وزير للأمن والأمن العام ، وسبقه فى ذلك المنصب اللواء عبدالرحيم القناوى أى أنه منصب قيادى مهم جدا فى الداخلية وقد أدلى سامى سيدهم بتصريح للتليفزيون المصرى أمس قال فيه إن لديه قوات تسحق 3 ملايين فى التحرير مما أشعل الغضب ضده فى الداخلية وفى ميدان التحرير على حد سواء، وهو ضابط مباحث طوال عمره المهنى وعمل فى مباحث القاهرة وكان مساعد مدير المباحث الجنائية بمديرية أمن القاهرة قبل الثورة ثم انتقل إلى قطاع السجون بعد الثورة حتى تمت ترقيته على يد منصور عيسوى إلى مساعد وزير للأمن، ويعرف عنه تعصبه الدينى الشديد وعنفه الدائم ضد المتظاهرين أثناء مظاهرات الحركات السياسية منذ عام 2004 مثل كفاية و6 أبريل وأشرف على فضيحة الاستفتاء عام 2006 عندما تم التحرش بالفتيات المتظاهرات عند نقابة الصحفيين، وفى ذات العام أثناء مظاهرات التضامن مع القضاة جرى القبض على المتظاهرين بعنف شديد وتعرضوا لقسوة داخل سيارة الترحيلات، فإن له تاريخًا سيئاً يشهد به النشطاء منذ عدة أعوام ودوره الآن هو معرفة أحوال مديريات الأمن من خلال الإخطارات اليومية ورفع تقرير بها إلى العادلى ونقل تعليمات الوزير ومساعد الوزير للأمن العام لمديرى الأمن وإصدار الأوامر لمديرى الأمن بما له من صلاحيات، والغريب أن وزارة الداخلية تجعله حاليا يقوم بمخاطبة الإعلام مما يزيد من احتقان النشطاء السياسيين الذين طالما زج بهم فى سيارات الترحيلات. وقد أغضبهم من قبل تصعيد عيسوى له .
أما المتنافس الرابع على مقعد الوزير فهو اللواء ماهر حافظ الذى أصبح ظل عيسوى ولم يعد يفارق مكتب الوزير فى الآونة الأخيرة بعد أن أعاد التنصت والتسجيلات على هواتف النشطاء والسياسيين إلى سابق عهده على يده وإن كانت وزارة الداخلية تبرر ذلك بأن التنصت عاد لمراقبة تجار المخدرات وللمساعدة على الكشف عن الجرائم الجنائية فقط ولكن وزير الداخلية اعترف أنه يسجل للناشط جورج إسحق وهو ما يناقض ماتقوله الداخلية لأن إسحق ناشط سياسى وليس تاجر مخدرات، وقد استطاع ماهر حافظ أن يتقرب من عيسوى بعد أن أقنعه بأهمية «الركوب» على الموبايلات ونسب نجاح الكشف عن مختلف الجرائم لنفسه على أساس أنه السبب الرئيسى فى الكشف عنها بسبب التنصت وهو الأمر الذى أغضب قيادات الداخلية خاصة أنه أصبح يتدخل فى كل شيء فى الوزارة ويتحدث مع القيادات بنفسه بل ويعطيهم توجيهات وقد حصل أيضا على رتبة مساعد فى عهد منصور عيسوى وكان من قبل مديرالإدارة العامة لاتصالات الشرطة، مصر تحترق بنيران وزارة الداخلية التى تديرها قيادات تتصارع على اعتلاء عرش وزارة تتصدر المركز الأول فى كراهية وحقد المصريين