الأزهر لا يرفض وصف الدولة ب" المدنية " و إنما يرفض غموض المصطلح و صعوبة شرحه، وانا شخصياً أرفض أن تكون الدولة المدنية هي علمانية، فالعلمانية تعني فصل الدين عن الحياة، وعدم الالتزام بالعقيدة الدينية أو الهدي السماوي، فلا دخل للدين في شئون الحياة المختلفة، فهذا ما أرفضه تماماً. الإسلام لا يعرف في تشريعاته ولا حضارته أو تاريخه ما يعرف ب الدولة الكهنوتية أو الدولة الدينية, فالدولة الدينية هي الدولة الثيوقراطية والتي يعتبر الحاكم فيها نائبا عن السماء؛ دولة يحكم فيها رجال الدين بتفويض إلهي مباشر وغير مباشر، وتتخذ شكلين أساسيين، إما الحكم بتفويض إلهي مباشر يزعم فيه الحاكم أنه معين من قبل الله أو الحكم بمقتضى العناية الإلهية، وفيها يختار الشعب الحاكم لكن اختيارهم له هو إرادة إلهية وليس إرادة شعبية، بل إن الله هو من وجه الجماهير لاختياره، وفي كلتا الحالتين يعتبر الحاكم مسؤولا أمام الله وحده وليس أمام الشعب بل على الشعب السمع والطاعة، طاعة دينية وليست سياسية، وهذا ما يعنيه الأزهر أما الدولة المدنية التي أعنيها، فهي لا تتنافي مع الاسلام بأي شكل من الأشكال، إنما أرفض علي سبيل المثال التجربة الأيرانية في تطبيق الدولة الدينية، فهم يريدون التطبيق بالسيف وليس بالقانون، وفي كثير من الأحوال دون محاكمة، واخاف من بعض المسلمون المتعصبون الذين يقفون وينادون في ميادين مصر ويطالبون با بإعدام هذا وذاك علناً في ميادين مصر، ليكونوا عبرة لمن يأتي بعدهم، بل ويحثون علي إشعال النار في الكنائس وطرد أقباط مصر من الكنانة، وفرض الجزية علي الأقباط, فلو تلك هي الدولة التي يريدونها دينية، فليس لي بها شأن.
الإسلام يجعل الهداية في شرع الله تعالى ويستمد قوانين الأمة منه، في ظل ثوابت عقائدية وأخلاقية وتعبدية لا تتغير ولا تتبدل، ومنهج لمعاملات الأمة يجمع بين القواعد العامة وبعض التفصيلات تراعى صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان، ونظام للعقوبة رادع يضمن للأمة الأمن والأمان، والتكافل بين أبناء المجتمع الواحد يؤهل المجتمع للتماسك والتواد والتواصل، وهذا ما يريده الأزهر الشريف، وليس لي اعترض علي ذلك، بل أنا من مؤيديه.
إجتهادي الشخصي في هذا الصدد هو كالاتي:
1 الدستورية، "يعتبر الدستور القانون الأسمى للدولة" 2 اختيار الأمة للحاكم، "توفى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعين أحداً من أقربائه أو غيرهم لخلافته، بل ترك الأمر شورى بين المسلمين" 3 الفصل بين السلطات الثلاث، " فالسلطة التنفيذية تحدد مهمتها في تنفيذ القوانين والتشريعات الصادرة عن السلطة التشريعية والتي يمثلها البرلمان، تم السلطة القضائية التي تفصل في المنازعات ودعاوى الاختصام" 4 التمثيل النيابي، "وهو الذي يشرع القوانين والأحكام المنظمة للمجتمع،" 5 التعددية العقائدية والفكرية، "فليس لجهة مهما كان نفوذها أن تحاصر أو تضيق على حرية الآخرين، كما أنه ليس من حق أحد أن يكره آخر على مذهب أو رأي أو إيمان بمعتقد غيبي." فقد جاء القرآن الكريم ليثبت مبدأ "لا إكراه في الدين" فالإكراه التصوري أو الفكري أو العقائدي مرفوض في الشريعة الإسلامية