أشار وزير الخارجية الفرنسى الأسبق هيرفى دوشاريت، فى حديث صحفى عقده أمس أنه قلق على مسار الأمور خصوصا فى ليبيا، التى يرى وضعها مثير للقلق، وذلك وفقاً لما ذكرته صحيفة لوموند الفرنسية. واعتبر دوشاريت أن العرب فى أثناء إضاءة شعلة "الربيع العربى" لم ينتظروا الأوروبيين على قارعة الطريق، مشيراً إلى أن الخوف من وصول الإسلام الراديكالى إلى السلطة راكباً موجة الحركات الديمقراطية هو شعور مبالغ به فى الغرب وفى أوروبا.
وأكد الوزير الفرنسية السابق "أن السير حتى ولو كان على مراحل باتجاه الديموقراطية يمر عبر احترام الأقليات الإسلامية والمسيحية، وهذا هو أحد أعمدة الديموقراطية".
ووصف دوشاريت الأوضاع فى سوريا بأنها مؤلمة ومدانة عميقاً، معلناً عن خلافه مع وزير الخارجية الفرنسى ألان جوبيه حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
كما أبدى تخوفه من المرحلة الجديدة قائلاً: "إن الغيوم تتلبد فوق سماء ليبيا".
كما أشار إلى أن هناك زعزعة فى كل المنطقة بنحو خاص وللعالم المتوسطى والعالم بأسره بنحو عام، وذلك بفعل عوامل عدة، منها: توق عميق لدى الشعوب لتقرير مصيرها بيدها، وهو التطلع إلى الديمقراطية، والشعور بالظلم الفادح نتيجة الهوة العميقة بين أقلية صغيرة جداً تستفيد بإفراط من عائدات العولمة والنمو الكبير فى البلدان الناشئة وبين السواد الأعظم من السكان الذى يعيش تحت خط الفقر، فضلاً عن الأموال الطائلة التى تذهب هدراً فى فضائح الفساد والرشوة، وكل ذلك وسط عالم جديد من وسائل الإعلام والتواصل، الأمر الذى يُظهِّر كل هذه المسائل بشفافية وبنحو مباشر، حتى أصبحت الأشياء التى كانت مكتومة فى السابق على مرأى ومسمع الجميع رغم وجود الرقاب".
وحول ما قاله حول سوريا، فى ضوء علاقاته الوطيدة مع دمشق، قال دوشاريت: "ما يجرى هناك هو محزن للغاية بالنسبة إلى أصدقاء سوريا، وأنا واحد منهم، وهو وضع مدان عميقاً ولا يمكن الاستمرار على هذا النحو، إذ يجب أن يكون العالم العربى فى الصف الأمامى لإقناع السوريين بإيجاد التفاهمات الضرورية، وأدعو الدول العربية إلى أن تنخرط بعزم، وهى بدأت بذلك، لتسوية هذا الموضوع المؤلم جدا والذى يعد فضيحة".
وعن المخاوف التى عبر عنها بطريرك الموارنة بشارة الراعى فى باريس قبل أسابيع، قال دوشاريت: "تقلق الأقليات وليس فقط المسيحية، بل الإسلامية من التغييرات الجارية على الأرض فى كل المنطقة، لأنها كانت تظن بأن الأنظمة القائمة كانت تحميها، وهى تتخوف من أن تحصل التغييرات السياسية على حسابها، إن مسئولية السلطات الجديدة بالتحديد هى طمأنة هذه الأقليات، إن السير، حتى ولو كان على مراحل، باتجاه الديمقراطية يمر عبر احترام الأقليات وهذا هو أحد أعمدة الديمقراطية