أسدل الستار، اليوم الأحد، على فعاليات الأسبوع العالمي العاشر للسلامة الدوائية في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، وسط واقع دوائي مأزوم يعيشه اليمن منذ اندلاع الحرب التي أشعلتها مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، والتي حولت سوق الدواء إلى بيئة خصبة للتهريب والتزوير والفساد الصحي. وجاءت فعاليات الأسبوع هذا العام تحت شعار: يمكننا جميعًا المساعدة في جعل الأدوية أكثر أمانًا"، بالتزامن مع الحملة العالمية في أكثر من 117 دولة وبدعم من 130 منظمة دولية، ضمن المبادرة السنوية #MedSafetyWeek الهادفة إلى رفع الوعي بمخاطر الأدوية المغشوشة والمهربة. كيف يؤثر احتجاز الحوثيين للرهائن على العملية الإنسانية والسياسية في اليمن؟ قطع خطوط إمداد الحوثيين عبر البحر الأحمر يحمي الملاحة الدولية في اليمن الدواء في اليمن بين الحرب والتهريب منذ انقلاب مليشيات الحوثي عام 2014، تحولت اليمن إلى أكبر سوق عربية للأدوية المهربة والمخدرات، حسب تقارير حقوقية. فقد كشفت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات أن الحوثيين يديرون شبكات تهريب ضخمة تغذي السوق اليمنية بمنتجات دوائية غير مرخصة ومخدرات متنوعة، بما جعل تجارة الدواء غير المشروعة أحد أعمدة تمويل المليشيا. وتقدّر الشبكة أن عوائد تجارة المخدرات فقط تصل إلى نحو 6 مليارات دولار سنويًا، تُستخدم لتمويل الأنشطة العسكرية والثراء الشخصي لقيادات حوثية نافذة. وفي السياق ذاته، أكدت المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر أن الدواء أصبح أداة استثمار سياسي واقتصادي لقادة المليشيا، عبر فرض الرسوم على شركات الأدوية الشرعية، والتحكم في دخول الشحنات، ورفض المعونات الدوائية المقدمة من منظمات الأممالمتحدة. وأشار تقرير صادر عن المنظمة إلى أن فاتورة استيراد الأدوية في اليمن بلغت نحو 88 مليار ريال سنويًا، بينما لا تصل نسبة 40% منها إلى المستشفيات العامة، بسبب سيطرة الحوثيين على التوزيع والبيع في السوق السوداء. المليشيا والدواء.. استثمار في معاناة المرضى في المقابل، يرى مراقبون أن مليشيات الحوثي تتعامل مع الملف الدوائي كسلاح حرب صامت، إذ تستخدمه في الضغط السياسي والاقتصادي على المناطق المحررة، وتمنع وصول المساعدات الدوائية الدولية إليها. وتشير تقارير ميدانية إلى أن الحوثيين يحتكرون تجارة الأدوية عبر شركات تابعة لهم، ويمنحون التراخيص فقط للمؤسسات التي تخضع لنفوذهم، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الأدوية بنسبة تجاوزت 300% في بعض المحافظات، وغياب الأدوية الأساسية من الصيدليات. كما أن انتشار الأدوية المهربة والمغشوشة تسبب في آلاف حالات التسمم الدوائي، حسب بيانات وزارة الصحة اليمنية، خاصة في أوساط الأطفال وكبار السن الذين يستخدمون عقاقير مجهولة المصدر لا تخضع للفحص أو الترخيص. أنشطة توعوية ومبادرات ميدانية ضمن فعاليات الأسبوع العالمي، نُفذت حملات ميدانية في جميع المحافظات المحررة، شملت توزيع لوحات ضوئية ولافتات إرشادية في المستشفيات الحكومية، وتنظيم محاضرات توعوية حول مخاطر الدواء المهرب. كما شهد الأسبوع ورش عمل تدريبية للعاملين في القطاع الصحي حول أهمية الإبلاغ عن الآثار الجانبية للدواء ومتابعة جودته. وأكدت الهيئة العليا للأدوية أن الهدف من هذه الأنشطة هو تأسيس ثقافة وطنية للسلامة الدوائية، تُسهم في حماية حياة المواطنين من المنتجات المقلدة والمغشوشة. تحذيرات من أزمة إنسانية دوائية تحذر منظمات المجتمع المدني من أن استمرار سيطرة الحوثيين على سوق الدواء ينذر بكارثة إنسانية وصحية، حيث تشير تقارير أممية إلى أن أكثر من 60% من السكان لا يحصلون على الأدوية الأساسية، وأن المستشفيات في المناطق الخاضعة للحوثيين تفتقر إلى أدوية السرطان والسكري والمضادات الحيوية الحيوية. وتطالب تلك المنظمات بإنشاء آلية رقابة دولية مستقلة تشرف على إدخال الأدوية وتوزيعها داخل اليمن، لضمان عدم استغلالها في تمويل الحرب أو المتاجرة بمعاناة المرضى. الدواء.. معركة صامتة ضمن حرب شاملة يبقى ملف الدواء في اليمن أحد أخطر تداعيات الحرب الجارية، إذ يتقاطع فيه الجانب الصحي مع السياسي والاقتصادي. فبينما تحاول الحكومة في عدن تثبيت قواعد الشفافية والمراقبة، تستمر مليشيات الحوثي في إدارة تجارة الدواء كسوق سوداء تموّل حربها، على حساب حياة ملايين اليمنيين الذين يواجهون المرض والفقر معًا. وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن تحقيق السلامة الدوائية في اليمن لن يكتمل إلا بانتهاء الحرب واستعادة مؤسسات الدولة لدورها الرقابي والتنظيمي الكامل، لأن "الدواء الآمن"، كما يقول الأطباء اليمنيون، "يبدأ من دولة آمنة". جرائم الحوثيين باليمن.. من استهداف المنظمات الإنسانية إلى تكريس العزلة الدولية لصنعاء حرب مالية جديدة.. هل ينجو النظام المصرفي اليمني من قبضة الحوثيين؟