في عالم الإعلام، كثيرون يطرقون الأبواب ذاتها، يطرحون الأفكار نفسها، لكن القليل منهم من يجد المفتاح السحري الذي يفتح قلوب الناس قبل عقولهم. وهذا بالضبط ما فعله الفنان سامح حسين في برنامجه "قطايف"، في رمضان 2025، حيث استطاع أن يقدم محتوى قيمًا، دينيًا وأخلاقيًا، بأسلوب سلس وجذاب، مما جعله يحصد نجاحًا استثنائيًا، رغم أن الفكرة ليست جديدة، ورغم أن آخرين قدموا محتوى مشابهًا قبله. لم يكن سر نجاح سامح حسين مجرد تقديم قيم ونصائح وعبر بشكل عابر، بل كان في الروح التي بثها في البرنامج. هو فنان اعتاد الجمهور على رؤيته في أدوار كوميدية، خفيفة الظل، لكنه أثبت في هذا البرنامج أن الضحكة لا تعني السطحية، وأن الكوميديا يمكن أن تكون بوابة للعمق. بأسلوبه الهادئ، البسيط، المحبب، استطاع أن يجعل القيم الأخلاقية والدينية قريبة من القلب، فحديثه عن مصر ومكانتها وقيم مثل الصدق والإحسان، الأمانة، وحسن الخلق والتقوى لم يكن مجرد كلمات تلقى، بل كان مشبعًا بروح الإخلاص، وهو ما شعر به الجمهور وتفاعل معه بقوة. لكن لماذا نجح "قطايف" مع سامح حسين بينما لم يحظَ بنفس الزخم مع آخرين؟ السر ربما يكمن في الكاريزما الصادقة. هناك شيء في حديثه يجعلك تشعر بأنه لا يعظك، بل يتحدث إليك كصديق، كأخ، كإنسان يريد الخير لك لا أن يلقي عليك دروسًا من برج عاجي، ولا يتصنع، ولا يملي على الآخرين كلاما يعمل به. هذا التواضع في الطرح، والبساطة غير المتكلفة، جعلا المشاهدين يشعرون بأنهم جزء من التجربة، لا مجرد متلقين سلبيين. ومن هنا، لم يكن غريبًا أن تنتشر مقاطع برنامجه كالنار في الهشيم على منصات التواصل الاجتماعي. ولم يكن الأمر مجرد متابعة تقليدية لبرنامج عادي، بل تحول إلى حالة، إلى موجة من التفاعل والتأثر، فانتشرت الفيديوهات، وتم إعادة مشاركتها آلاف المرات، بينما لم تحظَ برامج أخرى، رغم تشابه محتواها، بنفس الصدى. قد يكون السبب أيضًا أن سامح حسين دخل البرنامج بنية صافية، هدفه الحقيقي لم يكن الشهرة أو المكسب، بل تقديم رسالة لها معنى، وهو ما انعكس على جودة المحتوى وأثره في النفوس. "قطايف" سامح حسين لم يكن مجرد برنامج، بل تجربة شعورية، دعوة للتأمل، درسًا في كيف يمكن للإعلام أن يكون وسيلة بناء لا هدم. وهو درس لكل من يسعى لصناعة محتوى هادف: الإخلاص، البساطة، والروح الصادقة، تصنع الفارق حيث لا تصنعه الأفكار وحدها.