رصدت دراسة حديثة صادرة عن مركز جسور للدراسات الاستراتيجية 10 عوائق تقف فى طريق المجلس القومى لحقوق الإنسان برئاسة السفيرة مشيرة خطاب، والذى أعلن عن إعادة تشكيله الشهر الماضى، بعد فترة تعد الأطول للمجلس الماضى الذى استمر لمدة 8 سنوات، وبحسب الدراسة التى جاءت تحت عنوان «تحديات وعوائق _ مستقبل المجلس القومى لحقوق الإنسان» وأعدها عبدالناصر قنديل نائب مدير المركز للدراسات الاستراتيجية، كان من المتوقع تشكيل المجلس خلال برلمان 2015 بتركيبته الجديدة التى تتوافق مع طبيعة المرحلة الوطنية والتغير فى طبيعة النظام السياسى إلا أنه بدلا من ذلك أصدر القانون رقم (197 لسنة 2017) بتعديل بعض أحكام القانون رقم (94 لسنة 2003) بإنشاء المجلس القومى لحقوق الإنسان. وأكدت الدراسة أن التباطؤ فى عمليات إعادة تشكيل المجلس رغم تطورات الأحداث والوقائع المجتمعية وارتباطها بالتحديات الأممية ومحاولات النيل من الشأن الداخلى رفع سقف المطالبات بضرورات التدخل لتطوير الملف الحقوقى، إضافة لاستخدام أعضاء مجلس النواب للعديد من الأدوات الرقابية التى تنوعت بين (الأسئلة طلبات الإحاطة البيانات العاجلة) حول أسباب التأخر فى إعادة تشكيل المجلس. كشفت الدراسة عن 10 تحديات تواجه المجلس الجديد جاء على رأسها طول فترة المجلس السابق التى امتدت إلى 8 سنوات، حيث أدت إلى تغليب بعض الأعضاء لأجنداتهم الخاصة ومحاولاتهم استخدام المجلس فى تحقيق مغانم خاصة أو تطويعه لخدمة وجهات نظرهم وصلت لخطابات ومواقف عدائية أساءت لصورة المجلس ومكانته بالإضافة لافتقاد تركيبة المجلس للعديد من الكوادر المؤثرة بالوفاة أو الاستقالة ثانيا: تهميش المجلس القومى لحقوق الإنسان ومحاولة إبعاده عن المشهد سواء بغياب النص الملزم بوجود ممثل له ضمن تشكيل اللجنة الدائمة المعنية بآلية المراجعة الدورية أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، الصادر بقرار رئيس الوزراء رقم 37 لسنة 2015، رغم وجود ممثلى المجالس القومية الأخرى أو فى انتزاع اختصاصات أصيلة له وفق قانون إنشائه ونقلها لصالح اللجنة. ثالثا: عدم وضوح رؤية وسياسات المجلس فى التعامل مع ملف حقوق الإنسان ومنافسته للمنظمات فى فرص التمويل إضافة لكارثية سلوك (الأمانة العامة واللجان المتخصصة) داخل المجلس التى توجهت لاستغلال أنشطة المجلس ولقاءاته لصالح جماعات المصالح والجمعيات التنموية والصغيرة بالمحافظات، إضافة لهشاشة وسطحية النقاشات والتوصيات التى تصدر عنه فى القضايا والموضوعات المطروحة، وغياب دوره فى العديد من القضايا والنقاشات المصيرية مثل التعديلات الدستورية 2019 وعمليات إصدار قانون منظم للعمل الأهلى (القديم الجديد) أو تعديلات قانون تنظيم الحق فى التظاهر أو قوانين الحريات الدينية وبناء دور العبادة. رابعا: الفساد المهول فى التركيبة الوظيفية للمجلس والناتجة عن هيمنة العشائرية والقبلية التى أدت لتكوين مجموعات مصالح وضغط هائلة لصالح العديد منها، حيث تحتوى العديد من علاقات النسب والمصاهرة والقرابة مما أفقدها قدرتها على القيام بأدوارها وتحول الجهاز الفنى والأمانة العامة لجهاز بيروقراطى يفتقد الإبداع أو القدرة على التواصل الفعلى مع القضايا الحقوقية. خامسا: الحديث الدائر حول الفساد داخل الجهاز المالى للمجلس ووجود مخالفات صارخة فى عمليات الشراء والتعاقد لصالح المجلس ووجود عمولات خاصة يتحصل عليها البعض من وراء أنشطة المجلس وترسية العطاءات على عناصر بعينها مع وجود علاقات تربط موظفى الإدارة بأصحاب تلك الشركات حتى أن الفترة التى أعقبت النظر فى تشكيل المجلس 2012 قد شهدت الحديث علانية فى فساد المجلس ماليا، بل وقام أحد أعضاء المجلس وقتها بتقديم استقالته مدعومة بمعلومات محددة عن الفساد المالى وبعض أرقام هذا الفساد ورغم ذلك لم يتم أى تحقيق فى تلك الوقائع. سادسا: الاستغلال القاصر لصلاحيات المجلس الدستورية فى الإبلاغ عن أى انتهاك يتعلق بمجال عملها، ما تسبب فى توجيه الانتقادات لعدم فعاليته لعدم اشتباكه مع تلك الأداة الفعالة والمؤثرة فى تحسين صورة المجلس من ناحية وتطوير بيئة الحق من ناحية أخرى فنادرا ما يكون هناك تداخل من المجلس مع كثير من القضايا التى كانت تلك الأداة مدخلا فعالا للاشتباك معها . سابعا: محدودية زيارة المجلس القومى لحقوق الإنسان للسجون وأماكن الاحتجاز، رغم صلاحياته طبقا لتعديلات قانون إنشائه رقم 197 لسنة 2017، وتجاوب وزارة الداخلية ومكتب النائب العام فى تطوير تلك الآلية وزيادة وتيرتها، حيث ظل أداء المجلس واستفادته من تلك الزيارات روتينيا سواء من حيث التقارير الفنية أو من حيث مقترحات التطوير فى شكل المؤسسات العقابية أو أوضاع أماكن الاحتجاز. ثامنا: افتقاد المجلس لاستراتيجية إعلامية منهجية تعمل على رصد أنشطته وتتبع تداخلاته وتساندها فى إطار حملات الدعم والمساندة لوجهات نظره فى القضايا المختلفة، تاسعا: ضعف أداء وحدة التشريعات بالمجلس رغم امتلاكها لاختصاصات واضحة فى قانون المجلس المعدل 197 لسنة 2017، وظهر ذلك من خلال قلة الاشتباك مع القضايا المطروحة للتعديلات التشريعية رغم الثورة التشريعية التى يشهدها البرلمان منذ 2015 على المستوى العددى والنوعى. عاشرا: ضعف تأثير المجلس القومى لحقوق الإنسان، فى الوقت الذى يعد أحد أبرز مكامن قوته تصنيفه دستوريا وقانونيا كمؤسسة مستقلة تعمل فى إطار الدفاع عن حقوق الإنسان بما يعطيه مصداقية أعلى فى المؤسسات الدولية ويمنح لتقاريره ممكنات أعلى وأكبر فى المصداقية والتأثير، إلا أن ضعف المجلس وعدم استخدامه لتلك المداخل أفقده الكثير من القدرة على التأثير فى القرارات والسياسات العامة أو التفاعل مع المؤسسات الدولية والاشتباك مع ما تطرحه متعلقا بالحالة المصرية رغم ما له من ولاية قانونية فى تتبع مسار المعاهدات والمواثيق الدولية التى تصدق عليها البلاد وتجعلها جزءا من تشريعها الوطنى.