أحالت نيابة الأموال العامة المتهمين للمحكمة الجنائية عن الجرائم المرتكبة من يوليو 2009 وحتى فبراير 2020 تزوير توقيعات رؤساء وزراء وقضاة وكبار موظفى الدولة واحدة من أكبر قضايا الفساد فى تاريخ مصر انتهت نيابة الأموال العامة العليا من التحقيق فيها، خلال الأيام القليلة الماضية، وكشفت عن فاتورة فساد وأرقام هائلة تضمنتها أوراق القضية التى تنفرد «الفجر» بنشرها. القضية تضم تشكيلا عصابيا ضخما مكوناً من 17 شخصا قاموا بالاستيلاء على عشرات الأراضى الكبرى المملوكة للدولة ووزاراتها وهيئاتها المختلفة على مدار 11 سنة كاملة، بدءًا من عام 2009 وحتى 2020، وبلغت قيمة هذه الأراضى مبلغاً فلكياً وهو نحو 459 مليار جنيه. التشكيل العصابى الذى يضم 5 رجال أعمال و6 محامين و3 موظفين كبار بمحكمة البدرشين الجزئية ورئيس مكتب شهر عقارى وآخرين، ظل يمارس نشاطه الإجرامى فى الاستيلاء على أراضى الدولة من خلال أوراق وقضايا وأحكام مزورة، وذلك على مدار 11 سنة كاملة. وكان ذلك من خلال خطة محكمة وضعوها للاستيلاء على أراضى الدولة، مستغلين المناصب الوظيفية لعدد منهم، بل قيامهم بتزوير قرارات وتوقيعات لرؤساء وزراء مصر خلال 11 عاما ورؤساء محاكم وأعضاء هيئة قضايا الدولة وممثلين عن جهات حكومية أخرى، ليدعوا زورا أحقيتهم فى هذه الأراضى، وتصالح الدولة معهم بالتنازل لهم عنها، على خلاف الحقيقة. حملت القضية الرقم 5322 لسنة 2020 جنايات مصر الجديدة، وقيدت تحت رقم 94 لسنة 2020 حصر تحقيق أموال عامة عليا، وتم التحقيق فيها تحت إشراف المستشار طارق الحتيتى المحامى العام الأول لنيابة الأموال العامة العليا. وكشفت أوراق القضية التى تضم 17 متهما أن التشكيل تخصص فى الاستيلاء على الأراضى المملوكة للدولة ووزاراتها والهيئات العامة والبالغ قيمتها المقدرة من قبل الجهات الرسمية المختصة 458 ملياراً و769 مليوناً و807 آلاف و207 جنيهات، وفقا لنص تحقيقات نيابة الأموال العامة العليا. وكان ذلك حيلة بأن قاموا باصطناع أحكام قضائية فى العديد من الدعاوى المدنية، تفيد حصولهم على أحكام قضائية بتمكينهم من تلك الأراضى بعد التصالح مع الدولة وممثليها من الوزارات والهيئات المختلفة. واستند التشكيل العصابى فى تنفيذ مخططه على 3 مسئولين من الموظفين البارزين فى محكمة البدرشين، حيث كانت مهمتهم مع عدد آخر من المتهمين، تزوير الدعاوى ومحاضر الجلسات ومحاضر الصلح الوهمية مع الدولة ورولات القضاة وإخطارات قيد الدعاوى، والادعاء زورا أنه صدرت أحكام لصالح أفراد التشكيل العصابى من رجال الأعمال، وذلك فى دعاوى قضائية كانت تختصم رؤساء الوزراء منذ عام 2009 وحتى الآن ورؤساء مصلحة الشهر العقارى خلال تلك الفترة. وإضافة أوراق تتضمن بيانات لقطع أراضى مملوكة للدولة وأجهزتها مطالبين بتسليمها لأعضاء من التشكيل العصابى، بعد الادعاء بتصالح الدولة معهم بخصوص هذه الأراضى، وأيضا اصطناع إخطارات بقيد الدعاوى موجهة إلى هيئة قضايا الدولة وهيئة الأوقاف المصرية للإيهام بصحة إجراءات اختصامها، وذيلوها بتوقيعات نسبوها زورا إلى كتاب أول المحكمة. ثم قاموا باصطناع محاضر الجلسات على غرار الصحيح منها، أثبتوا بها على خلاف الحقيقة مثول ممثلى أجهزة الدولة المختلفة وأعضاء هيئة قضايا الدولة الممثلين عن الدولة أمام المحكمة، وإقرارهم جميعا بالصلح مع باقى أطراف الدعاوى المدنية. ووقعوها بتوقيعات نسبوها زورا إلى سكرتارية الجلسات المختصة، وشفعوها ببصمات لأكلاشيه مصطنع لمحكمة البدرشين الجزئية، وذيلوها بتوقيعات نسبوها زورا للقضاة رؤساء الدوائر المنسوب صدور الحكم من خلالها، كما زوروا توقيعات أعضاء هيئة قضايا الدولة التى تزعم إقرارهم بتصالح الدولة مع أطراف الدعوى من التشكيل العصابى وتمكينهم من الأراضى. وقاموا باستخراج صور رسمية من الجلسات الملحق بها محاضر الصلح المزورة كأحكام قضائية عقب اصطناع مستنداتها بما يفيد مثول ممثلى أجهزة الدولة ونائب الدولة أمام المحكمة وإقرارهم بالصلح فيها، قاصدين من ذلك جعل الأحكام المصطنعة حجة فى مواجهة الدولة فيما تضمنته من بيانات كاذبة تمكنهم من نقل ملكية تلك الأراضى لصالح أعضاء من التشكيل العصابى تنفيذا للأحكام المزورة الصادرة فى تلك الدعاوى المدنية. وقد أحالت نيابة الأموال العامة العليا المتهمين إلى المحكمة الجنائية، بعد أن واجهتهم بالاتهامات المذكورة والواردة فى أمر إحالة المتهمين إلى المحاكمة عن الجرائم المرتكبة خلال الفترة من يوليو 2009 وحتى فبراير 2020، وتم تحديد جلسة 22 أغسطس الجارى لنظر أولى جلسات محاكمتهم.